|
إلى متى سيتم استبلاد المغاربة؟
إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 2310 - 2008 / 6 / 12 - 10:43
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
جميل جدا أن يهتم المغرب بإشكالية محاربة التدخين بالفضاءات العمومية والإعداديات والثانويات والمقاولات والمستشفيات والقطار و...، لكن الأجمل من هذا ذاك وقف استمرار نهج الضحك على الذقون والاستغفال اللذان ينهجمهما القائمون على أمورنا بهذا الخصوص. تبنت جمعية لالة سلمى لمحاربة داء السرطان برنامج " إعداديات، ثانويات ومقاولات بدون تدخين"، وهي مشكورة على ما قامت وتقوم به في هذا المضمار، لكن يبدو أن كل الجهود والمجهودات المبذولة لم تعط النتائج المرجوة إذا لم يكف القائمون على أمورنا، لاسيما الحكومة عن استبلاد المغاربة فيما يتعلق بسياستهم في تعاملهم مع الشركة الوحيدة التي تروج للسجائر بالمغرب (ألتاديس) بعد أن طالتها الخوصصة وخرجت من بين يدي الدولة. ولن ينفع تحرك جمعية لالة سلمى بهذا الخصوص، كما هو مقرر في الكثير من جهات وأقاليم المغرب إذا لم يتم توقيف شركة " ألتاديس" عن استبلاد المغاربة، وذلك بتفعيل مقتضيات القانون المانعة للقيام بأي إشهار للسجائر مهما كان نوعها. ولن تفيد الحملات التحسيسية والإعلامية ووضع لوحات منع التدخين في مختلف المرافق والأماكن، المفتوحة والمغلقة، في وقت يتم غض الطرف بالتواطؤ، على استمرار الإشهار للسجائر على امتداد المغرب، في مدنه وقراه، في أحيائه وأزقته. كما أنه لن يفيد انخراط اتصالات المغرب ولا البنك المغربي للتجارة الخارجية ولا المكتب الوطني للكهرباء، ولا شركة إيكدوم ولا الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، شيئا إذا لم يقم القائمون على الأمور بما وجب القيام به لقطع الطريق على شركة "ألتاديس" التي ظلت مصرة على استبلاد المغاربة في عقر دارهم بتواطؤ مع الحكومة المغربية التي مازالت لم تحرك ساكنا. فما فتئ أحمد أخشيشن، وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، يؤكد على أهمية التحسيس بخطورة ظاهرة التدخين وضرورة القيام بتعبئة تربوية وصحية لمواجهتها، والحد من آثارها السلبية، خاصة في أوساط التلاميذ والطلبة والشغيلة التعليمية، لكنه لم يسبق له، ولو مرة واحدة، أن نبس ببنت شفة بخصوص السماح لشركة "ألتاديس" بتمويل إشهارات لفائدة السجائر والتدخين على امتداد تراب المملكة وباستمرار. ويضيف الوزير أن استئصال جذور هذه الآفة الخطيرة يقتضي اعتماد مقاربة وطنية مندمجة ذات أبعاد تربوية وثقافية وإعلامية، وتكتيف الجهود وفق ما تقتضيه روح المسؤولية الوطنية، لكن هل تقتضي هذه الروح أن تغض الحكومة طرفها على استمرار شركة "ألتاديس" في استبلاد المغاربة؟ كان الأولى بالنسبة للسيد الوزير في البداية المطالبة بتفعيل قانون منع إشهار للسجائر والتدخين حتى تكف الحكومة عن تواطؤها بالسكوب. لذلك، عوض شعار "مؤسسات تعليمية ومستشفيات ومصانع و... بدون تدخين"، كان من الأولى أولا وقبل كل شيء، المناداة بشعار "محلات بيع السجائر بدون إشهار للسجائر وللتدخين"، باعتباره بداية الطريق للتصدي لآفة التدخين، لأنه لا معنى للقيام بحملة تحسيسية ضد التدخين والسماح للدكان الموجود أمامها بتعليق إشهارات بارزة تعرض مزايا هذه الماركة أو تلك من السجائر وبعبارات تجلب لتجريب تلك السجائر. ما زالت شركة "ألتاديس" مصرة على التمادي في استبلاد واستغفال المغاربة ضاربة عرض الحائط القوانين الجاري بها العمل عندنا ومقتضيات جملة من الاتفاقيات الدولية بدون حسيب ولا رقيب. فلا تمر سنة إلا