أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نجم خطاوي - لم تحطبوا لوحدكم فلا تأخذوا النار لخبزكم - حول القرار الجائر بإلغاء قانون الأحوال الشخصية















المزيد.....

لم تحطبوا لوحدكم فلا تأخذوا النار لخبزكم - حول القرار الجائر بإلغاء قانون الأحوال الشخصية


نجم خطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 720 - 2004 / 1 / 21 - 07:45
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


  في التاسع من شباط 1979 حططت رحلي في الشام هاربا من الجحيم في الوطن بعد ستة أشهر من النوم في فنادق بغداد الرخيصة وبيوت الأقارب وسيان الحيدرخانة . وفي هذا التاريخ بالذات انحشر حشد كبير من المشردين من أمثالي وبجوازاتهم ووثائقهم المزورة وسط المسافرين , مستغلين السفر للشام بالبطاقة الحمراء التي منحتها الحكومة . ويتذكر الذين عاشوا تلك الأيام صور الدلالات العراقيات وهن يملأن سوق الحميدية الدمشقي بشيلاتهن وعصاباتهن وجراغدهن السوداء .
 
      في اليوم التالي رجعت حزينا ويائسا صوب فندقي المكتظ بالعراقيين القادمين للتجارة ولزيارة السيد زينب بعد انتظار طال لساعات أمام قنصلية لبنان المغلقة والمكتوب على بابها وبخط عريض( لا نمنح تأشيرات للعراقيين , يمكنكم الحصول على تأشيرة من القنصلية اللبنانية في عمان الأردن ) .
    كانت الشام محطة في رحلتي التي رتبها ربعي وأصحابي في بغداد , على أمل الوصول صوب بيروت . ولكن بيروتي هذه فرت من يدي وصارت عسيرة علي وأنا مثل الأطرش في الزفة صارت حالي وسط هرج دمشق ومرجها .

    لم أنم ليلتي تلك حتى طلوع الصبح . لقد داهمتني الكوابيس والأحزان , وبدأت صور أصدقائي الذين خلفتهم مختفين تحت الأرض في بغداد تلوح قريبة مني , وكانت فكرة العودة صوب بغداد تدور في رأسي مطبقة على ما كنت أحاول أن ألملمه من فكر وخطط .


..........................................
 
      وحسمت أمري وحملت حقيبتي السوداء صوب كراج السيارات وركبت  متجها صوب عمان , لعلي أفوز بتأشيرة توصلني لبنان .
  وحين وصلت غايتي عمان عرجت كما يقولون كالصاروخ صوب القنصلية البعيدة فوق الجبل , ووقفت في حسرة هناك تدهشني الصدمة للحشر العراقي المتكوم أمام البناية , وكانت وجوههم تخبر عن الأماكن التي قدموا منها وهي نفس أماكني وفنادقي الرخيصة في شارع الرشيد والحيدرخانة والأمين في بغداد .
- ( لا تأشيرات للعراقيين وإلى إشعار أخر ..... ) .
قالها شاب لبناني أبيض ومدور الوجه وبكل لطف وكأنه يتعامل مع زائري سيرك .
   وقفلت ماشيا منكسرا نازلا الجبل نحو وادي المدينة , وكانت علامات زينة وشعارات مكتوبة بخطوط عريضة وبعضها بلغة كنت أجهلها , ثم تقدم مركب لسائقي الدراجات ولسيارات الشرطة وغيرها , وتبين الأمر بعدها وأنا أشاهد الزعيم اليوغسلافي تيتو وهو يجلس جنب الملك الأردني وهم يمرون بموكب كبير وضخم وسط شارع عمان الرئيسي , وقلت يومها هون أمرك فأنت حظيت بمشاهدة تيتو والملك حسين , ولكن الهون تلك لم تنفع وزاد حزني واغترابي وفقدت القدرة على التفكير في الذي سأفعله بعد فشلي في الحصول على تأشيرة توصلني ربعي في بيروت .

    كان شهر شباط 1979 هذا بليغا وحاسما للشعب الإيراني , وبالذات يوم الحادي عشر منه , إذ كنست الثورة الشعبية نظام الشاه .
 وقد شاءت الصدف أن أكون في عمان في هذا اليوم وأنا أسمع أخبار الملاين الذين هبوا في شوارع طهران وغيرها من المدن الإيرانية , وانتصرت الثورة .
    لا أذكر كم من من الصحف اقتنيت يومها وذهبت للإقامة في فندق وسط المدينة .
كانت صور الإمام الخميني تفرش واجهات جميع الصحف .
ومكثت مكسورا ليلتي في عمان وأنا أفكر في الحريق والزلزال الكبير الذي عم في جارة وطني إيران .
 نمنا في الصالة أنا وعمال مصريين ظلوا يثرثرون طول الليل عن بغداد وعن أعمالهم هناك وعن مقاهي شارع السنك في بغداد . ودعوني لشرب الشاي بعد أن أحزنهم حالي , ثم ابتدءوا بلعب الدومينو وأنا أتطلع إليهم وفي رأسي تدور فكر وجنيات أخرى .
   راودتني ليلتها خواطر عن إيران التي ستصبح دولة حرة  وسيحصل الناس فيها على حرياتهم , وسيولي عهد القمع والظلم , وقلت في نفسي بأن تضحيات ومواقف عمال مصافي النفط في عابادان وغيرها , وتضحيات المؤمنين و توده والفدائيين والثوريين والمجاهدين ورجال الدين , وكل الناس الذين قارعوا عهد الشاه بهلوي ستتحد لتكون مستقبل إيران .

    ومضت سنوات وبدأ يرتابني الشك في أن ظنوني التي لازمتني تلك الليلة في الفندق القذر في عمان كانت خيالية .

        وكانت هذه حكايتي الأولى في الهروب من الوطن , ثم تبعتها ليال وأيام أكثر قسوة ..........


.....................................

      في الثاني من أيار 1983 عبرت الجبل العملاق المخيف ( قنديل ) سوية مع مجاميع متناثرة من الأنصار الشيوعيين العراقيين بعد معارك خاسرة وأحداث مرعبة, ودون معرفة القادم . وفي اليوم التالي وصلنا صوب قرية صغيرة على الطرف الثاني للجبل بعد مسيرة ليلية مضنية .
          ( لم يخيل في بالي يوما وصدمت وأنا أعبر هذا الجبل في تلك الليلة لكثافة الثلج ونحن في الشهر الخامس من السنة , والذي كان يصل أحيانا حتى الخصر .
  يا الهي لهول المصيبة , ليل وثلوج , ودون من يعرف الطريق ........
 وسوية مع (أبو حياة), و( ساري البدوي), و(أبو داود ), وكان نصيرا عملاقا وأعتاد الأنصار أن يلقبوه بالأسود لسمار بشرته, حاولنا إنقاذ صديقنا نصير( أبو نادية) القادم من مدينة الكوفة للقتال في كردستان , والمصاب بطلقات كثيرة في جسده .
   قلت له تصبر وسيهون الأمر , وكان صديقي وزميلي في الدراسة التي قطعناها طواعية قادمين من براغ صوب كردستان , ولكن الأمر لم يهن حين اقترب الليل وحل الظلام وبدأت عاصفة ثلجية فرقتنا جميعا وكنا لم ننم لليلتين متواصلتين وصرنا شدر مذر كما يقولون , كان البعض ينام وهو يسير وهي حالة تبدو للذي لم يشاهد قنديل العملاق لا تتعدى سوى الفنتازيا , وكنت أفطس ليلتها حين ضاعت فردة حذائي وسط الثلج الذي جاوز خصري , وقد مضى وقت كبير حتى عثرت عليها, وسرت كما سار غيري متفرقين , أبحث عن جماعتي , وقد فقدت حنجرتي القدرة على الصراخ بحثا عن صديقي الجريح الذي كان برفقة نصيرين حين (انفجار) العاصفة الثلجية , والآخرين ,وصار الصوت يخرج ممزوجا بالنحيب والهذيان وأنا بين صاعد ونازل وسط الظلام والثلج المخيف جاهلا شمالي من جنوبي , شرقي من غربي ) .

        لم نمكث طويلا في تلك القرية الكردية والواقعة في الجانب الإيراني طويلا , ولكن البعض وجدها فرصة للاغتسال في حمام مدينة (خانة) بعد سنوات من الحرمان والوسخ والقمل أحيانا , كما وجدها آخرون فرصة لشراء معاجين للأسنان وفرش وأكل الكباب .
   وبعد أيام قلائل واصلنا المسير باتجاه كردستان العراق ثانية , مخيمين قرب إحدى عيون الماء وعلى أطراف قرية كردية صغيرة ( سيه لوه ) على ما أظن , وكانت في الجزء الكردي من العراق وليس من إيران . وعلى الرغم من تشابه المنطقة جغرافيا إلى أن المشاعر كانت مختلفة تماما .
        كان التعب والألم قد لف الجميع سوية مع الحزن على الذين فقدناهم والذين لم نعرف مصيرهم .

