أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منذر خدام - الديمقراطية وإمكانية تأويل النص القرآني















المزيد.....

الديمقراطية وإمكانية تأويل النص القرآني


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 718 - 2004 / 1 / 19 - 06:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


    إن ما يمكن تسميته بالوعي الاجتماعي الإسلامي قد تكون تحت تأثير عوامل عديدة ربما كان تأثير النص القرآني من بينها هو الأضعف وذلك للأسباب التالية:
    أ – إن لغة القرآن ليست مفهومة دائما وهي خاضعة للتأويل، لذلك يوجد فرق بين الدلالة اللغوية للنص والدلالة العرفانية له.
   ب – القراءة المرتلة والمجودة للقرآن تخاطب المشاعر والعواطف أكثر مما تخاطب العقل.
   ت – تأثير القرآن في تكوين الوعي الاجتماعي تتوسطه قراءات النص التي تحكمها مصالح مذهبية أو سياسية أو مادية، ولذلك فهي قراءات متعددة ومختلفة.
   ث –إن تأثير الحديث والسير والثقافة المذهبية والسياسية الإسلامية كانت الأقوى بسبب قربها من وعي الناس وقضاياهم اليومية.
   ج – إن إغلاق باب الاجتهاد جعل الدين يتخلف عن قضايا العصر ومعطياته.
   ح –إن التأثير الحاسم لثنائية الكفر والإيمان في وعي المتدين حملت دائما قيمة سلبية تجاه الآخر المختلف دينيا أو مذهبيا، لتنتقل من حقل المقدس الديني إلى جميع الحقول الاجتماعية الأخرى. ويزداد تأثير هذه القيمة الانفعالية السلبية في ظروف التخلف السائدة في البلدان العربية والإسلامية، حيث تعصف بها الأزمات من كل نوع ولون، وخصوصا في الحقل الاقتصادي والسياسي.
         من كل ذلك نخلص إلى استنتاج محوري ومبدئي يفيد بأن اشتغال العقل الإسلامي  بمرجعيته التراثية التي جمدت وخرجت عن نطاق المساءلة والنقاش، لا يستطيع أن ينتج معرفة أو يؤسس لعلاقات اجتماعية أو لممارسات سياسية تفلت من قبضة هذه الثنائية التي يمكن تعميمها بدرجات مختلفة على جميع الأديان والمذاهب، وعلى كل ممارسة اجتماعية أو سياسية بخلفية دينية (1).
     الوضع يختلف عندما نقرا التراث الفكري الإسلامي من موقع الفكر النهضوي الليبرالي. من هذا الموقع الفكري الليبرالي إذا نظرنا في الخطاب الديني، في القرآن والحديث أو في السير أو في التاريخ الواقعي، سوف نجد شواهد عديدة يمكن أن تساهم في انفتاح الوعي الاجتماعي الديني السائد على قضية الديمقراطية، وغيرها من القضايا الأخرى ذات الصلة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-      "الأحزاب والحركات والجماعات الإسلامية " ، الجزء الأول ،مرجع سبق ذكره  ص 495و576و601 و611. انظر أيضا نفس المرجع الجزء الثاني ص36-59 و708-709 
     سوف نحاول التوقف عند النص القرآني للبحث فيه عما يمكن أن يؤسس لمقولتنا السابقة، آخذين بعين الاعتبار أنه النص الذي لا خلاف عليه لدى جميع المذاهب والفرق الإسلامية في الوقت الراهن.
أ?- الحق بالحياة.
     في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تحض على صون الحياة ومنع الاعتداء عليها فهي للإله وحده" وهو الذي أحياكم ثم يميتكم "( االبقرة 66). وتوعد من يقتل نفسا بأنه سوف يصليه نار حامية " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما* ومن يفعل ذلك عدوانا فسوف نصليه ناراً "(النساء29 ,30).  ومع أن الخطاب القرآني قد منح ولي من يقتل مظلوما سلطانا يخوله حق المطالبة بقتل القاتل إلا أنه نهى عن الإسراف في القتل " ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل " (الإسراء33). وينهانا الله عن قتل أولادنا بسبب الضائقة الاقتصادية " ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم.."(الأنعام151 ). وقد صعد الخطاب القرآني من تشدده في ضرورة صون الحياة التي منحها للإنسان إلى درجة جعلها مبدأ دينيا مقدسا "..من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " ( اامائدة32).
      مما سبق ذكره، أصبح من الجائز أن يطرح بجدية سؤال حول مصداقية الحديث المنسوب إلى الرسول(ص) " من بدل دينه فاقتلوه". فلدى التدقيق في جميع الآيات التي تناولت حكم المرتد  وجدنا أنها تحصره في حساب الآخرة. ففي الحالات التي يرتد فيها المسلم عن دينه اكتفى الخطاب القرآني بتوعده دون أن يصل إلى حد إقرار عقوبة القتل بحقه  كما هو سائد ومستقر في الاجتهاد الفقهي لدى مختلف المذاهب الفقهية، فتارة يحبط عمله "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم "البقرة217). أو أن لا خلاق لهم "إن الذين يشترون بعهد الله وإيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة "(آل عمران77) ، أو يلعنه الله "وكيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم… أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" (آل عمران86،87).
