|
في اجتماع خاص بالكويت .. الهدوء بالعراق يحتاج عشر سنوات
ابراهيم علاء الدين
الحوار المتمدن-العدد: 2323 - 2008 / 6 / 25 - 10:37
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
في ابريل من العام 2005 دعيت الى اجتماع ليس بصفتي كصحفي وانما كمستشار اعلامي لاحدى الشركات الكويتية الكبرى ، التي حصلت على عقود بتنفيذ مشاريع للجيش الامريكي بالعراق. وفوجئت عندالدخول الى قاعة (فندق ساس) على شاطيء الخليج انني ومدير التسويق بالشركة الكويتية ومالكها نحن فقط العرب الوحيدين بين حوالي 25 شخصا جميعهم امريكان من المدراء الاقليميين لشركة هاليبرتون الامريكية وفي مقدمتهم الرئيس التنفيذي للشركة ومديرها التنفيذي في العراق. وقد تحلق الحضور مجموعات صغيرة بين 3 الى 4 اشخاص يتبادلون اطراف الحديث فيما تدور عدد من الفتيات فلبينيات الجنسية من العاملات بالفندق بين الحضور وبايديهن صواني عليها انواع مختلفة من الخمور، وهذا سلوك غير مالوف في الكويت ، حيث ان الخمور ممنوعة علنا ويعاقب عليها القانون عقوبة شديدة. حذرني صاحب الشركة الكويتية من ابداء اي وجهة نظر مخالفة لما يبديه الحضور لانني بذلك اسيء للشركة وقد يطردونني من الاجتماع، فوعدته بالالتزام بمشورته. وتعرفت خلال 15 عشر دقيقة سبقت الاجتماع الرسمي على عدد من الحضور احدهم المدير الاقليمي لشركة هاليبرتون في قطر واخر مديرها في الامارات وثالث في السعودية اضافة الى عدد من مسؤوليها بالكويت. والحقيقة انهم كانوا ودودين جدا وتعاملوا معي كانني واحدا منهم وتبادلنا ارقام الهواتف على وعد بان نلتقي لاحقا.
وبدأ الاجتماع الذي تصدره الرئيس التنفيذي للشركة بترحيبه بالحضور، ولفت النظر الى حضور الشريك الكويتي ومرافقيه (منهم انا بالطبع) ثم قدم تحليلا سياسيا وعسكريا للاوضاع بالعراق ومن ابرز ما جاء فيه (سجلت الحوار سرا بالطبع) . فقال ان البعض توقع ان تكون المهمة سهلة بالعراق، وانه بمجرد سقوط النظام ستنعم العراق بالهدوء وتتدفق عليه الاستثمارات وتنهض به ورشة بناء عالمية اشبه بتلك التي شهدتها المانيا او فرنسا مثلا بعد الحرب العالمية الثانية. لكن هؤلاء لم يفهموا ان العراق ينتمي الى دول العالم الثالث وانه يعيش منذ نصف قرن تقريبا دون مؤسسات او نظم اقتصادية او اجتماعية. ولم يدر بخلدهم ان القبلية والمذهبية متغلغلة في اوصاله وان هناك اطراف اقليمية على صلة وثيقة بمكونات المجتمع العراقي انتهزت الفرصة لتقدم للتابعين لها سواء مذهبيا او طائفيا او سياسيا دعما هائلا لتحسين فرص حصولها على مواقع متقدمة في النظام السياسي الجديد. بالاضافة الى ان مستوى الوعي الاجتماعي شديد التخلف باستثناء النخب السياسية سواء في المعارضة او في حزب البعث ، بالاضافة الى الفقر والجوع المنتشر في معظم انحاء العراق بسبب الحصار الذي استمر 13 عاما ، الى جانب غياب الحراك السياسي الذي يسمح بتكوين تيارات فكرية وسياسية مختلفة . لهذه الاسباب لم يتوقعوا ان تشهد العراق هذا العنف الكبير الذي تعززه الفوضى والمخاطر الكبيرة التي تنطوي عليه تنفيذ مشاريع اقتصادية كبرى في العراق. واضاف اننا في هاليبرون كنا على ادراك تام بما سوف يترب على "تحرير العراق" وكنا على اتصال دائم بالسياسين ومراكز صناعة القرار الامريكي والمسؤولين الكبار في البيت الابيض وبناء على قرائتنا الدقيقة اخذنا على عاتقنا التصدي لمهمة اعادة اعمار العراق والقيام بمشاريع لوجستية للقوات الامريكية والدولية. وقال "انا اقل لكم هذا لانني لاحظت ان البعض منكم ربما ارتبكت الصورة لديه وظن اننا في ورطة واننا في هاليبرتون نتخبط في اعمالنا خصوصا بعد الخسائر الكبيرة الناتجة عن تاخير تنفيذ العديد من المشاريع او تدمير بعض المشاريع التي بدانا بتنفيذها". والحقيقة اننا في هاليبرتون كنا نتوقع كل هذا بل واننا نتوقع في السنواث الثلاث المقبلة ما هو اسوأ . لكننا وعلى ضوء القراءات المتعددة ولكافة الجوانب المتعلقة بالعراق واستنادا الى رؤية الحكومة الامريكية فاننا نرى ان تحقيق الهدوء