جاسم محمد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 2321 - 2008 / 6 / 23 - 10:33
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
إن إحداث أي تغيرات إقتصادية وإجتماعية ملموسة ، وإرساء أسس آفاق تحولات أكبر ، تقتضي قبل كل شيء الإدراك ، وكذا الإقرار ، بأن هناك طائفة من القوانين الأقتصادية والإجتماعية الموضوعية ، التي تفعل بمعزل عن رغبات السياسسين ، سواء كانوا رومانسيين حالمين اوطغاة مستبدين ، لذا فان الإعتراف بفعل هذه القوانيين ، يجنب المجتمع من مخاطر الركون الى القدرية والتخبط ويضع المخططين الإقتصاديين الإستراتيجيين وكذلك الإداريين أمام ضرورة البحث عن أفضل السبل لتوجيه وتنسيق مسارات التفاعل بين كل النظم الإقتصادية والإجتماعية ، وتنظيم وتوليف عناصر مواردها المادية والبشرية المتاحة في اللحظة التأريخية المحددة من مستوى تطور أي جماعة بشرية ، بشكل يظمن لها تحقيق ألأهداف العامة والأمنيات النهائية للناس وبأقل التضحيات الممكنة، وتعلمنا التجربة الإنسانية الغنية ، بأن شعوبآ كثيرة مرت بنفس الحالة التي نعيشها اليوم ، وإستطاعت تجاوزها بمهارة إختلفت درجات كفائتها بإختلاف مستوى الوعي السياسي للأحزاب والقوى المتصدرة لقيادة المجتمع ، وبمستوى وضوح الرؤى والقدرة على تحديد المسائل الملحة ، وأمكانية الإجابة عليها ، وكذالك إستعدادها لقبول إستحقاقات ونتائج التطور . وبناء على ما سبق وبفحص دقيق لتحليلآت أحزاب الإسلام السياسي وأساليب فهمهم للظواهر الإقتصادية والإجتماعية وتفسيرها ، يتبين لنا إن الهيكل الأديولوجي لهذه الأحزاب ، يقوم على إنكار أهمية تفاعل القوى والمصالح الإقتصادية والإجتماعية وحل تناقضاتها ، بما يفضي إلى إستحقاقات قانونية تتعارض مع قيم ومفاهيم درجت عليها العقيدة السياسية لهذه الأحزاب وقد خلق هذا الأمر بلبلة وتشويش كبيرين بسبب حجم نفوذهم في السلطة – لسؤ الحظ - مما شكل قيدآ كبيرآ على قدرة القوى الديمقراطية الحقيقية في لعب دور أكبر لصياغة دستور يمهد الطريق لإنشاء دولة ديمقراطية حديثة في العراق ، وبإختصار شديد سيبقى الأمر معقدآ هكذا ، ما لم تتسع وتتوطد وحدة القوى الديمقراطية ، وتصعد من كفاحها الوطني لرفع وعي الجماهير الشعبية وشحذ هممها للدفاع عن مصالحها الحيوية في الحياة الحرة الكريمة ، وفي وطن ناجز الإستقلال ، فصل الدين فيه عن الدولة فصلآ كاملآ .
إن إنشغال هذه الأحزاب في تحقيق مصالحها الأنانية الضيقة ، والثراء الفاحش وغير المشروع لقياداتها ، وإنتشار الفساد الإداري ، وإتساع دائرة الفقر وتردي الخدمات العامة ، والفشل في تحريك عجلة الإقتصاد الوطني وتحويل البلآد الى سوق إستهلاكية لموردي البضائع الأجنبية ، قد أسقط عنها شرعية الإدعاء بتمثيل الفقراء والدفاع عن مصالحهم ، وصار من السهل إلحاق الهزيمة بمشروعها السياسي - الممهد للإستبداد والتخلف الإقتصادي والإجتماعي - لإخراج البلاد من هذه الورطة ، التي وقع الفقراء في شراكها ومعهم كل الفئات الإجتماعية الأخرى . لأسباب معروفة للجميع .
#جاسم_محمد_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