رائعٌ هو عديدُ الغيارى ، الذين انتفضوا لكرامة نساء العراق ، إثْــرَ إلغاءِ مجلسِ المحكومين قانونَ الأحوالِ الشخصية الذي سَــنّـتْــه جمهورية تمّــوز ؛ حتى لَـكأنّ الناس كانوا ينتظرون يوماً كهذا لِـيُـفصحوا عمّــا في صدورهم ، بعد أن أمسى مجلسُ المحكومين حجراً طوطماً ، يُـعبَـدُ ولا يُمَسُّ ، بل
أنّ " مدَوَّنات " المجلس الشنيعة قضتْ بتحريم وتجريم استعمال كلماتٍ عربية مثل المقاومة والجهاد ، وربّـما
اتّســعَ الخَــرْقُ على الراقعِ ، فـحُـرِّمتْ كلماتٌ أخرى مثل الإستعمار والجلاء . نحن نعرف أن الإحتلال
استُـبدِلَ به التحالفُ ، وأنّ اللصوصَ صاروا مؤتمنين على المال العام ، وأن الخوَنةَ صاروا أولياءَ على العباد ،
لكننا سنظلّ نعرفُ ، ويوماً بعد يومٍ ، خوارقَ أخرى ، من قَــبيلِ أن بريمر الثالث ملك العراق أكثرُ حرصاً
على إماءِ اللهِ ، منّـا ، نحن ، عبيدِ الرحمن الجَـهَــلةِ في أرض العراق.
هل انتفاضةُ الغيارى هذه بدايةُ السبيلِ إلى حَــلِّ عُقدةِ اللسان ؟
هل سنَـفْــقَــهُ القولَ ؟
هل سـتُـفْـلِـحُ المرأةُ العراقيةُ في تحرير الرجالِ قلباً ويداً ولساناً ؟
إنْ لم يستطع الغيارى احتمالَ الصمتِ إزاءَ ما تعرّضتْ له المرأةُ ، فكيف يستطيعون احتمالَ الصمتِ إزاءَ استعمارٍ
ســافرٍ ، تقليديٍّ ، وفي منتهى القســوة ؟
لندن 18/1/2004