"الحضارة امرأة"
سيكون هذا عنوان المقال الذي أكتبه الآن , وعذرا من الأخت هالة الناصر, فلن أجد أجمل من عنوان كهذا , لم أجد أفرح من عنوان كهذا , لم أجد أروع وأعقل من شعار كهذا , أن تخرج إمرأة من السعودية لترفع شعار" الحضارة إمرأة", فهذا قمة الأمل وقمة الرغبة بالإنعتاق , ربما يستغرب القاريء من أنني أشعر بالسعادة لأول مرة منذ عقود الظلم والقهر والولادة التي لم أر فيها ما يفرح فقد جئت للحياة بيوم 8 شباط , وكان من أتعس التواريخ العراقية وأكثرها شؤما , أنا من جيل المآسي والصداميات الحزينة والقبيحة والمفجعة , من جيل المقابر والإنتهاكات والمنافي والتهجير وذبح النساء على القبلة بالحلال, فلا تستغربوا فرحي حيث أجد إمرأة عربية عرفت ذات القيود التي طالت أمي وجدتي, القيود الأزلية بتأريخ العرب منذ جواري وحضايا هارون الرشيد حتى جواري وحضايا الزمن الراهن, إمرأة من السعودية تثور وترفع هذا الشعار البهي , بربكم هل وجدتم شعارا أجمل منه ؟
أنا شخصيا ما وجدت أجمل وأرقى من هذا الشعار بتأريخ العرب في كل حدودهم الممتدة من الإمبراطوريات قديما حتى الفترات المظلمة, الى عصور الإنحسار والإنكماش والتراجع والجبن والإحتلالات والطائفيات والإرهاب والنقب والحجب الحاجزة.
لم أر أجمل من شعار كهذا يـُصفق به بوجوه الأغبياء وناكري الحق ورافضي كل العدالات , الوضعية والسماوية.
هالة الناصر تترشح لمجلس إدارة هيئة الصحفيين بشعار "الحضارة امرأة"
حينما قرأت هذا الخبر بصحيفة الوطن السعودية, شعرت أن الدنيا تنتظر حدثا هائلا , مفرحا , كمن ينتظر مولودا بكرا من أب شهيد , أيقنت بان المرأة الولودة لا تلد الخراف والنعاج التي تملأ ساحات الشوارع والفضائيات العربية فقط, بل الفكر والمنطق والحضارة.
أيقنت وبلا شك أكثر من أي زمن آخر, بأن دورة الأرض لا يمكن أن تعود للوراء مهما حاولوا ومهما طال الزمن , وشعرت أن المرأة العربية ستفاجئنا بما هو أكثر فخرا , وستفاجئنا بما يمنحنا الحياة بعد اختناق
هذه هي دورة الحياة الحتمية أيها الجهلة والأغبياء
هكذا ستدور في كل بقاع الدنيا وسترفع نساء الأرض يوما ذات الشعار الذي رفعته إمرأة شجاعة لتقول لكم
رغم كل ماتريدون قوله , ورغم كل ما تفعلونه ضدها أن "الحضارة إمرأة".
بلقيس حميد حسن
شاعرة وناشطة حقوقية عراقية مقيمة في هولندا