عساسي عبدالحميد
الحوار المتمدن-العدد: 2327 - 2008 / 6 / 29 - 01:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أمام مرآى ومسمع كل العالم، وفي خطوة تتسم بالدلالة والرمزية أقدمت القيادة الكورية على تدمير برج التبريد العملاق للمفاعل النووي المعطل تماما كما فعل الطالبان بتمثال بوذا بباميان سنة 2001، الفرق بين الحدثين هو أن الطالبان فجروا رمزا من رموز الحضارة والابداع الانساني بينما يأتي عمل الكوريين كخطوة للتخلص من الشر والتفرغ للتنمية، خطوة تأتي كرسالة من"بيونج يانج" للمنتظم الدولي عن رغبة هذه الأخيرة الجادة في الانخراط ضمن المجموعة الدولية وشطب اسم كوريا من تصنيفات محاور الشر ومساعدتها في العمل الانمائي النافع، رسالة كوريا جائت في وقت ملائم و دقيق تحاول فيه واشنطن ومعها المجتمع الدولي اقناع النظام الايراني للتخلي عن طموحاته النووية ملوحة بكل الأوراق بما فيها استخدام القوة، في ظل هذا الظرف بالذات ينتظر أن تكون واشنطن ومعها المنتظم أكثرا تجاوبا مع رسالة "بيونج يانج" لرفع الحصار عنها وشطب اسمها من لائحة الارهاب السوداء، الشيء الأكيد هو أن تفكيك برنامج كوريا النووي سيسجل نقاطا في غاية الأهمية لصالح الأمريكيين في حربهم على الارهاب وسيجعل صناع القرار بواشنطن أكثر جرأة على اتخاذ مواقف حاسمة في حق نظام الملالي لكبح عنانه و تقليم أظافره كما كان الحال بالنسبة لمملكة القذافي التي تابت توبة نصوحا بتخليها عل طموحاتها النووية بعد أن كان سقوط صدام واختبائه بحفرة العوجة بعد أن دمر الانسان العراقي درسا مفيدا لسلطان ليــبـــيا الأغر، تخلي كوريا عن برامجها النووي يشبه الى حد ما تخلى النظام الليبي و رضوخه اللامشروط لرغبة المجتمع الدولي و لو أن الأشواط التي قطعتها كوريا في المجال النووي لا تقارن بما حاول القيام به الليبيون الذين كانوا في بداية مشروع قد يرى النور و قد لا يراه ....رغم ما قدمه فنيو باكستان و على رأسهم "عبدالقادر خان" من معلومات مهمة في ميدان التكنلوجيا النووية الا أن الليبيين لم يستوعبوها بالشكل اللازم ...
قرار القيادة الكورية جاء بعد افلاس على كافة الأصعدة وبعد تعطيل المشاريع التنموية وبعد أن دفع الشعب ثمن حكم الحزب الوحيد والحاكم الخالد، فليس بعيدا أن يكون نظام كوريا قد بدأ يستفيق فعلا من غياهبه و قرر أخيرا تلمس جادة الطريق ومنح الناس فرصة الحياة الكريمة بعد عقود من القمع والكبت والظلم.
#عساسي_عبدالحميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