أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد صلاح الدين - اسلام الصحابة في غزة المنتصرة على الحصار















المزيد.....

اسلام الصحابة في غزة المنتصرة على الحصار


عماد صلاح الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2323 - 2008 / 6 / 25 - 10:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رغم اشتغالي في التحليل السياسي المبني على المعطيات المختلفة في اتجاهاتها ومستوياتها ، مسنودة بالنظريات العلمية المعروفة في علم السياسة، وكذا ممزوجة جدا في القدرة الاجتهادية والتحليلية الموضوعية ، إلا أن المرء في سياق ما سبق ، يجد نفسه عاجزا عن فهم مآل ونتائج أحداث ووقائع ، تحدث في المنطقة العربية الإسلامية . تحديدا هنا في فلسطين . خصوصا بل وحصرا إذا كانت تلك الوقائع والأحداث مرتبطة بعموم الإسلام السياسي وجناحه الكفاحي العسكري؛ الضارب أحيانا ؛ والممانع الصامد أحيانا أخرى .

في التقديرات العلمية والتحليلية الموضوعية بالمعنى المادي المجرد ، طبقا للمفاهيم الماركسية والعلمانية، ومجمل التصورات الأرضية ، فان حصارا كالذي فرض على حماس وعلى الفلسطينيين عقب فوز الأولى في انتخابات كانون الثاني 2006 ، بسبب موقفها الرافض للاعتراف بشرعية الاحتلال وغيرها من الشروط الأخرى ، هذا الحصار بشهادة خبراء في السياسة والاقتصاد ، وكل اختصاص ذي شأن كاف لان يؤدي إلى سقوط إمبراطورية وقوة عظمى ، وليس إلى سقوط حركة بسيطة كحماس في إمكاناتها المادية المختلفة ومعها حكومتها الناتجة عن شرعية الانتخاب التشريعي. لذلك لا غرابة في سياق التصور المادي للأمور ، أن يذهب البعض مسرعا ومتسرعا للتهديد والوعيد لأي جهة تتجرأ على مشاركة حماس سياسيا خصوصا منها حركة فتح. وكان التوقع بالسقوط لها حينها ، خلال شهرين إلى ثلاثة ، لكن الأغرب أن حماس وحكومتها العاشرة استطاعت في حينها الصمود لوحدها لأكثر من عام ، رغم كل حصار وأحداث فوضى أمنية تم رعايتها محليا وإقليميا ودوليا . حماس والحكومة بالمعايير المادية يجب أن تسقط ، لكنها لم تسقط .

انظر إلى حزب الله ، هو الآخر قوة ميليشوية بالمعنى العسكري والعلمي التقديري ، وهو عبارة عن بضعة آلاف من المقاتلين مزودين بأسلحة خفيفة ومتوسطة معروفة. لم يصدق كثير من المراقبين في حينها ، أن بإمكان هذه القوة المتواضعة أن تلحق هزيمة عسكرية مدوية بأعظم قوة في الإقليم من الناحية التجهيزية والإعدادية العسكرية الحديثة. شهادة النصر لحزب الله كانت من الإسرائيليين أنفسهم سياسيين وعسكريين وجنرالات ، وأظن أن الأزمة الداخلية الإسرائيلية الشاملة التي دخلت فيها منذ هزيمتها تلك ، وتقرير فينوغراد الواضح جدا بهذا الخصوص ، كافيان كشهادة على هزيمة" إسرائيل"؛ عسكريا وسياسيا . من الناحية التقييمية المادية كان يجب أن يسقط حزب الله ، لكنه لم يسقط .

غزة الشريط الضيق جدا، ربما هو اصغر بقعة في المعمورة، قياسا إلى عدد سكانها المليون ونصف المليون .كانت في التقدير والتقييم المادي لمحاصريها في إطار الحصار المحكم الأخير بعد أحداث الرابع عشر من حزيران 2007 ، أنها حتما ستخرج عن طورها خروجا شديدا، وينصب جام غضبها على الحكومة المحاصرة فيها هناك . لكنها بالفعل خرجت خروج الطور الشديد انفجارا ، لكنه كان في زاوية من زوايا أدوات الحصار باتجاه معبر رفح صاحب القصة المعروفة . نعم يجب أن نقول انه بمقاييس التفكير البشري مادة وحسا ، غزة ستنتفض ضد حماس رغم وقع الظلم على حماس وجماهير حماس في غزة وعموم الناس فيها ، لأنه بمعايير القوة والتصدي لا يمكن لا لحماس ولا لأهل غزة مواجهة الحصار المحكم الإغلاق برا وبحرا وجوا ، في الماء والغذاء والكهرباء وفي كل شيء . لكن حماس لم تسقط ، ولم ينهر أهل غزة . وكان أمر غير ذلك كليا .

