2-وجود حركات الاسلام السياسي والحركة القومية العربية في المنطقة: وجود هذه الحركات , كما اشرنا , لا تجعل المنطقة عاصية على الغرب و استثماراته فحسب بل انها ستسعى وسيكون بامكانها منع قيام نظام ديمقراطي حتى اذا رغبت امريكا بذلك و افترضنا توفربقية الشروط الموضوعية لقيام مثل هكذا نظام في العراق. ليس فقط لحاجة هذه القوى الاقتصادية لنظام قمعي وعدم توفر التقليد البرلماني عندها كما سنتحدث عنه في نقطة اخرى بل لان هذه القوى لايمكنها العمل ضمن نظام برلماني وهي تحمل عداءا سافرا لكل انواع الحقوق والحريات بما فيها الحقوق والحريات التي سيوفرها نظام برلماني على الطراز العربي. كما ان بعض هذه القوى تتخذ من معاداة الغرب وكل ماهو غربي هوية لها وتعتبر الحقوق التي يوفرها النظام البرلماني على الطراز الغربي امور غربية يجب معاداتها. رغم تبدل موقف مجاميع الاسلام السياسي والقومية العربية من الغرب الا ان بعض هذه المجاميع لابد ان تاخذ موقع العدو لامريكا و الغرب. هذه القوى ان لم تكن قادرة على افساد كل ماتريد امريكا القيام به فانها قادرة على فرض تراجعات حادة عليها فيما يتعلق بالدستور و نوع النظام في العراق.
بالمقابل قد تكون امريكا قادرة على اضعاف هذه القوى اذا ارادت القيام بذلك لكن سيستحيل عليها تصفيتها. من جهة اخرى امريكا بحاجة الى الحركات الرجعية وخاصة الاسلامية. فرغم كل الضجيج التي تقوم به فيما يخص الحرب على الارهاب تبقى الحركات الرجعية وخاصة الاسلام السياسي وارهابه امرا مرغوبا به. هذه الحركات تقدم الحجة لامريكا لكي تبقي على مكانتها العسكرية وتبتز دول وشعوب العالم . فبشكل عام اليمين العالمثالثي مفيد لليمين الامريكي والحرب بينهما مفيدة للطبقة الراسمالية ككل. والاسلام السياسي هو افضل يمين في العالم الثالث بامكان امريكا اتخاذه عدوا. وبدون محاولة جدية من الغرب للقضاء على هذه الحركات الرجعية في المنطقة والتي يعتبرمعاداة الحقوق والحريات الموجودة في النظام البرلماني جزء من هويتها، يبقى الحديث عن نظام برلماني تعددي او ثنائي في المنطقة يوفر الحقوق والحريات المذكورة بدون معنى.
3-خوف امريكا من القوى التقدمية. أمريكا لن تخاطر وتقوم باقامة نظام برلماني على طراز النظام الموجود في الدول الغربية لانها تخاف من القوى التقدمية. كما قلنا من الصعب صيانة نظام برلماني غربي في العراق من خطر التيارات اليمينية التي تحتاج الى استغلال اعمق للطبقة العاملة والتي ستتضرر مصالحها مع وجود هكذا نظام و لكن الاهم من هذا، ان نظام من هذا النوع لايمكن حمايته من خطر طبقة عاملة غير راضية في ظل راسمالية غير راسخة. اي ارتخاء في درجة القمع سيشجع الطبقة العاملة المقموعة على الحد من القمع والاستغلال عن طريق قلب النظام. الراسمالية في دولة مثل العراق ليست راسخة ومستقرة الى درجة يمكنها من التحكم بنتائج اللعبة الديمقراطية وبذلك تحول من وصول قوة شوعية او على الاقل تقدمية الى الحكم سواءا عن طريق قلب النظام الرأسمالي او عن طريق الانتخابات. ان احتمالات وصول قوة تقدمية الى الحكم في العراق في حال وجود نظام برلماني كبيرة جدا.
