أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عبد الحسين شعبان - المعاهدة العراقية-الأميركية: هل التاريخ مراوغ؟















المزيد.....

المعاهدة العراقية-الأميركية: هل التاريخ مراوغ؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2317 - 2008 / 6 / 19 - 06:53
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


15
هل ستسعى واشنطن لتعديل المعاهدة العراقية-الأميركية المرتقبة لتتضمّن عدم مهاجمة دول الجوار العراقي إرضاءً لطهران بعد زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لها الأسبوع الماضي، وتعهّده بأنّ أرض العراق لن تكون منطلقاً لمهاجمة إيران؟ لكن لماذا تتعهّد الولايات المتّحدة التي تحتلّ العراق وتتصرّف بمقدّراته باعتبارها الطرف القوي، مقابل طرفٍ ضعيفٍ وخاضع للاحتلال، بعدم مهاجمة إيران أو عدم استخدام القواعد العسكريّة الأميركية في العراق ضدّ عدوّها المعلن والعنيد (إيران)، ولماذا إذاً تبني هذه القواعد العسكرية إنْ لم يكن أحد أهدافها ترويع العدو تمهيداً لصرعه؟
إذا كان المرشد خامنئي قد حذّر المالكي بكلام فصيح بأن على العراق ألا يوقّع المعاهدة وإلا سيتحوّل إلى عدوّ لإيران، والأدقّ حليفاً لواشنطن العدو التاريخي منذ عام 1979 ولحدّ الآن، فإنّ هذا الأمر بالذات هو الذي سيدفع واشنطن إلى الإصرار على إبرام المعاهدة في التاريخ المقرّر لها، والذي يريده الرئيس الأميركي بوش في 31 يوليو القادم، وذلك قبل الانتخابات الأميركية (نهاية العام الحالي)، والتي تصادف قبل انتهاء مفعول القرار 1546 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 8 يونيو 2004، والذي جرى تمديده من قبل الحكومات العراقية الأربع بعد الاحتلال وحتى الآن.
وإذا كان بعض الأوساط في الحكومة العراقية يبرّر، كما يدّعي، قبوله بالمعاهدة لأنّه لا يريد تمديد القرار المذكور تخلّصاً من الفصل السابع الخاص بالعقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي منذ غزو القوّات العراقية للكويت في 2 أغسطس 1990، فقد يكون الثمن باهظاً بإبرام معاهدة طويلة الأمد لا يستطيع العراق إلغاءها بسهولة، حتى وإنْ تضمّنت قيوداً تكبّله وترتهن مستقبله أكثر بكثير من القرارات الدولية المجحفة، الأمر الذي يمكن اعتباره معاهدة إذعان، لاسيّما أنها تتعارض مع قواعد معاهدة فيينا عام 1969 حول «قانون المعاهدات»، والتي تؤكد على أن أيّ معاهدةٍ أو اتّفاق ينبغي أن يُعقد بين طرفين متساويين وعلى أساس الإرادة الحرّة، وإلا سيكون اتّفاقاً أو معاهدةً غير متكافئة وتتعارض مع قواعد القانون الدولي، لاسيّما إذا تضمّنت أحد عيوب الرضا أو قامت على أساس الإكراه أو التدليس أو غير ذلك.
ويبدو أن واشنطن التي رفعت من سقف شروطها خلال جولة المفاوضات الأولى عادت بعد مرحلة جسّ النبض، لاسيّما بالرفض الشعبي وتحفّظات دول الجوار وإحراج حلفائها، إلى تعديل بعض المواد لكي تمرّ المعاهدة في نهاية المطاف، وخصوصاً الجزء المتعلق بالأمن والقواعد العسكرية، لكن دون تعديلاتٍ جذريّةٍ على شروطها، الأمر الذي سيحمل معه تداعياتٍ خطيرة، ليس على صعيد أوضاع الحاضر فحسب، بل على صعيد المستقبل.
