|
عوالق شبكة الإنترنت !
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 2317 - 2008 / 6 / 19 - 06:53
المحور:
الصحافة والاعلام
إذا أردتَ أن تحشر اسمك في شبكة الإنترنت ، فلا تُتعب نفسك بالقراءة والاطلاع ، ولا تحشو بيتك بالكتب والمراجع ، ولا تحفل بأن يكون لك مشروعٌ فكري في أي مجال من المجالات . فما عليك إلا أن تقتنيَ جهاز كمبيوتر صغير ، وخطا هاتفيا عاديا ، أو سريعا، ليتيح لك الفرصة في أن تبحر عبر أمواج شبكة الإنترنت لتُرسخ اسمك ضمن ملفات هذه الشبكة . أما ...ماذا يجب عليك أن تفعل ، فالأمر بسيطُ للغاية ... إليك هذه النصائح : افتح لك حسابا في بريد الشبكة الإلكتروني ، ويستحسن أن يكون لك أكثر من حساب بريدي واحد ، ليتسنى لك أن تمارس مهمتك باسمين وعنوانين مختلفين ، أو أكثر . وعليك أن تنضم إلى مجموعة من المجموعات البريدية لتتلقى منها بريدها ، ولترسل لها ما ترغب في إرساله ، وأنا أعلم بأنك لا تملك ما ترسله لها ، حينئذٍ عليك بأن تلتصق بأحد المبدعين ، أو بأحد المشهورين ، وتراسله أولا لتُشيد بإبداعاته ، حتى ولو كنت لا تُجيد قراءتها ، فالأمر بسيط، استدعِ اسم هذا المشهور من الشبكة ، فستجد كثيرا من الأقوال والتعليقات ، ثم اقتبس ، أو انقُل نصا من النصوص التي تشيد بالمشهور ، وأرسلها له ، ثم ابدأ في مطاردة أقواله بالتعليق عليها أسفل الصفحة ، مشيدا بأفكاره النيِّرة، وأقواله السديدة ، ولا تنسَ أن تكتب اسمك وعنوانك ليصبح معتمدا في الشبكة . أما إذا أردتَ أن تصبح من مشاهير الشبكة ، فالأمر بسيط ، اعمد إلى فن الإثارة بواسطة ردود الشذوذ والتطرف، وذلك بأن تتهم كاتبا كبيرا ، أو مسؤولا ، أو مفكرا ، أو عبقريا ، بأنه غِرٌ جاهل ، أو سطحيٌ ، أوحتى عميلٌ من العملاء ، وذلك باقتطاع نصِ صغير وإخراجه من سياقه لتُحدث الإثارة . وأن تقوم بعد ذلك بإرسال التهمة التي وضعتها للمسؤول عبر البريد الإلكتروني للمجموعات التي تراها مناسبة ، اعتمادا على أن كثيرين من مدمني الشبكة ، يعجزون عن القراءة والفهم ، ويحتاجون إلى من يقرأ لهم ويُفهمهم ، ويدفعهم إلى تثبيت التهمة. أما إذا كنت قريبا من بعض (لوبيات) الشبكة ، فالأمر بسيط ، يجب أن تُحرضهم على أن يقوموا بكتابة الردود الشاذة ، التي تبدأ بالتشكيك ، وتنتهي بإصدار الأحكام على المبدعين . وإذا كانت لديك خبرةٌ بتكنلوجيا الحاسوب ، فلتقم بالخطوة التالية ، وهي الانتقام من المبدعين بمتابعة أقوالهم في كل الصفحات ، ومحوها ، أو إلغائها ، أو تعطيلها . أما إذا كانت لك الرغبة في أن تصبح مشهورا أكثر، فافتتح لك صفحة إلكترونية خاصة بك ، وبالمقربين منك ،ثم جهّز لها الآلية الإلكترونية الخاصة بكتابة قصائد المدح والتعليقات على ما تكتبه، أو ما يكتبه لك غيرك ، أو على ما تنقله من أخبار، حتى ولو كانت الأقوال والأخبار التي تكتبها ليست من إبداعاتك ثم قسمها إلى ثلاثة أقسام : قسم الثرثرة وطق الحنك ، وأخر للأخبار المختلقة الشاذة ، والقسم الثالث لنقل بعض المقالات والأخبار والتحقيقات من مجلات وصحف أخرى . ولا تنسَ أن تُبقي أصابعك على لوحة مفاتيح الكمبيوتر لتواصل إرسال الرسائل إلى كل عنوان أو بريد إلكتروني ، حتى ولو بلغت رسائلك في اليوم الواحد عشرات الرسائل ، ما دامت رسائلك موقعة باسمك واسم عائلتك ، فإن ذلك سوف يُعزِّزُ منزلتك في شبكة الإنترنت ، واستعن بخبيرٍ في البرمجة ليدلك على الطريقة التي تجعل بريدك يستعصي على الحجب ، ولا يقبل الإلغاء ليغزو كل البيوت . ويجب أن تصبح أحد ( عوالق) شبكة الإنترنت ، أي من الذين يعتلقون بها ، بحيث تصبح حياتك الأساسية هي الشبكة ،فعوالق شبكة الإنترنت ، ليسوا مدمنين للشبكة فقط ، بل هم يعتبرون الحياة خارج الشبكة موتا ، فتتحول الحياة كلها بما فيها العمل والإنتاج إلى كي بورد وشاشة وشبكة فقط ، ويصبح العمل والإنتاج هامشا من الهوامش . وسوف تتخلص من كثيرٍ من أمراضك وعُقدِك النفسية بتفريغ شحنات غضبك على من يُشعرونك بالعجز والقهر لأنهم متفوقون عليك، فتنتقم منهم بالوسائل التي حدثتك عنها سابقا ، كما أنك تُشبع غرورك حين ترى اسمك ينتقل من صفحة إلى أخرى ، بغض النظر عن الموضوع الذي كتبته ، وبغض النظر عن مستواه الفكري والعقلي . ويمكنك أن تُضاعف من انتقامك من الأعداء والمنافسيبن بلسانك وأقوالك ، عندما تجتمع مع أصدقائك المقربين ، وتوحي لهم بأفكارك ، وتقنعهم باستنتاجاتك، وتدعوهم إلى الانضمام إليك في حملتك ضد منافسيك أو من المبدعين الذين يُشعرونك بالضآلة والعجز . والحقيقة المُرَّة هي: أن استسهال انتحال الأسماء والبريد الإلكتروني ، وإتاحة الفرصة للتعليقات التي لا تسيء إلى الأفراد فقط ، بل تسيء إلى الأعراق والأجناس ، تدعونا إلى أن نعيد النظر في آليات هذه الشبكة ، وطريقة الانضمام لها ، فليس صحيحا أن إثارة النُعرات القومية والدينية دليلٌ على الحرية والديموقراطية ، بل هو تشويه لها، واعتداءٌ عليها ، كما أن نشر الفضائح واختلاق بعضها ، اعتداءٌ على الشبكة العنكبوتية كلها ، التي خرجتْ بالفعل عن السيطرة ، وتوشك أن تطيح بالمصداقية وبقية الأخلاق في كل بلاد العالم . فقد حكى لي أحدهم بأنه تمكن من توليف ومنتجة صورة لشخصية بارزة ،ووضعها في إطار مخلٍّ بالشرف ، وسوف يسوقها في المواقع الإلكترونية المخصصة للصور ، عقابا لهذا المسؤول لعدم موافقته على ترقيته في وظيفته!
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يوميات صحفي في غزة !
-
الإعلام وصناعة الأزمات !
-
محمود درويش يبحث عن ظله في الذكرى الستين للنكبة !
-
مجامع اللغة العربية ليست أحزابا سياسية !
-
لا تَبكِ.. وأنتَ في غزة !
-
كارتر وهيلاري كلينتون وأوباما !
-
الزمن في قصيدة محمود درويش (قافية من أجل المعلقات)
-
أوقفوا هذا العبث في غزة !
-
سؤال ديوان : لماذا تركت الحصان وحيدا لمحمود درويش ، حقلٌ من
...
-
جمعية المختصرين !
-
مأزق التعليم الجامعي في العالم العربي !
-
هل المدرسون مُتطفلون على الوظائف الحكومية ؟
-
موتوسيكلات .. لأوتو سترادات غزة !
-
غفوة ... مع قصيدة مريم العسراء للشاعر أحمد دحبور
-
في وصف إسرائيل !
-
لقطات حديثة من العنصرية الإسرائيلية
-
هل أصبح الرعب هو التجارة الإعلامية الرابحة؟1
-
مرة أخرى .. إحراق مكتبة جمعية الشبان المسيحيين في غزة !
-
ملاحظات حول تقرير البنك الدولي عن التعليم في العالم العربي !
-
العرب ... يطلبون حق اللجوء الإعلامي للقنوات الأجنبية !
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|