|
كركوك نعمة أم نقمة ؟
عبد الحميد العماري
الحوار المتمدن-العدد: 2327 - 2008 / 6 / 29 - 01:51
المحور:
القضية الكردية
تابعت بأهتمام النقاش الذي دار حول مستقبل كركوك وتداعيات المادة 140 من الدستور العراقي الدائم من على شاشة قناة الحرة الفضائية ليوم الخميس الماضي ، وكان أحد أطراف الحوار رئيس لجنة المهجرين والمرحلين في البرلمان العراقي السيد عبد الخالق زنگنة، وما أثار انتباهي من مجمل ما تم الأشارة اليه في تلك الحلقة الحوارية ، ان السيد الفاضل زنگنة ، وأنا أحترمه كثيرا وأقدره ، ذكر رقما (خياليا عن عدد المرحلين الكرد من كركوك بسبب سياسات النظام المقبور يصل الى مئات ألآلاف ، وقال أن هؤلاء من حقهم أي يعودوا الى ديارهم)، وبالطبع لاأحد ينكر ذلك أبدا، بل ينبغي أن يتم تعويضهم من جراء ما لحق بهم من أذى وتهجير قسري كما هو حال غيرهم من العراقيين الآن في مناطق أخرى من العراق، وهنا عادت بي الذاكرة الى العام 2002 وتحديدا في آذار حيث كنت قد التقيت بالسيد زنگنة في حوار صحفي في منزله بأربيل الى جانب ألأخ الدكتور هاشم حسن رئيس قسم الصحافة في كلية الأعلام بجامعة بغداد حاليا ، وألأخ الدكتور جليل البصري رئيس تحرير جريدة نداء المستقبل آنذاك ،وذلك ضمن سلسلة حوارات ساخنة أجريناها مع عدد من الشخصيات العراقية عربية وكردية وتركمانية ومسيحية منهم فاضل ميراني عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني ، وملا بختيار عضو المكتب السياسي للأتحاد الوطني الكردستاني ، ويونادم يوسف كنا رئيس الحركة الديمقراطية ألآشورية ، وغيرهم وتحدثنا عن هموم العمل الوطني المعارض للنظام المقبور، وطرحنا عدة محاور نوقشت بكل صراحة ووضوح ، وكان السيد عبد الخالق زنگنة كعادته صريحا في طروحاته ، ومن جملة ماذكره هو عدد المرحلين من محافظة كركوك ولغاية مطلع العام 2002 هو ما يزيد بقليل عن 30000 مواطن كردي يتوزعون على محافظتي أربيل والسليمانية، والرقم ذاته طرق مسامعي وأنا ألتقي بالأخ العزيز عمر بوتاني ، وكان يومها مسؤول مكتب العلاقات الوطنية للحزب الديمقراطي الكردستاني، وبالتالي فأن من الطبيعي أن تنتابني علامات الأستفهام والتعجب من رقم ( مئات الآلاف ) الذي يطرح من قبل الساسة الكرد اليوم عن عدد المرحلين !؟ والسؤال الذي يطرح نفسه بالحاح ترى كيف وصل الرقم الى كل هذا الحد من التضخم عقب مرور خمسة أعوام فقط من التاريخ المذكور؟ وإذا ما أغضضنا الطرف عن كل ماقيل ويقال بشأن أعداد المرحلين ، فأن قضية كركوك أخذت تظهر من تحت الرماد من جديد ، بعد أن مدد العمل بالمادة 140 من الدستور الدائم ستة أشهر أخرى تنتهي يوم الأثنين المقبل دون إحداث أي تقدم بشأنها ، الأمر الذي يؤشرالى احتمالية إثارة تقاطعات علنية هذه المرة في ظل تزايد أعداد المؤيدين لتقرير ممثلية الأمم المتحدة في العراق ،والقاضي بتقسيم كركوك الى أربعة مناطق على أن تجرى فيها الأنتخابات حسب الموعد الذي حدده الدستور اسوة ببقية محافظات العراق الأخرى ،شريطة أن تكون نسبة تقاسم السلطة والأدارة هي 32% لكل من العرب والكرد والتركمان و4% للمسيحيين، وهو ما رفضه الساسة الأكراد مطالبين بتأجيل الأنتخابات ريثما يتم تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي الجديد، فالأحزاب الكردية الرئيسية لاتريد لقضية كركوك أن تحسم إلا على أساس ما خطط له منذ عقود طويلة من قبلهم هم فقط ، سعيا الى ضم كركوك لمناطق إقليم كردستان الى جانب الأصرار على التمتع بأقليم له من الخصوصية ما يجعلهم يتصرفون به ما يشاؤون دون مراقبة أو محاسبة أو تدقيق كما حصل بنتائج ميزانيات الأعوام 2004 و2005 و2006 و2007 ، إذ لم تقدم سلطات ألأقليم تقارير عن أوجه الصرف للميزانيات التي أشرنا اليها الى ديوان الرقابة المالية في بغداد ،وذلك بأعتراف وزير المالية الحالي والحليف للتحالف الكردستاني باقر جبر صولاغ، ورئيس اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي الدكتور مهدي الحافظ، فضلا عن أن ملفات الفساد المالي والأداري داخل أروقة مؤسسات كردستان هي بمنأى عن مفوضية النزاهة أو أية مساءلة لامن داخل ولامن خارج ألأقليم. ان الساسة الكرد يعرفون تماما ومنذ زمن يمتد الى أبعد من عام سقوط الصنم في بغداد بوجود مخطط لتقسيم العراق الى عدة أقاليم ،وجاء مشروع بايدن العام الماضي ليضع النقاط على الحروف ،إذ ينص المخطط على تقسيم العراق الى ثلاثة أقاليم