التام في العراق والتغلب على كافة الصعوبات واعادة الاستقرار والامن يحتاج الى عشر سنوات مضت منها سنتان. واضاف اعترف زملائي انكم تواجهون ظروفا صعبة تصل الى حد تهديد حياتكم ، ولكن عليكم ان تثقوا باننا نحظى بدعم كبير جدا من الادارة، والشركة وفرت وسوف توفر كل ما تحتاجون اليه يا اصدقائي مدراء الشركة العاملين بالعراق او في اي موقع اخر للحفاظ على امنكم وتادية مهامكم بنجاح. واود ان اطمئنكم بان قائمة المشاريع الموكله لنا ضخمة جدا مما يتطلب الامر التعاون مع رجال الاعمال المحليين سواء بالعراق او بالخليج او الاردن ، مع الحذر عند التعاون مع بعض رجال الاعمال من الاصول الايرانية لان ايران لديها مشروع سياسي في العراق. وكذلك يفضل الحذر عند التعاون مع رجال اعمال سعوديين لان الكثير منهم له معتقدات اصولية وهؤلاء لا يساعدوا على بناء العراق الجديد. وقال ان سياسة الشركة خلال السنين المقبلتين هي تجزئة المناقصات وذلك لخلق علاقة متينة مع اكبر عدد من رجال الاعمال الصغار مما يخلق قاعدة كبيرة من الاصدقاء لنا في المنطقة. وهذا ما نطلبه من شركائنا الكبار المحليين كما يعرف السيد ..... (واشار الى صاحب الشركة الكويتية الذي اجلس بجانبه) . ثم اعرب الرئيس التنفيذي لشركة هاليبرتون عن اسفه للضحايا والعذابات التي يتعرض لها الشعب العراقي واتبع قوله بعبارة لم افهم معناها بالضبط لكنها تفيد بما يعني "ان طريق الحرية معبد بالدماء" وعاد ليؤكد ان اعادة بناء العراق في فترة عشر سنوات يعتبر انجازا بكل المقاييس "وانا واثق بان الادارة الامريكية على ادراك تام بما تقوم به من جهود مكلفة في العراق وهي تدرك ان عراق ديمقراطي سيفتح المجال لاقامة اكبر ورشة عمل في التاريخ المعاصر لمنطقة الشرق الاوسط ". ثم طرح الحضور عددا من الاسئلة كما ابدى البعض وجهة نظره في مسائل فنية قبل ان يدعو الرئيس التنفيذي الحضور لتناول العشاء.
لم اندهش ابدا لكون رئيس الشركة خبيرا سياسيا كما هو خبيرا فنيا كما لم يثير استغرابي تلك العلاقة الحميمة التي تربط الشركة بصناع القرار في البيت الابيض، خصوصا وان مديرها السايق ومن ابرز ملاكها هو نائب الرئيس الامريكي (ديك تشيني) ويقال ان الرئيس بوش احد مساهميها واحد مؤسسيها . لا اخفيكم انني كتبت تقريرا عن اللقاء واعطيته لرئيس تحرير الصحيفة التي اعمل بها لكنه فضل عدم نشره معللا ذلك بمبررات سياسية داخلية ومخاطر قد اتعرض لها. والان بعد ثلاث سنوات على ذلك الاجتماع وانتهاء نصف المدة التي حددها رئيس هاليبرتون لاستكمال مشروع بناء العراق الجديد على حد تعبيره... فهل الوقائع على الارض تشير الى صحة معلومات شركة هاليبرتون ؟؟؟ سنحاول في مقال اخر قراءة الوقائع على الارض كما هي اليوم.
#ابراهيم_علاء_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما هي المواصفات والمهام المطلوبة من القيادة الفلسطينية
-
ام انس : من يجلس على المقاعد او الكراسي سيذهب الى جهنم
-
شكرا ابو مازن .. نعم نريدها دولة ديمقراطية ليبرالية..
-
سميره وجدت حلا للصراع الابدي
-
سيدة مصرية : ديار الكفر احسن من ديار المسلمين
-
الفلسطيني طرد الجن (شرلوك) من البدوية ام فهد
-
هكذا يتخذ خلفاء المسلمين قرارتهم وهكذا يلغونها
-
المستقبل المفقود .. امة تفتقد الى القادة رغم اعدادهم الغفيرة
-
الرسول امر بقطع راس الاعلامي
-
الاخلاق الاسلامية لا تختلف عما جاء في الديانات الاخرى السماو
...
-
معلمة المدرسة تهدد بالاستقالة
-
المحاربة هيلاري كلينتون الى اللقاء .. ولنساء المسلمين العزاء
-
على حماس ان تعلن استسلامها لفتح افضل من استسلامها لاسرائيل
-
عارية في ناد ليلي .. وسعيدة لانها قريبة من الله
-
تركيا لماذا هذا الضجيج ؟؟ الحجاب مسالة سياسية وليست دينية
-
شيوخ التزييف -الكيمياء- و-الزغل- يرتعون بيننا
-
الجن خطفوا الاولاد
-
في ذكرى نكسة 67.. يا ريت تتحقق نبوءة موشي ديان
-
انت دائما معي
-
سيدة الزهور : شابة يمنية في نيويورك
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|