ب-الحق في أن يعيش الإنسان كريما.
     لم يكتف الخطاب القرآني بأن صان الحياة التي منحها الله للإنسان ووضع الضوابط والحدود التي أجاز في حال تجاوزها إزهاق هذه الحياة مثل القتل أو الفساد في الأرض والتي تشكل في قراءتها المعكوسة دعوة إلى حماية الحياة المستقيمة الفاضلة، بل خلقه مكرما وعزيزاً " ولقد كرمنا بني آدم…. وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا "(الإسراء70)، وفي أحسن صورة " ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم " (االتين4).وفي آية أخرى " وصوركم فأحسن صوركم.." غافر64).وقد بلغ الخطاب القرآني في تكريمه للإنسان حدا بأن جعل الملائكة تسجد له " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم.." (الإسراء61،62). وزاد في ذلك بأن جعله يفوقهم علما واستخلفه في الأرض " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء.. وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين*قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا.." (البقرة30، 32، 33).
     ويصعد الخطاب القرآني في تكريمه للإنسان بأن  فضله على العالمين " ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين " (الجاثية16). وحرره من خطيئته الأولى وتاب عليه ".. فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم " (البقرة34-37).
ت-الحق في المعرفة.
    يحتل خطاب العقل والمعرفة حيزا هاما ومبدئيا في النص القرآني مما يجعل الخلق الإنساني كاملا، فقد خلقه فأحسن خلقه وصان حياته وكرمه وفضله على العالمين  وميزه بالعقل والمعرفة " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار، والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس، وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة، وتصريف الرياح، والسحاب المستمر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون " (البقرة164). وكانت أول آية نزلت في القرآن تحض الإنسان على العلم والتعلم " اقرأ باسم ربك الذي خلق* خلق الإنسان من علق* اقرأ وربك الكرم الذي علم بالقلم* علم الإنسان ما لم يعلم "(العلق 1-5)وفي آية أخرى " خلق الإنسان علمه البيان"(الرحمن3-4).
ث- الحق في حرية الاختيار وفي حرية العقيدة.
     ما أكثر الآيات التي تؤكد على حرية الاختيار في الإسلام سواء تعلق ذلك بالدين والإيمان أو بغيرهما، وفي ذلك تصعيد لكمال الكينونة البشرية. فمنذ البداية يختار الإنسان خلافة الأرض وإعمارها ويتحمل مسؤولية ما اختار." إن عرضنا الأمانات على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفق منها وحملها الإنسان…" (الأحزاب72). وإذا كان الإنسان ظلوما لنفسه فاختار مهمة أبت أن تختارها وتتحمل مسئوليتها السماوات والأرض والجبال، فلم يلزمه الخطاب القرآني بأن ينجز هذه المهمة بعقيدة الإيمان التي دعاه الله إليها بل ترك له حرية الاختيار ويتحمل مسؤولية اختياره." وقل الحق من ربكم من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" (الكهف29). وخاطب رسوله قائلا " فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر" (الغاشية21-22). وقال أيضا " فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا، إن عليك إلا البلاغ "(الشورى48). وإذا كانت مهمة الرسول (ص) تنحصر في التبليغ فذلك لأن مشيئة الله اقتضت أن لا يكره أحد على اختيار دينه " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " (يونس99). حرية الاختيار من المنظور القرآني كامنة في تكوينه، هي جزء لا يتجزأ من إنسانيته التي كرمها الله بحسن الصورة والعقل، " إن خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه، فجعلناه سميعا بصيرا * إن هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا " (الإنسان2-3).وقال أيضا " من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها، ولا تزر وازرة وزر أخرى.."(الإسراء15) ويصعد الخطاب القرآني من موقفه من حرية الاختيار بحيث يجعلها مبدأ دينيا " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي " (البقرة256).