رغم كل الهجمة على الافكار التقدمية وخاصة على الشيوعية و الادعاء بفشلها و عدم صلاحيتها لهذا العصر تعلم امريكا والمنظومة الرأسمالية ككل ان الخطر الجدي الوحيد على الرأسمالية هي الشيوعية وهذا الخطر لابد ان يبرز الى الواجهة بقوة اجلا ام عاجلا. البشرية تبحث عن بديل و الشيوعية هي البديل و امريكا تعي هذه الحقيقة رغم زعيق الاعلام بخلاف هذا. ان الخطر الشيوعي سيكون اكبر هذه المرة لانه لن يكون من السهل ان تظهر على شكل احدى الشيوعيات البرجوازية كما حدث مع الاتحاد السوفيتي و القطب الشرقي.
هذا الخوف دفع امريكا للتدخل في الدول المختلفة ضد الديقراطية ولصالح الدكتاتورية 72 مرة منذ الحرب العالمية الثانية عن طريق قيامها بغزو عسكري و تنظيم انقلابات والتلاعب بالعمليات الانتخابية و غيرها من الطرق. ولايعني بالضرورة ان في كل مرة كان هناك خطر على النظام الرأسمالي بل على مصالح البرجوازية الامريكية بشكل مباشر او غير مباشر. ان عدم وجود عدو قوي بوجه امريكا مثل الاتحاد السوفيتي لا يقلل من هذا الخوف. خوف الولايات المتحدة في الوقت الحاضر ليس من بروز قوة او دول تقدمية معادية لاتستطيع امريكا من احتواءها بل من ان يؤدي برزو هكذا قوة او دولة الى جذب انتباة البشرية بما فيها الجماهير في امريكا نفسها الى بديل للنظام الرأسمالي و الذي لابد ان يكون البديل الشيوعي. مثل هذا الامر سيضع الرأسمالية في وضع اصعب وخاصة ان النظام الرأسمالي العالمي يواجه ازمة عميقة وان اخر مايحتاجه هو ان تصبح الطبقات المحرومة اكثر وعيا و اكثر احتجاجا.
قوة مرعوبة من القوى التقدمية وخاصة الشيوعية لايمكن ان تبني نظاما برلمانيا غربيا في العراق حيث احتمالات صعود قوة تقدمية تقلب الطاولة على امريكا ليس في العراق فحسب بل في الشرق الاوسط والعالم كبيرة. ان وجود حريات فردية و حقوق مدنية وانتخابات كتلك الموجودة في الغرب قد تدفع بقوى تقدمية تقف بالضد من سياسات امريكا الى الواجهة. لذا فان امريكا لن تصبو الى اقامة مثل هذا النظام في اي من دول الشرق الاوسط وحتى اذا حدث ذلك فانه عمره سيكون قصير جدا اذا لابد ان تتدخل امريكا مباشرة او من خلال اليمين المحلي لقلب النظام لصالح اليمين. حتى في الدول الغربية امريكا تريد لعبة ديمقراطية مضمونة النتائج. اذا خرجت الامور من اليد ليس هناك مانع من انزال الدبابات الى الشوارع. اذا كان هذا قد حدث مرات قليلة في الغرب فانه سيحدث في دولة مثل العراق في وقت قصير ان لم يكن في اليوم الاول من انشاء نظام برلماني. ربما يقول احد قد وصلت قوى تقدمية الى الحكم مؤخرا في دول مثل البرازيل وفنزويلا ولم يكن لها تاثير كبير على الرأسمالية. لكن يجب ان نذكر ان في كل مرة وصلت قوة تقدمية الى الحكم في اي دولة لم يكن برغبة امريكا بل دائما تتدخل امريكا ضد هذه الانظمة. ولكن الاهم هو الفرق بين العراق ودولة مثل البرازيل، ففي العراق يوجد قوة شيوعية ببديل وبرنامج واضح هي الحزب الشوعي العمالي العراقي الذي لن تخاطر امريكا بتقويته باي شكل من الاشكال. لذا فالديمقراطية التي تريد امريكا اقامتها في العراق يجب ان لاتقوي هذا الحزب الذي له قدرة كامنة على استقطاب انتباه و دعم الحركات التقدمية في العالم . لذا فالانتخابات في العراق يجب ان تكون بطريقة مضمونة النتائج. هناك طريقة واحدة مضمونة وهي عدم اقامة نظام برلماني على غرار الانظمة الغربية. لذا ان ماتتحدث عنه امريكا في العراق كما في افغانستان هو ليس ديمقراطية على الطراز الغربي بل انتخابات تحت الحراب الامريكية يكون المرشحون لها من اكثر عناصر المجتمع رجعية وضمن دستور رجعي حتى النخاع حيث لن يكون هناك مكان او حديث عن ابسط الحقوق والحريات.
