|
في الضفة الغربية أجواء لا علاقة لها بالحوار
عماد صلاح الدين
الحوار المتمدن-العدد: 2311 - 2008 / 6 / 13 - 07:00
المحور:
القضية الفلسطينية
تفاءلنا جميعا كفلسطينيين بدعوة الرئيس محمود عباس نهاية الأسبوع الماضي بتاريخ 4- 6- 2008 لحوار حقيقي وشامل بين فتح وحماس ، لإنهاء الانقسام على الساحة الفلسطينية ، والذي بدأ بصورة جلية مع أحداث غزة في حزيران من العام المنصرم . وكان إطار تلك الدعوة مركزا في المبادرة اليمنية التي ُترجمت إلى اتفاق في صنعاء ، والذي جاء داعيا في مجمله إلى ضرورة الحوار من اجل العودة بالأوضاع الفلسطينية إلى ما كانت عليه قبل أحداث غزة الأخيرة . ولم يرد في تلك الدعوة الواردة في خطاب الرئيس المقتضب أي مفردات أو جمل تساعد على التأزم وتحول دون الانفراج ، من باب تهيئة الأجواء لإطلاق الحوار الفلسطيني الداخلي . لذلك لم يرد في خطابه القصير جدا كلمات ومصطلحات مثل الانقلاب والدعوة المبكرة لانتخابات رئاسية وتشريعية ، وحلت بدلا منها مفردات من باب ضرورة إنهاء الانقسام والحث على الوحدة الوطنية . وجاء الحديث عن الانتخابات الشاملة في سياق العموم دون التطرق إن كانت مبكرة أو غير مبكرة .
وأصدرت الرئاسة الفلسطينية بعدها قرارات ومراسيم بضرورة التوقف عن الحملات الإعلامية العدائية والتحريضية ، وكذا بتشكيل لجنة من قبل الرئيس لمتابعة أمر الحوار . وتشكك في البداية كثير من المراقبين بمدى جدية الدعوة للحوار بسب السوابق العديدة والمريرة في تجربة الحوار والاتفاق بين فتح وحماس . لكن هذا التشكك بدأ يتلاشى على نحو كبير ، حينما قام الرئيس محمود عباس بجولة عربية إلى القاهرة والرياض لتوفير مظلة عربية قوية وجامعة للحوار المرتقب ، وحماس هي الأخرى رحبت بدعوة الحوار منذ بدئها ، وأكدت على الترحيب والقبول بالمظلة العربية ، وتحديدا المظلة المصرية التي طلبها الرئيس محمود عباس في زيارته الأخيرة للقاهرة .
في ظل أجواء هذا الحوار المرتقب ، يفاجأ المراقب للأحداث الفلسطينية ، وتحديدا هنا في أراضي الضفة الغربية المحتلة ، انه لا زال هناك استمرار وتلاحق لا ينقطع في ملاحقة واعتقال العناصر المحسوبة على حركة المقاومة الإسلامية حماس من قبل الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية . هناك العشرات جرى اعتقالهم منذ الدعوة المباركة للحوار لإنهاء حالة الانقسام التي فاقمت من صعوبة حياة الفلسطينيين ومأساتهم ، والتي لا يستفيد منها أي طرف فلسطيني سواء الذي في غزة أو في الضفة الغربية، سوى "إسرائيل" بالطبع ، ليس هذا وحسب ، بل إن الذي صدم المواطنين في الضفة الغربية وصدمني و فاجأني أنا شخصيا ، هو قيام الأجهزة الأمنية الفلسطينية وتحديدا جهازي المخابرات العامة والأمن الوقائي باعتقال فلسطينيين خرجوا للتو من سجون الاحتلال ، وقد أمضى بعضهم قريبا من العام أو يزيد ، حيث إن بعض هؤلاء الذين جرى اعتقالهم على يد الأجهزة الأمنية الفلسطينية لم يتمكن من رؤية أهله بعد خروجه من سجون الاحتلال الإسرائيلي ، كما هو الحال مع نضال دويكات من مخيم بلاطة بنابلس وهو منشد في فرقة الهدى الإسلامية ، حيث جرى اعتقاله بعد مروره من على حاجز حواره شرق نابلس من قبل حاجز لقوة أمنية فلسطينية .
