|
هل يجني المالكي من الجولات المكوكية شيئا؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2312 - 2008 / 6 / 14 - 10:11
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
بعدما انهى السيد نوري الماكي رئيس وزراء العراق زيارته الى ايران، بدا زيارة رسمية جديدة الى الاردن ليبحث مع المسؤلين هناك سبل تطوير العلاقات الثنائية، هذا ما تعلن عنه الدوائر الرسمية ، و لكن الامور السرية المختلفة التي تظهر بين حين و آخر مضمونها في اية زيارة بعد تسربها ليس من باب الشفافية بل نتيجة التغيرات المستمرة في المواقف من السياسة العامة للاطراف المعنية حول العديد من المسائل، وكذلك لوجود الطرف الثالث الذي له يد طولى في الموافقة على ما يصل اليه الطرفان اثناء الزيارة او رفضه،و خاصة ما يتعلق بمستقبل العراق و المنطقة او اي شيء يخص العراق و الغرب معا و بوجود امريكا في المنطقة. بعد سقوط الدكتاتور،يعيش العراق في عزل دبلوماسي من قبل مجموعة كبيرة من الدول و منها الجوار العربي الذين يحسون بان التغيرات التي طرات في العراق ابعدته عن الحاضنة الاقليمية العربية و قربته من حوزة الجارة الشرقية و الى حد ما مع الدبلوماسية الشمالية. في اية زيارة لمسؤول عراقي الى تلك الدول يُطرح سبل انفتاح الوضع و اعادة العلاقات الدبلوماسية الى سابق عهدها ، الا ان ذلك ليس بسهل و لكل دولة مواقفها المستندة على المصالح العامة و موقفها من الوضع الراهن في العراق و ما يترتب من نتائج جمع معادلات ميزان القوى من منطلق قومي و ديني ومذهبي.اننا نرى هناك بيارق امل و آفاق ظهرت لفتح الثغرات البسيطة في جدار ما يمكن ان نسميه الحصار الدبلوماسي ومن خلال بعض الدول المعتدلة لاعادة المياه الى مجاريها الطبيعية، وكل ذلك بمساعدة امريكا و ضغوطاتها العلنية و السرية، ما يهمنا هنا ، عند زيارة المالكي لطهران بعد زيارة احمدي نجاة لبغداد ، طُرح على الطاولة قضايا عديدة ومن اهمها الاتفاقية العراقية الامريكية و العلاقات العراقية الايرانية كعنوانين رئيسيين مما نتج عن المباحثات اتفاقية عراقية ايرانية وما سميت بالدفاعية الا انها تتضمن كافة المجالات ، الى جانب و موازي لما يريد العراق في اتفاقه مع امريكا، و على عادته لم يظهر من بنود هذه الاتفاية الاخيرة شيء سوى ما تحدث به المعنيين بان لا اتفاق مع امريكا من دون موافقة ايران عليها و لو ضمنيا ، وهذا ما يعني ان ما يتشدق به الجميع في الحفاظ على السيادة في اتفاقية العراق مع امريكا ليس الا ترضية الجانب الآخر من المعادلة و ليس لسواد عيون العراقيين، والدليل هو القبول براي طرف اخر و فرضه للشروط خرق فاضح للسيادة العراقية ، و اية دولة حرة لاتاخذ راي اي كان في عقد اتفاق يخص البلد و لا ياخذ بنظر الاعتبار غير الاعتماد على سيادة البلد نفسه و مصالحه الخاصة التي تفيد الشعب. هذا فيما يخص الاتفاقيات و لا نتكلم هنا عن المشاريع و العلاقات الاقتصادية السياسية الدفاعية الاخرى . وفي المقابل ، في الوقت الذي كان المالكي نازعا لربطة عنقه عند استقبال الخامنئي له و هذا يعني الكثير بالنسبة لرئيس وزراء دولة مستقلة، صرح بوش بان امريكا لا تنوي انشاء قواعد عسكرية دائمية في العراق و ان الاتفاقية العراقية الامريكية ستعقد و كان واثقا من كلامه, و من جانب اخر تبين فيما بعد ان احد اهم النقاط الذي تكلم عنه السيد المالكي هو التيار الصدري بعد قضم ظهره خلال الضربات الاخيرة في البصرة و مدينة الصدر و مدن اخرى، وكما نعلم مقتدى الصدر موجود في ايران كورقة ثمينة للعب بها متى ارادت الضرورة و في الوقت المناسب بالاضافة الى تزامن زيارة المالكي زيارة عبدالعزبز الحكيم الصحية! الى ان بعض الجهات اعلنت ان هناك امكانية اجتماع الثلاثي المالكي و الصدر والحكيم برعاية ايرانية لتنظيم امور و العمل على ابقاء زمام الامور بيد راعي الجهات الثلاث و كيفية العمل على الانتخابات لمجالس المحافظات و بقاء سيطرة التيارات و الاحزاب السياسية المرغوبة على قمة السلطة على الاقل في