1ــ بصدد الإمبريالية :يعاد لوك هذا المصطلح على أنغام الهجائيات
السوفيتية التي ثقبت الآذان طيلة القرن الماضي ولكنها لم تفلح في ثقب ما يوازي خرم
أبرة في نمط الانتاج الرأسمالي ,فما بالك بإسقاطه 0 ذلك أن ما فات
المتتلمذين على يد الماركسية المفلترة سوفيتيا هو النقيض عليه معرفيا :هو
المنهجية الماركسية 0وأن زادهم من هذه الأخيرة لا يتعدى نصوصا منتزعة من سياقها
تصلح للترتيل وفقا لأحكام النون الساكنة والتنوين0 بغاية رفع مستوى الذهان
عند المريد حتى حافة العشق 0
لا تقترب المسودة بالتحليل من الإمبريالية التي شخصت قبل قرن كأعلى مراحل
الرأسمالية 0 لا لشيء إلا لغياب التاريخية 0 و لا ألوم أصحاب المسودة على
غيابها " التاريخية " فالاجترار لا يحتاج إليها ، إذ قد تقطع عليه سياقه و
من ثم نعاسه و تهويماته 0
العولمة على سبيل المثال تحدد كذريعة فقط للإمبريالية ،ويوشوش هذا التحديد
بأنها كذبة, أو أنها ظاهرة قابلة للاستخدام كذريعة ,وليست على سبيل المثال
مرحلة أعلى من الإمبريالية وصلت إليها الرأسمالية 0فقد يكون هذا هرطقة على
اللينينية تستدعي التكفير لا التفكير 0 وكذلك يتم المرور على الإرهاب
وكأنه مجرد تهمة من إمبريالية حاقدة ,وليس له وجود مستقل ولا يملك بنية ثقافية
وتنظيمية ومالية تستل من المصطلحات والمفاهيم شحنتها السلبية لتستعمل في
معركة التنابذ بالألقاب مع العدو الذي سمر على الدريئة لكي لا يحوص ولا
يتبدل 00
2ــ تشخص الإمبريالية الأمريكية كعدو رئيسي وتشخص الصهيونية كرأس حربتها,
جارّة إلى الذاكرة الغنائيات الأيديولوجية التي أنتجها الخطاب القومي
ـالاشتراكي, كيف لا و قدمّي هذا الأخير في نفس الفلقة مع الماركسية السوفييتية
، مما يسمح بتبادل الموشحات 0 إلا أن الذي يفلق أكثر هو هذا التشخيص
الحصيف للإمبريالية الأمريكية بأنها مأزومة ، مما يستدعي إلى الذهن أن أصحابنا
آخر رواق ، وأنهم لا يشكون و لو من نزلة برد ، و إنه لا ينقصهم إلا وحدة
الكلمة لكي يلحق بالإمبريالية الأمريكية المزودة بالصهيونية كحربة هزيمة
ساحقة ماحقة 0 إلا أننا إذا ضربنا كشح عن هذه العنتريات المستلة من الخطاب
القومجي - الاشتراكي سيلفت النظر هذه النبرة التشكيكية التي لا يوهن
عزيمتها أي شك ، التي ترمي في خانة التضليل و الدعاية المفضوحة كلما يصدر عن هذه
الإمبريالية من مصطلحات و مفاهيم و رموز حول الحرية و العدالة و الرفاه
الاقتصادي إلخ000 "الخ "من عندهم وليس من عندي للأمانة"إلا أن السؤال الذي
يطرح نفسه في هذا السياق00 ما الذي يدفع الإمبريالية الأمريكية لتسوق
بضاعتها المزيفة في أسواق العالم الثالث على فرض أنها مزيفة؟ ألا يترتب على هذا
الإقرار بأن أسواق العالم الثالث فارغة رفوفها من هذه البضاعة ؟
رغم أن الفقرات التالية من المسودة تنصح بالعض بالنواجز على ما تراكم
من منجزات على هذا الصعيد 0 و لا أعلم من هو المصاب بالعمى , الأمبريالية
الأمريكية أم أصحابنا 0
3- إلا أن التطريب تحتفظ فيه المسودة للفقرة الثالثة المخصصة للوضع العربي
فهذا الوضع يعاني كما تقول المسودة و بوضوح شديد من التخبط و تضيف على نحو
أكثر حصافة مشخصة أسباب هذا التخبط بأنها نتيجة لتأثر الوضع العربي بالوضع
الدولي, مع أن الوضع العربي ليس له الحق في ذلك إذ كان بإمكانه" تحويل
شعار التضامن العربي من تضامن بين الحكام إلى تفعيل و إطلاق الطاقات الجبارة
للجماهير ضد التحالف الإمبريالي ـ الصهيوني" إلا أن الوضع العربي لديه و
الحمد لله ما يكفي من الحمرنة لكي لا يأخذ نصيحة أصحاب المسودة على محمل
الجد, إذ يكفيه ما تلي عليه من مزامير على هذه الشاكلة طيلة نصف قرن 0
تتناول الفقرة السابعة من المسودة بالتحليل الشأن الداخلي السوري فترسم