..........................

       وقد سنحت الظروف لي في تلك الأيام للسفر صوب إيران لزيارة أقاربي الذين هجرهم صدام . وكانت بعض الأحزاب الكردية تساعد أحيانا الشيوعيين على السفر إلى هناك لغرض العلاج أحيانا, وسافرت بورقة تأيد منهم , واتجهت إلى مدينة( نه غه ده ) ومنها إلى ( أرومية ) ثم إلى طهران . وكانت لحظات قاسية ومخيفة وخصوصا حينما كانوا يوقفون الباص ليصعد رجل يبحلق في الوجوه من مقدمة الباص وحتى مؤخرته , ورغم أن ورقتي رسمية كما يقولون .

   وتذكرت ليلتي في فندق مدينة عمان وأنا أتجول في شارع ناصر خسرو في طهران .
كان السواد سيد الأمكنة , وكانت مكبرات الصوت وهي تذيع الأناشيد الوطنية والخطب الدينية تملأ الأمكنة .
وحللت رحلي في( الأهواز) قريبا من نهر ( الكارون ) ومن ماءه الخابط السريع , متذكرا شاعري النواب ومحنته هناك يوما .
كنت متشوقا للقاء أقارب لي كانوا قد هجروا عنوة نحو إيران , وقد تم لي ذلك .
ولكن الذي نغص سفرتي تلك أن المنزل الذي سكنته كانت أجواءه غير التي اعتدتما مع أهلي وأقاربي في وطني العراق , فبنت عمتي التي تكبرني قليل ,ا لم تكتفي بالبرقع الذي غطى رأسها , بل كانت تلبس العباءة وتلف نفسها من الرأس حتى أخمص القدمين داخل البيت , وكان الجو حارا , وهي تكلمني ولم يظهر منها سوى وجهها . حاولت تفهم القضية وقلت بأنها حرة في ذلك ولأحترم قناعاتها خصوصا وأنا غير ماكث هنا سوى أيام وليس من حقي الاعتراض على مالا يعنيني . ولم يكن الأمر هينا علي , فأم هذه المرأة أخت لأبي , وأنا ابن خالها , وقد عاشت هذه الفتاة في دارنا لسنوات قبل أن يسفروهم قسرا صوب إيران , وكنا نزورهم في بغداد , وكانت طالبة في الثانوية , وترتدي ملابس كباقي النساء في العراق ودون حجاب , ولم يؤثر هذا على حشمتها ولا على حشمة عائلتها .
   ولو قصر الحدث على هذا لهان الأمر, بل أن قريبتي تلك بدأت بسرد النصائح لي بترك الشيوعية والكفر والإلحاد , والدخول في دين الله , وابتدأت بمحاجتي عن التوبة والهداية والغفران وغيرها . وقد حاولت إفهامها بأني لست كافرا ولكني لست متدينا , وأنا أحترم وآجل الدين والأئمة والعلماء ولكن لي عقيدتي وفكري وطريقي في الحياة . 
  وهناك سمعت قصص كثيرة عن الوضع في البلد وفهمت يومها بأن البلد تسير نحو سياسة استبعاد الأخر وقهره إذا أمكن إن لم يخنع , وأن قريبتي تلك تريد أن تنفذ في بيتها ما كان يدور في الشارع
وودعت أقاربي وقفلت عائدا صوب ربعي .
   وقد عدنا سوية أنا وصديقي ( فاخر) وهو شيوعي طيب ومثقف ومحب للأدب والشعر قدم من الحلة صوب الجبال , ومن عائلة الخليلي الدينية المعروفة في النجف والحلة , وقد انتظرني عند أقارب له في طهران .
    عدنا صوب مدينة ( نه غه ده ) , ومن هناك صوب الجبال ثانية . ولم تمضي أيام ليذهب ( فاخر ) شهيدا في معارك ( بشت ئاشان الثانية ) , وبقي جهاز الراديو الذي اشتريناها سوية من إيران يذكرني فيه وبمتعة الأحاديث التي غمرتنا ونحن نجلس متقاربين في الباص الكبيرة حين ودعنا الجبال وحين عدنا إليها , رغم تعارفنا القصير في تلك الرحلة  .
......................
  