ولا تزال قضيّة الحصانة القانونيّة للقوّات الأميركية مسألة تتمسّك بها واشنطن، وسوف تصرّ عليها إلى النهاية وسيضطرّ الفريق العراقيّ المفاوض إلى الرضوخ لها، خصوصاً أنّ واشنطن كانت قد اضطرّت للتوقيع على ميثاق روما (المحكمة الجنائيّة الدوليّة) بهدف ضمان عدم محاسبة جنودها خارج الحدود، لاسيّما في السنوات السبع القادمة، والتي ستنتهي عام 2009 (إذ دخلت المعاهدة حيّز التنفيذ عام 2002)، لكنّها عادت وانسحبت منه. والهدف من ذلك واضح، وهو أنّها لا تريد تعريض جنودها للمساءلة، ولهذا فإنّها لا توافق بأيّ شكل من الأشكال على تخفيض مستوى تمتّعها بالحصانة القانونيّة الكاملة لقوّاتها المسلّحة في العراق.
أمّا موضوع استخدام المواقع البحريّة أو الجويّة أو الأرضيّة لمهاجمة دول الجوار، فإنّ التبرير جاهز: فالمسؤوليّة ستُلقى على دول الجوار لممارستها ودعمها للإرهاب الدولي، ووفقاً للقرارات الدوليّة، وخصوصاً القرار رقم 1368 الصادر في 12 سبتمبر 2001 والقرار رقم 1373 الصادر في 28 سبتمبر 2001، والقرار رقم 1390 الصادر في 16 يناير 2002، فيحقّ شنّ حربٍ استباقيّةٍ وقائيّةٍ ضدّ أيّ موقع مشكوك باحتمال استخدامه بما يُلحق ضرراً وشيك الوقوع أو محتملاً، بل إن القرارات المذكورة أعطت المجتمع الدولي ولاسيّما القوى المتنفّذة والمتسيّدة فيه «الحق» في معاقبة أيّة دولةٍ إذا اتّهمت بتشجيع الإرهاب أو تسهيل مهمّته، أو تلكّأت في التعاون بشأن تجفيف منابعه أو قطع إمداداته وموارده. وبما أن إيران، حسب لائحة واشنطن، من دول «محور الشرّ» ومتّهمة بقيادة الإرهاب في المنطقة وتشجيع الجماعات المسلّحة بما فيها العراقية، فإنّها ستكون مستهدفة بشكل مباشر أو غير مباشر بالمعاهدة، وبتفسير القرارات الدوليّة الصادرة عن مجلس الأمن الدولي. وكذا الحال بالنسبة لسوريا المتّهمة بدعم الإرهاب الدولي، لاسيّما باحتضان المقاومة الفلسطينيّة أو دعم حزب الله أو غير ذلك. ولهذا، فإن الولايات المتحدة ستعطي نفسها «الحق» و «الشرعية» بشن أية حرب استباقية لاسيما ادعاء احتكار العدالة والحق في تفسيرها للإرهاب الدولي وملاحقة الإرهابيين، خصوصاً باستخدام العراق قاعدة طبقا لمعاهدة مبرمة بين الطرفين.
أما بخصوص العمليّات العسكريّة، فإن واشنطن لا تنتظر موافقة الحكومة العراقية على تحريك قوّاتها لضرب مواقع ستدّعي أنها إرهابيّة، بما يعطيها الحق طبقاً للقرارات الدوليّة في المبادرة للتصدّي لأي خطر وشيك الوقوع أو محتمل، لاسيّما ضدّ أمن الولايات المتّحدة وقوّاتها المنتشرة في القواعد العسكرية على الصعيد العالمي. وعلى أحسن حال، فإن واشنطن سوف تبلغ الجانب العراقي بأنها تحرّكت وقامت بالعمليّات كردّ فعل أو دفاعاً عن النفس أحياناً أو بناءً على معلومات سرّية.
ولا تزال نصوص المعاهدة سرّية حتى هذه اللحظة، وكلّ ما يتمّ مناقشته هو مجرّد أفكار أو معلومات يجري الحديث عنها باعتبارها مسوّدة ولعلّ هناك أكثر من مسوّدة، والمفاوضات لم تتمتّع بالشفافيّة المطلوبة.
