دعت مؤخرا جماعة العدل والإحسان إلالإسلام،ني شامل بمشاركة مختلف الفاعلين السياسيين بالمغرب، وذلك من أجل وضع ميثاق جامع يعيد الثقة ويوحد الجهود، وهذا دون التنصيص على قاعدة الإسلام كمنطلق كما كان في السابق وكشرط لقبول الحوار.
إلا أن الجماعة لازالت تعتبر الحرب على الإرهاب حربا على الإسلام ، باعتبار أن الشعوب الإسلامية هي المستهدفة وهي التي تكتوي بنارها، وباعتبار أن شعارات حقوق الإنسان والديمقراطية ما هي إلا أقنعة لإخفاء جرائم الحق الصليبي.
ومن المعلوم أن جماعة العدل والإحسان منظمة تنظيما محكما، ولعل أهم هيئة تنظيمية ضمن الهرم هو المجلس القطري للدائرة السياسية هذا المجلس الذي يعتبر حاليا أن الاستعمار عاد من جديد في شكل سيطرة وهيمنة أمريكية على جملة من الدول الإسلامية في وقت ما يزال فيه الاحتلال الصهيوني جاثما على فلسطين. كما أن اللوبيات الصهيونية واليهودية عبر العالم ازداد ضغطها بشكل واضح في الآونة الأخيرة. أما على الصعيد المحلي فيعتبر المجلس القطري أن الأوضاع مازالت على حالها وأن الكساد الاقتصادي توسع نطاقه والتفسخ الاجتماعي استشرى بشكل لم يسبق له مثيل ، وهذا في ظل انتشار الفقر والبطالة .
كما أن الجماعة مازالت تعتبر أن الممارسات المخزنية والانتهاكات الحقوقية والمالقصد،الصورية لأعضائها وقيادييها هي السمة البارزة في تعامل السلطة معها، لاسيما بعد أحداث 16 مايو 2003 بالدار البيضاء. ومهما يكن من أمر فجماعة العدل والإحسان تقر بصحة فهم الثوابت الإسلامية وحسن القصد ، وهذا في نظرها هو شرط الاستمرارية اعتمادا على التربية المستمدة من محك البلاء والابتلاء .
وهذا النهج يتم تصريفه تحت إشراف الدائرة السياالسياسية، العدل والإحسان، وهي جهاز من أجهزة الجماعة، وتضم قطاعات الشباب والمرأة والمجال النقابي والطلابي ومكاتب دراسية وفروع في مختلف مناطق البلاد.
وإذا كانت الجماعة لا ترى أي مانع في المشاركة السياسية ، فإن لها رأي في المشاركة في المؤسسات . إنها ترفض المشاركة في الانتخابات باعتبارها لا تمثل إلا الواجهة العصرية للاستبداد المخزني، وبذلك فإنها لا تعبر عن الإرادة الشعبية.
وفي مجال المشاركة السياسية الفاعلة تعتبر محاصرة،نفسها قوة اقتراحية بالدرجة الأولى. وتظل مشاركة الجماعة في اللعبة السياسية رهينة بجملة من الشروط من ضمنها توفر إرادة حقيقية للتغيير وإشراك القوى الوطنية في الحكم فعلا وفعليا والقطع مع أساليب الاستبداد والفساد والإقرار بالإصلاح الدستوري الذي يجب أن يحدد صلاحيات ومسؤوليات كل المؤسسات بشكل واضح. وقبل هذا وذاك لا مناص من حوار وطني شامل يفضي إلى وضع ميثاق مبني على الإسلام الذي يشكل أرضية تجميع وأساس انتماء.
ولازالت جماعة العدل والإحسان تعتبر نفسها محاصرة ، فجرائدها (الصبح ، العدل والإحسان والخطاب والفتوة ) ممنوعة من الصدور ، وجملة من الجمعيات التي لها أدنى ارتباط بأعضاء الجماعة تعاني من مختلف صنوف المنع أو المضايقات ، إضافة إلى مراقبة هواتف النشيطين ضمنها. كما أن الجماعة ما زالت لا تستسيغ مرابطة البالعزلة، إقامة الشيخ عبد السلام ياسين بمدينة سلا وتتبع خطواته عن قرب وباستمرار رغم الإعلان الرسمي عن رفع الإجبارية عنه، كما أن هناك جملة من أعضاء الجماعة ما زالوا محرومين من جوازات السفر إلا أن الجماعة لم تبق مكتوفة الأيدي، بل دأبت على تنظيم جملة من الأنشطة في مختلف القطاعات رغم إقرارات المنع التي طالتها. وبذلك تعتبر الجماعة أن هذا الحصار المضروب عليها يحرم فئات عريضة من الشعب المغربي من المساهمة الحرة في الحياة السياسية وفي حركة الانتقاد والإنقاذ.
