|
العقوبات إصلاح وتهذيب وليست وحشية واستلاب أرواحالمنامة
مصطفى حقي
الحوار المتمدن-العدد: 2319 - 2008 / 6 / 21 - 08:23
المحور:
الغاء عقوبة الاعدام
استضاف موقع آفاق ضمن سلسلة الحوارات التي تهدف إلى الإصلاح والتنوير داخل المجتمعات العربية القاضي والمستشار القانوني السوري مصطفى حقي والذي شكك في جدوى استخدام عقوبة الإعدام كرادع لمنع الجريمة، وان هناك تفريط من قبل القانون في إصدار مثل هذه الأحكامكما شبه حقي آلية تنفيذ أحكام الإعدام في دولنا العربية من خلال قطع الرؤوس والرجم بأنها مناظر سادية يمكن أن تنمي عند المنحرفين الجريمة وسفك الدماء.وتطرق إلى إقرار الولايات المتحدة الأمريكية لقوانين الإعدام برغم من أنها دولة متحضرة ورجح ذلك إلى أن الشعب الأمريكي نفسه لم يصل بعد إلى مستوى درجة التحضر التي وصلت إليها الشعوب الأوربية و التي ساهمت في إلغاء تلك العقوبة ، كما أكد إلى ضرورة احترام آدمية الإنسان قبل إصدار مثل هكذا أحكام، لان المجرم نفسه قد يكون ضحية لعدم عدالة المجتمع.وقال إن القوانين والنظم التشريعية هي انعكاس لثقافة تلك الشعوب وان العقوبات التي تتسم بظاهرة الانتقام والتشفي العلني الصاخب ورؤية الرؤوس المقطوعة والدم المتناثر هي أقرب إلى طبيعة الغاب.وفيما يلي نص الحوار:آفاق: بعض المدافعين عن عمليات الإعدام يبررون دعمهم للإعدام على أنه عقوبة رادعة للمجرم، فهل تؤيد هذه المبررات؟؟؟؟حقي: العقوبة الرادعة بحد ذاتها غير رادعة ولو كانت كذلك لتوقفت جرائم القتل بعد أول عملية انتقام في التاريخ للقتيل عن طريق إعدام المجرم والسؤال الذي يطرح نفسه، هل توقفت الجرائم في الدول التي تقطع الرؤوس أم انتهت في الدول التي تعدم رمياً بالرصاص أو تشنق بالحبال أو تصعق كهربائياً والإجابة حتماً ستكون بالنفي، ومما تقدم فكل المبررات التي يسوقها أنصار الإعدام في غير محلها الرادع. آفاق: هناك إفراط في الأحكام الجنائية في دولنا العربية فهل يعود ذلك إلى أنظمة المحاكم في الدول أم إلى ماذا؟؟؟حقي: أن قوانين العقوبات في معظم الدول العربية تنص على عقوبة الإعدام في جرائم معينة متى ثبت ارتكاب الجاني لتلك الجريمة وبالأخص في جرائم القتل العمد وان الأحكام الصادرة بالإعدام يطعن فيها إلى محكمة النقض التي تصدق الحكم أو تنقضه إذا كانت هناك أسباب قانونية توجب النقض، وبعد أن يصبح الحكم مبرماً لا بد من مصادقة رئيس الجمهورية عليها قبل التنفيذ .. والحال عليه لا تفريط في الأحكام ولكن التفريط هو في القانون وليس في القاضي المحكوم بتنفيذ القانون... آفاق: ما هو رأيك في الأساليب التي تتبعها الدول العربية والإسلامية في تنفيذ أحكام الإعدام بقطع الرأس بمرأى من الناس أو بالدفن والرجم؟؟؟ حقي: ان التقدم والحضارة يشمل كامل مفاصل الحياة في الثواب وفي العقاب وان تطور المدنية واندثار قانون الغاب حتمية عصرية إنسانية .. فالإنسان دفع الثمن غالياً حتى ارتقى بنوازعه الشريرة وشذبها إلى خير الإنسان وسعادته معتبراً الدوافع الانتقامية تقود إلى الوحشية والتخلف وبالتالي فإن مناظر الإعدام المقرفة شنقاً أو قطع الرأس أو الرجم بالدفن هي مناظر مؤذية للمشاعر الإنسانية وبعيدة عنها بل هي مناظر سادية يمكن أن تنمي عند المنحرفين الجريمة وسفك الدماء ..آفاق: هناك معاهدات دولية تطالب بوقف عقوبة الإعدام، إلا أن هناك دول غربية متحضرة وديمقراطية ما زالت تنفذ أحكام بالإعدام، لماذا ؟؟؟ حقي: مع الأسف وبرغم إقرار دول كثيرة أوربية بوقف عقوبة الإعدام فإن هناك دولاً تدعي أنها حضارية مازالت تنفذ أحكام الإعدام مثل الولايات المتحدة الأمريكية .. أعتقد أن الرأي العام الجماهيري أو الشعبي بأغلبيته لم يساهم في إبدال وإلغاء عقوبة الإعدام والمرجح أن تلك الشعوب لم تصل بعد إلى مستوى الشعوب الأوربية التي ساهمت في إلغاء تلك العقوبة الكريهة والتي لا تتواكب مع رقي الحضارة البشرية.