غريب جدا هذه القوة السحرية الفاعلة جدا لجماعات وأحزاب صغيرة ، صغيرة فعلا بالإمكانات المادية ، أن تنتصر على أقوى واعتى سياسات واستراتيجيات دول قوية جدا وشرسة ك"إسرائيل" وأمريكا ومعهما كل الأحلاف.

غريب أن تصبح استراتيجيات المحتل هباء منثورا في مواقع سيطرة القوى الإسلامية في غير مكان في المنطقة العربية الإسلامية .

لقد انقلبت أمور الأمريكان والإسرائيليين رأسا على عقب ، أصبحوا كذابين أمام الجميع وتحديدا أمام شعوبهم . إسرائيل تتوعد بتدمير حزب الله تحقيقا لا تعليقا ، فتُهزم شر هزيمة ، تتعهد بإعادة جندييها المأسورين دون مفاوضة و صفقة ، ثم تخضع وتقبل بكل شروط حزب الله المعروفة في هذا السياق . وأما حماس فأعلنت " إسرائيل" أن لا تفاوض معها بشأن التهدئة ورفع الحصار ، وقالت" إسرائيل" بعودة شاليط دون ثمن . وها هي تقبل بتهدئة متبادلة ومتزامنة . في غزة ذات الوضع الاستثنائي في القهر والعدوان والحصار ، وبضفة محتلة تنتقل إليها تهدئة بعد ستة شهور ، فيها الضرب ل"إسرائيل" إن اعتدت وضربت واعتقلت واغتالت . وللعلم الضفة المحتلة بحاجة إلى تصعيد مقاومة حتى ُيجبر الاحتلال على الانكفاء أكثر وأكثر . والتهدئة على كل حال ليست مفتوحة، هكذا أرادها أهل المقاومة ، ولم تردها "إسرائيل" سوى تهدئة مفتوحة ، وشاليط بقي في شروط احتجازه قائما في الأسر، حتى ُتلبى هذه الشروط . وبالمجمل خضع الاحتلال لإرادة جزء من شعب محتل ، هو في حصار بمعايير أهل البشر حتما ربما ينهار ويموت. لكنه لم يمت ولم ينهر ، بل انتصر .

أي سر هذا الذي يجلب الانتصارات الفائقة ضمن ما نعرف في جدلية العلاقة وظروفها بين شعب محتل وقوى احتلال جبارة ، لقوى وجماعات مستضعفة في الأرض ، ظروفها في القوة لا تعد شيئا إلى قوة خصومها . لكنها تنتصر ، وانتصاراتها مشهودة من أولئك الخصوم أنفسهم.

لا شك انه الإسلام ، سر نجاح وفلاح المنطقة فوق العادة ، وانهيارها المؤكد تحت العادة . هو(الإسلام) معها ما بين التزام في الأولى ، وتنصل وانسلاخ منها له في الثانية . مع الإسلام ، وفي فلسفة حكم المنطقة التكليفي والتشريفي في آن ، لا تنفع كل أسباب الأخذ بالقوة والمنعة إذا ما غاب حكم خاتم الشرائع. وبقليل قوة معه يجيء كل نصر وتفوق وتقدم . من لا يحب أو يريد آن يقتنع ، فأمامه كتاب تاريخ المنطقة، فليقرأه قبل الإسلام وبعده .

لكن في غزة للنصر ذوق ومعنى آخر ، نكهة تجدها في عمق روح عقيدة الإسلام وشرعته . كيف انتصروا ، كيف قهروا" إسرائيل" والمحاصرين . حال غزة يختلف عن الجنوب في لبنان وحزب الله، هناك لا حصار، هناك بإمكانهم أن ُيحصلوا حاجاتهم الأساسية والكمالية ، لكن غزة ُحرمت من غذاء ودواء ، والشعب فيها في أصله الناشئ عن جريمة التطهير العرقي الصهيونية لاجئ ومشرد. فكيف إذن انتصروا! في سوريا ، لا يوجد قهر وحصار كما في غزة ، في إيران أيضا لا . حتى في العراق وأفغانستان رغم القتل والدمار ، إلا أنهم لا ُيمنعون من ماء وطعام ووقود .

في غزة ، وبعيدا عن تحليلات السياسة وتقييم القوى والاستراتيجيات ، يعيش هناك الصحابة ، نعم صحابة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم . لأنه لا يمكن بقول الوقائع وموضوعية التفكير العقلي العلمي والمنطقي، أن ينجو بشر بإرادة إنسان، إلا روح قد تعلقت بإيمان ندر مثيله وعز نظيره. وأكيد هو هناك حاله في شعب أبي طالب لما ُحوصر الرسول ومعه الصحابة لثلاثة أعوام فأكلوا ورق الشجر ، وامتصوا ما تيسر من ريق للحاء خشب لم يطاول عليه بعد زمن ، أو جلدا لجدي لما تبول عليه صحابي جليل صدفة، فلما رآه ودونه قد َبخس الطعام ، تناوله ماسحا ما لحق به من أذى منه، أو من عاديات الزمن ، ليكون بعد ذلك الطعام ، وانتصرت بعد كل هذا وغيره من ألم وعذاب رسالة تمرير الدعوة للعالمين؛ رسالة التوحيد وشرعته الأخيرة ، انتصارا مبهرا ومختزلا مراحل معروفة في التاريخ الإنساني .

