|
الحمى الصفراء Yellow Fever او القيء الاسود(( الحمى التي هزمت نابليون وجيشه .. وديليسبس وقناة بناما ))
هادي ناصر سعيد الباقر
الحوار المتمدن-العدد: 2320 - 2008 / 6 / 22 - 08:26
المحور:
الطب , والعلوم
مقدمات تاريخية سميت بالحمى الصفراء لانها تسبب يرقانا يصبغ الجلد باللون الاصفر بلون الكبريت. وسميت بالقيء الاسود وذلك بسبب امتزاج الدم بالقيء فيسود لون الدم لتفاعله مع حامض الهيدروليك في عصير المعدة. ان هذا المرض قد هدم مدنيات ودول وساعد على انشاء غيرها. هزم جيش نابليون، وسلب الفرنسيين قناة بناما وقضى على حياة علماء. الا ان خطره الان قلّ كثيراً باتباع طرق الوقاية والمكافحة واستعمال اللقاح الوافي. لم يكتب المؤرخون فيها كما كتبوا عن الطاعون او القيفوس على الرغم من ان هذه الحمى لم تكن اقل قسوة على الجنس البشري من هذين المرضين. فقد فتكت الحمى الصفراء بالملايين من الناس في افريقيا والامريكتين، الا ان معظمهم
ممن كانوا يسمونهم بالوطنيين (Natives) او الملونين (Colored) من سكان افريقيا وهنود امريكا. فمنهم لم يهم المؤرخون بتدوين تاريخهم. لقد كتب المؤرخون الذين رافقوا كولومبس في رحلته الثانية الى امريكا: "ان مرضا غريبا اصاب الاسبانيين النازحين كانت تنتابهم الحمى ويصبغ جلدهم حتى يصير بلون الكبريت ثم يموت فيهم دد كبير. ومن احد جزر امريكا الجنوبية حدث ان نزل المكتشف دي لار (De Lare) ومعهم الفان وخمسمائة من الاسبانيين مات منهم الف بحمى تشبه الحمى الصفراء التي اصابت رجال كولمبوس. وكان بهذه الجزيرة مناجم الذهب التي جلبت الاسبان وغيرهم اخذ الموت يحصدهم… ثم وصل هذه الجزيرة الفرنسيون فثار عليهم والمواطنون الاصليون والذين كانت لديهم مناعة ضد الحمى الصفراء، فارسل نابليون للجزيرة بحملة قوامها (25000) جندي لاخماد الثورة فتم اخمادها واسروا زعيم الثورة الزنجي (لؤسانت لوفريثر) الذي مات بالسجن. فاصاب الجنود الفرنسيين الحمى الصفراء وعادوا ولم يبق منهم سوى (3000) ثلاثة الالف مقاتل, فقد فتكت بالباقي الحمى الصفراء . ومرض الحمى الصفراء كان هو السبب في فشل شركة "ديليبس" في فتح قناتي بناما، اذا احتاجت عماله ومهندسيه موجة هائلة من الحمى الصفراء فمات منهم (20000) عشرون الفا عدا عدد كبير من العمال الزنوج لم يدخلوهم في التعداد. وانتهى المشروع بالفشل. واثناء الحرب الامريكية الاسبانية عام 1900 انتشرت الحمى الصفراء في فرقة امريكية عسكرية في كوبا. فارسلت الحكومة الامريكية بعثة طبية عسكرية مكونة من: الدكتور والتر ريد طبيب عسكري- رئيس البعثة الدكتور جيمس كارول طبيب عسكري الدكتور جيمس لازار طبيب عسكري ارسيديس ارجمنثي طبيب عسكري وهو من الكوبيين الذين كانت لديهم مناعة ضد الحمى الصفراء فقاموا: جمعوا بعوض قد امتص مرضى بالحمى الصفراء وتطوع كارول ولازال بتعريض انفسهم بعض هذا البعوض، وبعد بضعة ايام ظهرت الحمى على كارول وكاد يموت ولكنه شفي. ولم تظهر الحمى على لازار، ولكن بعد ايام راى بعوضة تقف على يده وتعضه وبعد ايام ظهرت عليه الحمى وقضى نحبه. وتم تخليد اسمه بان اطلق على مبنى صغير "كامب لازار". ثم اجريت التجربة على متطوعين من الجنود هما: كسنجر وموزان… فاصيب اولا كسنجر وتم