أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - العلمانية.. هل تصلح لمجتمعاتنا؟(2 – 2)














المزيد.....

العلمانية.. هل تصلح لمجتمعاتنا؟(2 – 2)


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 2308 - 2008 / 6 / 10 - 11:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تساءلنا في المقال السابق: ما الذي يجب أن يميّز المجتمع العلماني عن المجتمع الديني؟ باعتقادي أن الذي يميّز بينهما يتعلق بالأسباب أو بالعلل. بمعنى أن الإثنين، العلماني والديني، يتوصلان إلى نتائج متشابهة بشأن الكثير من قضايا الحياة ومسائلها، لكن الأول ينفذ أفكاره وأهدافه وخططه إنطلاقا مما يمليه عليه العقل البشري من أسباب وبما يخدم الإنسان وحياته دون النظر إلى رضى الله أو عدم رضاه، في حين أن الثاني ينطلق في تنفيذ أهدافه وأفكاره وخططه استنادا إلى دواعي رضى الله لا غير. بمعنى أن دواعي عمل الإنسان العلماني تختلف عن دواعي عمل الإنسان الديني، ولا يمكن أن نفرق بين الإثنين انطلاقا من شكل عملهما.
إذن، المجتمع الديني والمجتمع العلماني لايختلفان في ظاهر عملهما إنما في الأسباب والعلل. والأديان، ومنها الدين الإسلامي من خلال نصوصه، لم تهتم بظاهر عمل الإنسان إنما كانت "تبشّره" و"تنذره". فلا نجد في القرآن، مثلا، أن الله قد بعث الأنبياء لكي ينظّروا للناس في الشأن السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو العلمي أو غيره من الشؤون، بل كان الأنبياء "مبشرين ومنذرين"، أي سعوا للتأثير في أفكار الناس لتغيير أسباب وعلل سلوكهم، وكذلك التأثير في نواياهم وتصحيحها والسير بها في الاتجاه الذي كانوا يعتقدون، أي في الاتجاه الذي يصب في سبيل الله، وليس تعليمهم السياسة والاقتصاد والعلوم وغيرها.
إن تدبير أمور الحياة المادية الطبيعية ومشكلاتها وقضاياها هي من مسؤولية العلماء لا الأنبياء. فالحروب التي خاضها النبي محمد ضد الكفار والمشركين كانت بشرية في الشكل والظاهر، وهي من الأمور التي خطط لها العقلاء لا الوحي، كما أنها كانت تختلف في الأسباب والعلل والنوايا. فالمسلمون كانوا يحاربون أعدائهم من أجل رضى الله ورسوله، فيما كانت علل ونوايا الكفار والمشركين تصب في اتجاه آخر، وهذا الأمر ينطبق كذلك على كافة النزاعات بين البشر.
وإذا ما نظرنا إلى نزاع العراقيين ضد صدام حسين سنجد أن الأسباب التي طرحها الإسلاميون في هذا الشأن تختلف عن تلك التي طرحها الليبراليون أو القوميون، إلا أن الهدف الرئيسي من النزاع كان واحدا وهو تغيير نظام طاغية العراق.
إن النبي محمد لم ُيبعث لكي يطرح في رسالته نظرية خاصة تتعلق بالحرب. غير أنه من الممكن أن تكون للنبي رؤيته الخاصة في هذا الشأن، لكنها لم تكن دينية، أي لم يطرحها أو ينظّر لها إنطلاقا من الشأن الديني، وإنما انطلاقا من بشرية الموضوع. لذلك نجد أن أدوات الحرب في زمن النبي محمد ظلت هي نفسها ولم تتطور أو تتغير، أي باتت السيوف والخناجر والدروع هي أدوات الحرب لمئات السنين. فنبي الإسلام أطلق على الحرب مسمى "الجهاد في سبيل الله"، أي غيّر أسبابها وعللها ووجهتها، التي كانت تختلف عن أسباب وعلل ووجهة الكفار والمشركين. بمعنى أنه حوّل وجهة القتال من "في سبيل الأصنام" إلى "في سبيل الله"، لكن شكل وظاهر الحرب ووسائلها فكانت تتبع الشأن العقلي لذلك الزمان الذي لم يكن يختلف فيما بين المسلمين والكفار.
