قلنا يوما ان المرحلة الحالية هي مرحلة( الضحك على الذقون) لأن هذه السرية في العمل في مؤسسة الحكم، وهذه الحوارات التي تدور في الغرف المغلقة، وهذه القرارات التي تخرج من الظل والعتمة والظلام دون ان يعرف الناس كيف وما هو السبب على طريقة قرارات المنظمات السرية، هذه السرية غير الشرعية ستخرج يوما إلى الشارع على شكل أزمة عاصفة لا يعرف حتى الخبير بحركة النجوم والتاريخ والأيام نتائجها المروعة.
وقلنا يومها أن جميع قوى الحكم تحشد نفسها، عسكريا، لمواجهات قادمة، في مناخ يبدو الآن هادئا ومستقرا.يومها عتب علينا أكثر من كاتب صديق بأننا نتحسب كثيرا، ونوغل في الحذر كثيرا، ونستبق كثيرا الأحداث. وبالطبع ان ما ذكره هؤلاء الاصدقاء على أنه خطأ هو جوهر الفكر السياسي العلمي في كونه حذرا مستمرا في الأزمات، وتحسبا في وقت العواصف، واستباقا للأحداث كي لا تقع ونحن في غرف النوم.
تلك السرية في العمل من قبل مؤسسة الحكم وتلك القرارات التي تخرج من حوارات العتمة، كانت ولا تزال خطأ فادحا سيقود إلى كوارث ما لم يعالج بحكمة وشجاعة ووعي.
كان يجب على مؤسسة الحكم أن تضع حواراتها أو ملخصات عنها ( إذا كانت تخاف من العلنية ومن مناقشات متلفزة) أمام الناس يوما بيوم وساعة بساعة، وبهذا السلوك والتمرين ستقوم ليس فقط بعملية سياسية تربوية على الديمقراطية، بل وتعلم الناس أيضا على قواعد واصول شرعية الاختلاف داخل مؤسسة سياسية حاكمة.
إن الشعب العراقي ليس قاصرا على ممارسة الديمقراطية وليس طفلا سياسيا يمارس السياسة لأول مرة ولا نريد العودة إلى ما قبل التاريخ حين كانت ممالك سومر وبابل وأكد تضع قوانين ودساتير الحكم وشروطه وعقوباته، وقبل فترة رأيت مندهشا على شاشة التلفزة الفرنسية برنامجا مصورا وثائقيا علميا عن مدينة( أور) التاريخية وكيف ان أول نظام للضمان الاجتماعي قد تأسس في هذه المدينة قبل 5 الاف سنة حيث تحصل الأرامل واليتامى وكبار السن والمعوزين والأطفال على مقادير محددة في نص مكتوب من الرز والطحين والدهن الخ.!
إن سياسة الغرف المغلقة التي تدار عن طريق الأشباح ستقود إلى كوارث وخيمة بل هي قادت منذ ايام إلى خروج الجماهير إلى الشوارع ولقاءات الشوارع بعد أن ملت وسئمت من نقاشات غرف الظلام التي لا تنتج غير الغموض والسؤال المتناسل.
والبديل، في هذا الهامش الضيق والصعب و الخطير من الوقت وقبل ان تفلت الامور نهائيا،هو العودة إلى العلنية فورا، بل نقل بعض الجلسات على شاشة التلفزة في سلوك متحضر يحترم كرامة الناس ويشعرها بأن مستقبلها آمن.
بدون ذلك سيكون خيار الجماهير هو النزول إلى الشوارع بكل ما يعنيه ذلك من علامات عاصفة ومنذرة بخطر كخاتمة منطقية لديمقراطية الغرف المغلقة وجلسات المنظمات السرية!