أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - الداهية ولد محمد فال - تحديات الدبلوماسية الموريتانية















المزيد.....

تحديات الدبلوماسية الموريتانية


الداهية ولد محمد فال

الحوار المتمدن-العدد: 2321 - 2008 / 6 / 23 - 10:33
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


مقدمة: :
إذا كانت الدبلوماسية بشكل عام قد مرت بالكثير من التدرج والتراكم والتطور، حتى بلغت ما هي عليه الآن من النضج والرقي والفاعلية، فإن الدبلوماسية الموريتانية قد سلكت نفس المسار التراكمي حتى استقر حالها على ما هي عليه الآن، لقد كانت الدبلوماسية الموريتانية في العصور القديمة التي سلفت إنشاء الدولة الحديثة، تستخدم كلما هو متاح من الوسائل التقليدية لتوظيفها في التعريف ببلاد الشنقيط أو المنكب البرزخي إلى آخر الألقاب التي لقبت بها البلاد والعباد قبل التسمية الحديثة موريتانيا، حيث كان للعلماء الدور الأكبر في حمل راية البلد وتسويق ثقافته في البلدان الأخرى وكانت السعة الفقهية والمهارات اللغوية والملكات الحفظية لعلماء شنقيط، خير حصانة وأنجع وسيلة للحصول على الامتيازات في البلدان الأخرى وخير مثال على ذلك ما كان لعلماء شنقيط من صيت ومجد في المشرق والمغرب فقد كانوا محل تقدير واحترام من ملوك وسلاطين كل البلدان التي يحلون بها ونعلم جميعا أن العلامة محمد محمود ولد تلاميد قد بعثه السلطان العثمان لكي يمثله في مملكة السويد، ومن المفارقات أن بعض البلدان أدرى بأسماء علماء شنقيط القداما من رؤساء موريتانيا الحديثة. وبعد هذه المقدمة التمهيدية فما هي أهم ملامح الدبلوماسية الموريتانية منذ الاستقلال إلى الآن؟ وما هي أهم التحديات التي تواجهها؟ وما هي أنجع السبل لتطوير وتفعيل الدبلوماسية الموريتانية؟

دبلوماسية الخيم بين محدودية الوسائل وفاعلية النتائج
لقد كانت الولادة العسيرة لموريتانيا بعد الاستقلال من نمط المعجزات، حيث نشأت الدولة الحديثة في مجتمع بدائي لم يجرب السلطة منذ ألف سنة ولم يمارس الاستقرار والتقري، لأنه تعود الترحال سعيا وراء المراعي، فكان تكوين دولة قابلة للحياة في الصحراء القاحلة ضربا من التحدي والمجازقة، إلا أن حكمة وحنكة الأستاذ المختار ولد داداه قد استوعبت كل التحديات والعقبات فكان الرجل ومن معه من الواطنيين الشرفاء قد صنعوا المعجزات وخلقوا من الحبة قبة كما يقولون. فموريتانيا التي استقلت تحت الهواء الطلق بلا جسور ولا قصور. وقد كانت محاصرة بالضعف الاقتصادي والتحجيم السياسي لأن المغرب كانت تدعي أنها جزء منها، وقد جندت المغرب بعض أبناء موريتانيا لكي يتولوا كبر سد باب الاعتراف بموريتانيا من قبل جامعة الدول العربية والأمم المتحدة. إلا أن كارزمية المختار وصبره ومثا برته كانت كفيلة بانتصار الدبلوماسية الموريتانية وخيبة أمل التائهين

. المختار ولد داداه مهندس الدبلوماسية الموريتانية الحديثة
إن المتأمل للثقل والمكانة التي حظيت بها موريتانيا رغم ضعف إمكانياتها وقلة تجربتها السياسية يدرك ما كان للرئيس المختار ولد داداه من ذكاء وفطنة، جعلته الرجل ودولته الفتية مركز اهتمام وثقة دول وزعماء، كانوا إلى وقت قريب ينظرون إلى الرجل وبلاده بالدونية، حيث كان هؤلاء الزعماء مسكونون بعقدة التفوق على موريتانيا ومن الأمثلة القاطعة على تفوق وتطور الدبلوماسية الموريتانية في عهد المختار. الدور الفاعل والمشهود الذي لعبه الرئيس الموريتاني في تقريب وجهات النظربين عدد من زعماء الدول الإفريقية، الذين كانت الهوة تتسع بينهم يوما بعد يوم حيث لجؤو إلى حكمه وحنكة ابن الصحراء ليكون وسيطا بينهم، "يقول المختار في مذكراته طلب منى موجيبيو كيتي الرئيس المالي أن أتوسط بينه وبين موريس يامنغو رئيس بوركينافاسو لوضع حد للخلاف الحاد الذي كان بين بلديهما" فاستجاب دون إبطاء، فقرر زيارة بوركينافاسو سنة 1964 ومكث أياما في ضيافة نظيره يا منغوو أبلغه رغبة موجيبو كيتي في المصالحة فرد يامنغو بفضل جهود المختار بالقبول. كما طلب منه موجينيو كيتبي التوسط بينه وبين زميله في التجمع الوطني الإفريقي شيخ توري ففعل. وبعد انقلاب الملازم أول موسى اتراوري في مالي على رئيسها موجيبو فقد اتخذ موسى اتراوري المختار مستشارا له وكان يخاطبه بالأخ الأكبر، وعندما اتسعت الفجوة بين مالي وكينيا كوناكرى بسبب سب وشتم وتجريح الشيخ توري للانقلابيين الجدد في مالي وكان المختار مبادرا من أجل وضع حد للخلاف ونفس الشيء مع الا نقلا بيين في غانا الذين اغتصبوا حكم اكوامي نكروما فحاول فك العزلة عنهم من أجل رصد الصف الإفريقي "لأن الرئاسة كما يقول المختار في مذكراته قد تفرض عليك أحيانا مهما كانت تنشئتك الأدبية والأخلاقية والثقافية، قد تضطر من حين لآخر إلى التجرد من عوا طفك وقناعتك ومبادئك". وكان المختار أول رئيس للاتحاد الإفريقي الملغاشن 1964 وقد استضافه فليكس هو فت بونيي الرئيس الإفواري خمسة أيام في منزله في يامسكور للوساطة بينه وبين شيخوتوري للتذكير شيخوتوري وهوفت بونبي كانا رفيقين في التجمع الوطني الإفريقي، وقد ترأس المختار منظمة الوحدة الإفريقية التي كانت موريتانيا من المؤسسين لها فقد ترأسها سنتي1971-1972 فكان من انشط رؤسائها، حيث زار 13 دولة اوربية من أجل تعرية وفضح الاستعمار البورتغالي في إفريقيا وكانت هذه الفترة محل إشادة وتثمين من قبل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة خلال القمة الإفريقية في الجزائر 1999 فقد دعى المختار إلى هذه القمة كضيف شرف كانت له بصمات في تأسيس العمل الإفريقي فكان الواجب يملي على بوتفليقة الذي عمل تحت إمرة المختار خلال رئاسته لمنظمة الوحدة الإفريقية، أن يشيد بمجهوداته ووصفه بالإفريقي المخلص. كما كان له الفضل في اقتراح حل الخلاف الحدودي بين المغرب والجزائر، حيث يقول قلت للملك الحسن الثاني عندما كنت سأسلمه رئاسة القمة الإفريقية "لماذا لا تستغلون الفرصة يا سيادة الملك لحل الخلاف بينكم وبين الجزائر حتى تبدؤون مهامكم كرئيس للمنظمة مرتاح البال" وذكره بأنه قد انتهز فرصة القمة الإسلامية 1969 لحل الخلاف بين المغرب وموريتانيا لم لا يكررها في هذه القمة ففكر الحسن الثاني في المقترح ثم استجاب حيث وقع اتفاق الرباط بين الجزائر والمغرب، وعندما احتد الخلاف بين بومدين والملك الحسن الثاني سنة 1975 كان المختار حاضرا للقيام بمهمة المساعي الحميدة بين الشقيقين،و من الملاحظ أن الدبلوماسية الموريتانية في عهد الرئيس المختار كانت تملك عصى سحرية. فما هي تحديات الدبلوماسية الموريتانيا بعد الإطاحة بالمختار 1979؟

الديبلوماسية الموريتانيانية وإشكالية التوازن الإقليمي
منذ أن تخلت موريتانيا عن حقوقها في الصحراء الغربية سنة 1979 بعد الإطاحة بالحكم المدني، واختيار العسكر الانسحاب تماما من المشكل الصحراوي وتقديم مسغوات للأنسحاب لها ما يبررها.

