|
استحالة الاكتفاء بالدين الإسلامي كمصدر للأخلاق (1)
مستخدم العقل
الحوار المتمدن-العدد: 2315 - 2008 / 6 / 17 - 10:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كثيراً مانسمع مقولة أن الإسلام قد جاء ليتمّم مكارم الأخلاق، وللحقيقة التاريخية الموضوعية فإن الإسلام قد حاول بالفعل أن يُعلي من شأن العديد من القيم والأخلاق الإيجابية (مثله في ذلك مثل أي دينٍ آخر) ولكن العقبةالأساسية التي تواجه الإسلام في تحقيق مثل ذلك الهدف هي حقيقة أن نظرة الإسلام للأخلاق هي نظرة محدودة بمكان ووقت ظهوره، وبالتالي فإن الكثير من القيم التي يُعليها الإسلام قد لاتتوافق مع مفاهيمنا الحالية للأخلاق والتي تشكّلت عبر الكثير من الدروس التي تعلمناها من واقع حضارتنا الحديثة وتاريخنا المعاصر. بمعنى آخر فإن الإسلام يعبّر عن قيم وأخلاق كانت سائدة منذ آلاف الأعوام ولكن الكثير منها قد تغيّر اليوم وتطوّر للأفضل. أبسط مثال لذلك التناقض هو موافقة الإسلام على الزواج من الصغيرة التي بلغت لتوّها أو حتى لم تبلغ بعد. فالآية 4 من سورة الطلاق تقول (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا). وقد جاء في تفسير ابن كثير تلك الآية ما يلي (وَكَذَا الصِّغَار اللَّائِي لَمْ يَبْلُغْنَ سِنّ الْحَيْض أَنَّ عِدَّتَهُنَّ كَعِدَّةِ الْآيِسَة ثَلَاثَة أَشْهُر)، وكذلك تفسير الطبري (وَكَذَلِكَ عِدَد اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ مِنْ الْجَوَارِي لِصِغَرٍ إِذَا طَلَّقَهُنَّ أَزْوَاجهنَّ بَعْد الدُّخُول)، و تفسير القرطبي (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ "يَعْنِي الصَّغِيرَة" فَعِدَّتهنَّ ثَلَاثَة أَشْهُر)، و تفسير الجلالين (وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْن لِصِغَرِهِنَّ فَعِدَّتهنَّ ثَلَاثَة أَشْهُر). فمن المعروف أنه في وقت ظهور الإسلام كان من المقبول أخلاقياً الزواج بالطفلة الصغيرة وممارسة الجنس معها وذلك بدليل زواج الرسول من السيدة عائشة وهي بنت تسع سنين وذلك من واقع الحديث الوارد على لسان السيدة عائشة بصحيح البخاري والذي يقول (تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث بن خزرج فوعكت فتمرق شعري فوفى جميمة فأتتني أمي أم رومان وإني لفي أرجوحة ومعي صواحب لي فصرخت بي فأتيتها لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي ثم أخذت شيئا من ماء فمسحت به وجهي ورأسي ثم أدخلتني الدار فإذا نسوة من الأنصار في البيت فقلن على الخير والبركة وعلى خير طائر فأسلمتني إليهن فأصلحن من شأني فلم يرعني إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين) انتهى حديث السيدة عائشة الذي ينص صراحة على أنها كانت مجرد طفلة تلعب بالأرجوحة في ليلة زفافها.
