|
الخروج من إيران-العامل الخارجي سوريا.
غسان المفلح
الحوار المتمدن-العدد: 2315 - 2008 / 6 / 17 - 10:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بداية لا بد من تسجيل ملاحظة، حول الفرح الذي انتاب بعض أطياف المعارضة، التي ما فتئت تهاجم السياسات الغربية، عموما والأمريكية خصوصا. هذا الفرح الذي تولد عن إحساسهم المعلن في الخفاء، بأن السلطة في سورية قد خرجت من عزلتها الدولية والإقليمية. ولنفترض على سبيل الدعابة، أن السيد ساركوزي قد قام بتوجيه دعوة للمعارضة السورية، بإرسال وفد لحضور احتفالات العيد الوطني الفرنسي، فماذا سيكون عليه حال هذه التيارات المعارضة؟ هذه الملاحظة العابرة، في الواقع هي لتجديد الحوار، والنقاش حول السياسة الخارجية للسلطة في سورية. من الواضح جدا أن اللوبيات الإسرائيلية قد تحركت بقوة خلال السنوات الماضية من أجل الوصول إلى هذه اللحظة التاريخية، وهي إخراج السلطة في سورية من عزلتها. رغم أننا كنا نختلف مع كثر من المراقبين، إن السياسة الأوروبية، هي سياسة هزيلة، وليس من مصلحتها، استقرار المنطقة، ولديها شبكة متأصلة من العلاقات المشينة، في هذه المنطقة من العالم، والسياسة الفرنسية الآن ليست خارج هذا الإطار في الواقع. كان بودنا في الحقيقة أن نطرح سؤالا على السيد ساركوزي: ما الذي قدمته السلطة في سورية، من أجل إحلال الاستقرار في المنطقة؟ وهذا سؤال يستدعي سؤالا آخر: ما الذي قدمته إسرائيل على نفس الصعيد، حتى تكافئ بمثل هذه المكافأة؟ إن هذه المقدمة تنقلنا بلا أدنى شك إلى مستوى آخر من النقاش، وهو ما مصلحة إيران وإسرائيل معا، في إبقاء سورية بلدا مأزوما وارتجاليا؟ ثم ألا يشكل هذان الطرفان عاملا خارجيا في حسابات السياسة ذات الخطاب الممانع؟ من قال أن هذا التحالف المباشر بين إيران كدولة لها إستراتيجية واضحة المعالم والسلطة في سورية، يريد أن يخرج سورية من أزمتها؟ ثم من قال أن هذا التحالف غير المباشر الإيراني الإسرائيلي أيضا، يريد إخراج سورية من أزمتها هذه؟ وهل مهرجانات ساركوزي البهلوانية، ستخرج سورية من أزمتها؟ والتي هي مهما قلبنا أوجه البحث فيها، هي أزمة السلطة في سورية، وهذه الأزمة هي التي تخيم وخيمت بكل ظلالها على الواقع السوري، حتى وصلت إلى حالة، أصبح فيها المواطن السوري بلا أي ضمان وطني، لا على مستوى السياسة ولا على مستوى حياته اليومية، وأزماتها التي باتت مركبة. نستطيع القول أن المنطقة والتغيرات التي حدثت فيها منذ عقد ونصف تقريبا، قد انعكست على أن تتحول سورية إلى بلد مأزوم، وارتجالي، بمعنى تحولت إلى طرف خفيف في المعادلات الإقليمية، بين المشروع الإيراني- المتوافق ضمنا وتكتيكيا مع المشروع الإسرائيلي- وبين المشروع الأمريكي. لذا هنالك نغمة تتردد ساركوزيا، بان السياسة الفرنسية والإسرائيلية تريد إخراج السلطة السورية من إيران. نحن نميل إلى أن هذا الكلام في الحقيقة هو للرأي العام، لتبرير سلوك، لا يريد استقرارا ولا سلاما في المنطقة. فهل من مصلحة هذه الأطراف، باستثناء الطرف الأمريكي: قيام نظام إقليمي مستقر لأمريكا فيه دورا محوريا؟ إسرائيل ببساطة ليست جاهزة للسلام مطلقا، وإيران أيضا ليست هي الدولة- المشروع، الذي يعيش دون حالة تصدير نفسه نحو الخارج الإقليمي، سواء نوويا أو طائفيا. أما أوروبا فهي مريضة، بأوهام السياسات الألمانية- الفرنسية، ومن خلفهما إنكلترا، التي تقف داعمة للسياسة الأمريكية، باستثناء ما يتعلق منها بسورية. فالتجارة الألمانية- الإيرانية عامرة، والصفقات التي تمت مع الشقيقة قطر، راعية الأزمة والتأزم بالآن معا، أيضا فرنسيا، أزالت برقع الحياء السياسي، عن وجه بعض الإدارات السياسية الأوروبية. واستمرأت