بأستثناء بغداد، الأول في الشمال ويضم محافظات دهوك وأربيل والسليمانية وكركوك وأجزاء كبيرة من محافظات الموصل وصلاح الدين وديالى، والثاني محافظات الوسط وهي ديالى وصلاح الدين والأنبار والموصل ، والثالث يضم محافظات الفرات الأوسط وجنوبي العراق التسعة ، والذي يسعى عبد العزيز الحكيم للسيطرة عليه وبدعم ايراني مباشر وغير مباشر ،وذلك بأعتراف رئيس مصلحة تشخيص النظام في ايران هاشمي رفسنجاني حين قال في صيف عام 2003 عقب سقوط الصنم ان الحل لقضايا العراق هي بأنشاء أقليم خاص بشيعة العراق وآخر للأكراد وآخر للسنة حسب وصفه، ومن غير المعقول أن تأتي تصريحات رفسنجاني ومن ثم بايدن الأميركي مصادفة لولا وجود مخطط متفق عليه مسبقا، وهو ما يدركه السياسيون الكرد تماما ، وبطبيعة الحال سوف لن يستمر وضع الأقاليم على حاله ،وسيكون هذا بمثابة الخطوة الأولى لتقسيم العراق الى دويلات صغيرة كجزء من أعادة رسم خارطة الجغرافية السياسية للمنطقة ككل وليس العراق فحسب، وعلى هذا الأساس يعمد الساسة الكرد الى تأمين ما يساعدهم لقيام دولتهم الكردية بالمنطقة في وقت يراهنون فيه على الدور الأميركي الأسرائيلي للتأثير على تركيا ، والتي يعدها الكرد الخطر ألأكبرعلى مستقبل تلك الدولة الكردية، وليست كركوك لوحدها هي ما يسعون الكرد للأحتفاظ بها بأعتبارها منطقة غنية بالنفط الأسود والأبيض ربما ينفعهم في اليوم الأسود ، أنما يعملون على إغتنام ما يمكن إغتنامه من حصص وثروات من باقي مناطق العراق عبر الضغط على أية حكومة شكلت سابقا أو ستشكل مستقبلا وذلك ما منحهم إياه الأميركيون في السنوات الخمس الماضية ، وبالأمس أعلن المتحدث بأسم وفد حكومة أقليم كردستان العراق الى بغداد اللواء جبار ياورعن الأتفاق مع حكومة المالكي المغلوبة على أمرها لتشكيل فرقتين من قوات البيشمرگه كقوات حرس الأقليم ، وسيتم تخصيص ميزانية أضافية لها خارج الميزانية المخصصة للأقليم ، وبالتأكيد هذه القوات سوف لن تأتمر بأوامر وزارة الدفاع العراقية بل بأوامر وزارة البيشمرگة في أربيل، وكذلك فتح أكبر عدد ممكن من القنصليات للدول التي ينجح وزير الخارجية هوشيار زيباري والسفراء الكرد الذين تم تعيينهم على أساس الولاء للأقليم وليس للعراق كدولة واحدة ، نقول نجحوا في إقناع عدد من الدول لفتح قنصليات في أربيل والسليمانية كخطوة أولى على طريق تحويلها الى سفارات مستقبلا ،وكل ذلك تم تحت عنوان استقرار مناطق إقليم كردستان العراق بهدف مد جسور التنسيق وتعميق العلاقات الثنائية بين سلطات الأقليم وتلك الدول بما يؤسس لبناء علاقات متوازنة، أي دولة أمام دولة، وعلى رأي سياسي كردي مستقل حين قال أنهم يعملون على تهئية كل مايلزم لقيام كيان دولة من ألآن طالما أن العراف ضعيفا لأن القوة فيما بعد قد تحرمهم من أية أمتيازات لن يحصلوا عليها اليوم ، واذا فشل حلم قيام الدولة الكردية فيكون الكرد هم الحلقة الأقوى في العراق من الآن فصاعدا، ولن يسمحوا بغير ذلك.. والعهدة عليه. مما يؤسف له أن النخب السياسية في العراق مازالت تعاني من قصر نظر، وصارت تعمل وفق حسابات خاطئة ، ومن غير الممكن أن ينجح مشروع التقسيم دون أن يكون للشعب كلمته، ومن يعلوا صوته اليوم بالأعتماد على ألأحتلال الأميركي سوف لن يكون بمأمن عن غضب الفقراء والمساكين وهم ألأغلبية في العراق طال الزمن أم قصر ، وسيخسر كل من لم يراهن على عموم العراقيين بأختلاف مشاربهم وليس على طائفة دون أخرى ، أو قومية دون أخرى ، أو منطقة دون أخرى. فهل يعون الدرس؟
#عبد_الحميد_العماري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبشروا .. ديزني لاند في بغداد !!
-
البهلول بعث من جديد؟!
-
مؤتمر اسطنبول .. رسالة تركية باللغة الكردية!
-
شكرا للفيحاء ومبروك لرئيس الوزراء!!
-
دعوة للتخلص من الأذناب والفلول؟!
-
من أين لك هذا ؟!
-
الفيدرالية ثانية
-
مهزلة العقل الرئاسي
المزيد.....
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال
...
-
البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن
...
-
اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
-
البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا
...
-
جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا
...
-
عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س
...
-
حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|