ج-الحق في الاختلاف.
      في الوقت الذي ركز فيه الخطاب القرآني على حرية الاختيار في العقيدة أو في سواها فإنه ركز أيضا على الحق في الاختلاف الذي هو من النتائج المنطقية لحرية الاختيار. يقول الله في كتابه العزيز " يا أيها الذين أمنوا إن خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " الحجرات 13). وقال أيضا " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا.. واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين" (الروم21-22). ولا يقتصر الاختلاف على تنوع الجنس البشري وشكله، وإمكانياته، بل تعدى ذلك إلى طريقة حياته ومناهجها " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا…إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون "(المائدة48). ورفع الخطاب القرآني من شأن حق الاختلاف إلى درجة جعله مبدأ في الحياة " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة، ولا يزالون مختلفين " (هود118). وإن الحق في الاختلاف الذي شدد عليه الخطاب القرآني لا يعني التفرق والتنازع، بل خلق المناخ الملائم للوحدة القائمة على الحوار والتعاون، على أن يكون معيار التفضيل والتمايز هو استباق الخيرات وحسن العمل. " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما أتاكم فاستبقوا الخيرات.." (المائدة48).ويقول " إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون " (آالبقرة 62).وقال أيضا " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا.. ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" (آل عمران103-105). ويأمر الله رسوله " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"(النحل125) .ويأمره بأن يقول لعباده أن يقولوا التي هي أحسن " وقل لعبادي أن يقولوا التي هي أحسن " الإسراء53 ) ، فالله يريد بهم اليسر " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر "(البقرة185) وفي مجمل الأحوال ينبه الله رسوله أن يتقيد حدود التذكير ولا يتجاوزها" فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر" (الغاشية21-22). وفي إطار مناخ الحوار يحدد الخطاب القرآني قواعد الحوار والسلوك فلا يجوز أن يسخر قوم من قوم ولا أن يدعوا لأنفسهم فضلا عن غيرهم ولا أن يتنابذوا بالألقاب، " إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون* يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا بالألقاب…* يا أيها الذين أمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه.." (الحجرات10-13).ويقول أيضا " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر…" (آل عمران)104.
ح-الحق في العدل.
    الحق في حرية الاختيار والحق في الاختلاف ومنهاج الحوار وغيرها مما يدعو إليه الخطاب القرآني لا تكتمل بدون أن تؤسس على العدل. فالعدل هو ركن أساسي في الخطاب القرآني يرقى إلى مستوى المبدأ الديني المقدس. يقول الله في كتابه العزيز آمرا رسوله الكريم " وقل أمنت بما انزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بين الناس الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم "(الشورى15). وفي آية أخرى يقول " وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين " (المائدة42). وخاطب داو ود " يا داوود إن جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى " (ص26). وينتقل الخطاب  القرآني من حالة التخصيص إلى حالة التعميم"وإن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" (النساء58). وفي آية أخرى " إن الله يأمركم بالعدل والإحسان " (النحل90).  ويفصل الخطاب القرآني في نطاق العدل فيقول " يا أيها الذين أمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين، إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا " (النسائ135). وهناك العديد من الآيات الأخرى تؤكد جميعها على المكانة الرفيعة التي يحتلها العدل في الخطاب القرآني .
     ثمة في النص القرآني العديد من الشواهد الأخرى التي تسمح لنا من موقع الفكر الليبرالي أن نقرأ فيها دعوات صريحة لحب الحياة والتمتع بها وعمران الكون الذي استخلفنا فيه وإقامة نظام اقتصادي واجتماعي يتيح لمواطنيه أن يتنافسوا فيما بينهم استباقا للخيرات والعمل الصالح. للإطلاع على مزيد من التأويلات المعاصرة للنص القرآني يمكن الرجوع لكتاب الدكتور محمد عابد الجابري "  الديمقراطية وحقوق الإنسان "، علما أننا نختلف معه في  بعض ما ذهب إليه(1).