شفاءه وبعد اصيب موران وشفي ايضا فلم يبق شيء لدى البعثة بان البعوض المسمى "ايدس اجبثاني" هو وحده المسؤول عن نقل الحمى الصفراء. واتضح بعد ذلك ان هناك نوعاً اخر من هذه البعوض قد ينقل الحمى الصفراء خارج المدن في الريف والغابات ويعمل نوع من القردة يعيش في الغابات كضيف وسطي، وربما كان هو الاصل في تاريخ الحمى الصفراء. ونفس البعثة قامت باجراء تجارب كثيرة اثبتت ان التعرض للتلوث بفضلات وقيء وتلامس المرضى لا ينقل المرض. وقد واجهت الامريكيين الشركة التي كانت تقوم بفتح وحفر قناة بناما واجهتهم مشكلة الحمى الصفراء حوالي سنة 1912 في عهد الرئيس الامريكي "ثيودور روزفلت" فارسلت الحكومة الامريكية بعثة صحية ضئيلة قوامها: طبيب شاب يدعى "وليم جورجاس" وعدد قليل من المساعدين. وكان يعتقد ان سبب الحمى الصفراء هو القاذورات فاقنعه الدكتور "فنلي" بعلاقة البعوض بالمرض. فاقتنع بعد ان اطلع على اخبار بعثة "والتر ريد". فحمل "وليم جورجاس" حملة شعواء على البعوض ولم يدع طريقة من طرق ابداته الا واستعلمها: فردم البرك وصب البترول على اسطح الماء الراكد وغطى النوافذ والابواب بالسلك المانع للبعوض… الخ. واتضح له ان هذا البعوض يتوالد في اقل كمية من الماء (في الاواني الصغيرة، وفي الحفر التي تتركها حوافر الحيوانات) فكافح البعوض في كل مكان. ولم يقتنع رؤساءه بالشركة ولا حكام (بناما) بما يدعيه ويقوم به "وليم جورجاس" فحاربوه وكادوا له وسخر منه الاطباء في الشركة والمنطقة. وكان على وشك ان يتم نقلهلولا ان ايدته "الجمعية الطبية الامريكية" فسانده رئيس الولايات المتحدة الامريكية ودعمهن وخصص له المبالغ الكافية لانجاز عمله فانقرض البعوض وانقرضت الحمى الصفراء، فتم انجاز شق قناة (بناما) وانتهى العمل فيها سنة 1914 وافتتحت رسميا سنة 1915 وعين وليم جورجاس مدير للقسم الطبي في الجيش الامريكي حتى توفى في لندن سنة 1920 بعد ان زاره الملك جورج الخاس وانعم عليه بنيشان سان ميشيل وسان جورج. قصة الحامل الناقل للحمى الصفراء كانوا ينسبون سبب هذه الحمى الى القاذورات، وهو زعم قديم، كان الناس يلجاون اليه في تعليل الامراض الوبائية. والحمى الصفراء كانت تصيب الاحياء الغنية والفقيرة على حد سواء وهذا اسقط وفند نظرية القاذورات سبب هذه الحمى. ثم زعم احد مشاهير اطباء امريكا في حين ان سبب المرض هو تناول البن التالف. بعد ذلك اعلن طبيب امريكي يدعى: نوت (Nott) انه يرجح ان هناك ان هناك علاقة كبيرة بين البعوض والحمى الصفراء وربما كان هو الناقل لها. ومن سنة 1880 كتب طبيب من كوبا يدعى (كارلوس فنلي) يقول انه يعتقد ان الحمى الصفراء تنتقل بواسطة البعوض، وقد اجرى بعض التجارب لاثبات نظريته ولكنها لم تكن تجارب مقنعة، أذ لاحظ ان هذه الحمى قليلة الانتشار أو تكاد تكون معدومة في الجو البارد في الجهات المرتفعة وهو ما يتفق مع عادات البعوض الذي يكثر انتشاره في الصيف ولا يصل غالباً الى الجهات المرتفعة، ولاحظ كذلك ان المرض لا ينتقل من المريض الى السليم بالطريقة المباشرة، وذكر نوعاً معيناً من البعوض كان يعرف بأسم (كيولكس فاثجانس)وهو الذي يعرف الآن باسم (ايدس اجبتا) ونشر أراه هذه في (مجلة العلوم الطبية الامريكية) ولكن الناس لم يلتفتوا اليه، لان حل اهتمامهم كان موجها الى اكتشافات مدرسة (باستور) ومدرسة (كوخ). 