|
ستون عاماً ... والنكبة والمقاومة مستمرة
نايف حواتمة
الحوار المتمدن-العدد: 2317 - 2008 / 6 / 19 - 11:19
المحور:
القضية الفلسطينية
حوار مع نايف حواتمة
• الوحدة والشراكة الوطنية لكي لا تضيع الفرصة التاريخية الجديدة • الأزمات تكرر ... فالزمن العربي دائري حاوره: ماجد عزام ـ كاتب وباحث مركز دراسات الشرق الأوسط ـ بيروت
الذكرى الستين لنكبة فلسطين جملة من الفعاليات والندوات والمهرجانات ... هل يقتصر الأمر على الطقوس الاحتفالية أم يتعداها إلى القراءة واستخلاص العبر والدروس من أسباب النكبة وتداعياتها المستمرة حتى الآن. كيف يمكن تفهم مسيرة الستين عاماً الماضية ؟ لماذا لم ننجح كفلسطينيين وعرب في تجاوز النكبة ومحو آثارها، وكيف تقزمت القضية الفلسطينية من قضية مركزية للأمة العربية إلى مجرد مشكلة من المشاكل والأزمات العربية ؟ هل أضحى الصراع في فلسطين مجرد صراع حدود أم أنه ما زال كما كان طوال الوقت صراع وجود تمتزج فيه الأبعاد الحضارية والتاريخية والثقافية ؟ قضايا فلسطين الاستراتيجية حاورنا بها نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، حواراً عميقاً وجديداً.
س1: هل تعتقد أو توافق على وجهة النظر بأن إحياء ذكرى النكبة كما العديد من المناسبات الوطنية ربما في مجمل الأحوال يقتصر على الطقوس الاحتفالية ؟ إلى حد كبير هذا صحيح؛ لاعتبارات كثيرة تتعلق بطبيعة التركيب والتكوين للحركة الوطنية الفلسطينية، للأوضاع العربية، للأوضاع في الشرق الأوسط. هذه الأوضاع لا تنتج في ظروفنا الراهنة ما يمكّن من تحويل الحدث في ستينية النكبة الوطنية والقومية الكبرى، والإنسانية الكبرى، حدثاً يتناسب فعلاً مع طبيعة مضمونه ومدلوله تاريخياً وراهناً وقادماً علينا، لأن التطورات التي وقعت على مساحة العشرية أو أكثر من ذلك العشريتين الأخيرتين من السنين تراجعت كثيراً إلى الخلف، في الأوضاع الفلسطينية ـ الفلسطينية، تراجعت أكثر فأكثر في الحالة العربية ـ العربية، وفي الحالة المسلمة ـ المسلمة، وهذا هو المحيط لقضيتنا الوطنية، لحقوقنا الوطنية، لأنه عندما نوجه النداء للرأي العام العالمي في أوروبا وفي الأمريكيتين وفي بلدان العالم الثالث يتطلعون إلى أوضاعنا الفعلية الفلسطينية والعربية والمسلمة، وحالة ذاك التداعيات والتطورات في المواقف الدولية تتحرك تحت فعل حركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية والبلدان المسلمة. س2: لن نكون أكثر ملكين من الملك لغة نسمعها كثيراً ليس من الأوروبيين وللأسف حتى من بعض العرب والمسلمين، السؤال ربما يبدو تقليدياً في جوهره ... لنفهم برأيك الواقع وربما نستكشف المستقبل الآن وبعد ستين عاماً أو ربما نظرة إلى الخلف، كيف يمكن توضيح أو شرح أو تعداد أو الإضاءة على الأسباب المباشرة أو الغير مباشرة للنكبة ؟ الأسباب المباشرة والغير مباشرة للنكبة يجب أن نفهمها في سياقها الزمني التاريخي، ولا يمكن أن نأخذها في يومنا، "الزمن العربي دائري" ... في ذلك السياق الزمني ضاعت علينا نحن الفلسطينيين والعرب بشكل خاص وكل أصدقائنا في العالم بشكل عام فرص تاريخية فعلية لإنجاز حقوقنا الوطنية، حق شعبنا بتقرير المصير مثل أي شعب من شعوب العالم الثالث؛ في سياق ما بعد الحرب العالمية الأولى، ثم بشكل خاص بعد الحرب العالمية الثانية، وكان من الممكن في ذلك السياق التاريخي أن ننجز حق تقرير المصير. أن ننجز حقنا بدولة مستقلة، وأن ننجز حقنا ببقاء شعبنا على أرضه وترابه الوطني، ضاعت