     كانت الخيام المنتصبة قريبا من القرية مساكن لنا , وكنا نتوزعها ثمانية أنصار لكل خيمة, ننام محشورين فيها .
وفي تلك الليلة من حزيران من عام 1983 كانت نوبتي في الحراسة تبتدأ في الواحدة ليلا لتنتهي في الثانية , وبعد أن سلمت صاحبي ورقة الحراسة والمصباح اليدوي , ودعته وذهبت إلى خيمتي , ولم ألحق  على إكمال تدخين سيجارتي حتى فوجئت ببعض الضجة وأحاديث لغرباء باللغة الكردية القريبة من لغة أهل المدن , ودخل الخيمة من يخبرنا بأن ضيوفا قد قدموا إلينا في هذا الليل وعلينا ضيافتهم , طالبا الانحشار أكثر في الخيمة لتكفي عشرة بدل ثمانية .
ودخل الضيوف وبدخولهم فز كل من كان نائما وبدأنا الأحاديث والتدخين وشرب الشاي حتى قارب الفجر على الطلوع .
كانوا يرتدون بنطلونات وعلى ملامح وجوههم معالم المدينة والحضارة , وقد استقبلت الخيم الأخرى ضيوفا أيضا , وكانت مع بعضهم العوائل بما فيها الأطفال .
وحين نودي للفطور فجرا بدأت الساحة تمتلئ بالقادمين الجدد الذين غيروا من روتينية وتعاسة تلك الأيام بأحاديثهم ورغم مرارتها . ومنهم سمعنا قصصا مرعبة عن الأوضاع في إيران وعن المطاردات والإعتقالات , والتعذيب , وغيرها .
كانت هذه المجاميع من حزب توده ومن فدائي خلق ومن ثوريين إيرانيين آخرين , وقد اقتسم معهم أنصار الحزب الشيوعي العراقي الخبز واللبن والعدس والملابس , وصاروا جزءا منا , وكانت يومها مغامرة كبيرة أن تساعد جماعة أوضاعها صعبة ومأساوية , وقد لجأت قريبا جدا من حدود دولة أخرى , أن تساعد جماعات من هذه الدولة المجاورة وأعني إيران .
 لا زلت أتذكر وإلى اليوم تلك الوجوه التي كانت تسأل متألمة :
 لماذا تكون حصتنا هذه المآسي وكنا سوية معهم قد كافحنا في سبيل الثورة والحرية   !!
لماذا نعامل بهذه القسوة وقد بذلنا الغالي والرخيص في سبيل الوطن  ؟
هل فرقت سجون إيران بينهم وبيننا , ألم نكافح سوية ضد الشاهنشانية البغيضة ؟
    هذه الأسئلة عذبتنا وحيرتنا نحن بقدر محنتهم , وقد علق أحدنا وبسخرية :
( الجماعة في إيران قد بهدلوا ربعنا هناك , بس الله وحده الساتر لو لزموهه بالعراق ) .

  ومضت سنوات قاربت العشرين على تلك الفواجع , وصار الذي صار , وقد تكشفت الأوضاع في إيران للكثيرين وهي تعلم الكثير لمن يريد أن يتعلم , وهي تقول لا لمن  يريد أن يحاكي ويقلد ما ساء , وينقله لأماكن أخرى , وهي دروس بليغة .
  وقد فرح الكثيرون لتلاقي الرايات في العراق , واعني تقارب الشيوعيين مع الإسلاميين ,والآخرين , وتغليب مصلحة الوطن فوق المصالح الذاتية .

...................
         
        وجدني صديقي حزينا وأنا أتطلع للنصب والجداريات التي ملأت ساحات وشوارع  المدينة وقال :
- لماذا تضايقك ! هذه صور كبارنا ومشايخنا وعلماءنا ...
    قلت :
   - للناس الحق في أن تعتز بكل من تريد أن تعتز به , ولكن المدينة ملك لنا جميعا وعلينا التشاور جميعا في كل صغيرة وكبيرة تخصها وتخص الوطن قبل أن نفتي ونقرر وجهتنا .
وفهمت من رده بأن من كان غائبا وبعيدا لا يحق له أن يقرر كثيرا اليوم , وحاولت إقناعه بأن هناك تضحيات ودماء للآلاف من الناس ولم يكونوا بعيدين بل في قلب المعركة . ولكن كيف يمكن إقناع صاحبي وهو الجندي الذي نقلوه بين أكثر من عشرين وحدة عسكرية تخوفا من رائحته الشيوعية ورغم توقيعه لهم بتركه السياسة والحزب الشيوعي .
    
