هفال زاخويي
الحوار المتمدن-العدد: 2316 - 2008 / 6 / 18 - 08:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كثيرا ما تطرقنا الى هذا الموضوع ... يأتي الحاكم في مجتمعاتنا بسيطاً وقد لايعرف تفاصيل ممارسة الطغيان ... لكن سرعان ما يتطوع البعض من المقربين ومن المحيطين به ومن انصاره لتعليمه فن تأليه الذات والذوبان في عشقها مقابل احتقار الجمهور في نهاية المطاف.
هتافات " بالروح وبالدم نفديك" ... ما زالت النفوس جاهزة لاطلاقها من جديد في هوسات جماعية لاواعية ... استعداد غريب لدى شعوبنا كي تفدي بأرواحها ودمائها القائد والزعيم الأوحد الذي لا شريك له ، مقابل استعداد الحاكم لتقبل ذلك وتصديقه من شعوب سريعة الرضا وسريعة الغضب كالشعب العراقي الذي لطالما كان مخلصاً لقياداته التي ما قصرت ابداً في اهانته واذاقته المر والهوان " صدام نموذجا" ... نعم فكارثة الكوارث ان القائد الحاكم هو الذي لايتسلح بالحصانة بل يمتلك الجينات التي تؤهله للتحول الى دكتاتور من طراز رفيع المستوى ... ليأتي يوم يرى فيه نفسه الهاً آمراً ناهياً ، ومن ثم يأتي يوم وعلى حين غرة فيرى هذا المعبود نفسه مطارداً من قبل الجمهور الغاضب الذي نسي تماماً ما كان يطلقه من هتافات بالأمس متغنياً بحب القائد.
نشاهد عبر الفضائيات في هذه الفترة زيارات للمسؤولين العراقيين الى دول الجوارولقاءاتهم بالجاليات العراقية المهاجرة بسبب الظروف القاسية ... لكن ما نصطدم به ان المجتمعين بالمسؤول يقومون بلعب نفس الدور السابق فيضفون على المسؤول صفات عجيبة غريبة واصفين اياه بالبطل والقائد الضرورة ورجل المهمات الصعبة وهم بالطبع بالمئات ... يبدو ان هذه الثقافة المقيتة ما زالت تعشعش في نفوسنا ، لا بل هي متجذرة وراسخة .
يفترض ان لانفكر بقادة الضرورات والزعماء التاريخيين ... نحن بحاجة الى دولة القانون ودولة المؤسسات ، نشعر فيها بان رئيس البلد موظف ورئيس الحكومة موظف والوزراء موظفون ولا قدسية لاحد منهم على الاطلاق ... نحن نمنحهم الأصوات ونحن نرفعهم ونحن نصنع الكراسي فلماذا نشعر بالصغر امام هؤلاء ... لماذا لانتسلح بثقافة المواطنة التي اساسها ان علي واجبات ولي بالمقابل حقوق والقانون هو الذي يرسم العلاقة الصحية بين المواطن وبين المؤسسات والحكومة التي جاءت انما جاءت لخدمة المواطن لا لقهره وسلب حقوقه .
علينا ان لانلوم القادة والزعماء والساسة في هذا البلد بل علينا نحن مراجعة الذات والاستفادة مما مضى.
نمنا قبل في 13 تموز 1958 ولنا ملك ... استيقظنا صبيحة اليوم التالي ولنا زعيم عسكري وكنا نقول " لازعيم الا كريم" ... لكننا انتفضنا ونحن نيام في شباط 1963 ليقوم عوضاً عنا ضباطا اخرين ليعدموا " الذي كان لازعيم الا غيره" فهتفنا للانقلاب الجديد كما هتفنا لانقلاب تموز 1958 وسحلنا نوري السعيد وقطعنا لحمه واعدمنا كل افراد العائلة المالكة في فورة غضب تموزية عراقية حارة ... وهوذا تاريخ العراق ... انقلاب تلو انقلاب وترحيب شديد بالحاكم الجديد من قبل محبي الحاكم الذي قبله .
الديمقراطية ودولة القانون كفيلة بإنهاء ثقافة الطغيان فلنتسلح بهما ونتعلم الدرس الأول .
#هفال_زاخويي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