هذه الفرص علينا بفعل التخلف الفكري والسياسي والعملي الملموس الذي غرقت فيه القيادة الفلسطينية، وذات التخلف عانت منه الأنظمة والأوضاع العربية الإقطاعية ... أعطيك مثلاً في العام 1937 عرضت الكولونيالية البريطانية مشروع تقسيم بعثة المستر بيل، انتفض شعبنا على امتداد عامين شعبياً وبقوة السلاح، وفرض تراجعاً على السياسة البريطانية ممثلة بكتاب التقسيم 37، بلا وتراجعاً عملياً حتى عن وعد بلفور، فرضت الثورة على الانتداب تراجعاً، وقدمت بريطانيا كتاباً جديداً بديلاً عن هذا كله عرف باسم "الكتاب الأبيض عام 1939" هذا الكتاب يقول أولاً: دولة فلسطينية واحدة على كامل أرض فلسطين الانتدابية، يعيش فيها اثنيتين عربية ويهودية، وكل منها يطور لغته وثقافته، والمدى الأقصى عام 47 تكون قد أنجزت. وثانياًًَ: وقف الهجرة اليهودية إلى الأراضي الفلسطينية، لأنها تأخذ طابعاً كولونيالياً استيطانياً، إجلائياً لأبناء شعبنا ... إحلالياً للقادمين من وراء البحر وفقط خلال 3 سنوات من 1939 حتى 1942 يسمح بمجيء 85 ألف مهاجر وبعدها يقفل بالكامل باب الهجرة. الوكالة اليهودية رفضت هذا المشروع وطبيعي أن ترفض لأنها تعمل من أجل مشروع آخر، وطن قومي لليهود على أرض فلسطين والتمسك بوعد بلفور، تعمل من أجل دولة عنصرية بالعمل لعبرية السكان والأرض، القيادة الفلسطينية حينذاك والقيادات العربية وخاصة الدول العربية الأربعة التي كانت قائمة وتقول أنها مستقلة أيضاً، رفضت مشروع الكتاب الأبيض ... الوعد البريطاني الجديد، والمعادلة كان يجب أن تكون ما يرفضه عدوي علي أن أتفحصه جيداً لا أن ننساق خلفه، القيادة الفلسطينية والأنظمة الإقطاعية العربية رفضت مشروع الكتاب الأبيض كما رفضته الوكالة اليهودية، دون أن تقدم مشروعاً ملموساً آخر وآليات عملية لتنفيذه (سياسية ونضالية)... اكتفت بشعارات الرفض والرهان على التفاهم العربي مع "الحليفة بريطانيا الانتدابية". وعليه ضاعت الفرصة التاريخية، بينما مشروع الوكالة اليهودية يشق طريقه بخطط برنامجية محددة وآليات تنفيذ بالاستيطان والهجرة ومؤسسات البنية التحتية "للدولة" من هياكل إدارية وسياسية وقوات عسكرية. وعليه عام 1948 قامت دولة "إسرائيل"، ولم تقم دولة فلسطين، وهكذا ضاعت فرصة تاريخية جديدة، فقد كان ممكناً قيام فلسطين على أرض القدس والضفة وقطاع غزة، ولكن عجز القيادة الفلسطينية، والتواطؤ بين الأنظمة العربية حينذاك وبريطانيا وإسرائيل أنتج توزيع الأرض والشعب بين "إسرائيل" والدول العربية المجاورة. والآن نناضل من أجل ما كان باليد وممكناً عام 1948، هذه كوارث "الساعة الرملية العربية الدائرية". س3: إذا كنا نتحدث عن تواطؤ دولي، وعن ضعف عربي، وغياب رؤية إستراتيجية عربية، وتشتت القيادة الفلسطينية والانقسام الفلسطيني، وغياب الرؤية ... هل هذه الأمور ما زالت موجودة بعد ستين عاماً، هل يمكن تصوره بعد ستين عاماً ؟ نحن نتحدث عن سلسلة من هذه العمليات التواطئية، نحن نتحدث على سياق تاريخي لمكونات الحركة الوطنية الفلسطينية، حركة التحرر والتقدم العربية، حركة التطورات في البلاد المجاورة لنا وخاصة بلدان الطوق العربية. ولو أحسنا صنعاً لكان الوضع يختلف تماماً. نحن الآن في ستينية النكبة، نكبة وصمود، نكبة ومقاومة، نكبة وثورة معاصرة، ومع ذلك الآن نناضل من أجل ما كان ممكناً وباليد عام 1948، بالرغم من عملية التواطؤ بين الكولونيالية البريطانية والمشروع الصهيوني التي تحمله الوكالة اليهودية، ومشروع