-4تاريخ الدولة الامريكة لايساعدها على نشر الديمقراطية: كما قلت رغم ان الكثيرون يعتقدون بان الدولة الامريكة قد تغيرت كما تغير الواقع بعد انتهاء قطب رأسماية الدولة في الاتحاد السوفيتي ودول اوربا الشرقية ولذا فان تاريخها لايعني شيئ عندما يتعلق الامربدراسة ماتنوي القيام به في العراق. الا اننا نرى بان هذا التاريخ يبقى مهما ويؤكد مرة بعد اخرى انها دولة رجعية بطبيعتها و ان الطغمة الحاكمة فيها كانت ولاتزال مستعدة لارتكاب جرائم ومذابح وتقويض الديمقراطية في هذا البلد او ذاك عندما يخدم ذلك مصالحها بغض النظر عن النتائج الماساوية والمعادية للانسانية التي كانت تتغاضى عن هذه السياسات. ان هذا التاريخ يعطينا فكرة عن عداء الهيئة الحاكمة في امريكا للحقوق المدنية والحريات الفردية وخاصة عندما يتعلق الامر بشعوب خارج حدود امريكا وعن قلة او عدم وجود اي قدرة او خبرة في اقامة نظام على غرار الانظمة الغربية في العراق والشكوك التي تدور في رؤوس الاغلبية الساحقة من الناس وخاصة في الدول المتخلفة بما فيها العراق حول نواياها والنفور من سياساتها نتيجة لذلك. امريكا الدولة التي قتلت الملايين وجوعت الملايين وعاثت دمارا في كل مكان لايمكن ان تتحول الى حمامة تنشد السلام وتنشر الديمقراطية و الحريات والحقوق المدنية والفردية في ليلة وضحاها. دعنا نمر على اهم ماقامت به امريكا منذ الحرب العالمية الثانية و التي تؤكد هذه الحقيقة.
منذ الحرب العالمية الثانية قامت امريكا بقصف 21 دولة.
قامت الحكومة الامريكية بالقاء قتبلتيين نووينين ضد السكان المدنيين الابرياء في هيروشيما وناكازاكي اودت بحياة عشرات الالاف من الناس ولاتزال اثارها على الحياة واضحة لحد هذا اليوم. لايزال اليمين في امريكا يبرر هذه الجريمة البشعة بكونها قصرت الحرب و انقذت حياة الكثير من الجنود الامريكيين. رغم قبح هذا العذر الذي يبرر حرق مدينتين بمن فيها و تشوية الحياة فيها لعقود من اجل انقاذ ارواح بعض الجنود الامريكيين الا ان الدلائل التاريخية تشير الى ان الحرب كانت على وشك الانتهاء حتى بدون ارتكات هذه الجريمة البشعة.
.
اشعلت امريكا الحرب الكورية التي امتدت من 1946-1954 و ادت حسب اكثر الاحصائيات اعتدالا الى موت 4 ملايين انسان. التدخل الامريكي في فيتنام الذي استمر من 1964 الى 1975 اودى بحياة 4 ملاين فيتنامي والجرائم والفضائع التي اقترفتها هناك واستخدام الاسلحة الكيماوية والقنابل العنقودية معروفة للجميع. في كمبوديا المجاورة لفيتنام قام الرئيس الامريكي نكسون ووزير خارجيته هنري كسنجر بقصف جوي سري مكثف بين عام 1969 –1973 حيث قتل 750,0000 فلاح كمبودي. هذا القصف عبد الطريق امام الخمير الحمر Rouge والتي لم يكن لها اي شعبية من قبل للوصول الى الحكم والتي بدورها تسببت في قتل ما يقارب مليوني انسان عن طريق الاعدام وزج الناس في معسكرات العمل القسري والمجاعة خلال حكم بول بوت الذي امتد الى 1979.