وإن لم تكن مقنعة لبعض الوطنيين الذين اعتبروا الانسحاب هدرا للمكتسبات الإستراتيجية لموريتانيا، وتفريطا في جزء من الوطن كان تحت السيادة الوطنية وقد روي بدماء أبناء الجيش الوطني، إلا أن العسكر قالوا على لسان قائد الانقلاب العقيد المصطفى ولد محمد السالك، أن القرار كان واقعيا ويهدف إلى خدمة السيادة الوطنية والحفاظ على تلاحم وتماسك المواطنين وأن هشاشة الجيش الوطني تمنعه من القدرة على الصمود أمام ضربات عصابات بوليساريو المدعومة من الجزائر وفي النهاية يبقى القرار اجتهادا والاجتهاد صاحبه ما بين الأجر والأجرين، ما يهمنا هنا هو أن موريتانيا منذ ذلك الحين وهي تواجه مأزق حقيقي، يتمثل في إشكالية التوازن الدقيق بين المغرب والجزائر.

فالمغرب يريد أن تكون موريتانيا في دائرة مواقفها حتى تستطيع ترجيح كفتها في القضية الصحراوية والجزائر لا تريدها أن تخرج عن خانة المساندين لجبهة بوليساريو، وموريتاينا لا تريد هذا ولا ذاك وإنما تسعى لموقف يكون نابعا من إرادة الشعب الموريتاني ويصون سيادته الحرة،و يحمي حقوق الشعب الصحراوي الشقيق ويرضي ولا يغضب الشقيقين الجزائر والمغرب إلا أن موقفا من هذاالنمط يحتاج إلى الكثير من المرونة السياسية والحنكة الدبلوماسية فمنذ الخروج من قضية الصحراء والموقف الموريتاني، يتسم بالكثير من التذبذب وعدم الاستقرار، فمن محاولة الحياد إلى التحالف مع بوليساريو والجزائر وذلك طيلة عهد المقدم محمد خونة ولد هيدالة 1980-1984 إلا أن فترة العقيد معاوية ولد سيدا احمد الطايع 1984-2005 كانت الفترة التي تبلور واتضح فيها موقف الحياد الموريتاني في قضية الصحراء، هي فترة يمكن أن نقول أن موريتانيا استطاعت التوازن في علاقاتها مع الشقيقين، حيث تمسكت بإعلان دعمها لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية محل الخلاف بين الجارين، فلم تشهد هذه الفترة أي تحفظ أو استياء من قبل الشقيقين على تصرفات موريتانيا حول الصحراء.

إلا أن نهاية عهد ول الطايع وتربع المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية على الحكم وقيام رئيسه العقيد على ولد محمد فال بزيارة إلى الجزائر شكلت هاجسا لدى المغرب جعلها تخشى من أن موريتانيا ستتخلى عن الحياد والاعتدال في موقفها لصالح الجزائر، إلا أن رئيس المجلس العسكري قد تدارك ذلك بسرعة حيث قام بزيارة مماثلة للمغرب فعادت المياه إلى مجاريها.

وبعد الانتقال الديمقراطي ومجيئ رئيس منتخب في انتخابات شهد لها القاصي والداني بالنزاهة بقيت موريتانيا على اعتدالها وحيادها، وقد عبرت في كل المناسبات عن دعمها للقرارات الدولية وعن دعمها لأى حل تفاوضي يتفق عليه الطرفان إلا أن حرية التعبير والتعددية السياسية الحقيقية في موريتانيا، ومبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها المغرب، كل هذه العوامل كانت من حين لآخر كادت أن تؤثر على موقف موريتانيا و خيارها الاستراتيجي المتمثل في الاعتدال والحياد في قضية الصحراء.

بدت مبادرة الحكم الذاتي كمبادرة شجاعة وعملية، هدفها إذابة الجليد وكسر الرتابة والروتين التي طبعت مواقف الأطراف منذومدة ومن أجل ترويج مبادرة الحكم الذاتي وتسويقها تحتاج المغرب إلى مساندين إقليميين سيما إذا تعلق الأمر بأحزاب و سياسيين موريتانيين، نظرا لما للشعبين الموريتاني والصحراوي من تداخل.

فلم تضيع الرباط أي فرصة لاصطياد أي تلميح أو تصريح للسياسيين الموريتانيين، وإعطاء هذه التصريحات من التضخيم والزخم الإعلامي ما يجعلها أكبر من حجمها. ومن الأمثلة في ها المقام التصريح الذي أدلى به الأستاذ صالح ولدحننا ..في الرباط على هامش مؤتمر الأحزاب القومية العربية، والمتمثل في وصفه لمبادرة الحكم الذاتي بأنها مبادرة شجاعة فكان هذا التصريح مدويا، فأعطته وسائل الإعلام المغربية الكثير من الاهتمام والتقدير وتبارت في تفسيره وتحليله على أنه يمثل انتصارا ومكسبا للدبلوماسية المغربية.