على هذا الأساس، إذا كانت أسباب أي عمل أو التفكير في أي عمل هي من أجل رضى الله فإن ذلك العمل سيوصف بالديني، أما إذا ما كانت الأسباب تسير في غير طريق رضى الله إنما من أجل خدمة البشر والإنسان فسوف يوصف العمل بالعلماني. فهناك من يقبل على الزواج بدواعي رضى الله، وهناك من يقبل على ذلك لأسباب شخصية أو اجتماعية أو إنسانية لا ترتبط بالله أو بالشأن الديني، غير أن الشكل والهدف في الأثنين هو واحد.
وإذا نظرنا إلى الأسباب في العمل، أي عمل، سنجد أنها أسباب دينية بالنسبة للإنسان الديني، لكن شكل وظاهر عمله من شأنه أن يقوم على الانفصال عن الدين، لأنه لايمكن أن نستخرج من الدين نظريات سياسية أو اقتصادية أو صناعية أو حربية أو طبية أو رياضية أوغيرها.
إن الأنبياء، ومنهم النبي محمد، لم ينظّروا للشأن السياسي، كما لم يعرّفوا أنفسهم لأنصارهم وللناس بأنهم طارحو نظريات سياسية أو غيرها من النظريات، بل كان انشغال النبي محمد في الشأن السياسي موضع استغراب العديد من الناس في ذلك الزمان، على أساس أن الأنبياء من قبله، وخاصة النبي موسى والنبي عيسى، لم يمارسوا السياسة.
استنادا إلى هذا الطرح، إذا اعتقد البعض أن الدين لا ينفصل عن السياسة وإنه يؤسس لنظريات متعددة، ومنها السياسية، فلن يكون هناك مزج بين الدين بالسياسة، لأن الدين غير قادر على إنتاج نظريات سياسية. أما إذا اعتقد البعض الآخر أن ممارسة السياسة مسببة لرضى الله (من دون طرح نظرية سياسية دينية في هذا الشأن) وأن هذه الممارسة شبيهة بممارسة العلماني للشأن السياسي، فإن الدين والسياسة سيتطابقان. لذلك، إذا تساءلنا: هل يمكن للهندسة أن تصبح دينية، فإن الجواب من جهة هو: الدين منفصل عن الهندسة، لأن الدين غير قادر على إنتاج نظريات متعلقة بعلم الهندسة. لكن هناك جوابا آخر: إننا نمارس الهندسة قربة إلى الله وللوصول إلى رضى الله.
إذن، العلمانية قادرة على التعايش مع التفسير الديني الذي يعتقد بعدم قدرة الدين على إنتاج نظريات حياتية من سياسية واقتصادية واجتماعية وعلمية وغيرها، لأن انتاج هذه النظريات من مسؤولية العلماء لا الأديان أو الأنبياء الذين لم يشيروا إلى ذلك لا من قريب ولا من بعيد. في المقابل فإن العلمانية لاتستطيع التعايش مع التفسير الديني الذي يدّعي بأن الأديان قادرة على تأسيس تلك النظريات. وتبدو التجارب الإسلامية الحديثة التي تدّعي بأنها قادرة على تأسيس نظريات دينية للحياة لم تستطع أن تؤسس نظرية واحدة قابلة للتعايش مع العصر الحديث. والتجربة الإيرانية في هذا الإطار لم تستطع تحقيق نجاح ولو في الشأن السياسي من خلال نظرية ولاية الفقيه، التي تعتبر نظرية تاريخية ماضوية لا ترتبط بعلاقة تصالحية مع الحياة الحديثة ومع مفاهيمها، كما أن باقي الشأن الإيراني العام في مشروع "الجمهورية الإسلامية" لا يمت بصلة مع الدين.

كاتب كويتي



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية.. هل تصلح لمجتمعاتنا؟ (1-2)
- بين معيار الحقيقة.. ومعيار الحرية
- الإنسان.. وفصل الدين عن السياسة
- في صراع الدين والحداثة
- لنُسقط العمامة المسيّسة
- الإسلاميون غير تواقين للديموقراطية
- المرأة.. قاصرة.. متبوعة.. غير حرة
- الليبراليون.. وإصلاح الدين
- في نقد الخطاب الليبرالي الكويتي
- يفخخ المجتمع.. ثم يتبرأ من تبعات الانفجار
- الزرقاوي ومغنية.. وسؤال الطائفية
- حزب الله.. والفكر الوصائي لنظام التقليد
- حزب الله.. ومغنية.. والكويت
- الدين والدنيا
- الخطاب الأسطوري.. والتديّن العقلاني
- التفسير الأسطوري.. ومفهوم التعددية الإيمانية
- التفسير الأسطوري.. وكربلاء.. والحياة الحديثة
- في نقد التفسير الأسطوري لحادثة عاشوراء
- أعداء المرأة
- الخطاب الديني.. والأخلاق.. وحقوق الإنسان


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - العلمانية.. هل تصلح لمجتمعاتنا؟(2 – 2)