أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - سلمان شمسة - كامل الجادرجي والقضية الكردية















المزيد.....

كامل الجادرجي والقضية الكردية


سلمان شمسة

الحوار المتمدن-العدد: 718 - 2004 / 1 / 19 - 05:46
المحور: القضية الكردية
    


          يشير المؤرخ العراقي المعروف عبد الرزاق الحسني إلى أن القضية الكردية من القضايا الخطيرة والمعقدة في تاريخ العراق السياسي منذ تأسيس الدولة العراقية في شهر آب من عام 1921 . وهي قضية هامة في حياة الشعب العراقي كانت وستبقى مؤشرأ لمدى الإستقرار الذي ينشده الشعب العراقي بأطيافه المختلفة.
          نالت القضية الكردية اهتمامأ كبيرأ من الحزب الوطني الديمقراطي ورئيسه رائد الديمقراطية في العراق  كامل الجادرجي منذ تأسيسه عام 1946. فلقد تضمن منهج الحزب ونظامه الداخلي ما يلي: (يعتبر الحزب، الوطن العراقي ميدانأ للتعاون الحر على أساس المصلحةالمشتركة بين العرب والأكراد وغيرهم من العناصرالتي يتكون منها العراق ، لهم فرص متساوية لإنماء قابلياتهم الفردية والمساهمة في تقرير السياسة العامة) الجادرجي، المذكرات، ص524 . وكان رأي الجادرجي أن الأكراد يمثلون قومية لها لغتها وخصائصها، ودعى إلى ضرورة منحهم حقوقهم القومية ضمن أطار الوحدة الوطنية ومشاركتهم العرب في الحكم. وكانت تلك الدعوة في ذلك الوقت غاية في الجرأة وتعبر عن نظرة سليمة وعميقة للمسألة القومية وتعقيداتها. وقد تطور ذلك الفهم أكثر حينما وضع الجادرجي نصأ أكثر تحديدأ في منهج ( حزب المؤتمر الوطني) الذي حاول تأسيسه بعد إيقاف حكومة نوري السعيد الحزب الوطني الديمقراطي عن العمل في عام 1956، حيث تضمنت المادة السادسة منه ما يلي: ( يعمل المؤتمر على تعزيز التعاون بين المواطنين كافة وذلك باحترام وصيانة حرياتهم، ويعتبر العرب والأكراد شركاء في الوطن ويدعو إلى احترام حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية). وقد تضمن الدستور المؤقت نفس الفقرة أعلاه بجهود قادة الحزب الوطني الديمقراطي الذين شاركوا في أول وزارة بعد نجاح ثورة 14 تموز 1958.
ورغم العلاقات الطيبة التي أرستها قيادة ثورة 14 تموز مع الحركة الكردية من خلال اتخاذ العديد من الخطوات سواء ما تم تثبيته من حقوق الشعب الكردي في الدستور المؤقت المشار إليها أعلاه أو الإستقبال الجماهيري الحار الذي استقبل به القائد مصطفى البارزاني بعد عودته من منفاه في الإتحاد السوفيتي. إلا أن تلك العلاقة الجيدة لم تدم أكثر من عام ، حيث تدهورت عقب إعلان الحزب الديمقراطي الكردستاني في 6 أيلول من عام 1961 الإضراب السياسي العام احتجاجأ على سوء الأوضاع في كردستان وعدم وفاء الحكومة بوعودها تجه الأكراد، مما أدى إلى الإصطدام بين الحركة الكردية وحكومة عبد الكريم قاسم، والذي أضرَ  بصورة مباشرة بالطرفين على حد ٍ سواء.( لا مجال الآن للتفصيل بهذا الموضوع، لأنه يمثل إحدى الإنتكاسات الهامة في تاريخ العراق الحديث ويتحمل مسؤوليتها أكثر من طرف وبنسب متفاوتة )
        وقد عقد الجادرجي خلال تفجر الأوضاع تلك مؤتمرأ صحفيأ في داره بتاريخ 23 نيسان 1962 تعرض فيه إلى الوضع في كردستان وحقوق الأكراد القومية ، مشيرأ إلى أنه من الخطأ اعتبار ما جرى ويجري في كردستان العراق هو مجرد تمرد أو عصيان، مؤكدأ على ضرورة الإعتراف بحقوق الأكراد القومية ضمن الوحدة الوطنية وعلى ثبات موقف الحزب الوطني الديمقراطي بدعمه للشعب الكردي في نضاله من أجل الحصول على حقوقه كاملة. كما وقع في أيار 1962 مع عدد كبير من المفكرين العرب عريضة ُرفعت إلى عبد الكريم قاسم، تضمنت الدعوة إلى إجراء مفاوضات مع الأكراد.        وحتى بعد إجهاض ثورة 14 تموز وقتل زعيمها على يد البعثيين بتلك الطريقة المفجعة  وتفجر الوضع في كردستان مرة ً أخرى لم يوقف الجادرجي جهوده من أجل حل سلمي للقضية الكردية، حيث رفع مذكرة في مايس 1963 إلى عبد السلام عارف مطالبأ براب الصدع الذي تعرضت له الوحدة العراقية، ومعالجة القضية الكردية بروح موضوعية  َتقر ما للقوميات الأخرى من حقوق وواجبات ...( الجادرجي، الأوراق، ص155،156 ).
من خلال كل ما أشير إليه أعلاه وغيره يتضح بأن الجادرجي دعا إلى ضرورة منح الأكراد حقوقهم القومية، ضمن الوحدة العراقية، ورأى في ذلك الوسيلة الملائمة آنذاك لحل الأزمة الكردية. وقد عبر ذلك عن نظرة إنسانية متقدمة، واتسم موقفه بالجرأة خصوصأ خلال فترة عبد الكريم قاسم ... وأكد على أن ما يجري في المنطقة الكردية يمثل قضية شعب له قوميته ولغته وتقاليده، ودعى إلى ضرورة إيجاد حل سلمي للمشكلة بما يضمن الأمن والإستقرار في ربوع البلاد.(الدليمي محمد، كامل الجادرجي، ص281)