وعلى الطرف الآخر كانت ردود الفعل من قبل المتخذتين في صف الجزائر وبوليساريو عنيفة فقد تبارى الكتاب في نعت صالح ولد حننا بأبشع الأوصاف وسبه وشتمه...

وغير بعيد عن موقف صالح كان موقف حزب التكتل القوي الديمقراطية، علما بأن هذا الحزب هو حزب المعارضة الأول في موريتانيا، قد عبر عن دعمه لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير فقد شفع ذلك بمدح مبادرة الحكم الذاتي فالحزب الذي كان يمثل الموقف الطبيعي لموريتانيا خلال مؤتمر الأحزاب القومية العربية في موريتانيا هو حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" فقد كان دائمايعبر على لسان رئيسه محمد جميل ولد منصور عن تمسك حزبه بالحياد والاعتدال بين أطراف القضية وقد أصر الحزب على ألا يحضر أي نشاط يتعلق بالقضية ينظمه احد الأطراف.

إلا أن الزيارة الأخيرة لو فد من البرلمان الموريتاني يرأسه رئيس البرلمان، الأستاذ مسعود ولد بولخير وقد طغت النقاشات المتعلقة بقضية الصحراء على جدول برنامج الزيارة حيث أخذت أكثر مما كان مخصصا لها فإن الوفد البرلماني الموريتاني، وإن رفض مقابلة إخليهن ولد الرشيد رئيس الكوراكاس، فإن تصريحاته أغضبت الجزائر ولم ترض المغرب، ربما لعدم ضبطها وقلة خبرة أصحابها في اختيار المصطلحات الدبلوماسية في الوقت الذي عبر فيه الأستاذ مسعود بولخير رئيس البرلمان عن ما سماه موقف موريتانيا الثابت والذي لخصه في التمسك بالشرعية الدولية والقرارات الدولية، وحث الأطراف على التفاوض، إلا أنه وقع في التناقض من حيث لا يعلم، فقد عن دعمه وإعجابه بمبادرة الحكم الذاتي المغربية، وهو ما أثار حفيظة بوليساريو والجزائر وبنفس الصيغة عبر النائب محمد محمود ولد لمات عن حزب التكثل، إلا أن الموقف الذي كان واضحا وقد أثار حفيظة المملكة المغربية، هو موقف النائب محمد المصطفى ولد بدر الدين من حزب اتحاد قوى التقدم اليساري الذي عبر بشكل لا لبس عن دعم حزبه لجبهة بوليساريو وعن تمسكه بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير ويبقى موقف النائب محمد جميل منصور رئيس حزب "تواصل" الأقرب لموقف موريتانيا الطبيعي، حيث قال إن موريتانيا لا يمكن أن تطالب بأكثر من أن تكون وسيطا بين الفرقاء أو مسهلة لحل يتفق عليه أطراف النزاع.

مضاعفات تصريحات الوفد البرلماني الموريتاني على التوازن الموريتاني بين المغرب والجزائر
يعتبر من أبرز هذه المضاعفات الفتور والاستهجان الذي واجه به الجزائريون رئيس الوزراء الموريتاني ولد أحمد الواقف حيث انتظر ساعة كاملة في طائرته داخل المطار الجزائري قبل أن يستقبله نظيره الجزائري عبد العزيز بلخدام هذا وإن دل هذاالتصرف على شيء إنما يدل على استهتار وإهانة الكرامة الموريتانية، وكان حريا بالوزير الأول الموريتاني أن يعود إلى بلده وأن لا يتنظر ساعة في المطار لأن المجاملات والأعراف الدبلوماسية تتوقف عندما يقع تصرف يخدش ويهين الكرامة الوطنية. أيضا من مضاعفات هذه التصريحات التي أغضبت الجزائر ولم ترض المغرب، تأجيل زيارة الملك محمد السادس ملك المغرب إلى موريتانيا. أعتقد أنه على المغرب والجزائر أن تتخليا عن عقدة الغطرسة والغرور في تعاطيهما مع الجمهورية الإسلامية الموريتانية وأن ينزعا من أذهانهما نظرة التفوق والتعامل،مع موريتانيا على أنها الحلقة الأضعف في قضية الصحراء فموريتانيا لها تكوينها وثقافتها الخاصة التي تميزها عن كلا البلدين ولها سيادتها وإرادتها الحرة التي تخولها اتخاذ مواقف تخصها.

