عائض اّل عائض
الحوار المتمدن-العدد: 2309 - 2008 / 6 / 11 - 08:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لعل أخطر ما يقوم به بعض بائعي الأوهام والأحلام من منظري الانغلاق والتعصب هو ممارسة " تزييف الوعي" فهم يقومون بنشر وعي مزيف ومخالف للواقع , والسلفي كثيرا ما يؤمن ب( اعتقد ثم استدل ) .. فهو لا يبحث عن الاجابة والحل بقدر ما يعتقد ما يؤمن به مستمدا اياه من ثقافته ومن لاوعيه ثم بعد ذلك يبحث عن الاستدلال وما يتبعه من شواهد .
ولعل أكثر قضية ان لم تكن القضية الوحيدة التي تشغل عقول أغلب السلفيين في السعودية هي قضية " المرأة " : حجابها - اختلاطها - قيادتها للسيارة -بطاقتها - ابتعاثها - عملها - شراؤها للملابس الداخلية - الهيئة والمرأة- السفر بدون محرم - السكن في الفنادق - مراجعة الدوائر الحكومية وهكذا .. وستلاحظ أن كامل هذه القضايا ترتبط بالمرأة ( الجنس) فلا أحد يتكلم عن المرأة العجوز أو المعاقة أو المعدمة التي تشحذ عند الاشارات أو تبيع على الأرصفة , بل غالب الكلام يتحدث عن المرأة تلك التي تصلح للاستهلاك الجنسي كما يُنظر اليها.
ومن عرابي الوعي المزيف سليمان الخراشي و محمد الهبدان و لطف الله خوجة , فهؤلاء يؤمنون أن هناك " حربا" على المرأة , ويربطون أي قضية تخصها دوما بالعلمانية والليبرالية والتغريب , حتى أصبح هناك تماهي غير مباشر بين ( المرأة) و ( التغريب أو الليبرالية أو ما سواها من أمور ) .
طبعا الحكومة ذكية وتعرف كيف تستغل هذه العقليات الناشئة والخائفة من أو على نسائها , فالسلفي الذي يحارب ما يسميه الليبرالية ما هو الا انسان خائف على أو من " نسائه" , ولا نقصد بالسلفي حصرا هيئة محددة بل انك ستجد السلفي الذي يعتكف في المسجد والسلفي الذي يتحرش بالنساء في السوق والسلفي الذي يدخن الشيشة في القهاوي الترابية في أطراف المدن كل هؤلاء لهم ذات ونفس الرأي والنظرة للمرأة .. الحكومة تستغل مثل هذه العقليات لاشغالها بقضية " المرأة " فمثلا أثناء دخول القوات الأمريكية ولحراجة الظرف السياسي أثناء حرب الخليج , قامت مظاهرة نسائية تطالب بقيادة المرأة للسيارة .. هنا العقل السلفي بدأ بالصياح والعويل بل وسمعت أشرطة يبكي فيها العشرات مما حل بالاسلام والمسلمين من مصائب ومهالك !!!
السياسي ذكي جدا ويعرف محدودية قدرات هذه العقول و هو يستخدم نظريات متقدمة في علم الاجتماع والسلوك تتعلق بخلق ( مثير) كي يحدث ردة فعل أنت تتوقعها مسبقا بغرض جعل ال subject يتصرف بطريقة معينة , ولذلك سلفيا يتم استخدام طعم " قضية المرأة " بغرض خلق مواقف معروفة مسبقة ثم العمل منها لأجل أغراض أخرى .
مثلا لو أردت أن أشغل سليمان الخراشي للعشر سنوات القادمة فأستطيع خلق بعض القضايا للمرأة ثم أجعله ينشغل فيها لعقد كامل .
نرجع للموضوع الأساسي وهو أن سليمان الخراشي وشركاه يمارسون " تزييف الوعي " لأتباع يقرأون ما يقرأون بلا عقل أو فهم أو تحليل أو مقارنة أو نقد , فيكتفي التمظهر بمظهر معين والحديث بطريقة معينة ليتم كسب عشرات الالاف من العقول التي تماهي بين قداسة الوحي وقداسة المتحدث عن الوحي ..
من كذبات الخراشي وشركاه اشاعة يتم الترويج لها بغرض عزل المرأة عن الحياة العامة التي لا يمكن مشاركتها فيها الا بدخولها معترك الحياة بناءا على أن الحيز الثقافي والمكاني والزماني والاقتصادي هو حيز واحد مترابط ومتشابك ولا يمكن عمل أو خلق مجتمعيين متوازيين ومنفصليين كما يحلم بعض السلفيين كسخافة قائلة بامكانية وجود مستشفيات نسائية خاصة , فان سلمنا بهذا وسلم به أصحاب علم ادارة المستشفيات الذين يعرفون قبلا أن المسألة ليست ذكرا وأنثى بقدر ما هي كفاءة , ان سلمنا بذلك فهل يا ترى تدخل زوجة الانسان وقد تنتظر عملية أو ولادة أو مرض عضال , أو تكون أمه على فراش الموت .. هل أخاطبها مثلا من الدائرة التلفزيونية ؟!! بحيث يعمل غرفة لكل رجل موصولة الى غرفة المريضة ثم يتحدث اليها عبر الدائرة التلفزيونية ... لكن حتى ولو افترضنا هذا الجنون , سيخرج رياض المسيميري ويقول ( مهلا مهلا : هناك من سيخترق الدائرة التلفزيونية وسيطلع على محارم المسلمين !! , لا حاجة لنا بهذه الدوائر ويكتفي بالمحادثة الهاتفية !!!) .