فأذا تصورنا أن رأي أحد أعرق الأحزاب وأكثرها وطنية وديمقراطية هو بما جرى عرضه أعلاه  قبل أكثر من ستين عامأ إرتباطأ بنضال الشعب الكردي خلال تلك الفترة وما قبلها والتضحيات التي قدمها هذا الشعب العنيد والمناضل من أجل حقوقه، فهل يبقى من تبرير لمواقف مُدعي الديمقراطية من قوميين عرب متطرفين أو مدعين للديمقراطية  وغيرهم من التردد أو التنصل عن اتفاقيات ووعود حول حق الشعب الكردي بتقرير مصيره من خلال فيدرالية ضمن وحدة الشعب العراقي كله وبما يرونه مناسبأ لهم ؟
ومع الإقرار بأن قضية كركوك تتضمن تعقيدات توجب الحوار بصددها بروح منفتحة وإيجابية وواقعية. إلا أن ذلك لا يبرر بأي حال المطالبة بتأجيل طرح موضوعة الفيدرالية على بساط البحث، بل نرى أنه من الأجدى والأجدر و من أجل الخروج بنتائج  تؤدي إلى كسر حاجز الخوف والتردد، والتمهيد لإرساء أسس الديمقراطية التي تعتمد في جانب مهم منها على حرية اختيار أبناء الشعب لنظام الحكم المناسب للتنوع القومي والإثني والطائفي الذي يعيشه أبناء العراق من أجل الإنغمار في بناء بلدهم الذي أعاده الطاغية مائة عام إلى الوراء على كل الأصعدة وفي كل المجالات.
          إن المشاكل التي تحيق بالعراق والعراقيين كثيرة ومتعددة الأوجه، فمخلفات النظام البائد لوحدها تحتاج إلى جهود مضنية وإمكانيات هائلة واستقرار في الوضع يمهد السبيل للقيام بتلك المهام  ويهيئ الأرضية المناسبة والمقدمات اللازمة لحلها. وأول هذه المقدمات هو شعور الفرد العراقي بأن بلده عاد أخيرأ  ليكون بلد الجميع وليس بلد لحفنة من الجهلة والأفاقين والقتلة كما كان في عهد القائد "المُلهم". وهذا يعني العمل من أجل رفع الغبن الذي لحق بالعراقيين من النظام البائد أفرادأ كانوا أم جماعات، مهما كان حجمها ومهما كانت معاناتها. ولا نعتقد أن اثنين من العراقيين يختلفان في أن الكرد كانت معاناتهم والخسائر التي تكبدوها على مدى عشرات السنين يمكن أن  ُتعد أو تعوض حتى لو حصلوا على كل حقوقهم بما فيها الفيدرالية التي سقوها بدماء أبنائهم وبأعمارهم التي قضوها في حمم النضال وعلى قمم الجبال.
          إن ما يثير حفيظة العراقيين أكثر من أي شئ آخر هو التدخل الخارجي بكل صوره وأشكاله. وآخرها تصريح رئيس الوزراء التركي والرئيس السوري بمعارضتهم إنشاء دولة كردية ووضعهم خط أحمر أمام ذلك، وكأن العراق محافظة تركية أو أنها إسكندرونة مسلوبة أو جولان منهوبة!! إن هذا التدخل الفظ والمجافي لأبسط قواعد اللياقة والعلاقات الأخوية يدلل على الخوف والرعب الحقيقيين الذي تعاني منه حكومتي الدولتين الجارتين. فتركيا تخاف أن يسري إشعاع الفيدرالية عبر الحدود فينير أعين الشعب الكردي في تركيا والمحروم حتى من اسمه، حيث يسمونهم في تركيا أتراك الجبل. أما الحكومة السورية فإن مشكلتها أعظم، لأن استقرار الوضع بالعراق سوف يؤثر مباشرة ً على مجمل الوضع هناك. فالشعب السوري عندما يرى ما سوف يصل إليه الشعب العراقي من تطور واستقرار وانفتاح بالتأكيد سوف يتوق للتخلص من حزب البعث الذي أغمض عينيه عن أراضيه السليبة والمحتلة، وبالتالي فهو معني بأن لا تستقر الأوضاع بالعراق ، لذلك  قدم المساعدات اللوجستية وفتح حدوده للعناصر المتطرفة التي قدمت للعراق بعد سقوط النظام لكي تدافع عن حامي البوابة الشرقية أو لتصفي حساباتها مع أمريكا على أرض العراق وبإهدار الدماء العراقية. ومن جهة أخرى لا يريد قادة البلدان المجاورة التي يعيش على أراضيها أكراد أن تُحل القضية الكردية في العراق وبالشكل الذي يحقق طموحات الشعب الكردي ، لأن ذلك سوف يشجع الأكراد في تلك البلدان على النضال و المطالبة بحقوقهم المشروعة.


الدكتور سلمان شمسة
       هولندا



#سلمان_شمسة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
- 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
- كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت ...
- خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال ...
- صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق ...
- أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
- كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ ...
- مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - سلمان شمسة - كامل الجادرجي والقضية الكردية