ولها شخصيتها الدولية الإقليمية، والقواعد الآمرة في القانون الدولي تمنع التدخل في شؤون الدول وتفرض احترام سيادتها. وبالتالي يجب على المغرب والجزائر أن يعرفا أن موريتانيا ليست تحت إمرة أي منهما وليسا مصدر إلهام ولا مصدر وحي بالنسبة لها، وإنما تعاملهما كأشقاء على قدم المساواة، ومن المفروض أن تعامل الجزائر والمغرب موريتانيا بنفس المعاملة الند بالند.

أيضا يجب على موريتانيا ضبط تصريحات مسؤوليها وسياسييها حتى لا تقع في ورطة متاهات كثرة التصريحات والمواقف المتناقضة، يجب على كل مسؤول موريتاني سواء كان موظفا أو مسؤولا سياسيا أن يعرف أن موقف موريتانيا من قضية الصحراء الغربية هو الحياد والاعتدال بين الأشقاء والتمسك بالقرارات الدولية وموريتانيا لا يمكنها لا ينبغي أن ينتطر منها إلى أن تكون وسيطا أو مسهلا لحل يتفق عليه الإخوة الأعداء.

الدبلوماسية الموريتانية وضعف التكوين
إن من بين التحديات الكبيرة التي تواجه الدبلوماسية لموريتانيا، هشاشة تكوين الموظفين الدبلوماسيين وذلك لغياب مؤسسات التكوين الدبلوماسي، فلا يوجد معهد دبلوماسي، ولا توجد أية أكاديمية للقانون الدولي والعلاقات الدولية، حتى قسم العلاقات الدولية في كلية الحقوق في نواكشوط يعاني من التقصر في مواكبة جديد القانون الدولي والعلاقات الدولية ويفتقر إلى العمق الأكاديمي نظرا لضحالة الدروس وإهمال وتقصير الأساتذة للدراسة والتحليل والتفسير والتنبأ مما جعل الطالب الموريتاني يفتقر إلى العقلية الإستراتيجية.

ينضاف إلى غياب المؤسسات الدبلوماسية الأكاديمية بالبلد عدم اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب، دائما يقع اختيار الدبلوماسيين، لا يدركون مهمة الدبلوماسي ولم يدرسوا القانون الدبلوماسي والقنصلي، ولا يعرفون حتى المزايا والحصانات التي تمنحها لهم صفتهم الدبلوماسية.

ماذا ننتظر من شخص مثلا متخصص في النسيج أو الدباغة، أو الزراعة أو الصيد، في تطوير وتفعيل وتنزيل السياسات الدبلوماسية لبلده، لا يمكنه أن يقدم شيئا لأنه ببساطة لا يدرك حقيقة الصلات والروابط بين الدول ولا يعرف ضوابط و معتقدات المجتمع الدولي ولا يعرف قراءة ما بين السطور وما تحتها وما فوقها ولا يجيد التورية والتمويه في المجاملات والمصطلحات الدبلوماسية بالله عليكم: هل سمعتم منذ استقلال الدولة الموريتانية، أن سفيرا موريتانيا واحدا قد ألقى محاضرة في كلية ما أو جامعة ما أو مكان ما، من أجل التعريف ببلده وتسويق ثقافته؟

هل سمعتم أن سفارة موريتانية قد أقامت أورعت نشاطا ثقافيا من نوع ما؟ هل سمع أحدكم أن سفيرا موريتانيا كتب مقالا في صحيفة ما في البلد الذي يمثل دولته فيه؟

هل سمع أحدكم أن سفيرا موريتانيا، احتج على ما يصدر في صحافة البلد الذي هو فيه، من تلفيق وتزييف وتجريح وتهكم على بلده؟

أعتقد وأرجو أن أكون مخطئا أن الإجابة ستكون بلا عن كل هذه الأسئلة، وبالتالي وكخلاصة واستنتاج فإن التحدي الأكبر الذي يواجه الدبلوماسية الموريتانية هو قلة الخبرة وضعف التكوين، وضآلة الفكر السياسي، لدى الموظفين الدبلوماسين.

فتحتاج الدبلوماسية الموريتانية من أجل تطويرها وتفعيلها وتحسينيها إلى خلق مؤسسات أكاديمية متخصصة في القانون الدولي والعلاقات الدولية ومتخصصة في التدريب والتكوين الدبلوماسي، كما تحتاج إلى اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب.
باحث في القانون والعلا قات الدولية
كلية الحقوق - جامعة سيدي محمد بن عبدالله/ فاس المغرب



#الداهية_ولد_محمد_فال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - الداهية ولد محمد فال - تحديات الدبلوماسية الموريتانية