أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - صبحي خدر حجو - صبراً ، انها سحابـــة صيف .. يا ملح ارض العراق















المزيد.....

صبراً ، انها سحابـــة صيف .. يا ملح ارض العراق


صبحي خدر حجو

الحوار المتمدن-العدد: 717 - 2004 / 1 / 18 - 05:10
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


في الخمسينات من القرن الماضي ، كانت لنا جارة مسيحية في قصبة عين سفني * . وكنا نناديها  ب ( داي بدري ) بتضخيم الياء ، اي الام بدرية ، وكان ولدها بطرس شابا بهي الطلعة مفتول العضل  ونشبهّه ب "الجنتلمان " . كان يعمل مع صديقيه من اهل القصبة دنخا البازي وحمو خندانه آنذاك في شركة نفط كركوك . ولم يكن يحرمنا نحن صبيان المحلة من هداياه من الحلويات في اذوناته .  وكان( شيف) بطرس احد الخبراء الانكليز ، وكان هذا الخبير يحاول جهده اثــــــاء وجبات العمل ان يقنع بطرس بالسفر معه الى لندن ، ويقدم له المغريات الكثيرة ، وكانت ارادة بطرس احيانا " تلين " امام تلك المغريات . ولكنه عندما يجتمع مساءا مع اصحابه ابناء قصبته  ، ويقرعوا كؤوس الزحلا ،تصعد وتحتد لديه النزعـة والروح المحلية ، يرفع كأسه وبحركة مسرحية تعبر عن الكثير من الفخر والاعتزاز ويقول مخاطبا الحاضرين ، يغرينــي مستر بول بلندن !! لا يعرف انني لا ابدّل  " جويكا كُري "  بلندن وما فيها . وجويكا كُري ما هي الاّ  ساقية ماء تجـــري وسط القصبة . وكان الاهالي يرمون فيها كل النفايات والفضلات . ولم تكن عبارة بطرس هذه الاّ تجسيد وتعبير مكثف عن وطنية واعتزاز هذا المواطن المسيحي ببلدته والتي كانت صورة مصغرة لوطنه العراق . تذكرت جاري الطيب وانا اتابـع الاخبار المؤسفة عن المضايقات و الاعتداءات التي وصلت الى حد التصفيات الجسدية لبعض الاخوة المسيحيين في البصرة
خاصةً  ، وكذلك ليس بأقل منها في الموصل وبغداد ايضا، وهاجر المئات منهم الى مناطق بعيدة عن سكناهم ومصـــــادر رزقهم  !؟ . ولم يكن الناس الشرفاء ليتمنوا ان تكتب مثل هذه  المقالات عن المسيحيين او الاسلام او الايزيدية او غيرهـم وبهذه الصورة المؤسفة  . ولكن واقع الحال يضطرنا ان نتعامل مع حقائق على الارض ، والعديد من هذه الحقائق " السلبية " لم يكن لها وجود سابقا . ولابد للناس الطيبين والشرفاء ان يتصدوا وبحزم وبمختلف الاشكال لكل الاعمال والتصرفـــات التي تسيئ الى وحدة العراقيين ، او تسبب الاذى وتمزق النسيج الاجتماعي العراقي وعلاقات الالفة والمودة والمصيـــــــر المشترك  ، الذي اشترك في بنائه  العراقيون بكل الوانهم واديانهم واطيافهم الاجتماعية ولمئات من السنين ، بحيث تحولوا الى جسد واحد و لحمة واحدة  لا يفرق المرء بين مكوناتها . لا بدّ من فضح كل العناصر ومن يقف ورائها و عسى مــــن تكون تلك التي تسيئ او تضر بهذه الوحدة  وهذا التشكيل الخزفي الجميل والذي تكون بفعل الارادة الطيبة للناس الشرفــاء والطيبين فقط . بحيث تسامت هذه العلاقة وغطت وطمرت كل العناصر التي حاولت على مر التاريخ ان تسيئ  لها بقول او تصرف او تجاوز او عمل ارهابي . ان وجود الاخوة المسيحيين في التكوين و النسيج الاجتماعي العراقي اصبح ضرورة  لا يمكن بأي حال من الاحوال الاستغناء عنها او اغفالها . فالمسيحيون في محلات واحياء بغداد والموصل والبصرة وزاخو واربيل اصبحوا جزءا منها ، لا بل عنوانا  لتلك الاحياء . وقد ترك هؤلاء المواطنون تأثيرهم الشخصي والجمعي علــــــى الشخصية العراقية في كل المناطق والاحياء التي سكنوها او عملوا فيها . ولا يبالغ المرء اذا ادعى بأن تاثيرهم غير قليـــل على تكوين التراث العراقي برمته وفي مختلف المجالات . وحتما اكون انا من بين اعداد لايمكن حسابها من التي تعتقد بأنه لا يمكن ان نتصور بغداد بدون مسيحييها او البصرة او الموصل اوكركوك او كل بقعة من العراق . ومع احترامي الكبيـــر لكل مكونات الشعب العراقي ، فأني ارى على( سبيل الافتراض )  العراق من غير مسيحييه  !  ما هو  الاّ  صورة  مظلمة كالحة ومشوهة .. وانا بالمناسبة لست مسيحيا !! .
