أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عاصم بدرالدين - إستفحال الإستغباء بالتصفيق














المزيد.....

إستفحال الإستغباء بالتصفيق


عاصم بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2315 - 2008 / 6 / 17 - 10:42
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


أعتقد أن السخافة وصلت حد المجرزة، في التعاطي مع موضوع تقسيم الحقائب الوزارية على الأفرقاء المحليين. الأمر تخطى المعقول وصار شكلاً منمطاً للخفة والإستخفاف بالناس وعقولهم وذواتهم جسداً وروحاً. أعلم أن الأمر ليس بجديد، لكن مع ذلك، لم يصل من قبل إلى هذه الدرجة من الدناءة والإنحطاط. هناك سفور في الغباء والإستغباء. يستغبون الناس، بإستغباء أنفسهم. الأمر واضح وجلي للجميع، هناك تقاسم للوزارات لأجل أهداف إنتخابية، أكثر منها إنمائية. ما معنى هذا الهجوم على الحقائب المسماة خدماتية في هذا الوقت بالذات، لحكومة همها الأساس سيكون التحضير للإنتخابات النيابية المقبلة صيف 2009؟

لا ريب هنا أن هناك إستفحال وفجور بإستغبائنا. لكن ككل شيء، هناك شرفاء أنقياء. وملاعين نجسين. الجنرال عون يُنظِر علينا بأهمية الوزارات خدمة للشعب، بينما هو يمارس العهر الإستيزاري نفسه، حاله حال الجميع كي لا نخرج عن مبدأ المساواة. لا نفهم لما كل هذا الفجور والبجاحة. هل إنتبهوا أنه في الأيام الماضية مرت البلاد في أزمة طاقة، حتى الآن لم نخرج منها، بأكثر من ثمان إلى عشر ساعات من الكهرباء؟ هل إنتبهوا أن الأسعار تحرق أجساد المواطنين وجيوبهم؟ هذا البغاء السياسي بعينه. عندما تصير السياسة سلعة، ويصبح المواطن مجرد زبون، يُباع من كيس الخدمات، ويشترى صوته. في عملية جائرة لخنق الحريات الإنتخابية وتدميرها، الحريات الفردية، حرية الرأي والتعبير والقول.

عندما تصبح لقمة العيش، تقايض بصوت الجائع الإنتخابي تفقد الديمقراطية معناها، وتنام الحرية مع الأفاعي. وتستحيل خطراً خطيراً على البلد كله. هذا النظام لا نحلم فيه أن نكون أكثر من زبائن، فهو ينمي فينا، تلقائياً، الزبائنية والإستتباع لصاحب الرأسمال الإقطاعي المتماهي مع السياسي والوزاري. هذا هو قمع الطوائف، لا تأكل إلا حين تكون معي، أو قل خلفي. لا تزفت طريق ولا تبنى مدرسة، لا ترمم مستشفى إلا حين تنصاع لأوامري. صارت السياسة، ومن ورائها النيابة والوزارات، شكلاً من أشكال العائلية. المدقق في أسماء النواب الحاليين والمضطلع على النواب الذين سبقوهم منذ الإستقلال الأول يفجع، يصدم! أيعقل أن أسماء العائلات نفسها تتكرر؟ والأغرب، والأنكى، أن يكون هناك صلة دم حقيقة بينهم.. وهذا حتمي!

ويستمر العهر الإستيزاري في ممارسة الزنا على أبناء هذا الشعب، الغبي حقيقة والمتخلف. لقد سقطت أسطورة اللبناني، ذاك النابغة الذي يستنبط من الرمل ذهباً فكرياً. المعجزة اللبنانية صارت كارثة مكلفة بشرياً ومادياً. أصلاً هذه المعجزة ما هي إلا من بنات أفكار أبناء هذا الكيان المشتت، حين بنوا هذا الوطن من قطع متناثرة لملمة، لطوائف لا يمكن أن تكون إلا متناحرة. هذا العهر يصل إلى أقصى مواصيله، في وزارة الطاقة، التي تشبه حقاً العاهرة وهي واقفة تبحث عن رجل (لأن النساء غائبات عن التوزير في بلد يفترض أنه قطع شوطاً في المساواة! في أحلام أبنائه، فقط، طبعاً) يعتلي كرسيها. ولكن الكل يتهرب منها، لأنها دنسه وكافرة، ولأنها صارت عصية عن السرقة لكثرة ما نُهب منها. أو لأنها صارت صعبة التصليح (لكي نكون بنيات حسنة!).

ويمتد الإستفحال التعهري إلى شوارع العاصمة بيروت. فهذا الفريق المحترم يمتنع عن رفع الصور، وأقصد تيار المستقبل، بحجة أن صورة الشهيد رفيق الحريري المنثورة بكثرة على الجدران، حرام رفعها لأنها مقدسة، قدسية صاحبها في نظر مريديه، وكأن آل الحريري قد إشتروا المدينة، وكأن هذه الصور ستعيد الميت أو تقاصص قاتله، أو تحفره في ذاكرة الناس، أكثر من أعماله: سيئة كانت أم إيجابية. أما هناك في ضاحية المقاومة، فهم غير معنيين أصلاً بهذا القرار التي إتخذه الأمن اللبناني، فحزب الله يعتبر الضاحية الجنوبية ملاكاً خاصاً لنفسه ووليه الفقيه، لذا تصبح صورة القائد حسن نصرالله (وخميني وخامينئي)، رمزاً لسيادة الدولة وإستقلالها وإنسحابها من كنف الدولة المشلولة.

في بلد يصير العهر خبزه اليومي، تصبح الناس أكثر موتاً ويأساً. لا نعلم كيف نواجه هذا الكم الهائل من اليأس. لا الدوحة ولا دمشق ولا القاهرة والرياض سيصنعون مجداً لبنانياً، لأن هذا المجد لا يبنى على اليأس. والأموات لا يصنعون مجداً طبعاً. ونحن نموت كالأموات لأننا موتى. شعب ينزلق سريعاً إلى الهاوية وهو لا ينفك عن التصفيق. كرهناه لدرجة إلتصاقه بخطابات السفاهة اللبنانية. وطبعاً لا ننسى القبضات التي ترتفع وهي تفدي نفسها روحاً ودماً.



#عاصم_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلماني خارج دائرة الإنغلاق
- وماذا عن الجيش؟
- صراع أبدي
- الإنتفاخ الطائفي
- متى الحرية؟ متى السيادة؟
- في ذكرى سمير قصير: أسئلة دائمة
- الدولة المعلقة والحرب والمعلقة
- هل العلمانية حل لمشكلة الأقليات اللبنانية؟
- لا نساء في الكويت
- ماذا بقي من الديمقراطية؟
- أخطئ سعد الحريري
- وأيضاً سمير قصير؟
- لا تنسى
- نماذج علمانية تخريبية
- سقطوا
- فضائل النقد والمجتمعات الغيبية المقدسة
- كابوس
- الكذبة الحقيقية
- في شؤون -المحادل- والديمقراطية
- ساقطة.. ساقطة.. ساقطة


المزيد.....




- الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
- بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند ...
- لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
- قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب ...
- 3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
- إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب ...
- مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
- كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل ...
- تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
- السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عاصم بدرالدين - إستفحال الإستغباء بالتصفيق