والحوار والتواصل بالنسبة للجماعة ليسا وليدا اليوم وإنما هما أمران من الأمور الواجبة دينيا وضرورة سياسية ملحة. وقد ركزت الجماعة على هذا المطلب منذ سبعينات القرن الماضي باعتبار أن الأزمة التي أضحت تعيشها البلاد تستوجب تكاثف الجهود ولم الصفوف وتجميع كل القوى.
وهذا في وقت لا تشعر فيه الجماعة بأي إحساس بالعزلة ، باعتبار أنها تعتقد أن خطواتها نحو مشروع الميثاق الوطني ماضية بشكل حثيث، لاسيما وأنها صاحبة مشروع شامل طويل الأمد.
وتعتبر جماعة العدل والإحسان أن الحملة العشواء التي تشنها الولايات المتحدة على اوالمسلمين.حرب مكشوفة على الإسلام وعلى قيمه الحضارية. ولا يمكن قبول بأي حال من الأحوال تطرف بعض الجماعات كمبرر لهذه الحرب ضد الإسلام والمسلمين . مادام أن أثر تلك الجماعات المتطرفة المحسوبة على الإسلام محدودة وأثرها محدود على امتداد العالم الإسلامي، كما أن واقع القمع والانحالفعل،نهج الإسلام والتضييق على الحركات الإسلامية المعتدلة، كلها أمور ساهمت بشكل أو بآخر في إعطاء نوع من المشروعة إلى تلك الحركات المتطرفة.
ولذلك تعتبر جماعة العدل والإحسان أن المقاربة الأمريكية ومن سار على خطاها مقاربة خاطئة ولن تؤدي إلا إلى مزيد من الاضطرابات وردود الفعل ، باعتبار أن جذور الإرهاب وأصوله تكمن في الدعم السخي للكيان الصهيوني الإرهابي ومساندة الأنظمة الاستبدادية ، وباعتبار أن أول خطوة للتصدي للإرهاب ومحاربة التطرف تكمن في الإقرار بالعدالة الاجتماعية والحريات العامة وضمان حقوق الإنسان وتمكين الحركات الإسلامية المعتدلة من القيام بمهامها في التربية والتنشئة.
ومهما يكن من أمر فإن جماعة العدل والإحسان ثابتة على رفضها للعنف ومؤكدة على انشغالها بالتربية والتنشئة، وهذه هي دعوة العدل والإحسان وقوامها.
ويعتبر البعض أن ما جد بالنسبة للجمالأمام.لدعوة الواضحة للحوار الوطني الشامل، إذ في البداية كانت الجماعة تدعو الفرقاء السيالإسلام، الحوار الإسلامي وبعد ذلك طورت تصورها لتدعو إلى حوار وطني شامل وجامع على أرضية الإسلام ثم تصبح دعوة إلى الحوار دون رهنه بشرط أرضية الإسلام، أي حوار تشارك فيه مختلف الأطراف بدون استثناء وذلك من أجل بلورة ووضع ميثاق شامل يجمع الشتات ويوحد الجهود. علما أنه هناك إجماع في الساحة السياسة بالمغرب على المرجعية الإسلامية إلا أن هناك تسطير واضح على رفض أي احتكار للحديث باسم الإسلام. وهذا يعتبر بمثابة دفع بالحوار إلى الأمام . وطرح الحوار في هذا الظرف بالذات يكتسي أهمية حيوية حيث أنه لا يمدنيوي.جهة سياسية في المغرب أن تعمل على حل أو تجاوز الأزمة بمفردها، ما دامت ليس هناك جهة سياسية وصية على المجتمع يمكنها إنقاذ البلاد. وبالتالي فإن دور جماعة العدل والإحسان دورا مهما فأساسيا في هذا الحوار باعتبار أن مصداقيتها مشهود لها وتمثل قوة سياسية مهمة في البلاد فرغم المضايقات والاعتقالات التي تطال قادتها وأعضائها ورغم الحصار الأمني ومداهمة المجالس الداخلية تظل جماعة العدل والإحسان حاضرة سياسيا وبامتياز في صلب المجتمع إذ تؤثر فيه أكثر مما تؤثر فيه الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات.
