أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - نضال نعيسة - سوريا:موضة الخادمات الآسيويات















المزيد.....


سوريا:موضة الخادمات الآسيويات


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2313 - 2008 / 6 / 15 - 10:38
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


بدأت ظاهرة الخادمات الآسيويات من سيريلانكا، والهند، والفيليبين، تتسلل إلى عمق المجتمع السوري، والحمد لله، وعلى نطاق يكاد محصوراً حتى الآن، بتلك الطبقات الاجتماعية فاحشة الثراء، واللهم لا حسد( هذه إعرابها سيكولوجياً= اللهم حسداً وضيقة عين كمان)، أو صاعدة الثراء الفجائي والداخلة حديثاً إلى نادي الميسورين والمرضي عنهم والأغنياء الجدد، الذين أنعم الله عليهم، وأثروا، ويا عيني عليهم، في غفلة عن أعين "الرقابة الحكومية" التي لا تطارد إلا جيوب المعثرين والفقراء المناحيس.

وباتت- الطبقات- والله يهنيها يا رب، لا تعرف أين، وكيف ستصرف تلك الأموال التي جنتها من عرق الفهلوة وخفة اليد، ورأت في استقدام الخادمات، قناة جيدة لتبييض الأموال، وتبديدها على الكماليات مما حلل الله، دون الالتفات إلى حقيقة أن الظاهرة تشكل أرقاً حقيقياً للمجتمعات الخليجية جعلتها في حال من التيه والضياع والصراع الثقافي والفكري والسلوكي العام. وتبدو الظاهرة اليوم، وفي أحد وجوهها الطبقية، هوية اجتماعية جديدة تميـّز بين المواطنين، ونوعاً من الافتراق المتعمد عن الوسط الاجتماعي السوري العادي الشعبي والتقليدي، والالتحاق العلني بنادي الأغنياء والأقوياء والأثرياء من محدثي النعمة والميسورين، وأولئك الذين يعتقدون ، أو يتوهمون بأنهم "مهمّون"، ومميزون عن الآخرين، ولا يجب أن يلحق بهم العار ويتشبهوا، أبداً، ولا سمح الله، بالسوريين الدراويش والبسطاء. فكما كانت السيارة أيام "المد القومي والثوري"، رمزاً للتميز والتفرد والتميـّز والفصل الطبقي والبرستيج الاجتماعي، صارت اليوم، الخادمة الآسيوية، وتيمناً، أيضاً، بالخلف الصالح من إخواننا في الخليج الفارسي، رمزاً من رموز القوة المالية والتفوق الطبقي وجواز سفر للالتحاق الطبقي والبراءة التامة من قوافل فقراء المواطنين. وصارت شرطاً "شرعياً" من شروط إتمام "صفقات" العريس المميز ابن "الأكابر والذوات والناس المهمّـين"، ومصدراً للمباهاة والتفاخر الطبقي باقتناء خادمة، كما تقتنى مصاصة المتة، وأباريق الشاي وبوابير الكاز بالنسبة للفقراء. ومن لا خادمة له، قلا جاه ولا عز له، ولا عزاء للمشحرّين على الإطلاق.

المهم، لن نتعرض للظاهرة أكاديمياً وإحصائياً وسفسطائياً وفذلكياً وماركسياً لينينياً بائداً ، كما يفعل بلاشفة سوريا الذين مازالوا، رغم أن المرحوم ماركس نفسه قدس الله سره قال لهم: "لا تصدقوني بل صدقوا أحفادي"، يقاربون القضايا على اعتبار أن الرفاق بريجنيف وأندريه غروميكو وألكسي كوسيغين ما زالوا في الكرملين. وسنمر على الظاهرة، وكعادتنا، مرور المستعجلين الكرام ومن "برى لبرى" ، يعني "من أريبو وليس أريبا" كما يقول الشوام. ومع توغل ثقافة الخادمة إلى عمق المجتمع السوري، نكون قد بلغنا طوراً جديداً من الانعطاف الاجتماعي بدأت مفرزاته وآثاره تظهر إلى الواقع والعيان. وعلى عكس دول ومشيخات الخليج الفارسي، الذي يتسم عموماً بالمحافظة وندرة التباينات لأنه مجتمع تراتبي هيراركي تعزز بقاءه وتدعمه الهبات المالية الأبوية، ولا يوجد فيه أي نمط من أنماط الإنتاج لا الزراعي ولا الصناعي أو علاقاتهما، فإن التنوع والتعدد الثقافي والعرقي وأنماط العلاقات المتنوعة والمتشعبة المتشابكة والمعقدة في سوريا تفرض ذاتها على شكل التعامل مع، وحياة الخادمات أنفسهم في المجتمع السوري. فإذا كانت العائلة السورية محافظة مثلاً، فإنها ستستقدم خادمة "مسلمة" حصراً، فلا وجود لكافرة في "أرض الديار"، وسينعكس، ذلك، أيضاً على وضع ولباس وزي الخادمة التي عادة ما تكون غير جميلة، متحجبة، ومتزمتة، وعابسة الوجه والعياذ بالله، ولا تبتسم لرغيف الخبز، ويقاطعها رب المنزل ويفرض، عليها نوعاً من الرقابة الصارمة والحظر ولا يكلمها إلا بالوكالة ومن "مناخيرو" أحياناً ومن وراء حجاب، ولا ينظر إليها أبداً خشية الزنا بالنظر وأستغفر الله، وعادة ما تقلد الخادمة سلوك الأسرة المحافظ في كل شيء ويجب عليها الالتزام به، فلا حفلات ولا موسيقى ولا دردشة مع الغرباء، ولا اختلاط، ولا موسيقى ولا سباحة ولا غناء. وأما إذا كانت العائلة متحررة، فإن الخادمة عادة ما تكون جميلة، بشوشة مرحة، كاسية عارية، دائمة الابتسام، سافرة الوجه والعياذ بالله، وحاسرة الرأس، ( هذه المفردة النشاز لطشت عمداً من أدبيات دورة الأغرار)، وتراها تلبس القصير والحفر والجينز والشورت وتضحك بمناسبة ومن دون مناسبة، وتتسلى ويسمح لها بالرقص ومتابعة كافة قنوات التلفزيون، وتلبس على الموضة، وربما تحتسي الخمر والمنكر، والعياذ بالله، في المناسبات والحفلات والدعوات. وتكون الخادمة، على العموم، نسخة مطابقة لسلوك وثقافة "المدام" صاحبة القرار المنزلي عادة في ثقافات الحرملك و"الزلملك" والغلمان.