4- ثم جاءت بقية (والترريد) المنوه عنها سابقاً. 5- ثم جاءت ذلك بقية (جور جاس) لتضع اليقين بأن سبب انتقال الحمى الصفراء هو (بعوض الايدس أجبتا). قصة العامل المسبب للحمى الصفراء: تعددت المزاعم والاكتشافات حول العامل المسبب للحمى الصفراء وقد تلبث بطلانها ومنها ما وصفه أخيراً: البحاثة الياباني المشهور (نجوشي) ادعى بان العامل المسبب هو مكروب من النوع الحلزوني المنتمي لفصيلة كروب الزهري واطلق عليه أسم: (ليثو سييرا أيكثرويدس) ونظراص لمركز (نجوشي) العلمي فقد آمن به العالم الطبي ووافقه على الفور موافقة عمياء سدت الابواب على البحوث الاخرى التي اكتشفت خطا (نجوشي) فلم يسمعهم احد واستمر العالم الطبي واساتذته يؤمنون ويكتبون ويدرسون ما جاء به (نجوشي) دون تحفظ الى أن جاء باحثان هما (ثبلار وسلاروس) تردد الناشر بنشر رسالتهم وبعد ان اقنعاه نشراها، فبينوا أنهم لم يعثروا على جرثومة (نجوشي) وكانت هذه الرسالة فاتحة وابل من الرسائل الباحثين تشجعوا وذكروا فيها فشلهم في العثور على جرثومة (نجوشي)، ولعل غيرهم من الكثيرين ممن لم يلاحظوا ذلك منذ زمن بعيد الا أن الشجاعة كانت تعوزهم وتنقصهم الثقة بالنفس وبسبب موقف الراي العام العلمي المؤيد الى (نجوشي) الذي وقف حائلاً يمنعهم من حرية الراي. واخيراص ثم البرهنة بالدليل القاطع على أن هذه الحمى تسببها جرثومة من الجراثيم الضئيلة الحجم لا يزيد حجمها 1/50000 من الملمتر ولا ترى بالمكرسكوب العادي وتمر من ثقوب ادق المرشحات، لذلك سميت 0بالمرشحات) (VIRUS). قصة المصل الواقي واكتشافه: على ما يبدو ليس هناك لحد الان من علاج شافي من المرض، ولكن الوقاية من هذا المرض اصبح ممكنا وهي تتكون من شقين: اهم عامل هو القضاء على العامل الناقل وهو البعوض ومكافحته. التحصين ضد المرض باللقاح الواقي لأكتساب المناعة ومقاومة المرض.
أ- ان أول من فكر في التطعيم ضد الحمى الصفراء هو الطبيب الكوبي الذي ذكرناه سابقاً (الدكترو فنلي) فكر في التطعيم بواسطة البعوض المعدية ولكنه فشل كما فشلت بنفس الوقت البعثة الامريكية بنفس الطرق. ب- بعد ذلك ببضعة سنين اكتشف: ستوكس (STOKES) ان القردة من نوع 0ماكاكوس ريزوس) قابلة للأصابة بهذه الحمى فأقترح (هندل) وهو أستاذ للبايولوجيا كان في مصر وغادرها الى غرب أفريقيا للبحث عن الحمى الصفراء) اقترح تحضير اللقاح من كبد وطحال قرد حقن بفيروس المرض ونفذ هذا الاقتراح مع تعديل بسيط عام 1932، اذ حضر (سوير) SAWYER لقاحاً على هذا الاساس اضيف مصل الناقهين من الحمى الصفراء لتخفيض ضراوة الجرثومة الا انها تضح أنه لا يخلو من الخطر. ج- اكتشف (تيلر) THEILER ان الفار الصغير قابل للعدوى على شرط ان يحقن في المخ مباشرة، وادى هذا الاكتشاف الى تحضير لقاح آخر من فيروس مرر عدة مرات في الفيران كما أشرنا حتى خفف ضراوته الى حد كبير، واضيف له مصل الناقهين واستعمل لفترة طويلة واتضح بعد ذلك ان المصل المضاد نفسه قد يسبب العدوى بمرض آخر هو (التهاب الكبد المعدي) د- والان امكن تحضير اللقاح من فايروس مرر في المزارع الصناعية فوق المائة والخمسين مرة حتى خفف ضرواته.
