أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام محمد - الذباب ينهش لحم شاهين














المزيد.....

الذباب ينهش لحم شاهين


هشام محمد

الحوار المتمدن-العدد: 2323 - 2008 / 6 / 25 - 10:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعث لي أحد الأصدقاء برسالة نصية قصيرة على هاتفي الجوال، كان نصها كالتالي :" تبي (أتريد) تضحك؟...اقرأ الردود في موقع العربية حول موضوع يوسف شاهين". الموضوع باختصار يتناول قيام الفنانة المصرية النصف معتزلة "حنان ترك" بتلاوة القرآن على المخرج العالمي العبقري "يوسف شاهين" والذي أصيب مؤخراً بجلطة دماغية نقل على أثرها إلى باريس للعلاج. حنان ترك، ذات التعابير الطفولية السمراء والعينين المبللتين بضوء لافت، والتي وجدت في حجابها حجاباً من النار، وتفسيراً منطقياً للرسائل السماوية الغامضة التي كانت تهبط عليها من وقت لآخر، كأنما أرادت أن تعبر عن شكرها لأفضال هذا المخرج اللامع عليها وبطريقتها الخاصة. ومن يدري فربما كانت كلمات الله المكسوة بقطعة الشوكولاته التركية (نسبة إلى ترك) دوراً في أن تشرق شمس الإسلام في قلب صاحب السعفة الذهبية، ويتبرأ مما اقترفت يداه طيلة كل هذه السنين، قبل أن يستل ملك الموت روحه من غمد جسده المتعب من تراكمات العمر.
المهم، عبرتُ السطور بخفة وبسرعة كي أطالع ردود القراء العجائبية. ردود وأصداء لو اجتمعت معاً لصنعت سحابة سوداء مثقلة بمطر أسود من الكراهية والحقد. هناك من كانت كلماته ترقص على آلام شاهين، وتشرب نخب النصر والانتقام الإلهي على جسد الرجل الثمانييني. لماذا؟ لأنّ أفلام يوسف (هم يقولون) ترشح بحقد على الإسلام والمسلمين(!) أليس هؤلاء هم أحفاد الخليفة الموحدي المتحجر "أبي يوسف يعقوب المنصور" وفقهاء المالكية ضيقي الأفق في فيلم "المصير" الذين أحرقوا كتب الفيلسوف المستنير "ابن رشد"؟ هناك من أرعد وأزبد، وحوقل واستغفر، إذ كيف لواحدة من "القوارير" القابلات للكسر أن تزاحم الرجال في تلاوة القرآن دون أن تتفتح أزهار الشهوة المتوحشة! وهناك من عاب على الفنانة المتوجة بحجاب العفة والحشمة أن تسقط القرآن من عليائه و"تدنس" قدسيتة مع رجل ليس بمسلم، وإنما مسيحي، كانت أفلامه تنز كراهية صريحة للإسلام والمسلمين! بعد أن تقيأ هؤلاء بما حوته صدورهم من غل وحقد، وبما حشيت به رؤوسهم من نفايات السلفية ومفخخات الأصولية الدينية، كتب أحدهم: شكراً للفنانة حنان... لقد برهنتِ على سماحة الإسلام! (وعلامة التعجب من عندي). يالها بالفعل من سماحة لو وزعناها على شعوب الأرض كلها لفاض منها، ودع عنك تلك الرؤوس التي تتطاير والرقاب التي تجزها سيوف أبناء الأمة الشجعان هنا وهناك.
قال لي مرة صديقي هذا أن مثل تلك التفاهات لا يسطرها إلا سعوديون. قلت له ربما تكون محقاً، فردود أكثرية السعوديين للأسف غالباً ما تحركها وساوس دينية متشنجة، وتؤطرها نزعات طائفية متصلبة، وتحكمها رؤية وهابية متأزمة. الكثير منهم لا يترك أي جحر فضائي إلا و يرفع فيه رايات "الجهاد الإلكتروني" ربما بدوافع فردية يمليها عليه واجبه الديني – كما يتخيل – أو ربما بتوجيه وتنسيق مشترك من شيوخه ومسيريه حتى لا يتركوا فرصة لمن يسموهم أصحاب التوجهات الإلحادية، والعلمانية، والتكفيرية، والقائمة تمتد بطول المسافة من القصيم في السعودية إلى بيشاور في الباكستان.
لكن انظر إلى البقية من غير السعوديين: هل تجد من اختلاف؟ أشك في ذلك. إنه يا صديقي طاعون الأصولية الذي اجتاح الجميع من الماء إلى الماء. إنه وباء السلفية والنكوص الديني الذي انتزع من قلوبهم ورود التسامح والمحبة وزرع مكانها الشوك والحجارة، واستبدل قناديل الفكر في عقولهم بغبار الموتى ورماد السلف الصالح. انظر إلى مشاركات السواد الأعظم من المصريين. ألا تتساءل هنا: هل من المعقول أن تذهب جهودات رفاعة الطهطاوي، ومحمد عبده، وعلي عبدالرازق، وطه حسين، وقاسم أمين، وغيرهم من عمالقة الفكر أدراج الرياح؟ لا أملك إلا أن أقول ياخسارة وألف خسارة. وانظر إلى باقي الأخوة الأشقاء من الكويتيين، والفلسطينيين، والأردنيين، والمغاربة. هل أقصد الجميع؟ بالطبع لا، لكن الأكثرية ذات الصوت الأعلى هي من تمارس الكراهية وتحترف الجهل.
ماالضير في حرية التعبير عن الرأي؟ إطلاقاً، ليست بمشكلة. المشكلة هي أن يحجر على صوتك وأن تخنق كلماتك، لكن ما يقلق أن من يكتب مستثمراً رحابة الفضاء وثمرات الحداثة التي زرعها "الكفار" هو في الأصل كاره وحاقد على حرية التدين، وحرية التعبير، وحرية التفكير. وعلى ما يبدو فإن مواقع الإنترنت – موقع العربية مثالاً – تعرف كيف توظف أزمة الفكر وأزمة الضمير عند العربي / المسلم لضمان أكبر عدد من الزيارات بدلاً من أن تسهم في تثقيف القاريء وتوعيته وتبصيره بحقيقة واقعه. جرب يوماً ولن تخسر شيئاً أن تزور هذا الموقع لترى كيف ينتخب القائمون عليه موضوعات تنكش الجراح المذهبية المفتوحة، وتدغدغ الاحتقانات الجنسية المكبوته، وتصب الزيت على نيران الأحقاد الدينية. من أجل ماذا؟ من أجل أن يجتمع الذباب من كل مكان على هذه الأوساخ. هذا يشتم ذاك: يا رافضي... يا بن العلقمي. وذاك يردها عليه: يا وهابي.. يا إرهابي... يا ظلامي. فإذا فرغوا من لعن بعضهم البعض، مالوا على شعوب الغرب، ورفعوا أيديهم بالدعاء: اللهمّ أرِنا فيهم عجائب قدرتك.



#هشام_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملتحون ولكن لصوص
- رحلة في عقل وهابي


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام محمد - الذباب ينهش لحم شاهين