المدة التي تحتاج اليها المصالح الاقليمية الايرانية. لم تظهر النتائج بشكل واضح في هذه الايام الا اننا سوف نكشف ذلك خلال الاسابيع المقبلة و من خلال سير التفاوض العراقي الامريكي،ومن جانب اخر يرى الكثير و منهم الدول العربية ان زيارة الماكي الى طهران هو ايصال رسالة طمأنة من امريكا لايران حول الكثير من القضايا التي تهم المنطقة و امكانية شد العصى من الوسط بين العرب و ايران و كذلك دفع عقد الاجتماع الايراني الامريكي الدوري في العراق. اما من جانب اخر ، زيارة السيد المالكي للاردن الجار العربي المعتدل المساعد في الكثير من النواحي العملية لاستقرار الوضع الامني العراقي سوى كان ذلك من قناعته الخاصة منطلقا من وجهة نظر عالمية و لمصلحة شعبه ام كردٍ جميل من صديق مدلل لامريكا التي يمكن ان تفرض العديد من ارائها ، و يمكن ان يكون الاردن الباب المفتوح لاعادة العلاقات الدبلوماسية العراقية العربية و خاصة احتمال زيارة العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني الى العراق و فتح السفارة الاردنية في العراق، بعدما تفتح الامارات سفارتها في بغداد،و في المقابل هناك علاقات اقتصادية عراقية اردنية لا يمكن للاردن الاستغناء عنها باي شكل و ليس من مصلحته الاستمرار على هذا الوضع و اعتماده كليا من ناحية الوقود على الدول التي يمنٌ عليه بين حين و اخر، و لذلك يمكننا ان نقول ان زيارة المالكي للارن يمكن ان تكون نتائجها ايجابية اكثر من زيارته لطهران لعوامل كثيرة و منها الارضية الخصبة المناسبة بعد افول نظرة الاردن حول الهلال الشيعي و خاصة بعد معارك الاخيرة مع القوى الشيعية المتطرفة، و يمكن للاردن كجار هاديء و معتدل و مساعد ان يعمل على تقوية ظهر الحكومة العراقية في كثير من الامور و منها الصراعات الاقليمية و ما على الدول العربية الاقليمية من عمله في المستقبل . نصل الى زبدة الكلام بان الزيارات المكوكية للمالكي تفيد الاستقرارو زيادة ثقل و موقع الحكومة العراقية في المنطقة و هذا ما تريده امريكا قبل سحب قواتها من العراق و ما يقلل من الاضرار التي تلحق بالمصالح الامريكية الكبرى و خاصة المصالح الاستراتيجية البعيدة المدى، فهناك من الدول التي لا تخيف امريكا و تعتمد عليها في بيان سياستها في المنطقة و هذه الزيارات تصب في النهاية في مصلحة الاستقرار و كتحصيل حاصل تدخل في جعبة امريكا و تساعدها في تسهيل امورها في العراق نفسه، و به نصل الى ان المالكي بهذه الزيارات السريعة المتتالية سيجني ثمارها الكثيرة بعدما كانت الزيارات الى الدول الخليجية قبل ذلك لم تات بشيء، و هذا ما يجعل بقاء وجه العراق و حكومته ملتفتة دائما نحو الشرق القريب و الغرب البعيد، و يمكن ان يُعتبر هذا الخط في العلاقات بديلا مناسا لمن لا يمد يد العون مهما اقترب منه العراق ، و اعتقد هذا جُل ما يفكر به المالكي في هذا الوقت.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اين مفهوم اليسار في العمل السياسي العراقي؟
-
من باستطاعته تغيير العقليات السائدة في المنطقة؟
-
هل يُرضي ديمستورا جميع الجهات لتطبيق مقترحاته؟
-
اي نظام سياسي نريد ؟
-
اقليم كوردستان العراق بحاجة الى المثقفين اكثر من السياسيين
-
السلطة و الاعلام والالتزام بالثوابت
-
الضغوطات منعت نيجيرفان البارزاني من المضي في بعض العقود النف
...
-
الاتفاقية العراقية الامريكية وتدخلات دول الجوار
-
الاهتمام بالمظهر دون الجوهر في حكومة اقليم كوردستان العراق!!
-
الفكر و مصداقية الحكم في العراق!!
-
هل تترسخ مسالة قبول الآخر في العراق؟
-
لم يقرر الشعب بعد!
-
نيجيرفان البارزاني والعمة(بوره مه نيج)
-
ما الحل الجذري للمسالة العراقية؟
-
اقليم كوردستان العراق....الى اين؟
-
هل حرية العراق تنتج قيادة مسؤولة؟
-
الراي العام في كردستان العراق
-
العمل الطليعي المطلوب في العراق
-
المواقف السياسية المتناقضة في العراق
-
هل التغيرات الحاصلة من مصلحة الشعب
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|