الأنظمة العربية الإقطاعية المتخلفة السابقة حينذاك القائم على اقتسام الأرض والشعب بين "إسرائيل" والدول العربية المجاورة، وفي كل هذا تطبيق المعادلة الصهيونية "فلسطين أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض". س4: لماذا لم تطرح فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة عام 1948، على الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، وكان هناك إدارة عربية، وكان بإمكان أن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة ؟ القيادة الفلسطينية حينذاك لم تطرح دولة فلسطينية مستقلة، كانت وما زالت في حالة خلل بأفكارها، ولم تخطو حتى عام 48 خطوة واحدة في بناء القاعدة التحتية لدولة فلسطين كما فعلت الوكالة اليهودية في إقامة البنية التحتية الإدارية والعسكرية والحزبية والنقابية "لدولة إسرائيل" بالتوازي مع الإدارة البريطانية والخروج عنها، فالقيادة الفلسطينية حينذاك كانت مهتمة بالصراعات الداخلية الفلسطينية ـ الفلسطينية، ورحم الله الحاج أمين الحسيني كان كل من يتقدم عليه خطوة إلى الأمام يهمشه ويختفي عن الوجود، فعلياً وقع هذا في صفوف الحركة الشعبية والحركة العمالية. وبات الشعب عام 1948 بدون قيادة وطنية موحّدة، بدون ائتلاف وجبهة وطنية عريضة وشاملة. أريد أن أقول في هذا الميدان؛ الدول العربية أيضاً في ذلك الوقت لم تكن تريد أن تتحمل مسؤولية حقوق وطنية فلسطينية قائمة بذاتها، تعبر عن نفسها، تجسد بدولة فلسطينية، وكان هذا منطق الوكالة اليهودية، وعلى ذلك وقعت عملية التواطؤ وتم تطبيق ما تريده الوكالة اليهودية موضوعياً "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، وهذا الذي تم عام 1948، أي قيام دولة "إسرائيل" وما تبقى من الأرض الفلسطينية جرى توزيعه على الأنظمة والأقطار العربية المجاورة، والشعب الفلسطيني أيضاً جرى توزيعه بين "إسرائيل" والأقطار العربية، لذلك قالت حكومات "إسرائيل" منذ العام 1948 حتى 1993 فلسطين كانت بالماضي وشعب فلسطين كان بالماضي، هذا نتيجة قصور بالرؤية والوعي والإحساس بالمسؤولية الوطنية والقومية من القيادة الفلسطينية حينذاك، ومن القيادات العربية حينذاك. الآن أيضاً يتكرر أمامي مشهد خطير من جديد بعد ستينية النكبة. الآن حكومات "إسرائيل تقفل أوراق داخل أدراجها يقوم على محاولة العودة إلى نفس معادلة 1948، وهي حل إسرائيلي ـ إقليمي عربي"، يقوم على معادلة الأراضي العربية مقابل حدود آمنة ومعترف بها "لإسرائيل" مع الدول العربية في إطار قراري مجلس الأمن الدولي 242 ـ 338 فقط، والقفز عن الحقوق الوطنية الفلسطينية ... حق تقرير المصير والدولة والعودة، عملاً بالبرنامج الوطني المرحلي وقرارات القمم العربية وقرارات الشرعية الدولية التي صدرت تباعاً منذ عام 1974، واعترفت بمنظمة التحرير، ودخلنا الأمم المتحدة ممثلاً شرعياً وحيداً لشعبنا، وهنا خطورة الانقسام الفلسطيني المدمّر، ومن يريد بقاء الانقسام الفلسطيني يصب الماء في طاحونة محاور الصراع الإقليمية والدولية ومشروع الحل الإسرائيلي ـ الإقليمي، ولا أقول العربي القومي. س5: نتحدث عن الوصاية عندما نعود إلى النقاشات التي كانت دارئة في صفوف الشباب الفلسطيني، في صفوف القوميين العرب، وأنت واحد من هذا الشباب وأحد القادة البارزين في الخسمينيات والستينيات، ولكن قبل أن أحصل منك على تفسير، المؤتمر الصهيوني الأول (بال) سويسرا عام 1897 وحتى 1948، بعد خمسين عاماً نجحت إسرائيل في إقامة الدولة، وحافظت عليها ستون عاماً ونحن بعد ستون عاماً ما زلنا نتحدث عن غياب الرؤية الإستراتيجية والانقسام الفلسطيني. ما هو رأيك ؟ حيث أن أحد القادة الفلسطينيين قال منذ سنوات ربما نفكر في إنشاء وكالة على غرار الوكالة اليهودية ؟ نحن ننتمي إلى عالمين، كل له خصوصية، عالمين متناقضين، الدولة الإسرائيلية والحركة الصهيونية والمشروع الصهيوني هو نتاج مجموعات يهودية أخذت بالإيديولوجيا الصهيونية، ولكن هذه الحركة اليهودية والمشروع الصهيوني قام على أكتاف قوى اجتماعية في داخل التجمعات الإثنية المتعددة اليهودية وخاصة في البلدان الرأسمالية العالية التطور، تقدمت وراء هذا المشروع، وراء هذه الإيديولوجيا الميثولوجيا بعقلية أوروبية متقدمة متطورة هي نتاج للحضارة الأوروبية الموجودة، هذه قضية موضوعية. وثانياً: عقلية عملية وعلمية معاً، ومرحلية مرحلة بعد مرحلة على حد تعبير "بن غوريون" أخذنا البلاد شجرة بعد شجرة، دونماً بعد دونم، المرحلة بعد المرحلة. في المقابل الحالة الفلسطينية والحالة العربية في ذلك السياق الزمني تنتمي إلى عالم الجنوب إلى العالم الثالث والعالم المتخلف، وهذا التخلف ليس تخلفاً اجتماعياً فقط، بل تخلفاً عقلياً وعلمياً وحضارياً، وبنتائجه السياسية الخطيرة، وبالتالي في ذلك الزمن التاريخي في هذا التخلف انهزم تيار العقل العملي والعلمي لصالح النقل والنصوص الغيبية، وضع العقل تحت ضغط الموروث السلفي الثقيل، والثقافة القدرية المنتشرة في صفوفنا منذ الزمن البعيد، عشرات القرون حتى يوم الناس هذا. والآن بعد ستينية النكبة أقول: الكثير من الوعي العقلاني العلمي والعملي نشرته الثورة والمقاومة والانتفاضة وبرامج منظمة التحرير في صفوف الحالة الفلسطينية وإلى الحالة العربية، وعلى يد قوى التحرر والتقدم والحداثة العربية لتحرير العقل والانفتاح والإصلاح. والدليل على هذا أننا استعدنا وبنينا الكيانية الوطنية الفلسطينية سياسياً وقانونياً وحقوقياً، وقدمناها ليس فقط للشعب الفلسطيني الذي وحدنَّاه على حق تقرير المصير ودولة مستقلة، وعودة اللاجئين، بل أيضاً إلى كل القوى العربية وحركات التحرر الوطني في العالم، وكل القوى الدولية، وانتزعنا منذ العام 1974 إقراراً من كل دول العالم ومؤسسات الأمم المتحدة بحق شعبنا بتقرير المصير والدولة والعودة، والصراع منذ البرنامج المرحلي، الذي أنقذ المقاومة ومنظمة التحرير من التجاهل الدولي وتجاهل الأمم المتحدة لحقوق شعبنا الوطنية، الصراع يدور منذ عام 1974 على مضمون هذه الحقوق. الآن استنساخ تجربة الوكالة اليهودية فات قطاره وزمانه، مرة أخرى هذا هو "الزمني الدائري العدمي في الحياة الفلسطينية والعربية". س6: حضرتك في طليعة اليسار الفلسطيني ومنظر تاريخي وقيادي لليسار الفلسطيني وحركة التحرر العربية القومية، ومنذ العام 1974 تعرف أن البعض في الساحة الفلسطينية والعربية يتحدث عن إشكالية أخرى حدثت عام 1974، وحضرتكم تصفونه بتطور نوعي ومهم، ولكن قبل ذلك أود أن أتوقف عند النقاشات التي كانت دائرة بين الشباب الفلسطيني والعربي، فلقد كان هناك ثلاث تجمعات (حركة فتح في الخليج، وكان لدى البعض جذور إسلامية، وكان تجمع في سورية يأخذ منحى عسكري أو مقاوم وكان هناك جدل فكري أو حديث في صفوف القوميين العرب) أود أن أعرف أهم النقاشات التي كانت تدور ... هل كان هناك تشخيص لأسباب النكبة، بحيث يكون الرد بمشروع متكامل أم كان هناك رغبة فقط في أن يخرج اللاجئ من عباءة اللاجئين ويأخذ صفة المقاوم أو الصفة السياسية للثورة، ما هي النقاشات التي كانت تجري داخل صفوف الشباب الفلسطيني، داخل القوميين العرب ؟ كل القوى الحية في صفوف الشعب الفلسطيني (إطارات، منظمات، أحزاب ...) انتقلت منذ العام 1948 إلى المشاركة الفاعلة كثيراً في مجموع الخارطة السياسية والحزبية العربية، منّا من انتمى إلى حزب البعث، القوميين العرب، الناصريين، الشيوعيين، الأخوان المسلمين، وهنا قيادة فتح جذورها أخوان مسلمين كما تقول أنت، ولا أقول جذور إسلامية ... ومنّا من انتمى إلى الحركة القومية بكل تشكيلاتها (قوميين عرب، بعث، ناصريين، وطنيين)، ومنّا من انتمى إلى الحركة الشيوعية، وبالتالي هذه العملية التاريخية طرحت المشروع القومي الوحدوي الثوري تحت عنوان "الطريق إلى فلسطين هو طريق وحدة العرب وفي المقدمة وحدة أقطار الطوق العربية (مصر، سوريا، الأردن، لبنان)"، وإسناد خلفي (العراق، السعودية) وتحشيد كل الأقطار العربية الأخرى، وبالتالي الأمور كلها مفتوحة باتجاه العمل من أجل تحرير أقطار الطوق العربية من المعاهدات والأحلاف العسكرية والانتقال إلى الوحدة القومية كما جرى مع الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا) على الطريق إلى فلسطين من أجل تحرير فلسطين، وأقصد فلسطين أرض 48، لأن الضفة وقطاع غزة احتلت في العام 1967 هذا الذي غلب على جميع القوى الفلسطينية التي انتمت إلى صفوف الحركة السياسية والفكرية والنضالية العربية بكل تلاوينها. في غزة وقع شيء آخر، منذ العام 1954 تشكلت كتائب الفداء على يد الإدارة المصرية وانتقلت إلى العمل داخل أراضي 48، بقيادة الشهيد العقيد مصطفى الذي كان يدير هذه العمليات الفدائية، ثم عام 1956 وقعت غزة تحت الاحتلال الكامل فنشأ في غزة حركة محلية غزاوية وطنية فلسطينية شكلت جبهة وطنية متحدة، وكان هناك قوات جيش التحرير الفلسطيني التي تشكلت بمبادرة جمال عبد الناصر شاركت بالقتال ضد الاحتلال، وتركت المقاومة ضد الاحتلال في قطاع غزة تأثيرها الفكري والسياسي على كل الاتجاهات في القطاع، لذلك الذين جاؤوا من غزة لمنطقة الخليج كان لديهم كل هذه العملية الوطنية والقومية التي عاشوها، فتياناً وشباباً، ولهذا حركة فتح بدأت تتململ نحو ضرورة حضور فلسطيني متمايز قائم بذاته. الحركة القومية بتياراتها المتعددة بدأت المراجعة النقدية وباتجاه تشكيل فصائل وأحزاب فلسطينية مستقلة بعد انهيار وحدة مصر وسوريا بانفصال 1961 الرجعي وبدفع وتمويل الدول العربية المرتبطة بالأجندة الاستعمارية وخاصة الأمريكية والحرب الباردة، وعليه تشكل أكثر من فصيل فلسطيني بعد تفكك المشروع القومي العربي في الطريق إلى فلسطين، ومن هنا كانت البدايات داخل الأرض المحتلة وأقطار اللجوء والشتات لتشكيل فصائل مقاومة فدائية فلسطينية في صفوف تيارات متعددة قوميين عرب، بعثيين، ناصريين، مستقلين وطنيين مباشرة بعد انهيار الوحدة بين مصر وسوريا، ورغم وحدة الخط العام إذ أن التطور الفكري والسياسي والنضالي وأساليب العمل والقيادة والتحالفات العربية والدولية كان محكوماً بقانون التطور والنضج المتفاوت بين فصيل وآخر، ومنذ البداية طرحنا قاعدة "حل التعارضات في صف الفصائل والقوى بالحوار وبناء ائتلاف وطني شامل تحت مظلة منظمة التحرير التي كانت مشكلة من أفراد وليس منظمات"، وتم التأسيس الثاني لمنظمة التحرير بدخول الفصائل الفلسطينية واستلامها قيادة المنظمة على قاعدة الائتلاف الوطني العريض عام 1968 ـ 1969 (راجع كتاب