وإذا كان التاريخ «مخادعاً» أو «مراوغاً» حسب الفيلسوف الألماني هيغل، فإن القراءة المتأنية لفصولهِ تجعل عمر الخداع أو المراوغة قصيراً. فرغم حشد المشاريع التي شهدها التاريخ العربي المعاصر لفرض الهيمنة عليه، فإنه لم يُكتب لها النجاح، ابتداءً من مشروع ترومان عام 1949 والذي عرف باسم النقطة الرابعة إشارة للمادة الرابعة التي تضمنت تقديم مساعدات سياسية واقتصادية وعسكرية إلى دول العالم العربي التي تدور في الفلك الغربي، مروراً بمشروع القيادة الرباعية للشرق الأوسط عام 1951 الذي كان هدفه إقامة تحالفات سياسية وعسكرية مع دول المنطقة لاسيما بعد قيام إسرائيل، وتعريجاً على تأسيس قيادة للشرق الأوسط العسكرية عام 1953 وبعدها توقيع معاهدة عراقية-أميركية عام 1954، ومن ثم إبرام ميثاق حلف بغداد عام 1955 الذي تبعه مشروع ملء الفراغ «مشروع آيزنهاور» عام 1957، ليعبّر عن واقع سياسي جديد، لاسيّما بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.
ورغم أن ثورة 14 يوليو 1958 سعت لتغيير الخارطة السياسيّة، لاسيما بخروج العراق من حلف بغداد وإلغاء المعاهدات التي اعتبرتها مذلّة وغير متكافئة، فإنها تعرّضت للانتكاسة داخلياً وخارجياً، الأمر الذي زاد من التباعد بين القوى الرافضة للمشاريع والأحلاف العسكرية، وهو ما أعاد الحياة إليها، إذ بدأت حلقة جديدة منها لاسيما بعد التنازلات في القضية الفلسطينية تحضيراً لاتفاقية كامب ديفيد، ولعل أبرزها مشروع أيبا إبان (وزير خارجية إسرائيل عام 1967) حول تجمّع لدول الشرق الأوسط، مروراً بمشروع شيمعون بيريز للتنمية في الشرق الأوسط، وصولاً إلى مشروع الشرق الأوسط الكبير ومن ثمّ الشرق الأوسط الجديد، الذي هو حسب الرؤية الأميركية يعني تطويع وترويض شعوب المنطقة للقبول بالهيمنة الأميركية وبالتسوية مع إسرائيل طبقاً لشروطها، تلك المشاريع التي اكتسبت أهمية خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر الإرهابية، إذ سرعان ما اعتبر العراق هدفاً عليه دفع الثمن حسب جورج تينيت مدير الـ «سي.آي.أي» حينها.
لكن أين وصلت مشاريع الأمس لنتحدث عن مشاريع اليوم؟.. ألم يقل هيغل إن التاريخ مراوغ!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا بعد وثيقة الإعلام العربية؟!
- مفارقات العدالة الدولية
- أزمة الرهن العقاري الأميركي... ما انعكاساتها على العالم العر ...
- مهنة الدبلوماسية!
- حرية التعبير وتحديات الإصلاح والديمقراطية
- الإعلان العربي للمواطنة
- الصمت الآثم: «المبشرون» وغسل الأدمغة!
- حقوق الإنسان: الهاتف الغيبي!!
- الجولان والوساطة التركية
- حقوق الإنسان: اعتذار أم حالة إنكار؟
- الأمم المتحدة والضحايا الصامتون!
- احتلال العراق وقصة الانتحال والمخابرات “العظيمة”
- معاهدة عراقية - أمريكية سيعلن عنها في يوليو
- المحاكمة: المنظور والمحظور!
- الاستثناء العربي والمرجعية الدولية للديمقراطية
- المعاهدة الأميركية - العراقية: ابتزاز أم أمر واقع؟!
- جدلية الإصلاح العربي: الساكن والمتحرك!
- ثقافة الخوف والإرهاب!‏
- في أزمة الشرعية
- المواطنة والفقر


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عبد الحسين شعبان - المعاهدة العراقية-الأميركية: هل التاريخ مراوغ؟