اللوحة التالية للمشهد الاجتماعي ـ الاقتصادي : فنقول بالحرف أن " علاقات
الانتاج الرأسمالية التي يغلب عليها الطابع الطفيلي قد سادت اقتصاديا منذ
أواسط السبعينات"00 لا تشير إلى ما كان سائدا قبل هذا التاريخ" و أن هذا قد
أدىّ اجتماعيا إلى زيادة دور البرجوازية الطفيلية و البرجوازية
البيروقراطية"
لا نعلم لماذا وصفت الأولى بالطفيلية و لم توصف الثانية, لعلها منتجة في
رأي أصحابنا000 "و أن المشكلات المتداخلة للاقتصاد الوطني من نقص في النمو,
إلى التوزيع الغير العادل للثروة, قد خلق الأرضية و المبررات كي تقوم
البرجوازية الطفيلية" و توصفها المسودة بأنها" القوى الكبرى للسوق و المرتبطة
عضويا مع قوى الرأسمال المالي العالمي"
يذكرنا هذا بالارتباط العضوي بين الصهيونية و الإمبريالية" بالضغط على
للوصول إلى أمرين:
ـ إعادة اقتسام الحصص مع البرجوازية البيروقراطية لزيادة حصتها نظرا
للظروف الإقليمية والعالمية المستجدة التي تسمح بذلك" ملمحة بدون ذكر أسماء إلى
الدعم الإمبريالي والصهيوني التي تستفيد منه هذه الطبقة 0
ـالوصول إلى مواقع القرار السياسي للحصول على الضمانات الكافية لحماية
الشكل الجديد لتوزيع الثروة الذي تريده 0
ثم تشخص الوثيقة معوقات هذا التوجيه "بالمقاومة التي تبديها أوساط في
البرجوازية البيروقراطية والجماهير الشعبية "
تطرح المسودة برنامجا مواجها لبرنامج البرجوازية الطفيلية تصفه بأنه "يعبر
عن مصالح الجماهير الشعبية ويتجاوب مع ما تصفه بالبرجوازية الوطنية" ,وهي
إلى أن تعلن المسودة غير ذلك ,هي البرجوازية البيروقراطية 0
9- تنتقل المسودة إلى صياغة ملامح البرنامج المقترح متحددةَ بالنقاط
التالية :
-"وقف النهب المقونن وغير المقونن لأموال الشعب التي أؤتمنت عليه الدولة
وخاصة في قطاع الدولة" 0 ولا نعلم من سيقوم بذلك 0 هل الجماهير الشعبية أم
حليفتها البرجوازية البيروقراطية ! !
ــ " تحديد نسبة عالية من النمو للدخل الوطني تسمح بمضاعفته خلال 5ـ7
سنوات " ولا نعلم هل هذا سينّفذ بمرسوم جمهوري صادر في الجريدة الرسمية0 أم إن
البرجوازية البيروقراطية حليفة الجماهير الشعبية ستتخلى عن جزء من
مدخراتها التي جمعتها من عرق الجبين لرفع الدخل الوطني إلى المستوى المطلوب ؟؟000
"ذلك أن حل أي قضية اجتماعية سياسية مرتبطة كما تقول المسودة بثقة مفرطة
"بمضاعفة الدخل الوطني "0
"ردم الهوة بين مستوى الأجور ومستوى المعيشة خلال نفس الفترة المحددة
أعلاه"0 وتدق المسودة على صدرها مطمئنة البرجوازية البيروقراطية حليفة
الجماهير الشعبية" بأن مضاعفة الأجور عدة مرات سيشكل رافعة حقيقية للإصلاح
الاقتصادي الحقيقي"0 ولا نعلم هل ستصدق البرجوازية البيروقراطية كل هذه الأيمان
المغلظة ,أم أنها ستسمح بذلك0
ــ ثم تربط المسودة على نحو غامض نجاح أي برنامج وطني اقتصادي ـاجتماعي
بتحقيق ديمقراطية لا نعرف من مواصفاتها إلا أنها واسعة ,وأنها أي
الديمقراطية الواسعة " تسمح للجماهير الشعبية بحماية هذا البرنامج بعيدا عن وصاية
أجهزة الدولة التي تحول قسم منها إلى عائق حقيقي أمام التطور اللاحق,وساهم
في نمو الفساد,ووسع دائرة النهب وأبطل العمل بالقوانين ,وأضعف الحركة
السياسية في المجتمع " ولا نعلم كم علبة سبانخ تناول معدوا المسودة قبل أن
يغامروا بالأسطر الثلاثة السابقة, لكننا نعلم بأنها شجاعة الخائف الذي
يبلع معظم كلامه تاركا لحصافة المستمع أن يملأ الفراغات
وختاما أننا إذ نقسوا في نقدنا للمسودة فلئن الوعي الذي كشفت عنه" هو 00
هو00" ممتنع على الأسئلة ,مكتفي بذاته ,لا يطاله الباطل من بين يديه ولا من
خلفه ,وهو مع ذلك وبرغم ذلك لا يتحمل مقدار خردله من مسؤولية إيصال
المنطقة بجماهيرها الشعبية إلى المخنق الراهن!!000