|
الاتفاقية العراقية الأمريكية ..وسيكولوجيا الورطه !
قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 2319 - 2008 / 6 / 21 - 09:03
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تعني " الورطة " في قاموس المحيط : الوحل ، والارض التي لاطريق فيها ، والهلكة ، والردعة تقع فيها الغنم فلا تتخلص، وكلّ امر تعسّر النجاة منه . والحال ان الاتفاقية العراقية الامريكية وضعت العراقيين والحكومة وحتى الزمن ، الذي حدد بنهاية تموز ، .. في ورطة . فالكل يعيش الان حالة " قلق اخلاقي " الذي يحصل عندما يهم " الأنا " القيام بفعل مخجل يتعارض مع القيم والاخلاق الاجتماعية . واكثر الذين يعانون منه الآن هي " الحكومة " ، لأن هذا النوع من الفعل " التوقيع على الاتفاقية " يتعدى حدود الخجل الى الخيانة . واظن ان السيد المالكي أكثر من في الحكومة معاناة من هذا القلق ، وأنه قد يرى في احلامه أنه في محكمة ، المتهم فيها " هو " والقاضي فيها " ضميره " . وربما كان السيد " زيباري " الذي سيوقع على الاتفاقية ، يرى في أحلامه ان الناس قد وصموه بــ " العميل " أو " بياع الوطن ". وقد يرى نفسه تطارده كلاب مسعوره ، مع أنه يبدو للناس سيوقّع الاتفاقية بضمير مرتاح ، وأنه يفعلها بيقين من اجل الناس والوطن ، وانه ليس في ورطة . غير أنه قد ينتابه هاجس ان العراقيين سيحشرونه يوم ما مع " الخونه " برغم أنه يرى أنه فعلها من أجلهم ، فيعمل في يقظته على تسفيه هذا الهاجس وطرده من رأسه ، لكن العراقيين ماكرون في تحويل هذا الهاجس الى كابوس يؤرقه في نومه ان فعلها ووقّع الاتفاقية . والعذاب النفسي الأشد ليس الآن ،انما بعد التوقيع على الاتفاقية . فكل من سيوقّع عليها سينتابه نوع آخر من القلق الاخلاقي هو " الشعور بالذنب " الذي يحصل بعد قيام الشخص بفعل مخجل فيؤنبه ضميره ويشعره بالندم والعزلة والاكتئاب . وقد يهون الأمر اذا كان اثر الفعل شخصيا" أو محدودا" فكيف اذا كان الأمر متعلقا" بــ " قضية ناس" و"خيانة وطن !" . والعراقيون ليسوا باحسن حال من الحكومة ، فورطتهم أنهم أمام خيارين كليهما " أكلان وحل" : أمريكا وايران . فالداعون الى رفضها يعيشون حالة صراع "الاحباط ـ الاحباط " فهم ان تخلوا عن أمريكا ابتلعتهم أيران . بل أن الطريق سيكون أكثر وحلا". فلنفترض أن " اوباما " ( أبن أبيه الاسود الذي يصف وجهه بالقير وأبن أمه الشقراء التي يصف وجهها بالقيمر ) فاز بالرئاسة وأمر جنوده في العراق بشدّ الرحال الى أمريكا ، فان ايران ستحتل وسط وجنوب العراق ، وستدخل تركيا الى كركوك لحماية أهلها ( وربما ولاية الموصل ايضا" ! ) وستدخل السعودية الى الانبار لحماية أهلها .. وستكون الدماء "الى الرجّاب " وسيقولون بعدها : كان هناك عراق ! . والداعون الى التوقيع عليها يعيشون صراع " الاقدام ـ الاحجام ". فلكي يبعدوا عنهم شرّ ايران فأنهم يرون في التوقيع على الاتفاقية خيانة وطنية كبرى بل وحتى شرعية أيضا" . فاذا كان التعاون مع المحتل اجازوه وفق مبدأ " الضرورات تبيح المحظورات " ،أو دفع الشرّ بشرّ اهون الى حين انتفاء الشرّين ، فان التوقيع على اتفاقية مع محتل صبر الناس على بقائه خمس سنوات يعني : " بيع الوطن ! " . ثم أن الاتفاقية لا بد ان تكون متضمنة بندا" يقضي بــ " تطبيع العلاقة مع أسرائيل ".. فيا ويل هؤلاء الداعين لها من عار " الفضيحة " الذي سيدمغ به جباههم الفريق الآخر من العراقيين الذين سيقولون لهم : ( نحن