ودعوة جماعة العدل والإحسان هي دعوة شاملة لكل ما هو ديني وما هو دنيوي . فالعدل مبادرة إلى هموم الشعب والأمة بأمر نزله الله وهو واجب على المسلمين، والإحسان هو عمل المؤمن، عمل دائم دون انقطا في كل زمان ومكان. وهذان الثابتين في برنامج الجماعة يشملان كل ما هو ديني وسياسي والتربية الإحسانية وتركيز الجماعة على التربية يكتسي أهمية قصوى باعتبار أن الجميع أضحى الآن يدعو إلى تخليق الحياة السياسية بالمغرب بدءا بالخطابات الملكية ومرورا بخطاب الحكومة والأحزاب السياسية، وباعتبار أن المغرب لازال يشكو من غياب فظيع للتربية السياسية.
ولا يخفى على أحد الآن أن جماعة العدل والإحسان تأسست انطلاقا من مراجعة وانتقاد الأفكار التي كانت سائدة في سبعينات القرن الماضي، لاسيما الأفكار الانقلابيحال.ؤولي الشبيبة الإسلامية آنذاك. ومنذ البداية أكدت الجماعة على رفض العنف وأكد على العمل في إطار المشروعية والقوانين المعمول بها إلا أنها قوبلت بالقمع وهذه حقيقة لا يمكن نكرانها على كل حال . فمن المعلوم أن مجالس النصيحة عرفت مداهمات بوليسية في مختلف مناطق المغرب واعتقالات المشاركين فيها.
ومنذ صيف 1999 انطلقت الرباطات والتجمعات التي تدوم أربعين يوما في مختلف الشواطئ وقد عرفت إقبالا كبيرا وبالموازاة مع ذلك تم فتح العديد من المدارس لحفظ القرآن والاعتناء به. وفي سنة 1999 كذلك صدرت جريدة رسالة الفتوة، لسان حال شباب العدل والإحسان وجريدة العدل والإحسان وانطلاق مواقع بشبكة الإنترنيت خاصة بالجماعة، إلا أن هذه المنابر عرفت مضايقات ومنعا من قبل السلطات الأمنية.
وفي 28 يناير 2000 ظهرت مذكرة إلى من يهمه الأمر وتزامن ظهورها مع الذكرى العاشرة لحصار مرشد الجماعة الأستاذ عبد السلام ياسين، وهي مذكرة دعوة الملك إلى التوبة بإعادة مال الأمة إلى الأمة وإقامة البيعة بناء على تعاقد بين الحاكم والمحكومين ودعوة إلى تطهير الإدارة من براثين الفساد لإعادة الثقة وإنقاد البلاد. وقد صودرت جملة من الحزبية.لوطنية بسبب نشرها لتلك المذكرة، ومن ضمنها جريدة المستقل بالعربية وجريدة " لوكوتديان" بالفرنسية و "لوروبورتير" بالفرنسية. وكلها جرائد حرة غير حزبية . كما توبع جملة من أعضاء الجماعة بتهمة توزيع تلك المذكرة في عدد من المدن المغربية.
وفي 15 مايو 2000 تم رفع الحصار والإقامة الإجبارية على عبد السلام ياسين الذي عقد لقاء مع وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية في 20 مايو أي بعد من رفع الحصار. وفي نفس السنة تم منع أسرة عبد السلام ياسين من أداء فريضة الحج وقد وصل الأمر إلى إنزال بعضهم من الطائرة بدعوى أنهم ممنوعين من مغادرة التراب الوطني، إلا أن السلطة اضطرت إلى التراجع على قرارها بعد سلسلة من الاعتصامات بوزارة الداخلية.
وفي 10 دجنبر 2000 أعلنت جماعة العدل والإحسان تنظيم وقفات احتجاجية بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان في عدة مدن، وقد أدى ذلك إلى تدخلات النقابي.رت عن وقوع إصابات كثيرة كما توجت باعتقالات واسعة في صفوف أعضاء الجماعة ثم تقديمهم للمحاكمة ومن ضمنهم أسرة عبد السلام ياسين وبعض أعضاء مجلس الإرشاد للجماعة.
وتميز سنة 2001 بحصار أمني شديد لأنشطة الجماعة وتضييق الخناق عليها، لاسيما في القطاع الطلابي، حيث تم اعتقال العشرات ومحاكمتهم بسبب نشاطهم النقابي . وقد اتسع مدى هذه المضايقات والاعتقالات بعد 16 مايو 2003.
ولعل أهم حدث عرفته سنة 2003 فيما يخص جماعة العدل والإحسان، أنه في ملف متابعة بعض قيادييها بالانتماء إلى جمعية غير مرخص لها، أكدت أكثر من محكمة استئناف بالمغرب، بما لا يدع أي مجال للشك على مشروعية الجماعة وقانونيتها، إلا أن هذا لم يعفها من إصرار السلطة على الاستمرار في مضايقتها.