ولا عجب أن يعجب فيلسوف فرنسي معروف في القرن الفائت يدعى (جوستاف لوبون) في كتاب له عن مراحل نشوء الحضارات ، متسائلا ومتعجبا عن قدرة صحابة محمد في إقامة حضارة عالمية غاية في الروعة في كل شي . وكل هذا قصيرا جدا ، دون المرور بكلاسيكيات مراحل معروفة في بناء الحضارات وقيامها . وهي تحتاج إلى سنين طوال ، لتكون إجابته سريعة من ذاته هو ، على أن ذلك مرده لعقيدة ليست ككل العقائد ، فكان التطبيق والتنفيذ لشرعتها عبادة ، لا يشعرون فيها بتعب ومنغصات وملل أداء واجبات. هي كذلك ، في مذهب سير الإنسانية. وفي غزة أمثال هؤلاء ، ربما كان هناك . ليس هذا مديحا لأهل غزة ومقاومة غزة هكذا اعتباطا، لكن سؤال الحصار الكبير ، والقتل والدمار ، َوعْدم الاحتلال وأعوانه لكل منحى حياة ، َفرض علينا الإجابة ، بتوصيف ربما يقترب من سؤال وجواب البروفيسور الُمتوفى والأستاذ بجامعة السوربون الفرنسية سابقا (غوستاف لوبون) .

من يشك بانتصار غزة في سياق خضوع"إسرائيل" لشروط التهدئة المتبادلة ، ليسمع بعضا مما يقول سياسيهم وعسكريهم وقادتهم: -

فلقد اعتبر النائب الأول لرئيس الحكومة الإسرائيلية حاييم رامون الاتفاق " انتصارا للإسلام المتطرف" واعترافا بحركة حماس ، بينما رأته النائبة الليكودية (ليمور ليفنات) "خنوعا إسرائيليا للإرهاب وانجازا عظيما لحركة حماس يمنحها شرعية ومكانة دوليين "

وأما المحلل السياسي يوئيل ماركوس فينقل في هآرتس عن أحد مؤسسي كيبوتس ناحل عوز قوله " صحيح حتى اليوم في النقب الغربي حماس انتصرت على "إسرائيل" معتبرا أن كلامه يعبر عن إحساس الكثيرين من الجنوب .

والمقال سيطول أكثر ، لو سردنا مواقف السياسيين والعسكريين الإسرائيليين من التهدئة ، التي رأوها انتصارا لحماس وللمقاومة الفلسطينية في غزة ، وهزيمة بالمعنى الاستراتيجي لنظرية الأمن الإسرائيلي ، التي اعتبرها عمير رابابورت من معاريف بأنها نُسفت وسقطت من جديد بعد أن سبق نسفها وإسقاطها في حرب لبنان الثانية على يد حزب الله اللبناني.



#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وزن الاستراتيجيات في فلسطين
- التزام بسلام حتى ضياع كل فلسطين!
- في الضفة الغربية أجواء لا علاقة لها بالحوار
- هل سيكون هناك حوار جدي بين فتح وحماس هذه المرة؟
- لا بد من وضع حد لعبثية نهج المفاوضات
- كيف هي الشراكة مع قاتلي اطفال غزة؟!
- التفكير باستراتيجيات واقعية لتنفيذ حق العودة
- غالبية فلسطينية بلا تمثيل شرعي حقيقي
- اسرائيل تمنع الفلسطينيين من الزواج بأجانب!
- فلسطينيون بسببهم يستمر الحصار على غزة!
- مؤسسات حقوق الإنسان تصمت على جرائم الفساد في السلطة الفلسطين ...
- المفاوضات خيار استراتيجي لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية ...
- القتل البطيء لامل اللاجئين الفلسطينيين في العودة!
- سوريا دعوة جدية لاسلمة الحياة السياسية
- الموقف الحقوقي المغيب عن تقييم واقع التجربة الديمقراطية الفل ...
- لماذا لا تجرى انتخابات لمنظمة التحرير الفلسطينية؟!
- المفاوضات في المنظور الفلسطيني الرسمي
- هل ستأتي اللحظة التي نقرر فيها حل السلطة الفلسطينية؟
- أشك في هوية وانتماء قادة فلسطينيين
- هل اغتيال مغنية فاتحة الحرب الاقليمية الشاملة؟


المزيد.....




- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- ليبيا.. سيف الإسلام القذافي يعلن تحقيق أنصاره فوزا ساحقا في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد صلاح الدين - اسلام الصحابة في غزة المنتصرة على الحصار