أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صموئيل رمسيس - هل يمكن أن تصبح جلسات الصلح بديلا عن تطبيق القانون?














المزيد.....

هل يمكن أن تصبح جلسات الصلح بديلا عن تطبيق القانون?


صموئيل رمسيس

الحوار المتمدن-العدد: 2310 - 2008 / 6 / 12 - 10:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يتزامن مع اندلاع أى أزمة طائفية بعض المطالب بعقد جلسة صلح بين أطرافها لمعالجتها، وفي الحقيقة لا يمكن إنكار دور هذه الجلسات في تهدئة التوترات الناتجة عن بعض الأزمات التي يفضل فيها الصلح بجانب تطبيق القانون، إلا إنه عندما يصل الأمر إلى اعتبار هذه الجلسات وخاصاً إذا كانت شكلية بديلا عن تطبيق القانون لعلاج بعض الأزمات وخاصاً الطائفية منها فهو أمر كارثى لابد وأن ينال قدر أكبر من الاهتمام.
فمنذ سبعينات القرن الماضي بدأت تتوالي علي المجتمع المصرى أحداث عنف طائفية علي فترات متقاربة ، ودون الخوض في أسبابها أود أن نتذكر أن مثل هذه الاحداث تعبر عن حالة الاحتقان الطائفي الذي وصلنا إليه، إلا أن السائد في كل مرة أن تكون جلسات الصلح العرفية الشكلية هي الأسلوب الغالب في التعامل مع هذه الأزمات في ظل غياب واضح لتطبيق القانون، مما ينتج عنها تهدئة للأوضاع بشكل مؤقت، وخير دليل علي هذا هو تكرار هذه الأحداث فيما بعد لتعيد في كل مرة إلى الأذهان أحداث قديمة وتثير جروحا ربما ظن البعض أنها قد اندملت، مما أفرز مناخا في غاية السوء، فيكفي ظهور شائعة عن بناء كنيسة أو تنصير مسلم أو أسلمه مسيحية أو مشكلة بسيطة قد تكون بين فردين مختلفين في الديانة لتحدث فتنة تُعرض حياة المواطنين للخطر، فمن أحداث الخانكة والكشح وأسيوط والدير المحرق وصنبو وسمالوط والاسكندرية مروراً بالعديد من الأزمات التي لا يوجد مجال هنا لتفصيلها، قد تم التعامل مع معظمها بتنحية القانون جانباً واستبدالها بجلسات صلح عرفية بدعوى أن تطبيق القانون قد يزيد الوضع تدهوراً.
والطامة الكبرى في مثل هذه المعالجات هي عقد جلسات صلح تكون شكلية في الغالب وغير متكافئة الاطراف حيث يتساوي الجاني مع الضحية والبرئ مع المذنب، بل وقد يُرغم فيها البرئ والضحية تحت التهديد علي الحضور وقبول شروط يضيع علي أثرها حقوقه، وتنتهي بأن يصبح الجناة طلقاء لا مسئولية عليهم بينما تترك الضحية دون إنصاف، هذا في الوقت الذي تظل المأساة قائمة لأن العلاج كان سطحياً فقط، بل وعلي العكس فإن مثل هذه الجلسات قد تساعد عن طريق غير مباشر في زيادة الوضع سوءاً حيث يخرج الطرف المغلوب بإحباط ويأس يكون لهم رد فعل سئ فيما بعد، بل وتصل أثارها السلبية إلي حد قد يشجع الجناة علي التمادي في أفعالهم كونهم لم يجدوا رادعاً في ظل غياب القانون.
ومؤخراً وفي خضم احداث دير أبو فانا بدأت -كالعادة- بعض الأصوات تنادى بضرورة عقد جلسة صلح بين أطراف الأزمة، إلا انه لا يمكن لمثل هذه الجلسات أن تكون بديلا عن تطبيق القانون في علاج أزمة قد أخذت بعداً دينياُ، لأنه وبكل بساطة كيف ستعالج هذه الجلسات وحدها أثار هذه الأحداث، هل سيدفع القاتل -أيا كان- دية القتيل دون المعاقبة علي جريمته، هل سيقوم المعتدين علي الدير بتعويض المصابين عن إصاباتهم وعن الخسائر المادية التي لحقت بالدير دون معاقبتهم، هل سيعوض الجناة الحقيقين كل أبناء قرية قصر هور عن تدهور الوضع في القرية عقب إعتدائهم علي الدير، هل سيعوضون كل المصريين عما لحق بهم من زيادة الإحتقان الذي صار في أعلي درجاته منذراً بما هو أسوء.
لا أظن أن مثل هذه الحلول ستكون علاجاً للأزمة لأن تطبيق‏ ‏القانون‏ ‏هو‏ ‏البداية الصحيحة لمعالجة هذه الأزمات، ‏خاصة وأنها لا تتعدي كونها جريمة مثلها مثل أى جريمة حتى وإن أخذت إتجاه عنف ذو طابع دينى، ولا أعتقد أن تناول هذه الأحداث خارج سياقها الطبيعي وإختزالها في جانب ديني فقط مبرراً لغياب تطبيق القانون، وكذلك لا يعطله اختلاف ديانة الجانى عن ديانة الضحية، ‏كما لا اعتقد أن تنازل المعتدي عليه عن حقه في جلسات الصلح يلغي حق المجتمع في تطبيق القانون، ولا اعتقد أن جلسات الصلح العرفى تصلح أن تكون بديلا عن تطبيق القانون في عصر دولة قانون ومؤسسات.
وأخيراً أوكد إنني لست ضد جلسات الصلح تماما، وإنما أدعو إلي أن تتم جلسات صلح حقيقية لما لها من أثرها في تهدئة المشاعر والأجواء خاصة عندما تنعقد بشكل ملائم لا يهضم حقوق أحد اطراف النزاع، ولكن بشرط أن تتم جنبا إلي جنب مع قيام الدولة بدورها في ممارسة سلطة القانون علي الجميع بدون محاباة أو مجاملة أو خوف، وأكررها مرة أخرى (جنبا إلي جنب مع تطبيق القانون وليس بديلا عنه) لأن كلاهما لن يستطيع أن ينهي الأزمة بمفردة، خاصاً وأن المجتمع لم يعد قادراً علي تحمل تبعات تكرار مثل هذه الاحداث في ظل وجود تربة‏ ‏مواتية‏ ‏لأحداث‏ ‏طائفية‏ ‏جديدة.‏



#صموئيل_رمسيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأعراب
- الشرق والغرب
- هل تكفي المعالجات الأمنية؟
- هل حرية التعبير تعني: فتنة والانشقاق الدينى
- فتوى جديدة


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صموئيل رمسيس - هل يمكن أن تصبح جلسات الصلح بديلا عن تطبيق القانون?