أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - بعد السماح للعراق باستيراد الفؤوس والرماح : هل سينتهي العراقيون كالهنود الحمر ؟















المزيد.....

بعد السماح للعراق باستيراد الفؤوس والرماح : هل سينتهي العراقيون كالهنود الحمر ؟


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 136 - 2002 / 5 / 20 - 11:35
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    




بموجب القرار الجديد رقم 1409 الصادر عن الأمم المتحدة تمت زحزحة نظام العقوبات الدولي المفروض على العراق قليلا مقابل ثمن لم يعلن عنه رسميا لكنه صار في عداد البديهيات و يقضي بالموافقة غير المشروطة من قبل الحكم على عودة فرق التفتيش الدولية الى العراق . وبموجب القرار الجديد صارت قائمة الممنوعات من المواد المستوردة أقصر وأكثر ضبطا من السابق وتم حصر المواد مزدوجة الاستعمال، أي تلك التي يمكن استعمالها لأغراض سلمية وحربية معا ، في قائمة من ثلاثمائة صفحة وليس ثلاثمائة مادة كما ذكر البعض خطأً.
في السابق ،كانت المواد مزدوجة الاستعمال لا حصر لها بل ،وبقليل من تشغيل مخ عضو لجنة المراقبة الأمريكي أو البريطاني، يمكن إدخال أية مادة حتى ولو كانت غذائية في قائمة الممنوعات . فعلى سبيل المثال منعت لجنة المراقبة الخاصة على مستوردات العراق ،و بطلب من العضو الأمريكي، طلبية عراقية لاستيراد الحليب المجفف للأطفال في دور الحضانة والروضات فرفضت الطلبية لأن الحليب المجفف يمكن استعماله لتغذية مستعمرات الجراثيم المختبرية في صناعة السلاح البيولوجي والجرثومي وفق الزعم الأمريكي ! وقد بالغت تلك اللجنة كثيرا كما يخبرنا الكاتب البريطاني جيف سيمونز في كتابه " التنكيل بالعراق ص152 " حين رفضت طلبية لاستيراد شحنة من أكفان الموتى لتاجر عراقي يدعى قيس القيسي . لماذا ؟ يمكننا التخمين بأن السبب يتعلق باحتمال استعمال تلك الأكفان لتلميع البنادق والمدافع العملاقة !
مع القرار الجديد ، صار بإمكان العراق استيراد كميات غير محدودة من المواد الغذائية وغير مزدوجة الاستعمال ،وتم ضبط قائمة بالممنوعات تراجع شهريا أو كلما اقتضت الحاجة ، ولكن إجراءات الموافقة على طلبيات الاستيراد أصبحت أكثر تعقيدا من السابق . وأما مشكلة استمرار سرقة ومصادرة أكثر من ثلث عائدات العراق المالية كغنائم حرب تحت مسميات " مهذبة " أخرى، فقد ظلت كما هي، ولم تحظَ بأي اهتمام من طرف النظام العراقي أو ممن يزعمون صداقته مع أن تلك الصداقة مدفوعة الثمن أيضا بمليارات الدولارات لروسيا والصين وفرنسا .
كما يمكن للمراقب أن يربط بين التحول الى الموافقة على التعامل مع القرار بعد الرفض الحماسي وبين موسم " تبويس اللحى " الذي دشنه الرجل الثاني في النظام عزة إبراهيم في قمة بيروت مع ولي العهد السعودي عبد الله بن عبد العزيز علما بأن تعويل النظام على دور سعودي قوي لصد أو عرقلة العدوان الأمريكي المحتمل على العراق في غير محله تماما وذلك لسبب بنيوي شديد الأهمية وهو أن المحمي لا يجبر حاميه على شيء والعكس صحيح . ومع ذلك ،فالواضح أن النظام وتحت ضغط الحاجة والرعب من الضربة الأمريكية القادمة التي قيل إنها تستهدف الرأس هذه المرة، بدأ يدرك ضرورة التخلي عن العنجهية الحزبية والصراخ العقائدي البائس خصوصا بعد المذبحة الفظيعة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني على يد جيش الإرهاب الإسرائيلي والتي انتهت دون أن تحدث ضجيجا خاصا أو ردود فعل "بطولية " . وبالمناسبة فتلك المذبحة لم تدفع النظام حتى للقيام باستعراض عسكري لقوات ما دعاه " جيش القدس ذا الملايين الستة من المقاتلين ". هذا إضافة الى الاندراج العلني للنظام الرسمي العربي دون أية استثناءات في المخطط الأمريكي الصهيوني الجاهز لتصفية القضية الفلسطينية . الى هنا والكارثة الاجتماعية والصحية والاقتصادية المحيقة بالشعب العراقي منذ أكثر من عقد من السنين مستمرة فصولا ومازال الشعب يدفع ثمن نزوات الحكم وشموليته إضافة الى ما يدفعه على جبهة العدوان الغربي على حاضره ومستقبله .
وهكذا فالشعب العراقي يتعرض اليوم لثلاث حالات من الاعتداء والعدوان وهي على التوالي: العدوان الغربي الأمريكي من خلال الحصار والهجمات الجوية المسلحة ، و حالة قمع النظام الشمولي شديد الوطأة والذي لم يعد ينكره حتى إعلام النظام نفسه بل و يعتبره أحيانا من تراثه الانتصاري والبطولي ودليل ذلك نجده في الحفلات العلنية لقطع ألسن المعارضين وما شابه . وثالثا فالعراق وشعبه يتعرض لأضرار التحالف العربي غير المعلن مع الغرب والولايات المتحدة ضده كوطن وشعب ، ولم نشأ أن نفرد حالة رابعة لما يسببه الأداء الخياني للمعارضة العراقية المتعاملة مع قوى العدوان والحصار مع بعض الاستثناءات النادرة بسبب إفلاس هذه المعارضة ودخولها في حالة الكسوف الكلي بعد وقف التمويل وقطع العلف الأمريكي عنها مؤخرا .