6- النص القرآني ومسألة التكفير.
      في الخطاب الديني استسهال لافت لتكفير الآخر المختلف أو المخالف، استسهال نمى وترعرع في الحقل الديني لينتقل بعد ذلك إلى جميع الحقول الأخرى السياسية والثقافية والاجتماعية. والذي يدعو إلى الاستغراب في سهولة تكفير المخالف في مجال الدين أو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الجابري ، محمد عابد(1997) ، (( الديمقراطية وحقوق الإنسان ))، الطبعة الثانية ،مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت، لبنان.
المذهب أو غيره مما يخرج عن نطاق المقدس، هو افتقاره إلى السند القوي في النص القرآني. بل على العكس حدد  النص القرآني على وجه اليقين المرجعية الوحيدة للفصل بين كون الإنسان مؤمنا أم كافرا  وهي الله وحده. فعندما " ينفخ في الصور "(الكهف99) سوف يجمع الله الناس إلى يوم لا ريب فيه " فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه " (آل عمران25) وهو لا يخلف الميعاد " ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد " (آل عمران9) فهو الذي "كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه " (الأنعام12) وإن " وعد الله حق وان الساعة آتية لا ريب فيها" (الكهف21). في ذلك اليوم سوف تجد كل نفس ما عملت" من خير محضرا وما عملت من سوء" (آل عمران30) . وعندئذ " تبيض وجوه وتسود وجوه " (آل عمران106)،
في ذلك اليوم " الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات لنعيم "(الحج56) ولا ينفع عندئذ نسب ولا قرابة " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون* فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون* ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون " المؤمنون101-103) فكل نفس سوف تجزى " بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب " (غافر17). ومع أن الله يحيط بكل شيء علما ففي الآخرة يأتي بكل نفس وشاهدها معها " وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد " (ق21)، بل وكل أمة معها كتابها " وترى كل أمة جاثية، كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون" (الجاثية28) فلكل دينه"لكم دينكم ولي دين " (الكافرون6) .ثم ألم يعلم أولئك الذين يستسهلون التكفير أن الله يغفر الذنوب جميعا إلا أن يشرك به " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن شاء "(النساء48) فهو "غافر الذنب قابل التوبة"(غافر3) وهو " الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات"(الشورى25) وإن المؤمنين موجودون في مختلف الديانات وأن الله وعدهم خيراً " إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون " (البقرة62).
      أين نحن من كل ذلك ؟ ألا يرعوي أولئك الذين يستسهلون تكفير الناس لاختلاف في الدين أو المذهب أو  في الرأي. ومتى يمتنع المتطرفون منهم عن قتل الناس وهم يعلمون أنه  " ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ "(النساء92)  وإن من يتعمد القتل فجزاؤه جهنم " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها "(النساء93) . ألم يحن الوقت لتغليب روح الحوار والتعقل " أدفع بالتي هي أحسن السيئة " المؤمنون96) ، فلا " تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم "(فصلت34). وأن نتعاون في ما فيه الخير العام " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " المائدة2) فالله " لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " ( الرعد11) .

1-سورة النساء ، الآية (48).             2-سورة غافر ، الآية (3).
3- سورة الشورى، الآية (25).           4- سورة البقرة ، الآية (62).
5- سورة النساء، الآية (92).             6- سورة النساء ، الآية (93).
7- سورة المؤمنون ،الآية (96).         8- سورة فصلت ، الآية (34)
9- سورة المائدة ، الآية (2).           10-سورة الرعد،الآية (11).

 



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية والشورى
- الديمقراطية في الفكر الإسلامي النهضوي
- المجتمع يشارك بفاعلية إذا كان حراً


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منذر خدام - الديمقراطية وإمكانية تأويل النص القرآني