     هناك حقيقة لا يمكن تجاوزها وهي أن النظام المقبور قد بطش بالجميع ولم يستثني أحدا , ولكنه لم يستطع غلق الجوامع والمساجد والحسينيات ودور العبادة , وقد حاول كاذبا نشر فكرة الحملة الإيمانية , ولم يكن لليساريين والشيوعيين دور للثقافة ولا قاعات للدرس والحوار , وكان يمكن للقارئ أيام البعث المقبور أن يقتني أو يشتري بعض الكتب الدينية غير الخطرة طبعا بمنظور النظام , من مكتبات بغداد وغيرها , في حين كان الكتاب الماركسي والشيوعي جريمة لا تغتفر , كما للحدود الطويلة للجارة إيران التي لجأ إليه الآلاف ولأسباب مختلفة تأثير كبير على هذه المعادلة .
   أعود لصاحبي محاورا :
- ما رأيك أن يشاد وسط ساحة هذه المدينة نصبا يخلد القائد العراقي الوطني فهد , خصوصا وأن الساحة خالية من نصب , بعد أن تهدم تمثال العامل الذي كان يوما ما شامخا وسطها , والساحة لا تبعد سوى خمسين مترا عن سجن المدينة الكبير ( سجن الكوت ) الذي هدموه , والذي قضى فيه فهد وجماعته سنوات طويلة .
   علت ملامحه ابتسامة وهو يستمع مذهولا لحديثي .
قال معلقا:
الكثير من الناس لا زالت تعتبر الشيوعية وفهد هي الكفر والإلحاد .

   وأنهيت حديثي وفي ذهني ترتسم صور فهد وزكي بسيم والشبيبي وكيف علقت جثثهم في الباب الشرقي يوما , وكانوا كرماء في بذل أعز ما يملكه الإنسان وأعني الروح دفاعا عن مصالح الناس , وحين ناضل هؤلاء لم يخطر في بالهم أن يدافعوا عن شريحة ضيقة من الناس , وكانوا يحلمون بالخبز والحرية لكل العراقيين .
..............

    أكتب هذه الخواطر وأنا أتطلع للذين يريدون أن يمنحونا الظلام وكنا ننشد النور .
للذين يريدون أن يبقوا عذاباتنا بعد أن فاقت قدراتنا تحمل المزيد .
للذين يريدون أن يرجعونا لزمن تجاوزته كابل وبنغلادش وباكستان , وفي وطن أنشد فيه الجواهري قبل عشرات السنين داعيا لحرية المرآة العراقية ولخياراتها في حق العمل والتساوي في الحقوق والواجبات .

  لكم الحق كل الحق بما تفكرون بخصوص قضية المرأة وقانون الأحوال المدنية وغيره , ولكن لم العجلة والوطن لا زال محتلا , وحاكمه الذي يقرر اليوم هو الأجنبي , وقوى الشعب تكافح لتقريب يوم عودة السيادة ورحيل المحتل .
 يمكنكم التعبير عن قناعاتكم مستقبلا عبر ممثليكم في البرلمان المنتخب والحر الذي ننشده  في وطن حر وديمقراطي , يحكمه أهله دون وصاية أحد , حين تناقش قضية المرأة أو غيرها من القضايا , وسيكون للآخرين رأيهم أيضا .

  لزاما علينا أن نتعلم جميعا من الحكمة التي ذمت ذلك الذي يريد أن تكون النار لقرصته ( كل من يريد النار لقرصته ) .
فقد دخلنا الغابة وكانت مليئة بالوحوش والكواسر , وقد حطبنا جميعا , وجمعنا الحطب , وقد حرثنا وزرعنا وحصدنا وخبزنا , وليس لأحد الحق في أن يقول هذه النار ناري , فالنار لنا جميعا والخبز لنا جميعا . وسنضيع حين نضيع بوصلة كفاحنا في هذا الزمن النحس , وأعني التكاتف لعودة الوطن حرا غير منقوص السيادة , ودون دكتاتورية واستبداد .

السويد
2004/1/17



#نجم_خطاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدتان لشاعرين من السويد
- هل يمهد كنس ساحة التحرير وشتل الأشجار في حديقة الأمة الطريق ...
- سأطردك من ذاكرتي أيها الغول البغيض
- ليس الحزب الشيوعي العراقي وحده الذين ابتهجوا بالقبض على الطا ...


المزيد.....




- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...
- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نجم خطاوي - لم تحطبوا لوحدكم فلا تأخذوا النار لخبزكم - حول القرار الجائر بإلغاء قانون الأحوال الشخصية