و في لاوس المجاورة مات اكثر من 20,000 انسان نتيجة القنابل العنقودية ال 160 التي القتها امريكا على سبيل التجربة.
ولعب دعم أمريكا وبريطانيا دورا جوهريا في وصول سوهارتو الى الحكم، حيث قتل في المذابح التي اوصلته الى الحكم في اندونيسيا في غضون سنة واحدة 1965- 1966 الى قتل اكثر من مليون انسان. كما قتل اكثر من مليون انسان اخر اثناء سنوات حكمه التي امتدت الى عام 1998. كما واصلت الولايات المتحدة تقديم اسلحة الى الجنرال سوهارتو التي كانت قواته تغزو تيمور الشرقية والتي ابادت مجتمعات وعوائل بكاملها في غضون بضغ اشهر بعد احتلالها في عام 1975، كما زج بعشرات الالاف من الناس في هذا البلد في معسكرات الجيش الاندونيسي و لم يحرك الغرب ساكنا.
يقول " فيليب ليجتي" ضابط في CIA الذي خدم في جاكارتا في وقتها و الذي كان يطلع على كل المعلومات الاستخباراتية، بعد تقاعده عن الخدمة, كان هناك اناس وضعوا في مدارس ثم اشعلت فيها النار واناس سيقوا الى مزارع و اعدموا رميا بالرصاص. لقد اعطاه سوهارتو الضوء الاخضر للقيام بما قام به. كما يؤكد هذا الضابط اهمية الدعم العسكري الذي قدمته امريكا الى اندونيسيا في تشجيعها على غزو تيمور الشرقية اساسا ويقول ان التفسير الوحيد الذي قدم انذاك كان كونها على وشك ان تحصل على عضوية الامم المتحدة وامكانية تحولها الى دولة يسارية او محايدة لاتصوت لصالح الولايات المتحدة.
من منا لايتذكرالدعم الذي قدمته امريكا من خلال ايران للحركة القومية الكردية في حربها ضد الحكومة المركزية عام 1974-1975 ضمن معادلات الصراع الدائر انذاك بين القطبين الغربي والشرقي ومن ثم التخلى عن هذه الحركة ليقطع شاه ايران الدعم عنها بعد اتفاقية 1975 السيئة الصيت مع النظام البعثي فتنتهي الحرب في عام 1975 بعد ان اودت بحياة 100 الف انسان . تكشف وثيقة حررت مؤخرا من ارشيف الوثائق السرية الامريكية وهي عبارة عن محضر لقاء سري بين كيسينجر وسعدون حمادي امرين: الاول اعتراف من كسنجر بضلوع امريكا في تلك الحرب ومن ثم وعد منه بعدم دعم الحركة الكردية ضد النظام مرة اخرى. هكذا هي السياسة عند النخبة الحاكمة في امريكا فوفاة 100 الف انسان في تلك الحرب لايعني شيئا. كما واستخدمت امريكا حق النقض الفيتو ضد قرار ادانة لمجازر التي ارتكبها صدام ضد الاكراد في الثمانينات.
اضافة الى الدعم الامريكي لتركيا العضو في حلف الناتو في حملتها البربرية ضد الاكراد حيث ايدت امريكا بقوة حملة الجيش التركي في كردستان تركيا. كما شاركت في العملية الارهابية التي ادت الى القاء القبض على عبداللة اوجلان.