على أية حال من الكذبات الشهيرة للخراشي وغيره كذبة مفادها أن الغرب يتوسع في ( الفصل بين الجنسين ) !!
والحقيقة أن هؤلاء لو فهمهوا واقع تلك المجتمعات لوجدوا أن أكثر الناس راديكالية وتطرف لا يمكن أن يقبل بمبدأ الفصل : Segregation بل هو مصطلح كريه وبغيض وله جذور سيئة الصيت .. نعم هناك كليات للبنات فقط وكليات للأولاد فقط , لكن ما هي وما فلسفتها أصلا وهل هي في تزايد كما يقول الخراشي ويزيف وعي مريديه :
ورد في صحيفة النيويورك تايمز تقريرا عن هذه الكليات وابدأ بعبارة تناقض كلام الخراشي وهي :
In the 1960s, there were some 300 women’s colleges in the United States; now there are fewer than 60.
ثم يضيف التقرير :
" Still, most American high school girls never consider applying to a women’s college. And because the Sisters do not get as many applicants as comparable coeducational colleges, they are not as selective as other top institutions."
الحقيقة هي أن هذه الكليات في تناقص مستمر وليست في تزايد أبدا فهي أيام الستينيات الميلادية كانت تقدر ب 300 كلية , ثم انخفضت بشكل كبير وبمعدل يجاوز ال 80% الى حدود ال 60 كلية متبقية .
ثم هناك معلومة أخرى وهي أن غالبية طالبات الثانوية العالمية لا يقدمون نهائيا على هذه الكليات في اعتبارات التقديم , وغالب هذه الكليات منخفضة المستوى التعليمي الأكاديمي .
بقي المصيبة الأخرى وهي تضرب عقل الخراشي وشركاه في الصميم وهي أن هذه الكليات لم تنشأ أصلا من أجل المحافظة كما يردد البعض , بل انشأت كمراكز للفكر النسوي الليبرالي الحر , يقول التقرير :
While single-sex schools in the Middle East are protected environments, reflecting women’s traditional roles in Muslim society, the American colleges, for all their white-glove history and academic prominence, are liberal strongholds where students fiercely debate political action, gender identity and issues like “heteronormativity,” the marginalizing of standards that are other than heterosexual. "
فهذه الكليات انشأت كمعاقل للفكر الليبرالي النسوي الذي يبحث عن الهوية الجندرية النسوية وسبل النضال ضد الفكر الذكوري وضمان تخريج قيادات نسوية مؤمنة بقضايا المرأة , وهذا ضد (كل) ما يروج له الخراشي بل وينقضه نقضا تاما .
والنتيجة المريعة الأخيرة هي أن هذه الكليات هي من أشهر جامعات ممارسات السحاق بحكم نوعية المتقدمات اليها وجوها الداخلي ..
تقول أحد الطالبات وهي أتت من دبي بغرض الدراسة في مثل هذه الكليات :
"
Pasangi Perera Weerasingag, who attended a coeducational British-model high school in Dubai, said that when she arrived at Mount Holyoke last year, she was shocked by the presence of so many lesbians among the students"
أنها تفاجأت وصدمت من الحضور الطاغي للسحاقيات في مثل هذه الكلية النسوية !
مثل هذه التزييف يمارسه أمثال هؤلاء الذين استطاعوا استغلال وضع ثقافي يؤمن فيه الناس بتسليم عقولهم لكل من يدعي " حماية المقدس" وما عرف هؤلاء البسطاء أن أقدس مقدس والذي هو من مرتكزات الوجود الانساني هو " حماية العقل " ليس مما يذهبه من الخمر كما يقول بعض الدراويش بل من المخدرات الفكرية التي تشل قدرته على التفكير وعلى التعامل مع الواقع كما هو ومحاولة فهمه .
مشاركة المرأة في المجتمع لم تعد قضية تنموية فحسب بل هي قضية انسانية حقوقية .
ولعلنا في قادم الأيام والأسابيع نكشف كذبات أخرى للخراشي وشركاه في مسائل : الحجاب وعادة تغطية الوجه ومسألة الاختلاط .
- منتدى محاور
-http://www.mohawer.net/forum/index.php
#عائض_اّل_عائض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