وبعكس دول ومشيخات الخليج الفارسي، أيضاً، التي باتت فيه لغة القرآن الفصحى كواحدة من أضعف اللغات المتداولة، فإن اللهجات المحلية باتت تسيطر على الخادمات الآسيويات، ويبدو أمر إتقان اللهجات السورية المتنوعة مهمة غاية في الصعوبة بالنسبة للخادمات الآسيويات إذا ما رغبن بالتنقل بين المحافظات. وكم كانت المفارقة مرة وغريبة، حين سمعت خادمة فيليبنية, جميلة ولا أروع،( أعتقدت في البداية ويا لكسوفي وخيبتي، بأنها زوجة رب الأسرة المأسوف على شبابه قبل أن تظهر لي "البومة" زوجته آية الجمال وربّـة الحسن والدلال)، وهي- أي الخادمة- ترطن باللغة الساحلية الجبلية المعروفة، أي "تبقبق" بالقاف المضخمة، تماماً كما "تبقبق" جميلات ضيعتنا في ذرى تلك الجبال الساحرة الشاهقة الخضراء. ونفس الأمر ينطبق على خادمات آسيويات بتن يتقن اللهجة الشامية الرقيقة والناعمة والدافئة، أو الحلبية المضخمة والمفخمة والقوية، أو حتى البدوية في الجنوب السوري والجزيرة في شمالها الشرقي. وقد يلزم الخادمة دورة "لهجة" مكثفة ربما، للانتقال من عند عائلة في درعا، إلى عند عائلة في طرطوس، أو حلب مثلاً. بينما تستطيع نفس زميلتها العاملة في الخليج الفارسي الانتقال من الجهراء الكويتية، في أقصى الشمال، إلى خورفكان الإماراتية، في أقصى الجنوب الشرقي، دون أن تواجه أية تمايزات سلوكية وثقافية، أو تكابد أية عقبات لغويةLinguistic Obstacles .

الظاهرة، وعلى طرافتها، ومفارقاتها، وغرابتها، لم تزل في خطواتها وطورها المبكر الأول، بعد، ولم تمتد بشكل أفقي، ولذا من الصعب فرز أو حصر كافة تداعياتها العديدة في عجالة كهذه كالاضطهاد والتحرش الجنسي والجريمة والسفاح والشذوذ والإيدز والاتجار بالبشر المحظور عالمياً، غير أنه، ومن المؤكد، ستكون لها، بظني، وإذا ما تركت على غاربها، الكثير من العواقب الوخيمة، والباعثة على التأمل والندم، في وقت، قد لا ينفع معه أي نوع من التوبة، والاستغفار، والندم.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهنئة للإخوان السوريين
- التّمثيلُ بالأحياءِ: ضرورةُ تجْريمِ ِأُمراءِ وأشياخِ الوهابي ...
- الوهابيّة أم ِالنازيّة؟
- أنقذوا السوريين من العنصرية والاستعباد
- تَجْريمُ الفِكر القَوْمي
- لا لعودة سوريا للصف العربي
- برقية تعزية ومواساة
- همجية الوهّابية
- فرسان رفعت الأسد
- نَسْفُ الثقافةِ العربية
- خبر عاجل: اختفاء معارض سوري
- صدِقَ البعثيّون ولو كذبوا
- نكبة الأديان
- خدام: والمشي في جنازة القتيل
- احذروا آل سعود
- الأقليات العربية في دول الخليج الفارسي
- متى يكف رفعت الأسد عن إهانة السوريين؟
- هل هي حقاً نكبة، أم نعمة على العرب والمسلمين؟
- هل أعرض الناس عن المعارضين؟
- رسالة إلى المرشد العام للإخوان السوريين


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - نضال نعيسة - سوريا:موضة الخادمات الآسيويات