المجلس الاستشاري لحقوق الانسان والصحافة المستقلة :

عزيز العرباوي

الحوار المتمدن-العدد: 2318 - 2008 / 6 / 20 - 11:01
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

من غير الحكمة أن يقدم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان على رفع دعوى قضائية ضد جريدة " الجريدة الأولى " جراء نشرها لوثائق حصلت عليها من مصادرها الخاصة تخص المجلس الاستشاري تضم شهادات لكبار الشخصيات السياسية حول ما جرى في ماضي الانتهاكات لحقوق الإنسان والتجاوزات الخطيرة التي ذهب ضحيتها الكثير من الضحايا من شهداء ومجهولي المصير وسجناء ومعذبين ووو ..... إنه لمن العيب أن نرى مجلسا دوره يتجلى في الدفاع عن حقوق الإنسان وتسجيل تجاوزات الدولة والسلطة المغربية في حق المغاربة يذهب مذهبا آخر غير المذهب الذي رُسم له .

ولذلك فالواجب في المجلس أن يطلع الرأي العام والشعب المغربي كله على فحوى الشهادات التي لم يتمكن من متابعتها أيام إذاعتها على شاشة " الإتم " التي لا يشاهدها أحد . فالصحافة المستقلة في المغرب هي الوحيدة التي يمكن من خلالها للمغاربة الاطلاع على هذه الشهادات وهذه الحقائق . وبالتالي لا يمكن للمجلس أن يتابع " الجريدة الأولى " لمجرد أنها حصلت عليها من مصادر أخرى غير المجلس بذاته .

فالدعوى القضائية التي رفعها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ضد الجريدة والتي بررها بأن نشرت وثائق مؤسسة عمومية دون أخذ رأيها بحكم أن هذه الوثائق تخص الشعب المغربي ، هو كلام حق يراد به باطل ، فإذا كان بالفعل هذا هو الحال فيما يخص هذه الوثائق والشهادات فمن الذي منع المجلس من قبل أن يقوم على تعميمه على وسائل الإعلام المغربية بكل أطيافها ؟ . إن هذا التبرير واهٍ وسيبقى كذلك مادام هذا المجلس يتعامل مع الصحافة المستقلة بهذه الطريقة ويجاريها في شخص رئيسه السيد أحمد حرزني الذي تجند منذ شهور لهذا الأمر دون وجه حق .

يصعب علينا اليوم أن نثق في هذا المجلس الذي بدأ يبتعد عن الشعب المغربي ويتعايش مع مشاكله وقضاياه . فلم نسمع له راياً فيما يخص حمى زيادة الأسعار التي تقضي على الإنسان المغربي البسيط الذي يبكي حسرة على عدم تحقيق متطلباته ومتطلبات أسرته ، ولم نسمع له رداً على ما وقع بصفرو التي ذهب ضحيتها أشخاص زجت بهم الدولة في السجن ، ولم نسمع له رأياً أخيراً فيما وقع ويقع بسيدي إفني التي بدأت تفقد نعمة الأمن والاستقرار . يفلح فقط في مقاضاة الجرائد المستقلة وانتقادها والتقليل من قيمة صحافييها الكبار . فهل يريد بهذه الخطوة التغطية على فشله في انتقاد الدولة المغربية من خلال تجاوزاتها الواضحة في حق الشعب المغربي مقابل متابعة الجرائد المستقلة وانتقادها ؟ .

إن معركة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ورئيسه السيد أحمد حرزني تتجلى في فضح تجاوزات السلطة الحكومية والمخزنية المغربية في حق أفراد الشعب المغربي ، وإن معركته تتجلى في الدفاع عن حقوق هذا الشعب الذي يعاني من غلاء الأسعار والبطالة والفقر والتخلف والهراوة أمام المؤسسات العمومية وسرقة ماله العام والإفلات من العقاب . هذه هي معركة هذا المجلس وليست شيئا آخر .

إن الشهادات التي نشرتها " الجريدة الأولى " والوثائق التي لم تحصل عليها وهي في ملك هذا المجلس من حق الشعب المغربي الاطلاع عليها ومعرفة محتواها لأنه هو الذي عانى وهو الذي ذاق العذابات والويلات على يد المخزن الذي يريد أن يغطي عن هذه الانتهاكات ونسيانها إلى الأبد ، ونتخوف هنا أن يُستعمَل المجلس المذكور في هذا الأمر وهو يضم في تركيبته مناضلين وحقوقيين لهم باع طويل في العمل الحقوقي والسياسي وسبق لهم أن كانوا من الذين انتهكت حقوقهم وسجنوا وعذبوا ... فالأولى أن يتراجع المجلس عن هذه الدعوى ويعمم هذه الشهادات والوثائق على وسائل الإعلام المغربية دون مركب نقص أو ما شابه .

نأسف كثيرا عن ما آل إليه هذا المجلس الموقر الذي أضيف إلى جوقة المجلس الأعلى للتعليم وإلى البرلمان المغربي بغرفتيه وإلى بعض المؤسسات العمومية الأخرى التي تركت واجباتها وانضمت إلى منظمة انتقاد الصحافة المستقلة ومواجهتها قضائياً . نأسف لأننا كنا نروم الخير فيها وفي شخصياتها ولكننا كنا في ذلك الزمن واهمون ....

#عزيز_العرباوي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات