|
هل نحن امة عبيد ايها السيد المالكي؟؟
علي بداي
الحوار المتمدن-العدد: 2311 - 2008 / 6 / 13 - 11:25
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
منذ ان نصب السيد نوري المالكي رئيسا لوزراء دولة العراق وانا احاول تجنب الانسياق وراء موجة الانتقاد الحاد لسياساته والتي تتجاوز في احيان كثيرة بتقديري حدود النقد البناء المنطقي الى الثارات القبلية والايديولوجية . والقناعة التي تحركني في تصرفي هذا، هي ان شيئا ما في طريقة تفكيرنا السياسي يجب ان يتغير لكي نتمكن من تجنب ماحصل لبلدنا خلال النصف قرن الماضي. بناء على ذلك يتوجب حسب فناعتي ان لا ينتقد الماركسي الاسلامي لمجرد كونه اسلاميا ولا يهاجم الاسلامي الشيوعي لكون فكره ماركسيا ، بل لما جنت يداهما من عمل لايخدم الناس، اما اذا تحرك نوري المالكي بحزم لانهاء هيمنة المليشيات مثلا فجدير بكل عراقي ان يسند هذا العمل الوطني مهما كان خلافه الفكري مع المالكي واسعا.
لاننا وببساطة اذا مابقينا على هذه الحال من الحقد المتوارث من عهد البداوة ، سوف لن نتحرك مترا واحدا عن مستنقع التخلف الذي نرزح به. وبناء على قناعتي تلك فان من حق السيد المالكي علينا ان نحترمه ، وهذا الاحترام هو جزء من اخلاقيات المواطنة اولا، و اللياقة ثانيا، اما ثالثا فان هذا الاحترام ضروري للتفريق بين العهد الحالي والعهد الذي سبقه الذي اجبر فيه الناس على الرقص كالقردة عند اقدام الحكام! نحن لم نشعر بعد بغنى بلدنا ، ولم نر من هذه البلاد المعطاء سوى النزر اليسير من اساسيات العيش ، لكننا مع الفقر الذي ينهش عظام صغارنا، ومع كل ما نلاقيه من مصاعب ،ومصائب، ومطبات في الطريق الى الديموقراطية، راضين بالعيش معززين في بلاد لانرقص فيها على اقدام الحكام كالقردة. وهذا المكون الثالث الذي يدفعنا لاحترام السيد المالكي هو الاهم من بين كل المكونات الاخرى لانه عنوان مانسميه بالعراق الجديد ، اي العراق الذي يرى فيه الناس الحكام كمواطنين مكلفين باداء مهمة لافضل لهم فيها على احد .
لكن الذي رأيته من على شاشة الفضائية العراقية (التي تحولت الى فضائية مملوكة بالمطلق للائتلاف الحاكم) اثناء زيارة السيد المالكي لطهران كان فاجعة بكل ماتعنيه الكلمة . هناك، في حفل استقبال سفارة عراقيي ايران للمالكي ، عاد بنا المتخلفون الى عصر الاستجداء، وتشبيه وجه نوري المالكي بالبدر الذي نور طرقات طهران ( ربما ترميزا لعقدة الكهرباء التي يتميز بها العراقي عن غيره من بني البشر) وهناك قيلت القصائد الرديئة، الركيكة، المخجلة، المذلة، المهينة، الساذجة، المتفرة، المتشبثة باذيال الحاكم الى حد التوسل ، القصائد التي ذكرتني بفلاح عسكر وعصر الفتوحات التي دفنت مليوني عراقي تحت التراب الى الابد، القصائد التي لم تخجل الفضائية العراقية من نقلها كاملة ونحن نعرفها كيف تتهرب من تغطية اية فعالية ثقافية في بغداد بذرائع لاتقنع احدا. اما مارافق القصائد من ارتجالات وهوسات فهو فتح جديد في عالم "المدح الاسلامي" حيث لحن احد الريزخونية " قصيدة" على الايقاع الكربلائي ولم ادر للان ان كان الحضور قد