|
أنت متهم لأنك تحب وطنك .. سورية!
محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 2311 - 2008 / 6 / 13 - 07:01
المحور:
حقوق الانسان
خبران صغيران يفصل بينهما عالمان مختلفان تماما، لكن يمكن اعتبارهما صلب القضية التي نتحدث عنها. الأول عن اضراب موظفي 12 مطارا نرويجيا، مما اضطر الملك هارالد الخامس والملكة سونيا إلى ركوب قطار الليل بعد العثور على تذاكر سفر بصعوبة، وذلك للوصول قبل الموعد في صباح اليوم التالي. وللمواطن العربي أن يتخيل موظفا في القصر الملكي النرويجي يرجو مكتب الحجز أن يجد تذاكر سفر للملك والملكة وبعض موظفي الديوان. أما أن تخرج طائرة خاصة ليستقلها العاهل النرويجي فهو الأمر غير الطبيعي، تماما كما حدث مع والده الملك أولاف عندما قطع العرب بترولهم عن الغرب خلال حرب أكتوبر 73، فجلس الملك في المترو، واشترى تذكرة من المحصل كأي مواطن آخر. وكان يركب دراجته في التنقل من مكان إلى آخر. المشهد المقابل تظهر فيه صورة رجل استخبارات سوري غاضب إثر ابلاغه بأن إمام أحد المساجد لم يتوجه إلى الله تعالى في نهاية الخطبة بأن يطيل عمر فخامة الرئيس بشار الأسد. أما الحديث عن أن سكرتير الرئيس لم يجد تذكرة سفر لفخامته من دمشق إلى اللاذقية فقد يصيب مستمع الخبر وناقله بهوس ضحك متواصل أو بكاء مستمر! شمرت أجهزة صناعة الكلمة عن سواعدها، وتلقى مثقفو السلطة أوامر ذاتية مبرمجة منذ أربعين عاما بأن تمتدح شجاعة الرئيس الذي سيجعل المفاوض الإسرائيلي يتبول في ملابسه رعبا وفزعا وهو يجلس على مائدة المفاوضات مثلما جلس جنرالات صدام حسين في خيمة صفوان، والجنرال شوارتسكوف يهمس في أذن الجنرال خالد بن سلطان بن عبد العزيز! أجهزة الاستخبارات والتي تهمس في أذن الرئيس بأنها تقوم بحمايته تقرر في عملية بطولية خارقة اعتقال فاطمة مصطفى أحمد وهي في الثانية والعشرين من عمرها وكانت حاملا في الشهر الخامس، واختفت مع زوجها عمر بن أحمد خطاب ، فالشمس لم يخلقها الله لتسطع على قلب العروبة النابض، ولكن لكي يختفي المواطن السوري وراءها دون محاكمة، فوجود السلطة القضائية إهانة للسلطة التنفيذية، أما السلطة التشريعية فينتخب الشعب أعضاءها للتعبير عن رغبات سيد القصر. أنت سوري، وتحب وطنك حبا جما، وتذوب عشقا في كل نسمة هواء تلفح رجلا أو إمرأة’ أو حجرا أو شجرة أو قطة متشردة أو طفلا يطل برأسه من نافذة حافلة مسرعة ، لكن حبك ينبغي أن لا يقترب من إثارة غضب حماة الرئيس، وإلا فقد ثكلتك أمك قبل أن تعود إلى دارك، فالاختفاء القسري ممهور بتوقيع الرئيس الشاب حتى لو لم يمسك القلم أو يخط حرفا فيه. النكتة الوحيدة في الإقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة التي تبكي وتضحك في الوقت عينه سامعها تتعلق بحقوق الإنسان. يصل المهندس راسم السيد سليمان الأتاسي رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سوريا إلى مطار دمشق الدولي، فالمهمومون بقيمة الإنسان العربي في إنتظاره بالعاصمة البحرينية، لكن أجهزة الأمن تكتشف في صدره أحلاما تهز هيبة الدولة، وهي أخطر من الإحتلال الصهيوني لهضبة الجولان، وأغلب الظن أنها عن كرامة المواطن. يبصق مدير أمن المطار على الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، ثم يعيد المواطن إلى المعتقل .. أعني الوطن حيث لا تستطيع أن تميز بينهما. تستطيع محكمة أمن الدولة في سوريا أن تحجز لك مكانا في زنزانة ستكون من أسعد مخلوقات الله لو أن فتحة التهوية فيها كانت أكبر من قبضة يدك، والتهمة محاولة إضعاف الشعور القومي! لكن هناك تهمة جديدة هي القيام بأعمال لم تجزها الحكومة! ترى هل سيأتي الوقت الذي يتم فيه إعتقال مواطن لأنه مر بجوار كلب، ولم يرفع يده بالتحية، باعتبار أن الكلاب تتعاون مع السجانين في نهش لحوم المعارضين، ومن لا يحترمها يقلل من هيبة الدولة؟ الشاب عبد الله البحر بن سمير لم يبلغ الحادية والعشرين من عمره، وقد ارتكب جريمة بشعة في حق الدولة وهي أنه كان يبحث عن والده وشقيقه المفقوديّن منذ فترة، فتم اعتقاله. التهمة ليست مشكلة فهي تأتي لاحقا، بل يمكن للمتهم أن يختار التهمة التي سيمثل بها أمام القضاء، فالمهم أن الخوف يسري في كيانه، وأن تقتله حيرة التفكير في مصير لا يعرفه، وأن يعرف أن التجديف في حق الله واحدة من الصغائر التي لا تقارن بجريمة حب الوطن والاهتمام بشؤونه ومشاكله وقضاياه. أما أن تظن بأن الله أعطاك من نفخة الروح فيك كرامة تصحبك من المهد إلى اللحد، فأنت قد حفرت قبرك بيدك، وحجزت زنزانتك قبل أن تغسل دورات مياه سجنها بوقت طويل. عضو المنظمة السورية لحقوق الإنسان وديع دك الباب هز هيبة الدولة أكثر مما فعلت طائرات إسرائيلية حلقت فوق القصر الجمهوري بدمشق، ونشر مقالا عن ( دمشق عاصمة للثقافة العربية ) وطالب بأن تكون الكرامة قبل الثقافة. لو أنه اشترك مع المقاتلات الإسرائيلية في ضرب مشروع المفاعل النووي السلمي لكانت جريمته مخففة وبسيطة، أما أن تلعب الشياطين برأسه، ويظن أن حبه لبلده ولشعبه ولأرضه الطيبة يمنحه حق الحديث عن أهمية الكرامة، فالرئيس الشاب لا يتسامح مع الخيانة العظمى للدولة. هل تحب سوريا حقا، ومع ذلك فأنت تصمت على عشرات من الجوانتانامو المتفرقة في قلب العروبة؟ عليك إذن أن تعيد النظر في حبك، فهو كراهية ولو ظنها البلهاء غزَلا صامتا! للاستماع والمشاهدة http://www.youtube.com/watch?v=5jijvExtTLI
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة مفتوحة إلى فيصل القاسم
-
فيصل القاسم يعلن وفاتي في الثلاثاء الأسود
-
بعد اطاحة الطاغية مبارك .. البيان رقم واحد
-
دعوة لتحريض الإخوان المسلمين ضد المرشد العام
-
بيان الثلاثين نصيحة للعصيان المدني في 4 مايو
-
4 مايو .. نهاية طاغية في عامه الثمانين
-
خطوات ضرورية قبل القبض على مبارك ومحاكمته
-
الغضب الشعبي المصري في 6 ابريل
-
النرويج .. الآن يمكنني الحديث عنها
-
لا تصدقنا يا رسول الله فنحن كاذبون
-
دماء السودان في رقبة البشير
-
سيدي الرئيس .. استحلفك بالله أن تستقيل
-
الكوارث المنسية في الصحراء المغربية
-
جوانتانامو .. العار الأمريكي والصمت العربي
-
مبروك .. ليست هناك أماكن شاغرة في مسقط
-
الحروب الصليبية العنكبوتية .. شروط النصر وعلامات الهزيمة
-
حوار بين مواطن مصري و .. ضابط شرطة
-
حقوق السوريين في خوف أقل
-
المراحيض في خيمة العقيد
-
هل هناك خطوط حمراء في الحوار المتمدن؟
المزيد.....
-
مقتل واعتقال 76 ارهابيا في عملية فيلق القدس بجنوب شرق ايران
...
-
-الدوما-: مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتنياهو ستكشف مدى ا
...
-
الداخلية الفنلندية توقف إصدار تصاريح الإقامة الدائمة للاجئين
...
-
الإعلام الإسرائيلي يواصل مناقشة تداعيات أوامر اعتقال نتنياهو
...
-
هذه أبرز العقبات التي تواجه اعتقال نتنياهو وغالانت
-
الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق
...
-
مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه
...
-
كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم
...
-
سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي
...
-
سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|