هناك معتقلون آخرون من قرية طلوزة شمال نابلس خرجوا من السجون الإسرائيلية ، ولم يمض على خروجهم يومان أو ثلاثة ، تم توجيه طلبات لهم بالحضور أمام جهاز المخابرات العامة في نابلس ، وأصبح حال هؤلاء المعتقلين موضع تندر من أهل القرية ، ذلك أن أقرباء وأصدقاء لهم لم يتمكنوا من زيارتهم بعد ، بسبب سرعة الاعتقال بعد الخروج من السجن الإسرائيلي. علما أن معظم هؤلاء المعتقلين المحسوبين على حماس جرى اعتقالهم سابقا من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية نفسها قبل اعتقالهم على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي ، وتحديدا بعد أحداث 14 – 6 – 2007 في غزة . احد هؤلاء الذين تم اعتقالهم قبل أيام وتم الإفراج عنه من سجون الأجهزة الأمنية الفلسطينية في نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، تعرض لتعذيب شديد ، حيث تم ضربه بواسطة ( بربيش ماء ) على جميع أنحاء جسمه بما فيها منطقة الرأس ، مما أدى إلى أصابته بحالة من التشنج العصبي نقل على إثرها إلى المستشفى الوطني بمدينة نابلس .
لا أظن أن الرئيس محمود عباس ، وهو الذي طالب بتشكيل لجنة لمتابعة الحوار الوطني الفلسطيني ، واصدر قرارا بوقف التحريض الإعلامي ، الذي لم تستجب له بعد وكالة وفا الرسمية للأنباء، وطاف من اجل ذلك على دول عربية لتوفير مظلة عربية جامعة للحوار الوطني الفلسطيني ، لا أظن انه يقبل باستمرار أجوار التصعيد والاستفزاز عبر الملاحقة والاعتقال لعناصر من حماس أو غير حماس ، بما يؤثر سلبا على الجهود المبذولة من الجميع لتهيئة الحوار الوطني ، والتوصل إلى صيغة وحدوية توافقية جامعة تظلل الجميع .
هناك ومن أسف مجموعات فلسطينية سواء على المستوى السياسي أو الأمني ، لا يعنيها أمر الحوار . وهي من قبل لا يهمها مصالح الفلسطينيين الوطنية العليا . وهي تحيا على الانقسام والتشرذم الفلسطيني، وتسعى دوما لوضع العصي في دواليب أي مجهود فلسطيني أو عربي لرأب الصدع الفلسطيني .
لذلك ، هذه دعوة ومناشدة فورية عاجلة إلى الرئيس عباس وكل الحريصين على نجاح الحوار والتئام وحدة وشمل الجسم الفلسطيني في الأراضي المحتلة ، بضرورة اتخاذ موقف حاسم من كل السلوكيات والتصرفات التي تهدف إلى إجهاض الأمل بالتوصل إلى اتفاق وطني فلسطيني حقيقي يجد سبيله بين الفلسطينيين واقعا ملموسا ومعاشا .
باحث فلسطيني في مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان
#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سيكون هناك حوار جدي بين فتح وحماس هذه المرة؟
-
لا بد من وضع حد لعبثية نهج المفاوضات
-
كيف هي الشراكة مع قاتلي اطفال غزة؟!
-
التفكير باستراتيجيات واقعية لتنفيذ حق العودة
-
غالبية فلسطينية بلا تمثيل شرعي حقيقي
-
اسرائيل تمنع الفلسطينيين من الزواج بأجانب!
-
فلسطينيون بسببهم يستمر الحصار على غزة!
-
مؤسسات حقوق الإنسان تصمت على جرائم الفساد في السلطة الفلسطين
...
-
المفاوضات خيار استراتيجي لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية
...
-
القتل البطيء لامل اللاجئين الفلسطينيين في العودة!
-
سوريا دعوة جدية لاسلمة الحياة السياسية
-
الموقف الحقوقي المغيب عن تقييم واقع التجربة الديمقراطية الفل
...
-
لماذا لا تجرى انتخابات لمنظمة التحرير الفلسطينية؟!
-
المفاوضات في المنظور الفلسطيني الرسمي
-
هل ستأتي اللحظة التي نقرر فيها حل السلطة الفلسطينية؟
-
أشك في هوية وانتماء قادة فلسطينيين
-
هل اغتيال مغنية فاتحة الحرب الاقليمية الشاملة؟
-
أين تكمن العلة في مشهد العلاقة بين فتح وحماس؟
-
مدى صلاحية محكمة الجنايات الدولية في النظر في الجرائم الاسرا
...
-
معضلات الحوار الفلسطيني – الفلسطيني
المزيد.....
-
الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا
...
-
شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
-
استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر
...
-
لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ
...
-
ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
-
قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط
...
-
رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
-
قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
-
استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|