استجابوا لها باللطم التلقائي ام لا لان كاميرا العراقية كانت تلاحق وجه صولاغ الذي بدا منتشيا مزهوا وكلمات الغزل تتطاير في الفضاء ممتزجة بالتهاليل والصلوات على محمد وال محمد . ولم اكن حتى لحظة قيام المالكي لالقاء كلمته قد فقدت الامل في ان يصلح الرجل الوضع بتنبيه المادحين الى ان زمان المدح قد ولى وان الحاكم في زماننا يولى ويخلع من قبل الناس لا العكس، ولو كان المالكي قد فعلها لكان مقالي لهذا اليوم مختلفا تماما . في اليوم الواحد، تدخل خزينة العراق الجديد عائدات مليوني برميل من النفط ، كل برميل ب130 دولار، اي مايقرب من اربع اضعاف سعر النفط في الفترة التي سميت بالطفرة النفطية والتي بنت خلالها دول الخليج مانراه من مشاريع عمرانية وخدمية. والعراق الجديد هذا الذي تنهمك امريكا بصنعه، واتذي يرقص ابناءه المشردين على ايقاع قصائد االمدح لنوري المالكي هو جاني هذه الارباح الخيالية ، ومالك اكبر احتياطي نفطي في الدنيا وهو صاحب اعلى نسبة فقر في المنطقة ، واعلى نسبة اصابات بالسرطانات الغريبة في ان واحد، بل ان لامثيل لمظاهرالبؤس والتخلف والفقرالبشري والبيئي التي تتسم بها بعض اطراف بغداد او البصرة او كركوك او العمارة في اي بلد مجاور، و لا يكاد المرء ان يرى بؤس وفقر ورثاثة مدينة الثورة والطوبجي والرحمانية والحيانية حتى في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في دمشق ولبنان.
والان يضرب العراق الجديد ارقاما قياسية بنسب الفساد الاداري والاخلاقي والديني والفساد من النوع الاخيراي الفساد الديني هو نوع مستحدث لايشبه بشئ ما كانت كتب التاريخ تتحدث به عن فساد اخلاق الناس بسبب ابتعادهم عن دينهم، بل هو معاكس له تماما، فهو فساد الحكام من الناس بسبب تفسيرهم اللااخلاقي لدينهم، وتحميل ايات القرأن مالاتحتمل، مثال ذلك ان يبح صوت رجل دين معمم داعيا الى فتح الباب امام الاقتصاد الحر، لان هذا الباب بالذات هو ما يوصله لابتلاع البقية الباقية من دولة العراق الجديد عبر مشاريع "خيرية" ومؤسسات مختلقة لايعرف احد كيف جنت كل ملايينها، والفساد هنا هو ايمان الرجل المطلق انه محصن بتحصين رباني من مواجهة سؤال : من اين لك هذا؟ والفساد في ان يخاطب هذا الرجل صاحب الملايين مستمعيه من الجائعين والمحرومين بلغة الملايين والاستثمار والمصارف والعقود ، ثم ينتقل الى وصف الجنات التي تجري من تحتها الانهار خالدين فيها.. ولاينسى ان يشير بيده اليهم، اي انهم سيخلدون في جنات الاخرة ، ومذكرا بنار جهنم التي ستفتح افواهها لالتهام الملحدين وفي مقدمتهم كل من يتجرأ على طرح سؤال من أين لك هذا؟
فتح عمر بن الخطاب اغنى ممالك العالم وبدلا من ان ينصب نفسه ملك الملوك واية الله الاكثر عظمة خصص راتبا لكل مولود من اهل المدن كما تقول كتب التاريخ وهي صادقة، لكن الكتب لاتروي لنا شيئا عن رقص وقصائد في مدح عمر!! فهل اتى المالكي بم اتاه عمر بن الخطاب؟ وهل اطعم فقراءنا واسكن بؤساءنا ، وهل انتقلنا على يدية الى بلد منيع وايران التي تستضيفه مانفكت تقصف اهلنا وجبالنا وقرانا؟ قال عمر للناس قوموني ان كنت اعوجا فاجابوه باستعدادهم لتقويمة بالسيوف، فما اشجع اسلافنا وما اشجع عمر وما ابعدنا من اللحاق حتى بعصر الفتوحات ؟