في العراق اوصل الدعم الامريكي حزب البعث الى السلطة واستمرت في دعمه والتغاضي عن الجرائم التي قام بها الى عام 1990 اي بعد غزو الكويت. ودور امريكا في اشعال الحرب العراقية الايرانية والعمل على استمرارها عن طريق تزويد الطرفين بالسلاح بشكل مباشر او من خلال دول اخرى هي حقيقة اخرى تؤكد استهزائها بحياة الانسان وخاصة الانسان غير الامريكي. تاتي وثيقة نشرت مؤخرا من ارشيف الوثائق السرية الامريكية وهي عبارة عن برقية ارسلت الى سفارات امريكا في مجموعة من الدول تسرد حواراً تم في اجتماع سري جمع مسؤولين عراقيين هم عصمت كتاني مندوب العراق لدي الامم المتحدة وعبد الرزاق الهاشمي ونزار حمدون ومسؤولين رفيعي المستوى في ادارة الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان من بينهم جورج شولتز وزير الخارجية الأميركي و نائب وزير الخارجية لورانس ايغلبرغر و فيربانكس، سفير امريكا لدى الأمم المتحدة في 15 مارس 1984 بعد ايام من انتقاد واشنطن علنا لاستخدام العراق للأسلحة الكيماوية ضد ايران. تكشف هذه الوثيقة تغاضي أميركا عمليا عن استخدام بغداد للأسلحة الكيماوية رغم التنديد العلني. و في هذا اللقاء تتعهد امريكا للعراق ايضا بمنع انتصار إيران رغم السياسة الحيادية من الحرب العراقية-الايرانية التي اتخذتها في العلن. كما انكشف فيما بعد ان امريكا قد قدمت بعض الاسلحة والمساعدات المالية لصدام حسين اثناء حربه مع ايران. وحتى اسلحة التدمير الشامل كان النظام يحصل عليها من امريكا او بعلمها. فمثلا الاسلحة البايولوجية "انثراكس" الذي تحدثوا عنها مرارا كان مصدرها امريكا وبريطانيا وامتنعت امريكا مرات عديدة عن التنديد بالنظام العراقي لاستخدام الاسلحة الكيماوية ضد الجيش الايراني رغم طلب المنظمات الانسانية التي قدمت البراهين على ذلك.
ماسي الجماهير العراقية نتيجة لسياسات امريكا لاتنتهي هنا، ففي عام 1991 بعد غزو العراق للكويت وقفت امريكا ضد اي حل سلمي لهذه القضية. وفي حربها لاخراج العراق من الكويت تقول مصادر البنتاغون بانه قتل مايقارب 100 الف عسكري بينما لم يذكر شئ عن عدد المدنين المقتولين. الا ان تحقيقات اجرتها جهات مستقلة توكد مقتل اكثر من 200 الف عسكري ومدني في هذه الحرب. في هذه الحرب ايضا قام الجيش الامريكي باسقاط 300 طن من اليورانيوم المنضب والتي لوثت اجواء العراق و تتسبب في ازدياد حاد في نسبة الامراض السرطانية وخاصة عند الاطفال. ومن ثم جاء الحصار الاقتصادي الذي فرض على الجماهير في العراق والذي يعتبر اكبر جريمة في هذا العصر بكل المقايس لم يعاقب علها المجرم. حيث جعل اكثر من عشرين مليون انسان رهينة لسياسة الحصار الاقتصادي و سياسات امريكا وصراعها مع النظام العراقي. لقد عوقب اكثر من عشرين مليون انسان عقوبة جماعية على امور لم يكن لهم عليها اي سيطرة و كل مافي الامر ان امريكا لم تكن راضية عن تصرفات العصابة التي اوصلتها الى الحكم قبل 3 عقود وارادت احتوائها او تبديلها بعصابة اخرى اكثر طاعة. لبشاعة جريمة الحصار الاقتصادي اقدم دينس هاليداي منسق برنامج النفط مقابل الغذاء وخلفه فون سبونيك الذين وصفوا الحصار القتصادي بالجينوسايد استقالتهم من مناصبهم. كان يموت 5-6 الاف طفل شهريا نتيجة الماء الملوث وغياب الدواء وسوء التغذية والنتيجة النهائية كانت وفاة 600,000 طفل واكثر من مليون ونصف مليون انسان عراقي. في عام 1996 عندما سئلت مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية في عهد كلنتون اذا كان بالامكان تبرير موت نصف مليون طفل عراقي، قالت " انه خيار صعب ولكننا نعتقد انه ثمن يستوجب دفعه". حسب سياسة الحصار حرمت الجماهير في العراق من لقاحات مثل لقاح الديفثيريا و اليللوفيفر ومن الكثير من الادوية وخاصة الادوية الكمياوية بحجة ان العراق قد يستخدمها في صناعة اسلحة التدمير الشامل كما حرمت من المورفين وبقية المسكنات والاجهزة الطبية التتشخيصية.كما كان هناك حصار على الكتب وعلى ملابس ولعب الاطفال. هذا عدا الدمار المادي والنفسي الذي سببته الحرب ومن ثم الحصار الاقتصادي بالعراق. واستخدمت امريكا القنابل العنقودية في العراق ومن ثم في البلقان وافغانستان والتي ستظل تقتل الناس لعشرات السنوات القادمة
ثم القصف الجوي من قبل الطائرات الامريكية والبريطانية و المستمر منذ 1998 والذي اودي بحياة الاف المدنيين والعسكريين. في منطقة الشرق الاوسط ايضا قامت امريكا بدعم اكثر الانظمة دكتاتورية ضد شعوبها. والدعم الامريكي للاسرائيل يجري امام اعين الجميع لعقود ولا اجد حاجة للتوسع في تفاصيله هنا.