حواتمة "الانتفاضة ـ الاستعصاء ـ فلسطين إلى أين ؟! ...". وفي مسار النضال تطورت التحالفات والعلاقات بين الفصائل وطورنا مجموع م. ت. ف. وصولاً إلى انتزاع حق الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، والجمع بين "سياسة السلاح وسلاح السياسة"، ولولا البرنامج الوطني المرحلي الجديد لتم "تصفية الثورة والمقاومة وتجاوز م. ت. ف. بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973" ومصادرة الحقوق الوطنية المستقلة لشعبنا. البرنامج المرحلي أنقذ الثورة ومنظمة التحرير والحقوق الوطنية، وتم إقراره بإجماع المجلس الوطني وكل الفصائل والقوى الفلسطينية بلا استثناء. س7: القطرية الفلسطينية تتكرس هنا، وبرز الابتعاد العربي عن فلسطين ... هذا له علاقة بطبيعة التطور السلبي الذي وقع للأنظمة العربية ودرجة عطائها، وله أيضاً علاقة بأوضاعنا الفلسطينية، فأوضاعنا الفلسطينية أعدنا ترتيبها ترتيباً سليماً في الفترة الواقعة من 67 إلى 74، وواصلنا سياسة بناء الجبهة الوطنية الشاملة تحت مظلة م. ت. ف. إلى عام 1991، حينها تم انهيار جبهة الصمود العربية والتضامن العربي، وأنتج هذا ارتداد جناح اليمين في م. ت. ف. عن قرارات المجلس الوطني الفلسطيني (أيلول/ سبتمبر 1991) والذهاب إلى مؤتمر مدريد (تشرين الثاني/ أكتوبر 1991) بشروط رئيس وزراء حكومة الاحتلال شامير وانحياز الإدارة الأمريكية لها. ومنذ ذلك الزمن تفاقمت الداعيات "الانعزالية اليمينية القطرية الفلسطينية والعربية الإقليمية".
#نايف_حواتمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حواتمة: مشروع حماس تفاوضي عن طريق طرف ثالث،
-
حواتمة: خارطة إسرائيلية (جديدة) يسيطر الاحتلال على 32% من مس
...
-
حواتمة: الإسرائيليون يسعون لنقل المشكلة الفلسطينية إلى الدول
...
-
حواتمة: الوضع الفلسطيني أمام خياري اعادة الوحدة الوطنية أو ا
...
-
كرنفال -اسرائيل- الأسود .. والخروج الفلسطيني من النكبة
-
حواتمة يحذر من تدخل محاور إقليمية ودولية
-
الذكرى الستون للنكبة..محطة نضالية لتقريب ساعة النصر
-
حواتمة في لقاء مع وكالة الأنباء الألمانية
-
ستينية النكبة من جديد
-
ستينية النكبة
-
الانقسام يفتح المجال أمام الهيمنة الأميركية والتوسع الإسرائي
...
-
حواتمة: إسرائيل تتعاون مع الأمريكيين لنقل الحرب إلى الخليج
-
حواتمة في حوار شامل ...
-
شعب وجيش مصر ... شريك في قضية فلسطين
-
حواتمة في احتفال طلبة الجامعات بيوم الأرض بالقاهرة
-
حواتمة: لا يوجد موقف عربي موحد تجاه القضية الفلسطينية
-
حوار الأمين العام الرفيق نايف حواتمة
-
نايف حواتمة: على دول الشرق الأوسط أن تفسح المجال للفلسطينيين
-
كلمة نايف حواتمة في المهرجان الجماهيري بدمشق
-
من كلمة الرفيق نايف حواتمة بمناسبة الذكرى التاسعة والثلاثون
...
المزيد.....
-
الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
-
بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند
...
-
لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
-
قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب
...
-
3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
-
إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب
...
-
مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
-
كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل
...
-
تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|