|
فرض القانون .. بشائر السلام
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 2324 - 2008 / 6 / 26 - 02:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مصطلح سياسي إجتماعي جديد أُستخدم هذه الأيام من أجل إعادة التوازن للحياة في العراق ، بعدما أستهون البعض بفكرة قيام- دولة العراق الجديد - متوهمين ان مجموعة الأعمال العبثية التي كانوا يقومون بها قادرة على الحد من تأسيس المنظومة الوطنية الجديدة ، أعمال راح ضحيتها أبرياء ، أعمال أستهدفت أمن المواطن وحياته الطبيعية وأستهدفت علاقته بوطنه وإنتمائه وهويته ، ولهذا كان مفهوم - فرض القانون - يعبر عن إرادة وطنية لحماية الوطن وحماية المواطن وتلك أهداف نبيلة يجب ان يقف معها الجميع من دون تحفظ ، لأنها بالفعل تمثل خريطة الطريق من أجل عراق جديد خالي من العنف والكراهية والمليشيا والسلاح الخارج عن القانون وعن النظام .
ولقد كنا نحن من دعونا من دون تحفظ لؤد الفتنة وخلق روح الوحدة وروح الحياة بين أبناء العراق المظلوم ، ونحن في هذه المرحلة نود التأكيد من جديد على صحة التوجه الذي تبنته الحكومة في سلب روح المبادرة من العبثيين والخارجين على النظام العام ، وكنا نرآهن على الأيام وحكمة العراقيين وإرادتهم المتجذرة وحبهم للحياة الصالحة من دون عقد أو أحقيات وقدرتهم على النضال الدائم من أجل خلق المستقبل الأفضل ، ونحن نرآهن اليوم على قدرة الشعب في تجاوز مجموعة الحواجز التي صنعها أعداء الديمقراطية من قبيل الضرب على وتر الطائفية والمذهبية والمناطقية ، ولم يكن رهاننا يغلب عليه حُسن النوايا وحسب بل كان تقدير من طرفنا لطبيعة التدافع ونهاية المآلات ، ونحن اليوم نعيش حصاد حركة فرض القانون في الواقع من خلال إستسلام وهروب مجموعات القتل والمرتزقة وتقدم في عملية الإستقرار الذي بشرنا به منذ اليوم الأول للتحرير ...
وهذا منا تأكيد على خيبة الأمل التي مُني بها أعداء العراق وشعبه ، فالوقوف بوجه العدل والحرية والسلام لم ولن يدوم طويلاً ، وخلق مناطق توتر لن تدوم هي الأخرى ، والتعدي على مكتسبات الشعب وطموحاته المستقبلية ليس مقاومة لمحتل ولا دعوة لبناء عراق مستقل كما يزعمون ، بل هو من باب الثأر التاريخي والثأر المعاصر ، وكل فعل يتحرك ضمن هذا الخط فمصيره الزوال حتماً ، - فرض القانون .. وبشائر السلام - عناوين للمرحلة الإنتقالية المقبلة وكلنا يعلم ما تتطلبه المرحلة الإنتقالية من تضحيات ومن جهد ومن صبر ومن إيمان ، فلقد ولى زمن النبش في بطون العقد والمشاكل التاريخية والأحقيات المزيفة ، وبدء عصر الوثوق بالإنسان وبخياراته الديمقراطية ..
وهذا يتطلب التوكيد على الثوابت الوطنية من خلال رفض التلازم بين الدين والدولة ورفض التقسيم حسب الولاءات الطائفية والقومية ، والبدء بمرحلة البناء وفق الخيارات الوطنية من دون النظر للزوائد التي تخنق المواطن وتخنق الوطن ، فالعراق لا يحتمل المزيد من المراهنات أو الخوض في سُلم الخلفيات المذهبية والدينية والأثنية مع أهميتها في المفهوم الثقافي البنيوي العام .
ولقد أثبتت الأيام إن العراق هو ليس التربة المناسبة لتوزيع الحقد وأخذ الثأر ولا هو المكان الطبيعي لخلق فوضى إجتماعية وسياسية وثقافية ، والعراق كما هو معلوم لأهله ولغيرهم يحب السلام وينشد التقدم ويروم الحضارة ففيه منذ القدم نشأة الأبجدية الأولى وفيه كُتب قانون الشرايع البشرية وفيه تلاقحت الحضارات وتطورت فيه لغة الحياة ، وهو اليوم يسعى عبر منافذ حركته الطبيعية لتأسيس منظومة القيم وتحريك ذلك في كل الواقع القطري والأممي وهذا هو الرهان الطبيعي على العراق ولا غير ،
وشعب العراق شعب مؤمن بالوحدة ومؤمن بالحياة الحرة ومؤمن بالرسالة الليبرالية .
ولكن ككل حالاتنا الشاذة تتناوب القوى الراديكالية في المنطقة على خلق الكراهية فيه وتتباهى في صناعة الموت فيه لكل موحد ، وللأسف هناك من أبناء هذه الأمة من يخلط بين المزاج والثأر والخديعة وخدمة الغير ، متناسين إن الوبال الذي يمكن ان يحدثه هذا العبث يفوق في حدته ماجرى في أفغانستان ، ولكي لاننخدع ولا ينخدع غيرنا فكانت شعارات الجهاد هي الطاغية وكانت خزائن القوم تفتح من أجل طرد الغزات الشيوعيين حتى آل الأمر بعد ذلك إلى ماجرى في 11 سبتمبر الشهيرة ، لا نريد ان يخلط البعض بين هواجس وظنون ينتهي بها المطاف ليكون العراق لا سامح الله بؤرة للقاعدة ولمنظمات أرهابية خطيرة ، كلنا مع - فرض القانون - وكلنا اليوم مع بشائر السلام والبناء والإعمار نناصر ذلك من دون تحفظ لأننا ننطلق من وعي لمفهوم الوحدة والأمن والمستقبل ، ولكي لايخيب رجاء الشعب لانريد من البعض ان يظهر شجاعاته على قرى الناس الآمنة ، لا نريد ان يكون طعم الهزيمة يمر من خلال توزيع الموت على الناس المساكين ، نقولها بكل صراحة يخطئ من يساعد في تنمية الجريمة وروح العداء ، ويخطئ من يظن إن أمر العراق سيطول على هذه الحال ، فالعراق يستقر شيئاً فشيئاً ويتطور مع الأيام بتراكم الخبرة وبتشكيل الجيش الوطني والشرطة الوطنية ، فالشعب مؤمن في أحقيته في الحياة الحرة الكريمة وفي الوجود ..
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قانون الشرايع لدى فلاسفة اللاهوت
-
إيران مرةً ثانية
-
مؤتمر مكة للحوار
-
العراق وامريكا .. إتفاق من أجل الحياة
-
عبد الرحمن الراشد ومنطق العصبية
-
رؤية مغايرة للكتاب المجيد
-
نساء من أجل الحياة
-
إسلامنا بحاجة إلى إعادة نظر
-
السماء لا تمطر ذهباً
-
أين الكتاب العربي ؟
-
تأسيس علم أصول جديد – ح4
-
تأسيس علم أصول جديد – ح3-
-
تأسيس علم أصول جديد – ح2 -
-
تأسيس علم أصول جديد
-
( لازلتُ أبحثُ عن الإسلام )
-
الليبرالية حوار بين الله والإنسان
-
الرسوم المسيئة للرسول محمد
-
شاء الله ان يراك قتيلا .. !!
-
الجزء الرابع : من كتاب إشكالية الخطاب في القراءة التاريخية ل
...
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|