إن النظام لم يعد مهموما أو مشغولا بقضية رفع الحصار عن العراق ، أولا لأنه عاجز عن القيام بفعل ذلك ، وثانيا لأنه جرَّب جميع الطرق والأساليب الغالية الثمن كالأسواق الحرة والحدود المفتوحة والنفط المجاني دون جدوى وثالثا لأنه يخشى من عودة دورة الحياة الطبيعية في المجتمع العراقي في حال رفع الحصار مما قد يجلب معه "صداعا" جماهيريا جديدا يستهدف مصالح أولئك الذين جعلوا العراق مزرعة خاصة لعشيرتهم أو قريتهم وثالثا لأنه يركز كل همه وانشغاله على ضمان استمراره وبقائه في السلطة ومهما كان الثمن وضد إرادة جميع الأطراف بما فيها و في مقدمتها الشعب العراقي نفسه . أما المسيرات " العفوية " وإقامة التماثيل والأصنام ومختلف أشكال و ممارسات عبادة الفرد وتقديس الزعيم العبقري فلا تخفي ما يمور تحت السطح المرئي للمشهد السياسي العراقي العام بل هي تعكس من باب أولى قلق النظام العميق من المستقبل وإدراكه لحقيقة مشاعر الأغلبية الشعبية السلبية تماما نحوه بعد كل ما قام به طوال العقود الثلاث الماضية .
ومع ذلك ، وبسببه أولا وأخيرا ، يظل التغيير الديموقراطي الحقيقي هو الخيار الوحيد المتاح أمام النظام إذا ما أراد فعلا كسر الحصار على العراق ومواجهة العدوان المستمر و مترتباته المستقبلة وإنهاء جريمة تدمير البنية التحتية وسرقة ثروة البلاد باسم القرارات لدولية وتحت يافطة صندوق التعويضات . ثم أن هذا الخيار صائب و ممكن ومضمون النتائج . فهو صائب لأنه يقطع مع العهد الشمولي الاستبدادي وحكم الحزب الواحد المتخلف واللاإنساني وممارساته المحتكمة لعنف الدولة العصابية المسلح ضد السكان المدنيين ، وهو ممكن لأن الشعب العراقي تعب كثيرا و نزف الغزير من الدماء في حروب النظام وعمليات قمعه ولهذا فهو سيساعد ويتبنى أي عملية تحول صادقة ومخلصة نحو الديموقراطية ونزع الحالة الاستبدادية وفتح صفحة جديدة في تاريخ البلاد .وهو خيار مضمون النتائج إذ لا توجد قوة إقليمية أو عالمية يمكن أن تجرؤ في العلن على معاداة الديموقراطية كخيار شعبي ولا يمكن في ظل هذا الخيار لأمريكا وحلفائها مواصلة عدوانها وحصارها بعد أن سحب بساط المبررات من تحت أقدامها .
إن ظروف العراق الجيوسياسية الراهنة وطبيعة النظام الفردي الاستبدادي والذي مازال غارقا في غيبوبة الفترة الستالينية رغم عدائه المعروف لليسار عموما، تجعل من شبه المستحيل توقع إمكانية أي انعطاف شجاع يقوم به النظام نحو هذا الخيار الصائب والممكن والمضمون . لماذا ؟ لأن النظام نفسه ،وبعد المركزة الشديدة للسلطات في عدد قليل من أفراد عائلة واحدة ،وبعد كل ما قام به بحق الشعب لا يمكن له أن يتصور الحياة دون أن يكون هو في السلطة ، وربما اعتبر أن إحداث التحول الديموقراطي عملية انتحار لا أكثر ولا أقل ، ولهذا يمكن لنا أن نتوقع عمليات مصالحة يقوم بها النظام مع جميع حكومات العالم وليس مع السعودية والكويت وأمريكا فقط، بل هو مستعد لمصالحة شياطين الجحيم ذاتها تحت ضغط القوة ، ولكنه لن يتصالح إطلاقا مع طرف واحد هو الأحق بالمصالحة من غيره ألا وهو شعب العراق الذي هاجر ربعه الى خارج البلاد وتمرد ربعه الآخر في كردستان وخرج على سلطة وسيطرة النظام لأسباب تتعلق حصرا بأسلوب الحكم وطبيعة النظام ذاته . ومع ذلك فلا خيار سوى تكرار هذا التحدي الإنساني والبديل الحقيقي ، تحدي نشر الديموقراطية و إنهاء الدكتاتورية الشمولية ، على مسامع الجميع نظاما ومعارضة ودولا إقليمية وعالمية لأنه يستمد صوابيته وإمكانيته من الثقة بالمستقبل والشعب وليس من ندب الماضي والوقوف على أطلاله ، فإنْ استمع النظام لصوت العقل وقبل التحدي فبها و نِعْمَ النتيجة ، و إنْ لم يستمع وواصل الخوض في دماء الناس فسوف يتحمل النتائج الكارثية المحتومة لخياره هذا .
إن صدور القرار الأممي الجديد وموافقة الحكم على التعامل معه قد يخفف قليلا من الضائقة الحياتية التي يعيشها الشعب العراقي، وقد تسمح لجنة المراقبة الخاصة باستيراد العديد من السلع الجديدة والتي كانت محظورة، وآخر الأخبار تقول أن طلبية عراقية تتضمن كمية من الإكسسوارات المسرحية والسينمائية بضمنها كميات من السلاح الأبيض كالسهام والرماح والفؤوس والخوذ الحربية المعدنية ..الخ قد تمت الموافقة عليها من قبل لجنة مراقبة المستوردات ! ولكن هذا القرار الجديد سيكرس الحالة المأساوية المتمثلة في الانتقاص الغربي الأمريكي المستمر من سيادة العراق ويديم حالة الانفصال على أرض الواقع بين إقليم كردستان العراق وبين الدولة العراقية ككل ويطلق يد النظام في مواصلة قمعه ضد الشعب وفئاته المتضررة بشدة من هذه السياسات وسيبقى الحصار مفروضا ومستقبل العراق مصادرا من قبل أعداء الأمة التاريخيين .
إنها دائرة مرعبة لا يبالغ من يقارنها بحرب الإبادة التي قام بها الغزاة الأوروبيون على الأرض الأمريكية ضد شعوب الهنود الحمركالأزتك والمايا والأنكا مع فارق خطير هو أن الذين كانوا يقودون الهنود الحمر لم يكونوا يقتلون أبناء جلدتهم بل كانوا يقاتلون مع شعوبهم ضد الغزاة البيض بسلاح بدائي تسبب في هزيمتهم وإبادتهم في خاتمة المطاف . فهل سيتسبب النوع الشمولي والبدائي من الحكم في العراق بما تسبب به السلاح البدائي على أرض الهنود الحمر ؟ سؤال متشائم دون ريب ولكنه - للأسف - واقعي جدا .