كذلك فمن المعروف تاريخياً أن الإسلام كان يسمح بالتسري (أي ممارسة الجنس) مع الجارية الطفلة دون سن الحيض، فقد ورد النص التالي في صفحة 906 من الجزء الرابع من كتاب "بدائع الفوائد" للشيخ ابن قيم الجوزية (وفي الفصول روى عن أحمد في رجل خاف ان تنشق مثانته من الشبق أو تنشق انثياه لحبس الماء في زمن رمضان يستخرج الماء ولم يذكر بأي شيء يستخرجه قال وعندي أنه يستخرجه بما لا يفسد صوم غيره كاستمنائه بيده أو ببدن زوجته أو أمته غير الصائمة فإن كان له أمه طفلة أو صغيرة استمنى بيدها). كذلك ورد في صفحة 384 من كتاب الاستبراء للإمام مالك ابن أنس (مؤسس المذهب المالكي) مايلي (قلت : أرأيت إن كانت لا تحيض من صغر أو كبر ومثلها يوطأ فاشتراها رجل؟ قال مالك : يستبرئها بثلاثة أشهر)، فالكتاب ينص صراحة على أنك إن وطأت الجارية التي لاتحيض عن صغر ثم أردت أن تبيعها فيجب أن تستبرئها بثلاثة أشهر. وتجدر ملاحظة أن هذا الكتاب يتحدث بصفة عامة عن شروط استبراء الجارية التي يشتريها أو يبيعها مسلم بغرض وطأها. كذلك ورد في كتاب المغني للإمام ابن قدامة الحنبلي مايلي (فأما الصغيرة التي لا يوطأ مثلها فظاهر كلام الخرقي تحريم قبلتها ومباشرتها لشهوة قبل استبرائها وهو ظاهر كلام أحمد, وفي أكثر الروايات عنه قال: تستبرأ وإن كانت في المهد).
ممّا ورد عاليه نجد أنه بينما قوانيننا وأعرافنا الوضعية الحديثة قد جرّمت الزواج بالطفلة الصغيرة أو ممارسة الجنس معها فإن الإسلام لم يمانع في ذلك بل ونجد أن الرسول قد فعل ذلك بنفسه طالما أن ذلك كان مقبولاً أخلاقياً بمعايير عصره. وهذا يدل على أن البشرية قد استفادت من الدروس التي تعلمتها (ومازالت تتعلمها) عبر آلاف السنين التي تفصل عصرنا عن عصر الرسول فأصبحت معاييرنا الأخلاقية أرقى بكثير من المعايير التي نادى بها الدين الإسلامي.
#مستخدم_العقل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آيات قرآنية (دستورية) لتنفيذ رغبات خير البرية
-
الخطأ العلمي في فكرة الكتب السماوية عن وظيفة القلب
-
هل يمكن للقرآن أن يكون دستوراً للعالم؟
-
هل تعريف القرآن للسماء هو الحقيقة المطلقة؟
-
النظرة التشريعية للأنثى في فقه المواريث الإسلامي
-
هل يمكن للشريعة الإسلامية أن تجد لها مكانا بين القيم العلمان
...
-
جهاد الرسول مع بني قينقاع - صورة أخرى لثقافة الإرهاب التي تس
...
-
ثقافة الإرهاب تحاصرنا في المدرسة والمسجد
-
الحور العين هي إهانة للشعور الإنساني
-
نقد النص المقدّس هو طريقنا الحقيقي للقضاء على الإرهاب
المزيد.....
-
بيان جماعة علماء العراق بشأن موقف أهل السنة ضد التكفيريين
-
حماة: مدينة النواعير التي دارت على دواليبها صراعات الجماعات
...
-
استطلاع رأي -مفاجىء- عن موقف الشبان اليهود بالخارج من حماس
-
ولايات ألمانية يحكمها التحالف المسيحي تطالب بتشديد سياسة الل
...
-
هل يوجد تنوير إسلامي؟
-
كاتس يلغي مذكرة -اعتقال إدارية- بحق يهودي
-
نائب المرشد الأعلى الإيراني خامنئي يصل موسكو
-
الجيش السوري يسقط 11 مسيرة تابعة للجماعات التكفيرية
-
بالخطوات بسهولة.. تردد قناة طيور الجنة الجديد علي القمر الصن
...
-
TOYOUER EL-JANAH TV .. تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر ا
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|