وتخرج لنا بإشهار جديد يتضمن مسابقة لربح جوائز، وطبعا لا يهم هذا الإشهار إلا الماركات الأجنبية ("فورتونا"، "فاين" و"كولواز")، والغريب في الأمر، هو أن هذا الإشهار لم يثر اهتمام أو فضول حكومتنا رغم أن الأمر خطير في عيون الكثيرين. منذ أن استولى الاسبان والفرنسيون على شركة التبغ بالمغرب، والإشهار بخصوص السجائر والتدخين جاري المفعول على "عينيك يا بن عدي"، ولم يسبق أن أثارت جهة رسمية هذا الإشكال، وبمناسبة "يوم بدون تدخين" يأتي بعض الوزراء للحديث عن روح المسؤولية الوطنية بخصوص التدخين؟ أليس هذا من قبيل قمة استغفال المواطنين؟ أم أن حكومتنا لا تقوى على فرض القانون على "ألتاديس"، وبذلك يحق الرأي القائل إن الخوصصة هي، في واقع الأمر، بيع بلاد العباد في المزاد العلني؟ نحن بالمغرب، نتوفر كجميع دول العالم على قانون يسمى قانون مناهضة التدخين، (القانون 16-91) والذي دخل حيز التنفيذ منذ 3 فبراير، أي منذ أكثر من عقد من الزمن، ومن ضمن ما ينص عليه هذا القانون، حظر التدخين في الأماكن العمومية ومنع القيام بالإشهار لفائدة التدخين والسجائر وإلزامية إضافة عبارة "التدخين مضر بالصحة" على ظهر العلبة بخط بارز. ومع ذلك، وعلى مرأى ومسمع حكومتنا، وفي واضحة النهار، تمادت "ألتاديس" في استبلاد واستغفال المغاربة مع استمرارها في اعتماد إستراتيجية دعائية بعيدة الجدوى، لأن نهجها في الدعاية يمس جميع الفئات وفي كل شبر من تراب المملكة، وذلك عبر تعليق لوحات ومناشر إشهارية ذات جاذبية قوية في كل محلات بيع السجائر، والتي هي في أغلبيتها الساحقة محلات بقالة تبيع جميع المواد الغذائية، وهكذا يغطي هذا الإشهار كل تراب البلاد، حواضرها وقراها بدون استثناء، أما بخصوص إلزامية إثبات عبارة "التدخين مضر بالصحة"، فهو أمر أدهى وأفظع في الإصرار على استبلاد المغاربة، إذ تتعمد "ألتاديس" كتابتها بخط ميكروسكوبي لا يكاد يبين على العلبة، في حين يكتب بحروف أكبر من ماركة السيجارة نفسها في البلدان التي تحترم مواطنيها. أليس هذا استبلاد واستغفال للمواطنين بتواطؤ بيّن من طرف الحكومة؟ وعليه وجب على الحكومة أن تقدم اعتذارا بهذا الخصوص للمغاربة بعد أن تفرض على " ألتاديس" أن تكتب العبارة المذكورة بنفس حجم ماركة أو اسم السيجارة للبرهنة أنها حكومة تحترم مواطنيها كما هو الحال في باقي الدول، كما أن عليها منعها منعا كليا لأي إشهار للسجائر أو التدخين في محلات البقالة.
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-للي قالها المخزن هي للي تكون-
-
ثراء جنرالات المغرب على حساب البلاد و العباد
-
سجين من داخل سجن القنيطرة يروي الهروب الهوليودي لتسعة سجناء
...
-
الحياة داخل القصور
-
جنرالات الجيش استغلوا ضعف النظام الملكي لجمع الثروات
-
بعدما باعت أغلب ممتلكات الشعب الدولة تفكر في فرض ضرائب جديدة
...
-
المجاعة الجديدة والسيادة الغذائية
-
السجون المغربية غياب إستراتيجية واضحة المعالم
-
فيلم -فتنة- المسيئ للإسلام و المسلمين
-
المغرب استرجع الأرض دون استرجاع الإنسان
-
مشاهد من مسرحية مغربية عربية
-
سياسة الغلاء والهراوة ولا زيادة في الأجور
-
رفع الأجور مجرد -نية حسنة- إلى موعد غير مسمى
-
تسيير -أونا- شبه إقطاعي
-
هزيمة مالية للملك
-
استيراد الحبوب والهجوم على الدعم
-
نقل المخيمات إلى تيفاريتي غير وارد حاليا لكنه غير مستبعد
-
أبشروا يا مغاربة يمكنكم محاكمة الحكومة بشهادة شاهد من أهلها
-
محنة -المواطنة- المبتورة
-
محمد السادس مريض.. وماذا بعد؟
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|