#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلامي "عبد الله نمر درويش " والتنازل عن حق العودة :لمصلحة ...
- حول دعوة وفيق السامرائي لتوطين الفلسطينيين في العراق: الهاجس ...
- هل يبحث صدام عن الشهرة حقا؟
- أخلاقيات العمل المقاوم واستهداف المدنيين الأبرياء .
- جلاد مقاديشو هل يصنع السلام في فلسطين ؟
- هوامش على دفتر المذبحة
- الحوار الكردي الفلسطيني
- لم يبقَ إلا مطالبة شارون بقطع العلاقات مع الدول العربية !
- الهاتف الرئاسي العربي بمواجهة دبابة مركافاه الصهيونية
- مغامرة التأسيس والريادة في رواية السيرة العراقية : في مواجهة ...
- من "ورقة الأمير فهد " الى " تصريحات الأمير عبد الله "
- خطاب العقيد القذافي الأخير :لا جديد تحت شمس العقيد !
- مناقشة لآراء " غراهام فولر" حول نهاية النظام العراقي
- الإسلام السياسي وإشكاليات الديموقراطية السياسية المعاصرة
- - بغدادُ ترتقي الجُلجُلة- فصلان من مسرحية عراقية جديدة عن ال ...
- لغة التعميمات سلاح ذو حدين
- قراءة في نداء حركة المجتمع المدني العراقي
- التوازن الهشّ بين اليسار الجذري واليمين الليبرالي
- حول الأسس الفلسفية لسياسات العولمة


المزيد.....




- جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR ...
- تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
- جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
- أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ ...
- -نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
- -غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
- لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل ...
- ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به ...
- غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو ...
- مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - بعد السماح للعراق باستيراد الفؤوس والرماح : هل سينتهي العراقيون كالهنود الحمر ؟