#هادي_ناصر_سعيد_الباقر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأمراض الإنتقالية ( الوبائية والمتوطنة ) Endemics & Epidemi
...
-
النظام الداخلي لمنظمة المتطوعين الإنسانييه للسلام الأخضر ونظ
...
-
اولا-: تداول الاسلحه والمساعده الانسانيه والقانون الدولي الا
...
-
الأمراض الإنتقالية ( الوبائية والمتوطنة )Communicable diseas
...
-
هل نحن مقبلون على كارثه بيئيه ؟؟ !! (( بحث منشور سنة 2004 في
...
-
صوره من صور ظلم الشيعه في العراق .. وصور من ادب الاحتجاج وال
...
-
هذه صوره من صور معاناتنا في العهد الدكتاتوري المنقرض والاسلو
...
-
حرية الاختيار للمرأه والاجهاض
-
فلسفة الديمقراطيه ____ والحملات الانتخابيه
-
مبادىء اوليه عن الاسعاف الاولي (من كتاب للمؤلف )
-
علماء (الاوفيز) ومنظمات ( الاوفيز )
-
المؤشرات التي توضح معالم الطريق للعمل البيئي
-
حمى الوادي المتصدع Rift Vally fever
-
Mal aria الملاريا والهواء الفاسد
-
حرمان المرأه من حقها في الاختيار---- ينتج جيلا- مشوها- عنيفا
...
-
{البيئه ----- والعنف -----والبيئه الاجتماعيه
-
حقوق الانسان --- هل وجدنا الطريق اليها
-
انّا لله واليه ترجع الامور ........... صرخة مهجّ ر
-
البيئه و التنميه
-
بيان عن التوجهات البيئيه والحملات الموصى القيام بها والموزع
...
المزيد.....
-
الأعراض الأولى لسرطان القصبة الهوائية والوقاية منه
-
أطعمة ومشروبات تجنبها عند تناول المضادات الحيوية
-
الضغوط تتزايد على عمالقة التكنولوجيا.. ماذا يعني قانون الأسو
...
-
الحكومة الأميركية تطلب من القضاء إجبار غوغل على بيع -كروم-
-
” سجل الآن من هنا “.. التسجيل في مسابقة الشبه الطبي في الجزا
...
-
مخدر الاغتصاب GHB .. مراحل تأثيره السلبى على الجسم وكيف يحدث
...
-
وكالة الفضاء الأوروبية تمول شركات صناعات الفضاء الخاصة بملاي
...
-
نوع من الفطر قد يبطئ نمو الورم السرطاني ويطيل العمر
-
للمرة الأولى.. اصطفاف مجرتين بشكل مثالي يساعد على رؤية الكون
...
-
أوبئة عادت لتهدد العالم فى 2024.. فيديوجراف
المزيد.....
-
هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟
/ جواد بشارة
-
المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
-
-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط
...
/ هيثم الفقى
-
بعض الحقائق العلمية الحديثة
/ جواد بشارة
-
هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟
/ مصعب قاسم عزاوي
-
المادة البيضاء والمرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت
...
/ عاهد جمعة الخطيب
-
المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين
/ عاهد جمعة الخطيب
-
دور المايكروبات في المناعة الذاتية
/ عاهد جمعة الخطيب
المزيد.....
|