نورالدين إبراهيم محمود
الحوار المتمدن-العدد: 2312 - 2008 / 6 / 14 - 10:08
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
شنت إريتريا حرباً علي جارتها جيبوتي يعتقد أن الهدف الحيقيقي وراءه هو إستعادة سيطرة نفوذها علي صفوف المعارضة الصومالية التي تقاوم الإحتلال الأثيوبي للصومال و التي أنشأت في عاصمة إريتريا اسمرة قبل عام و نصف بدعم قوي من الرئيس أفورقى نفسه، لإستنزاف القدرة العسكرية الإثيوبية في المستنقع الصومالي. فمنذ ذلك الوقت المبكروالى اليوم بذلت أريتريا كل ما بوسعها لإثبات قد ميها على الساحة السياسية الصومالية الداخلية المتأزمة، لتكون رقماً صعباً في المعادلة الاقليمية والدولية.
هذا الحرب المفاجئ يأتي فور انتهاء إتفاقية السلام التاريخية الموقعة بين الحكومة الإنتقالية الصومالية المدعومة من إثيوبيا والتحالف لإعادة تحرير الصومال الذي إنقسم مؤخرا الى فريقين، فريق يقوده شيخ شريف شيخ احمد، رئيس التحالف الموجود في جيبوتي ، والذي اتهم الرئيس الإريتري بإستخدام التحالف لصالح سياساته وعدم التفاهم مع القضية الصومالية، وفريق آخر يرأسه شيخ حسن طاهرأويس الذي رفض المفاوضات موجهاً الشيخ شريف بأن يتحمل المسؤولية الكاملة بانقسمات التحالف، متهماًإياه بالخيانة والعمالة.
ولم يخف ايضا رئيس اريتريا انزعاجه تجاه مبادرات المبعوث الخاص للأمم المتجدة في الصومال احمد ولدوعبدالله، وصرح بأنه يريد من خلال دعواته للحواربين الفرقاء الصومالين ان يحد ث بلبلة في صفوف التحالف لإعادة تحرير الصومال ،القريب العهد ويريدون قتله في المهد. وعلي هذا الأساس قرررئيس التحالف شيخ شريف ان ينقل مقر التحالف من اسمرة الى جيبوتي و أبدي إستعداده الكا مل للدخول في مفاوضات مع الأمم المتحدة و المجتمع الد ولي لوضع حدٍ للأ زمة الصومالية وإعلان جدول زمني لإنسحاب القوات الإثيو بية المحتلة للصومال واستبدالها بقوات حفظ سلام اممية لملإ الفراغ الأمني بعد الإنسحاب.
بدت ملامح وابعاد التأثيرالأريتري للمعارضة الصومالية تلوح قي الأفق, وخاصة لدي الطرف الرافض للمفاوضات التي تمت توقيعها مؤخرًا في عاصمة جمهورية جيبوتي. و يعتقد المحللون للأوضاع في القرن الأفريقي ان السبب الر ئيسي وراء انقسام المعارضة الصومالية هو الضغط الأريتري لإستخدام التحالف كورقة ضغط وتوجيه رسالة لعدوتها وجارتها اللّدود أثيوبيا.
وفي مقابلة اجرت هيئة إلإذاعة البريطانية مع وزير الخارجية الجيبوتي فيما يتعلق بالهجوم الإريترى على جيبوتي وإستيلاء قواتها على منطقة حدود ية تقع تحت سيادة جيبوتي، صرّح الوزيرعلى ان بلده سيدافع عن سيادة اراضيه. وحين سئل عن اسباب الهجوم الإريترى على بلاده قال "حاولنا بكل الوسائل الممكنة للتعرف على الدوافع من ورآء هذا الهجوم الغير مبرر ضد جيبوتي" ولكنه أضاف "مع الأسف لم نحصل ايٍ جواب من أريتريا", و اكد على الدافع الوحيد هو ان إريترىا لاترغب للأطراف الصومالية ان تتصالح لأ نها خائفة على ان ورقة المعارضة التي راهنت استخدامها لتوجيه الضربات الموجعة ضد جارتها وعدوتها أثيوبيا قد سقطت من يدها، و بهذا القلق فقدت وعيها وأقدمت بهذا الهجوم ألإنتحارى.
من الممكن ان يكون هناك اسباب اخرى موضوعية لإقدام اريتريا بهذه الهجمة لا استبعد احتمالية بروزها على السطح في الأيام القليلة القادمة ولكن حتى هذه اللحظة السبب الأرجح هو ما تحدث عنه وزيرخارجية جيبوتي.
وإذا كان الأمر كذلك؛ فإن هذه الخطوة حتمًا تضعف جناح الإسلام السلفي الرّافض للمفاوضات المغلوب على امره، و أن هذه المحاولة الإريترية اليائسة تفضح الإسلاميين الذين ما زالوا يتهمون الحكومة المؤقتة الصومالية على أنها عميلة لأثيوبيا ومغلوبة على أمرها. ولكن بعد ان اتضحت الصورة بهذا الشكل الرهيب، وان أريتريا مستعدة للمغامرة من اجل ابقاء ورقة المعارضة الصومالية بيدها واستخدامها لصالحها, سينطبق عليها (المعارضة الصومالية في أريتريا) صفات غير وطنية وتصبح هي كذالك عميلة لإريتريا ومغلوبة على أمرها، فاقدة المصداقية لخدمة الشعب الصومالي الذي يرزح تحت قصف العشوائي الإثيوبي وضربات المقاومة التي تتحكم أريتريا مصيرها.
كما ان التطورات الأخيرة قد ترجّح الكفّة لصالح المعتدلين من التحالف لإعادة تحريرالصومال الذين رفضوا تسليم القضية الصومالية لأريتريا و الأستسلام لأثيوبيا ومن ساندها في إحتلالها للصومال, و حتى الأن بإ مكننا ان نقول أنّ هذا الجناح حاول بقدر المستطاع التمسك بالمسؤلية الأخلاقية والتاريخية تجاه قضية الشعب الصومالي الذي طالت معاناته قرابة ربع قرن من الزمن، كما لا ينطبق عليهم قول الشاعر:
لا تنهي عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
على الأقل ان لايكونو عملاء لأي طرف سواء كانت أثيوبيا أو أريتريا. وفي واقع الأمر؛ إن التوتر الأخير بين أريتريا و جيبوتي يضيف مزيداً من التدهور وعدم الإستقرار اللذين كانا سائدين في وضع القرن الإفريقي .
النزاعات الحدودية بين أثيوبيا وأريتريا من جهة, و صراعهما على النفوذ لأجل إضعاف الأخر احياناُ، وملإ الفراغ المحتمل في مناطق استراتيجية في المنطقة احياناً أخرى، والسياسة الأمريكية العسكرية الساذجة، وإزد واجية معاييرالدول الأوريبة، و خوف الد ول العربية بإتخاذ خطوات حول الوضع هناك، و ضعف الأتحاد الأفريفي، و غياب دور الأمم المتحدة، والتناقضات بين الفرقاء الصومالين، كل هذه الأجواء الخائبة تجعل حلم الشعب الصومالي بدولة حرة، مستقلة وءآمنة صعبَ المنال.
#نورالدين_إبراهيم_محمود (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