قامت امريكا بتدريب مئات الدكتاتوريين و القتلة و المشرفيين على التعذيب بما فيها تدريب "المجاهدين" الافغان في معسكرات CIA في فيرجينيا وباكستان.
في امريكا الجنوبية ما من انسان يتعرض الى القمع ومصادرة الحقوق دون ان يكون لامريكا دور فيه, مباشر او غير مباشر.امريكا كما يقول "جون بيلجر" الصحفي والمخرج الاسترالي المعروف اكبر دولة ارهابية واكبر مرتع للارهابين على الاطلاق. وصحة هذا القول يتبين بشكل جلي بخصوص امريكا اللاتينية. الارهابيون الذين يعيشون في امريكا كما يقول بيلجر يشملون مرتكبوا جرائم ابادة بشرية و مرتكبوا تعذيب و دكتاتوريون سابقون ومجرمون وقتلة وخاطفي الطائرات والقوارب الكوبية . الجنرال "جوزي كويليرمو كارسيا" قائد الجيش السلفادوري خلال الثمانينيات عندما قامت عصابات مرتبطة بالجيش بذبح الاف البشر يعيش في فلوريدا منذ التسعينات. الجنرال "بوسبر افريل"، الدكتاتور الهايتي الذي كان يقوم بعرض ضحاياه الملطخين بالدماء نتيجة التعذيب على شاشات التلفويون، عندما اسقط نظامه نقل جوا الى فلوريدا من قبل الحكومة الامريكية وهو يعيش هناك في امان. عشرات المجرميين والارهابين الاخرون من امريكا اللاتينية يعيشون في امريكا . هذا اضافة الى ارهابيين من دول اخري فمثلا "ثيون براسيت" رجل بول بوت وممثله في الامم المتحدة يعيش في نيو يورك، كما يعيش الجنرال منصور محرري مسؤول سجون نظام الشاه فيها ايضا.
يقول جون بيلجر ان معسكرات القائدة في افغانستان هي رياض للاطفال بالمقارنة مع جامعة فورت بيننك (Fort Benning ) بمقاطعة جورجيا الرائدة في مجال تعليم الارهاب. هذه الجامعة التي كانت تعرف الى فترة قريبة بمدرسة الامريكيين قد دربت طغاة معروفين و اكثر من 60,000 من عناصر القوات الخاصة وعناصر ميليشيات و استخبارات في امريكا الجنوبية على فنون الارهاب. ان طلاب هذه الجامعة كانوا من المشرفين على معسكرات الاعتقال وسرايا الخيالة المختصة بقتل المعارضين وفرق الاغتيالات والمجالس العسكرية المختصة بتدبير الانقلابات العسكرية في شيلي وكواتيمالا ونيكاراكوا وبنما وغرينادا.
في 1993 عندما اسمت مفوضية الامم المتحدة لكشف الحقيقة المختصة بالسلفادور ضباط الجيش الذين ارتكبوا ابشع الجرائم الوحشية اثناء الحرب الاهلية وجد ان ثلثاهم تلقوا التدريب في فورت بينينك. في تشيلي كان خريجوا هذه المدرسة يديرون البوليس السري وثلاث معسكرات للاعتقال التابعة لنظام بينوشيت. في عام 1996 وجد ان الكراريس اليدوية التي اعتمدت في التدريب في هذه المدرسة والتي اجبرت الحكومة الامريكية على تحريرها كانت توصي باستخدام الابتزاز و التعذيب و الاعدام و اعتقال اقرباء الشهود وغيرها من الاساليب الوحشية.