لقد اردناه عراقا جديدا ، دائما ، بدون هذا القرف الرعوي، والسماجة العاطفية الساذجة، وعبودية الحكام والوهيتهم ، فهل نحن بلد التدابير المؤقتة ؟ والتلفيق الشعاراتي؟ والهروب ركضا الى أمام الى حيث اللاوضوح واللاحساب؟ حروب مع طواحين دون كيشوت، ومشاريع مبتورة الاطراف كسيحة لاتكاد تخطو لاكثر من امتار، مرة تركبنا العروبة وثانية تمتطينا الطائفة، مرة يموت الملايين منا دفاعا عن كذبة الدفاع عن بوابة العرب الشرقية وثانية نهلل لديموقراطية امريكا ، مرة صدام اسمك هز امريكا وثانية نوري ياقمر بني مالك في كل حول يركبنا جنون! ما مر عام والعراق ليس فيه جوع ،وطاعون، وكذب، وتاجيل لاحلام الناس وتلاعب بعواطفهم وتلفيق لاديانهم لماذا ياربي ؟ ما مر عام والعراق ليس فية سراق عمالقة، ونصابين فطاحل، مرة يستقطعون نسبة لاحزابهم من ميزانية الدولة واخرى يتنازلون فيها عن ثروات بلادهم وثالثا يجبرون البؤساء فيها باسم الحسين على الرقص عند اقدامهم كالقردة ؟ لقد مللنا والله فهل نحن امة عبيد ايها السيد المالكي؟؟
#علي_بداي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شعب يعيش في المنافي وحكومته تستورد العمالة المصرية
-
العراق ..من ارهاب البعث الصدامي الى الارهاب الديني
-
عشرون غابة ورد على اجساد ضحايا حلبجة
-
قصة رأس مطارد.... عبير والوحش
-
بأسم الحسين
-
قولوا لا للغزاة العثمانيين ، نعم لشرق اوسط ديموقراطي لاامريك
...
-
بالسلامة يامالكي .. ولكن من لسليمة الخبازة؟؟؟؟؟
-
هدية تركيا المسلمة الى جيرانها المسلمين بمناسبة العيد!!
-
انا ..مع حزب العمال الكردستاني
-
الخارجون من دين الله
-
محقة احلام منصور ام لا؟؟
-
فوز عراقي... على الطائفيين والمتخلفين
-
ماذا يريد حكام تركيا من حزب العمال الكردستاني؟
-
من اجل قناة فضائية لليسار العراقي
-
هل ياس المثقفون العراقيون من ا لعراق؟؟؟
-
الطم ياشعبي الحبيب
-
قدم بقطار امريكي وغادر بذات القطار ومنحه المتخلفون مجدا لا ي
...
-
أمة عرب/أسلامية ...بلا قلب ولا ضمير
-
ديمقراطية الطائفيين التي ستحرق العراق
-
بعد تطاول المشهداني....باية لغة نتعامل مع الرجعيين؟
المزيد.....
-
مصر: جدل بسبب تصريحات قديمة لوزير الأوقاف عن فتاوى الشيخ الس
...
-
ماذا بقى من القواعد العسكرية الفرنسية في أفريقيا بعد انسحابه
...
-
محكمة روسية تدين مواطناً هولندياً بتهمة الاعتداء على ضابط شر
...
-
كله إلا سارة.. نتنياهو ينتقد وسائل الإعلام دفاعًا عن زوجته:
...
-
يورونيوز نقلا عن مصادر حكومية أذرية: صاروخ أرض جو روسي وراء
...
-
إطلاق نار في مطار فينيكس خلال عيد الميلاد يسفر عن إصابة ثلاث
...
-
إعادة فتح القنصلية التركية في حلب بعد 12 عاماً من الإغلاق
-
بوتين: روسيا تسعى إلى إنهاء النزاع في أوكرانيا
-
ماذا تنتظر عمّان من الشرع و ترامب؟
-
-يديعوت أحرونوت-: إسرائيل تهاجم اليمن بـ 25 طائرة مقاتلة
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|