العراقيين الذين سبينا اليهود الى بابل وننوي سبيهم ثانية الى بغداد ، نتحول الآن الى سبايا لهم .. يا للعار ! ). وقد يستنجد آخرون بالقول : ( يا صدّاماه ! ) . وقد يعمل السيد " زيباري " الى اقناع الست " رايس " بتأجيل - وليس حذف - بند التطبيع مع أسرائيل بقوله : ان للعراقيين سيكولوجية خاصة و" شرّاح يخلصنا منهم ". وقد تقتنع حضرتها بذلك بعد تذكيره بأن نصف العرب طبّعوا هذه العلاقة علانية ، وربع النصف الآخر مطبعينها " تحت العباءة " ، وربعهم الأخير تركناهم ليكونوا " اسفنجه " يمتصون بها ما تبّقى من وطنية الشارع العربي والكشف عن " الاسلاميين" . وستكون هذه الورطة سببا جديدا" للفتنه بين العراقيين . فبعضهم سيمارس سيكولوجية التبرير بقولهم : ( هو العراق انباع وراح ، عليش حارقين قلوبنا ) . والذين انهكتهم المصائب سيمارسون سيكولوجية " البحث عن الخلاص " بقولهم : ( اذا كانت الاتفاقية ستفرجها علينا ، فلنبصم بالعشرة وطز بالوطن ) . وآخرون سيمارسون السيكولوجية القدرية بقولهم : ( لا تدوخون ، ما راح يكون مصير هل الاتفاقية احسن من مصير معاهدة بورتسموث 948 مع بريطانيا اللي اسقطها العراقيون بعد عشر سنين بالرغم من أنها كانت عظمى ) . وآخرون سيمارسون سيكولوجية اشعار الآخر بالذنب بقولهم : ( صمتوا وتاليها فطرتوا على لحم خنزير ) و ( هيه هاي الوطنية ، توطون روسكم يالعراقيين لامريكا عدوة الشعوب والاسلام اللي حتى الكونغرس الامريكي وصفها بتقريره يوم 11 ـ 6-2008 انها مناقفة .. تدعي الديمقراطية وتمارس الاستبداد ). وسيتبادل العراقيون التهم فيما بينهم ، لعلّ اوجعها ان بينهم من سيمارس سيكولوجية الاسقاط " رمي الذنوب على الآخر" بقولهم : ( كلها من ورا الاكراد .. هم الرادوها للاتفاقية وهم اللي راح يورطون العراقيين بيها ) . وسيردّ عليهم آخرون بالقول : ( وليش السنّة براء منها ، لو الشيعة اديهم بيضه منها ، اللي ما صدقوا امريكا مدت ايدها الهم .. ركضوا عليها وباسوها .. وفوقها مراجعهم يقولون عنها نجسه ! ). انها ورطة و ( مطينة بوحل ).. وستتطين أكثر بعد التوقيع المؤكد عليها . والمضحك ان الورطة تعني في قاموس المحيط " الأست " . والتساؤل الأكثر اضحاكا" : ترى في " أست " من ستكون هذه الورطة ؟ ! .
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحو بناء نظرية في الابداع وتذوق الجمال في العالم العربي (الح
...
-
في سيكولوجيا الدين والتعصب
-
دروس من 9 ابريل / 4- العراقيون ..وسيكولوجيا الانتخابات
-
دروس من 9 أبريل 3- تبادل الأدوار بين السنّة والشيعة
-
دروس من 9 أبريل- تحليل سيكوسوسيولوجي
-
دروس من 9 أبريل / 1- سيكولوجية الاحتماء
-
الكراهية والتعصب ..واذكاء الشعور بالمواطنة /مدخل لثقافة المص
...
-
الكراهية والتعصب..واذكاء الشعور بالمواطنة(مدخل لثقافة المصال
...
-
الكراهية والتعصب..واذكاء الشعور بالمواطنة (مدخل لثقافة المصا
...
-
الكراهية والتعصب ..واذكاء الشعور بالمواطنة (مدخل لثقافة المص
...
-
دور وزارة التعليم العالي ....
-
مؤتمر الخدمات النفسية والرعاية الأساسية عقب الكوارث ، الرؤى
...
-
حوار مع فرويد - 5
-
حوار مع فرويد -4
-
حوار مع فرويد -3
-
حوار مع فرويد - 2
-
حوار مع فرويد
-
ماركس ولينين ام فهد وسلام ؟!
-
بعض الأمراض النفسية في قوى اليسار العراقي
-
البديل المنقذ لعراق مدني ديمقراطي ..وساطة لتوحيد قوى اليسار
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|