 واخاطب الاخوة المسيحيين واقول لهم ان العديد  من العراقيين كانوا يتوقعون مثل هذه التصرفات بحقكم وحـــــــــــــــق النساءوالطالبات الجامعيات  وحق الاخرين . وبالمناسبة  فأن هذه التصرفات هي نفسها  التي جعلت المسؤولين عن حرب الخليج الثانية يترددوا ويحجموا بالتالي عن مد يد العون للشعب العراقي وتركوه يواجه محنته لوحده . ونشوء افعال واعمال شاذه عن طبيعة المجتمع العراقي خاصة بعد سقوط النظام الدكتاتوري  وما تلاه من انهيار لمؤسسات الدولة والنظام العــام والانفلات الامني والفوضى التي سادت الساحة العراقية ، ومحاولة بعض القوى السوداء لأن تستثمر حالة الفراغ الامنـــي السائد لأن تنفس عن رغباتها وتفكيرها الشاذ والمتخلف ومحاولتها لأن تطبقه بحق اكثر الناس نزوعا للسلم والامان والحياة الطبيعية وبعيدين عن المشاكل في المجتمع . وهؤلاء القائمين بهذه الافعال لا يمكن تشبيههم الاّ بالبثور والدمامــــــــــــل و الطفيليات التي تظهر على الجسم في حالة المرض ، وتزول حتما بعد عمليات  علاجية او جراحية . وبرايي كان الواجـب الوطني والاخلاقي يقضي من كل من له سلطة دينية بشكل خاص  بأن يتصدى لهذه الظاهرة الخطرة ، فضلا عن مختلــف شرائح المجتمع العراقي وفي مقدمتهم شريحة المثقفين والسياسيين وكذلك مجلس الحكم . لماذا وضعنا المسؤولية الاولــــى على السادة رجال الدين ؟؟ لأن هذه الاعمال تتم بأسم الاسلام والمسلمين وبشكل لا لبس فيه !! .  وحتى وضعنا العراقــــي الحالي و بكل ازماته واحتمالاته الخطرة  لا يخلو  من اطلاق البعض للطرف الظريفة  ، كأن يقول امرئ ان تلك الجماعات المتخلفة تعتقد ان المسيحيون العراقيون فعلا هم السبب والعقبة الحقيقية امام نجاح  " دولتهم الاسلامية " !! . او بــــــرأي متشددين  آخرين بأن لا مكان للمسيحيين في سوق المشروبات الروحية ما دام المحروس ( فودكا رفسنجاني ) قد نـــــــزل للساحة !! حسب ظرافة احد الكتاب ومرفقا صورة هذا المشروب " الاسلامي " السحري .
   وانا اعلن تضامني الشديد مع اخوتي مسيحيي البصرة والعراق كلهم ، واقول لهم  اصبروا اخوتي  والله مع الصابرين ، واأكد لهم انها ليست سوى سحابة صيف سرعان ما تزول بعد قيام حكومة شرعية وسن دستور واللجوء لصناديق الاقتراع  . و ستستقيم الحياة للناس الذين يستحقونها . وستكونون انتم في مقدمتهم . وستبقون علامة مميزة في الفسيفساء العراقية  لا في البصرة وبغداد وزاخو فحسب ، وانما في العراق كله .

* عين سفني .. مدينة صغيرة ،  وهي مركز قضاء الشيخان التابع اداريا  للموصل. وهي صورة مصغرة فعلا للتكويـــن العراقي المتنوع . اذ يسكنها من حيث التنوع القومي الاكراد والعرب والكلدواشوييين . وكذلك من حيث الديانات فاهاليها مشكللون من الايزيدية والاسلام والمسيحيين ، وفي نهاية الاربعينيات كان يسكنها اليهود ايضا .

صبحي خدر حجو
17 . 01 . 2004      المانيـــا
 .  



#صبحي_خدر_حجو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هــل هــــــو ارهـــــاب ام - مقاومـــــة - ، ايها الرفاق ال ...
- الشرع والارهاب .. في مسألة الحجاب
- شكراً ... سيادة الرئيس
- تهنئة مخضبة بالدموع ، الى المقبرة الجماعية رقم .......


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - صبحي خدر حجو - صبراً ، انها سحابـــة صيف .. يا ملح ارض العراق