الأمر، بحيث يمكن لها في لحظة ما أن تدعو السيد أسامة بن لادن ليقف بجانب يهود أولمرت. الهدف إفشال أي تحول استراتيجي نحو الاستقرار في المنطقة. هذا كلام تغطيه الأرقام، أرقام الصفقات الأوروبية الإيرانية، ومحاولة كسر الإستراتيجية الأمريكية دون أن يؤثر ذلك على نشوب خلاف استراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية. لهذا يلوح ساسة أوروبا بورقة التوجه إلى دول شرق آسيا الصين. أما من الجانب الإسرائيلي: من قال أن إسرائيل تريد من النظام السوري، إيقاف صورايخ حماس؟ ومن قال أن من مصلحة إسرائيل، استقرار الوضع في العراق، كما هي الحال مع إيران؟ من هذه الأسئلة الكثيرة وغيرها، يبقى السؤال الأساس، هل النظام في دمشق قادر على فك التحالف اللا سياسي مع إيران، وهل هو لازال قادرا على التصرف لوحده ضد حزب الله وحركة حماس؟ ثم هنالك من يتحدث عن جهل الساسة في أوروبا، لطبيعة العلاقة التي تربط إيران بالنظام السوري! اعتقد أن هذا الأمر هو على غاية من السذاجة. عندما تفشل أمريكا أوروبيا وإسرائيليا، فإن إيران دولة قادرة أوروبا من جديد على تحجيمها، بينما لا تستطيع أن تحجم السياسة الأمريكية فيما لو نجحت بما تتحدث عنه من قيام نظام إقليمي، شرق أوسطي. هذا إذا أضفنا العامل الروسي الصيني إلى اللوحة، يصبح المشروع الأمريكي مخترق من أقرب حلفاءه. ولهذا العالم يعرف ويعي طبيعة العلاقة السورية الإيرانية، وعدم قدرة النظام في دمشق على التخلص منها ومن حمولتها السورية داخليا وعلى كافة المستويات، كما هي حال لبنان الشقيق. النظام يرى في إيران الحليف الوحيد في هذا العالم، الذي يسانده في مشروعه اللا مشروع سوريا، ودون أن يؤثر على سلطته في الداخل السوري. أما بقية دول العالم فما تطلبه منه أكثر بكثير من قدرته على تحمله وهو علاقات طبيعية وقانونية ومستقرة. حتى تتغير الإستراتيجية الإيرانية، تكون سورية، قد شارفت على حرب أهلية، وبذلك يعود الفرنسيين والإنكليز والألمان لكي يتدخلوا من أجل لملمة الدم السوري. وهذا ما يفسر أيضا تناقض المنطق هنا، الأوروبيون وإسرائيل بحاجة فقط، لتمديد الفشل الأمريكي، وعدم دفع الفاتورة الفلسطينية. ولن يجدوا حليفا أكثر من الحلف الإيراني السوري. إن زعامة العالم الأمريكية، باتت حملا بشكل أو بآخر على السياسة الأوروبية، التي تريد زعامة على العالم بالمحاصصة الواضحة، ولهذا بحثه الخاص. مع ذلك فإن الخطوة الفرنسية هذه ليست سوى شهر عسل مؤقت، سيرمي عليها النظام في سورية يمين الطلاق في القريب العاجل، لأن عينه على واشنطن ليس ألا. فهل واشنطن بعد الانتخابات جاهزة لكي تدخل عرين العار الأوروبي؟ هنا يبقى السؤال معلقا.
#غسان_المفلح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حزب الله« يتخلى عن حمولته العربية- غزوة بيروت
-
سورية ما العمل الآن؟نسيان البدء، بداية الفعل.
-
فضائية الخوف والوطن- لحظة بوح
-
فضائية سورية لمن؟
-
ثرثرة خارج خط التماس!
-
إعلان دمشق إلى أين؟
-
النوروز السوري-خواطر كصنع آلة عود في السجن
-
المعارضة السورية والثقافة النقدية.
-
الكردي المبعثر، العربي المشتت.
-
حضارة القوة أم قوة الحضارة؟
-
الاضطهاد الاجتماعي في سورية، أهل حوران نموذجا
-
غزة..إعادة إنتاج الديني سياسيا.
-
السياسة اجتهاد وليست قياس.
-
العنف... الصورة... المستقبل مقاربات لا تنتهي
-
جرائم الشرف ثقافة المشهد.
-
حوار مع ياسين الحاج صالح أزمة نقد أم نقد أزمة؟
-
الاعتقال والتخوين تعبير عن ميزان قوى.
-
فسحة بين إقصائين.سماح إدريس وفخري كريم.
-
الليبرالية والمشروع الأمريكي، فك ارتباط أم التصاق آني؟
-
إنه العار المطلق!
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|