آفاق: أتعتقد أن تنفيذ أحكام بالإعدام على الأشخاص فيه انتهاك لآدميته وإنسانيته؟؟حقي: خلق الإنسان بريئاً ومثقلاً بما هو مكتوب عليه وفق تعاليم السماء ويهدي من يشاء والإنسان مسيّر وليس مخير، وإن قال كن فيكون .. وقد يولد مريضاً في عقله وارتفاع في ضغط دمه يدفعه إلى السلوك الإجرامي ووفق المبادئ الآنفة الذكر فلا ذنب على المجرم لأنه مكتوب عليه ولا خيار لديه ... وفي المجتمع المدني الذي ينشأ فيه، هل هو مجتمع عادل ويعيش في كنف حكومة عادلة والمساواة تعم مواطنيه ، أم أن هناك أغنياء مترفين وفقراء معدمين مما يولد لدى الفقراء الدافع لارتكاب الجرائم .. هنا المجتمع يكون مسؤولاً عن جنوح مواطنيه بسبب عدم توزيع العدالة ... وهناك أيضاً ظروف خاصة لكل جريمة قد تدفع الجاني قسراً إلى ارتكاب جريمته ... في كل الأحوال هذا المجرم إنسان ويجب أن يعامل كإنسان حتى في طريقة معاقبته ...آفاق: هل تؤيد تنفيذ أحكام الإعدام في بعض الجرائم التي تشكل خطر كبير على المجتمع؟؟؟ حقي: سبق وأن أوردنا أن المجتمع يتحمل قدراً كبيراً من المسؤولية عند ارتكاب المجرم جريمة تهز المجتمع ولذات السبب لا أؤيد تنفيذ حكم الإعدام بل إبداله بحكم آخر .. مثلاً السجن المؤبد ... وبالمناسبة أسوق جزء من مقالي (عقوبة الإعدام عدالة متخلفة قبلية) نشرت في الحوار 642007 : القوانين والنظم التشريعية هي انعكاس لثقافة تلك الشعوب بالأخص العقوبات منها والتي تتسم بظاهرة الانتقام والتشفي العلني الصاخب ورؤية الرؤوس المقطوعة والدم المتناثر وخلجات أجساد المعلقين بالحبال وأنّات وصراخ المحروقين وتوسلات المصلوبين التي تريح تلك الجماهير المحتشدة نفسياً وتشعر بلذة الانتقام الوحشي والذي هو أقرب إلى طبيعة الغاب، فلا انتصار ولا عدالة إذا لم تتلطخ الشفاه بالدم القرمزي وتتلوى الضحية ألم الافتراس. وهاهي الجماهير الفرنسية تخرج عن بكرة أبيها تحيط بالمقصلة وهي تأز هابطة وتفصل الرؤوس عن أجسادها تحت هتاف وغبطة تلك الجماهير وأيضاً يحيطون بأجساد حيّة مشدودة بحبال على أعمدة وفجأة تلتهب النيران من حول تلك الأجساد التي يعلو صراخها والمتفرجين في غاية السعادة.وهاهو قائد الجند يأمر بسبي نساء وأطفال المدينة وذبح رجالها وحصر الناس في الجوامع والكنائس وحرقهم أحياء ومسلسل دموي عبر القرون الوسطى والحروب الصليبية ومذبحة القدس وقبلها الغزو الإسلامي ومذبحة بني قريظة. وفي العصور الحديثة مذابح الحربين الكونيتين التي قضت على أكثر من خمسين مليون ضحية، ومذبحة مدينتي هيروشيما ونياكازاكي بالقنبلة الذرية الأمريكية وبالأمس القريب، مذبحة قانا وقبلها دير ياسين ... ومن ثم هاهي دموع صدّام تنهمر وهو يشاهد إعدام رفاقه البعثيين لأنهم خالفوه بالرأي ثم مذابح الأنفال وبعدها الكيماوي واليوم مذبحة إسلامية إسلامية تنفذ يومياً في العراق تنفيذاً لفلسفة العقوبة والعقوبة المضادة، والمشكلة أن القتلة من الطرفين مبشرون بالجنة، وسيكون الآتي أعظم عندما سيتواجهون في الجنة، بالتأكيد سيعلن الخالق النفير العام وستستنفر الملائكة وتعلن أحكام منع التجول وستشكل المحاكم الميدانية تحت ظل قانون الطوارئ، وقد يغضب الإله ويعيدهم جميعاً إلى الأرض حارما إياهم من نعيم الجنان وليتذابحوا حتى يفنوا بعضهم بعضاً ...آفاق: ما هو بتصورك البديل الأفضل والرادع عن عقوبة الإعدام؟؟؟ حقي: عندما يتحرر عقل الإنسان المعاصر من تبعية الغيبيات ويتحول إلى فكر ديناميكي متحول يبحث في طيّات المجهول عن أسرار علمية فيه سعادة وإسعاد الإنسان وتغلبه على صعوبات طبيعية وصحية وان الإنسان هو أخ للإنسان في كل زمان ومكان ويتقاسمون الشعور ذاته ألماً وفرحاً يضحكون ويبكون وان مصيرهم في النتيجة واحد وأنهم جميعاً مستهدفون من غدر وأخطار الطبيعة المحيطة بهم، وان العقل لم يخلق ليكبل بل لينطلق وان العالم برمته قرية صغيرة وان الحريّة مسؤولية إنسانية وليست فوضى وأنانية وان العقوبات إصلاح وتهذيب وليست وحشية واستلاب أرواح.. لذلك يجب وضع الحد لأحكام الإعدام الهمجي النتيجة والمغلف بسيادية قَبلية مرضية مقيتة ..آفاق: هل هناك عدالة في الدول العربية والإسلامية في موازاة الجريمة بحكم قضائي عادل وخاصة في إصدار أحكام الإعدام؟؟حقي: القضاة محكومون وليس بإمكانهم تجاوز القانون والتلاعب فيه، لأن رقابة محكمة النقض سوف تنقض قراراتهم هذا في القانون العام ولكن المشكلة هنا في القوانين الاستثنائية مثل المحاكم الميدانية وقانون الطوارئفالمحكمة الميدانية حكمت على حدث من جرم اغتصاب قاصر بالإعدام ونفذ الحكم لأنه صدر مبرماً وفي القانون العام البالغ الراشد لايعدم في مثل هذه الجريمة بل مصيره السجن ..والعقوبة ترتبط بثقافة الشعوب وعصرنتها وارتباطها بالمفهوم الإنساني وابتعادها عن مفهوم القبلية والولاء والبراء وان الإنسان وفق المفهوم السلبي للمواطنة هو عبد للسلطة وحياته بطاقة مرور مؤقتة يعلن فيها الطاعة العمياء لحكامه ثم ينتقل إلى دار الآخرة حيث الأبدية والجحيم والنعيم ، والحرية كلمة مستوردة ملحدة والديمقراطية تعدٍ على حق الإله في الحكم وانقلاباً عليه .. ؟
#مصطفى_حقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صرعات شبابية ودول مصروعة .. ؟
-
المأساة ... أن النكسة أشد وقعا من الهزيمة ...؟
-
أردوغان في ورطة الحجاب ...؟
-
برلمانيون سلفيون في الكويت تزعجهم حفلة راقصة خاصة ..؟
-
لعبة الحجاب في تركيا .. إلى أين ...؟
-
برلمانيون سلفيون كويتيون تصدمهم رؤية امرأة سافرة .. ولله في
...
-
عالمية العلمانية .....؟
-
مصطفى حقي عقد الزواج بين الاستمتاع والاستخدام ..(2)
-
عقد الزواج بين الاستمتاع والاستخدام ..
-
حقوق المرأة في الكويت تحجبها النساء قبل الرجال..؟ ..
-
نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟
-
العلمانية ..السياسة ..الدين ...؟
-
العقائد بين حرية الاختيار وقسر الإلزام ..
-
ظهورجنّ هوايتهم حرق منازل الدراويش ...؟
-
القتل خنقاً وعلى الشبهة وفقاً للموروث الشرفي..؟
-
عمال العالم الثالث في رقصة الغلاء والتفرقة والعيد ...؟
-
العلمانية للعلمانيين ...؟
-
قطع الرؤوس وبتر الأطرف والإسلام هو الحل ...؟ !
-
وباء الانفجار السكاني المتمركز شرقاً ..؟
-
الحجاب وخرقة القماش المقدسة ..؟
المزيد.....
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال
...
-
البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن
...
-
اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
-
البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا
...
-
جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا
...
-
عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س
...
-
حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة
المزيد.....
-
نحو – إعدام! - عقوبة الإعدام
/ رزكار عقراوي
-
حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب ورغبة الدولة المغربية
...
/ محمد الحنفي
-
الإعدام جريمة باسم العدالة
/ عصام سباط
-
عقوبة الإعدام في التشريع (التجربة الأردنية)
/ محمد الطراونة
-
عقوبة الإعدام بين الإبقاء و الإلغاء وفقاً لأحكام القانون الد
...
/ أيمن سلامة
-
عقوبة الإعدام والحق في الحياة
/ أيمن عقيل
-
عقوبة الإعدام في الجزائر: الواقع وإستراتيجية الإلغاء -دراسة
...
/ زبير فاضل
-
عقوبة الإعدام في تونس (بين الإبقاء والإلغاء)
/ رابح الخرايفي
المزيد.....
|