أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد السلام الموذن - ثورة ماركس في نظرية المعرفة:الانتقال من الايديولوجية إلى علم التاريخ















المزيد.....

ثورة ماركس في نظرية المعرفة:الانتقال من الايديولوجية إلى علم التاريخ


عبد السلام الموذن

الحوار المتمدن-العدد: 2323 - 2008 / 6 / 25 - 10:52
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لننطلق من الاشكالية التالية: التاريخ. التاريخ الملموس.. التاريخ الملموس في كليته.

ما هو التاريخ ؟ هو عدد لا يحصى.. لا نهائي، من الوقائع والأحداث، والعلاقات، والخاصيات، والجوانب.. إلخ.

هو: حضارات الصين، والهند، وبابل، وفارس، ومصر، وأمريكا الجنوبية، وافريقيا.. هو: الحضارة التكنولوجية الحديثة.. هو: حروب الاسكندر المقدوني، ويوليوس قيصر، وخالد بن الوليد، ونابليون، والحرب العالمية الأولى، والثانية.. هو: انتفاضة العبيد بقيادة سبرتاكوس، وثورة الزنج في العراق، والثورة الفرنسية، والبلشفية، واستقلال أمريكا.. هو: الرأسمالية، والامبريالية، والاستعمار، واغتصاب فلسطين.. هو اليهودية، والبوذية، والمسيحية، والاسلام.. هو: الفن الاغريقي، والشعر العربي، والمسرح الانجليزي، والأدب الفرنسي، والفلسفة الكلاسيكية الألمانية، والأوبرا الطليانية، والباليه السوفياتي، وموسيقى الجاز الأمريكية.. هو: البشر، والتجارة، والزراعة، والصناعة، والمال، والفكر، والجنس... إلخ.

التاريخ الملموس إذن، هو كل هذه الخاصيات والجوانب اللامتناهية.

كيف يمكن الربط منطقيا وواقعيا، بين كل تلك الجوانب اللامتناهية ؟.. ما هوجوهر التاريخ ؟.. ما هي قاعدته الأصلية التي تأسست عليها كل جوانبه، المتعددة بشكل لانهائي، والغنية بشكل لانهائي ؟.. ما هي العلاقة التناقضية الأولى التي تؤسس التاريخ ؟.. ما هو محركه ؟

عن هذه الأسئلة، أجاب هيجل: وقال: ان محرك التاريخ هو الفكرة المطلقة.

وعنها، رد فويرباخ قائلا: لا، ليس محرك التاريخ هو الفكرة المطلقة، بل هو الانسان الملموس.

وقال فرويد بدوره: إن محرك التاريخ، ليس هو الفكرة المطلقة، ولا هو الانسان الملموس، بل هو تسامي الطاقة الجنسية (La sublimation).

وقال سارتر: إن محرك التاريخ، لا هذا، ولا ذاك، بل هو المعنى الوجودي.

وقال ميشيل فوكو: إن كل ذلك مجرد أوهام.. فمحرك التاريخ الحقيقي، هو النسق البنيوي.

هكذا إذن ظل كل فيلسوف يدلو بدلوه، ولائحة الفلاسفة الذين رشحوا أنفسهم للاجابة عن ذلك السؤال المحير، لائحة كبيرة.

ولعل أبلغ تعبيرعن تخبط الفلاسفة هذا، هوالكلمات المقتضبة، لكن العميقة جدا، التي جاءت في الأطروحة الحادية عشرة لماركس ضد فويرباخ. تقول تلك الكلمات: « إن الفلاسفة لم يفعلوا سوى، تفسير العالم بطرق مختلفة... ».

والسؤال الآن: لماذا ذلك التعدد في التفسيرات ؟ لأن كل فيلسوف، لا يرى في الواقع الشديد التنوع في خاصياته وجوانبه، سوى جانبا واحد مجرد. وحتى مع ذكر كل تلك الجوانب، سواء التي ركز عليها الفلاسفة أو غيرها، فإن ذلك لا يستنفذ الواقع التاريخي في شمولتيه.

إن « الفكر » الذي امسز إليه هيجل لتأسيس منظومته الفلسفية، موجود فعلا في التاريخ، لكن كجانب فقط ضمن جوانب أخرى لا تحصى.

وإن « الانسان » الذي طرحه فويرباخ، كبديل « لفكر » هيجل، هو أيضا موجود على أرض الواقع، ولكن بصفته جانبا من الجوانب، لا أكثر.

ونفس الشيء يمكن قوله عن « الجنس » عند فرويد، و« المعنى الوجودي »، عنا سارتر، و« النسق البنيوي » عند فوكو (وليفي ستراوس، ولاكان، وفي النظريات الأخرى المتشابهة في العلوم الانسانية الحديثة).

معن هذا أن الفيلسوف، حينما يستبدل نظاما معرفيا بنظام آخر، فإن هذا لا يعني بأنه خرج من الأرضية المعرفية التي يقف عليها الفلاسفة الآخرون، بل يعني فقط أنه خرج من فلسفة ليسقط في فلسفة أخرى من نفس الطبيعة، حتى ولو كانت تختلف عنها في الشكل.

ما هي الطبيعة الجوهرية للأرضية الفلسفية العامة، المشتركة بين جميع الفلاسفة، رغم اختلافاتهم ؟

هذه الطبيعة هي: قلب العلاقات الواقعية. بمعنى أن الفيلسوف بدل أن ينطلق في تفسيره للتاريخ، من العلاقات الواقعية الأصلية، التي هي أساس كل شيء، فإنه بالعكس ينطلق من الظواهر.. التعبيرات.. التجليات.. الجوانب.. الفروع، لتفسير التاريخ. إنه يريد أن يفسر الجوهر الأصلي، بالتعبير المظهري لذلك الجوهر، بدل العكس. فمحرك التاريخ بالنسبة إليه، هو إذن التعبير الخارجي للعلاقات الواقعية.. هذا التعبير الذي يتخذ له شكل هذه المنظومة الفلسفية أو تلك، أو شكل هذا النظام الحقوقي أو ذاك، أو شكل هذا النسق البنيوي في الفلسفة (عند فوكو)، أو في التحليل النفسي (اللاوعي عند لاكان)، أو في الاثنلوجيا (عند ليفي ستراوس)، وغيرها.

فالقول بأن جوهر التاريخ، هو هذا الجانب أو ذاك، كالقول مثلا بأن جوهر الكتاب، هو وزنه، أو شكله، أو لونه، أو لغته... إلخ. فهذه الأشياء جميعها ليست سوى جوانب ثانوية للتعبير عن جوهر أساسي، هو: العلاقة التناقضية بين القارئ والمقروء.

وحين يقلب الفيلسوف العلاقات الواقعية (العلاقات بين الجوهر وتعبيراته الخارجية)، فإن وعيه نفسه يصبح وعيا مقلوبا. والوعي المقلوب، هو وعي وهمي.. وعي زائف.

إن الوعي المقلوب بالعلاقات الواقعية، هو ما يسميه ماركس: الايديولوجيا. فالايديولوجيا اذن، ليست شيئا آخر، سوى وعي العلاقات الواقعية.. وعي العلاقة بين الجوهر وتجلياته، لكن بطريقة مقلوبة (تقديم التعبير الخارجي عن الجوهر الأساسي).

وحين يؤكد ماركس في أطروحته رقم 11، بأن الفلاسفة لم يفعلوا سوى تفسير التاريخ بطرق مختلفة، فإنه يقصد بذلك أن تفسيراتهم ظلت تفسيرات إيديولوجية، أي مقلوبة (وهمية، زائفة).

ولذلك فالمطلوب هو: التحرر من الوعي الايديولوجي المقلوب. وما هو الطريق إلى ذلك ؟ هو قلب المقلوب.. بمعنى، إقامة علاقة واقعية بين العلاقات الواقعية، (الجوهر من جهة، وتعبيراته الخارجية من جهة اخرى).. وهذا يعني، اعتبار الجوهر معطر أول، وتعبيراته الخارجية على صعيد الوعي، معطى ثان. (وهذا بالضبط هو المقصود بعبارة ماركس الشهيرة: « ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم الاجتماعي، بل وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم ».

بهذا القلب للعلاقات الواقعية المقلوبة، يكون ماركس قد أحدث ثورة عظيمة في نظرية المعرفة البشرية. وعن طريق هذه الثورة المعرفية الجذرية، استطاع ماركس الانتقال من دائرة الايديولوجيا إلى دائرة علم التاريخ.. المادية التاريخية. إن علم التاريخ الماركسي، جعل التاريخ البشري يقف على رجليه، بعدما كان يسير على رأسه. والمحرك الأصلي للتاريخ، الذي سيكتشفه ماركس، انطلاقا من نظرته الثورية الجديدة، هو: العلاقة التناقضية الجوهرية على صعيد الانتاج المادي.. هي علاقات الانتاج بمعناها العام: مع الطبيعة في مرحلة أولى، ومع البشر والطبيعة في مرحلة لاحقة.

وعلى أساس علاقات الانتاج، قام الصراع الطبقي. إن الصرع الطبقي هو محرك التاريخ البشري الطبقي.

والمادية التاريخية، ليست علما للتاريخ وحسب، بل هي أيضا إيديولوجيا ثورية للطبقة البروليتارية الثورية. إنها ايديولوجيا ثورية، لأنه: من جهة، لم تفسر التاريخ بهذه الطريقة الايديولوجية أو تلك (كما كان يفعل الفلاسفة)، بل لقد فسرته بالطريقة العلمية الوحيدة الممكنة، وهي المادية الجدلية.

ومن جهة أخرى، فهي لم تكتف بالتفسير (كما كان يفعل الفلاسفة)، بل لقد أرادت تغيير العالم، من خلال انخراطها الواعي والمنظم، في الصراع الطبقي الواقعي والموضوعي الذي تخوضه البروليتاريا، وهي الطبقة الاجتماعية الوحيدة المؤهلة لاعطاء مخرج ثوري لذلك الصراع. من هنا فإن مفهوم البراكسيس، ومن ثم مفهوم الحزب الثوري، يعتبران مفهومين حاسمين في الماركسية.

فالماركسية إذن ذات طبيعة مزدوجة. فهي في نفس الوقت:

1) - وعي تاريخي للحركة العمالية الثورية (وهذا البعد الصريح المتعلق بالوعي التاريخي الطبقي، يعتبر شيئا جديدا جدا بالنسبة لكل الفكر النظري السابق)

2) - وثورة معرفية شاملة تنزع نحو امتلاك الحقيقة الكلية.





#عبد_السلام_الموذن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة كارل ماركس في نظرية المعرفة


المزيد.....




- حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرار الجنائية الدولية ويدع ...
- صدامات بين الشرطة والمتظاهرين في عاصمة جورجيا
- بلاغ قطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية
- فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح ...
- الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
- على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
- الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان ...
- مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
- مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
- الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد السلام الموذن - ثورة ماركس في نظرية المعرفة:الانتقال من الايديولوجية إلى علم التاريخ