|
الضائعون تحت أقدام الطغاة ..!!
بدر بن سليمان
الحوار المتمدن-العدد: 2308 - 2008 / 6 / 10 - 11:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الحمد لله .. فلم نجرب الجوع منذ ان ولدتنا امهاتنا ، إلا ذلك اليوم الذي لم نأكل وجبة دسمة إلا مرة واحدة في اليوم ..! هكذا يفكر اهل الضمائر الميتة الذين لا يهمهم إلا " كروشهم " المنتفخة والمتضخمة ، بينما يتضور الناس جوعا وعريا من أولئك المسحوقين على اعتاب الرسمالية التي اخذت تغزو بلادنا ، حين تذوب الطبقات لتصبح طبقتين لا ثالث لهما :
1- الطبقة " الكرشية " التي لا يهمها إلا تمتيع غرورها في الحياة ، ناسية او متناسية أولئك الجائعون المتضورون في بيوت لا يشم فيها رائحة اللحم إلا بالمناسبات الكبرى لأصحاب الكروش ، اولئك الذين لا يهمهم من يجوع إذا شبعوا ، ولا من يعرى إذا لبوسوا ، ولا من يحتفي إذا ركبوا ، ولا من يمرض إذا صحّوا .. أولئك الذين ربوا اموالهم على حساب ذلك الفقير الذي أصبحت أمانيه أن ياكل في اليوم وجبة واحدة .. فالأرض والبيت والحياة الهانئة من المستحيلات .. لانه يعرف انه سيعمل خمسا وعشرين سنه حتى يحصل قيمة الأرض ، ثم يعمل عشرين سنة حتي يعمر بيتا ، ثم يحفر قبره عند بابه .. فيلج إليه قبل أن يؤثث بيت الأحلام والعمر ..!
2- طبقة "" الضلوع الناتئة " ، وهي طبقة يتفرج أبناؤها على براطم أصحاب الكروش وهم يلحسون الآيسكريم في لهيب الصيف ، اولئك الذين يشاهدون العمائر الشاهقة ، والقصور الفارهة ، والاموال المبعثرة ، والبذخ الموذن بالعقاب ، أولئك المسحوقين في عالم النفط والثراء ، أولئك الذين ينظرون إلى " التضخم " على انه غول بشع لا يستطيعون إلا التسليم له ليفعل فيهم ما يشاء ، يامرهم ان يشحذوا فيطيعوا ، ان يبيعوا أعراضهم فيستجيبوا ، ياخذون دورات في الصبر والمصابرة ، والجوع والعري فيتعلموا ، إنهم لا يفكرون أبدا بالترفية والكماليات ، لان الضروريات وقفوا عاجزين امامها ، تتنهت صدورهم زفرات وحسرات حين يرون حق الله قد منع عنهم ، فهم أذكياء في حسبة الزكاة الواجبة من أصول الطغاة الذين لا يخرجونها ، إنهم يتعلمون في المدارس قول الله تعالى : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) ، فيقولون في نفوسهم : ليتهم يعطونا حتى مما يكرهون .. ، يقراون قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع جنبه ) ، فيقولون ، وهل من جيراننا احد يشبع أصلا ؟ يسمعون مئات المشروعات التي تعلن في الجرائد من اجلهم ، مزخرفة مزركشة ، ولكنهم لم يروا لها أثرا في عالم الجشع المنظم ، فتغرغر عيونهم بالدمع من عالم المفارقات العجيبة حين يقران ويسمعون بان النفط أصبح بــ 130 دولارا !
إن الذي يعيش معزولا عن الواقع هو الذي يقول : لا تبالغ ، ولكنه حين يسمع ويرى كم من امرأة باعت عرضها ليأكل ابناءها لا يستغرب ، وحين يقرا بان عصابة قد جندت بنات طاهرات عفيفيات بخمسمائة ريال شهريا لتكون بغيا في مخابئهم الفاجرة لا يستغرب مثل هذا الكلام ، وحين يقسم أحد الناس انه لا يوجد في بيته ثلاجة لحفظ طعامه لانه لا طعام عنده سوف يصدق ، وحين تدخل بيتا فتجد ان البيت كله عاجز عن تسديد فاتورة الكهرب في بلد الإسلام والخير سوف يبصم بصحة نشوء طبقة الضلوع هذه ، وحتى نحن جيل " الإيجار " سوف ننحدر شيئا فشيئا لنلتحق راغمين في هذه الطبقة ، حتى نصبح يوما ما ماسحين لأحذية أهل الكروش ببضعة قروش ..وما جرى لغيرنا سوف يجري لنا إن لم نتدارك انفسنا ، ونقوم بواجب الدين في اشباع الجياع ، وسد حاجة المعوزين ، والمطالبة بأن تكون مشروعاتنا ظاهرة واقعية وليست فرقعات إعلامية !
إن شعار " حقوق الإنسان " ليس شعارا يرفع ، بل هو مفهوم وممارسة ، لابد ان يربى عليه الكبار والصغار ، فإن كانت البغي قد دخلت الجنة بسبب كلب سقته ، فإن سد حاجات المعوزين من المؤمنين اولى وأحرى ، ولا يتأتى هذا إلا بالقيام بواجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يتجاوز بضعه ظواهر تدور حولها هذه الظاهرة ، إلى الاحتساب على أصحاب الكروش أن اتقوا الله في الناس ، اخرجوا زكاة اموالكم ، وان يقوم الولاة بوضع الخطط الاستراتيجية لكف حاجات الناس ، ومحاربة الطبقية التي بدات تنشأ ، ومحاربة تضخم الأسعار وايجاد السكن الملائم للناس ، وهذا لا يعني نفي أي جهد في هذا الباب ، ولكنها جهود اقل من المستوى المطلوب ، فكم نسبة أولئك الذين يملكون بيتا من الشعب السعودي ؟ وكيف نسد حاجات طلب السكن المتزايد ؟ وكيف نواجه ارتفاع اسعار البناء والإيجار ، وكيف نواجه جشع الجاشعين من المتاجرين على حساب كرامة الناس حين يصبح المتر من التراب اكثر من راتب الشهر .. ؟
إن خطاب الدعوة والإصلاح بحاجة إلى ان يتدخل مباشرة في النظر لاحتياجات الناس ، فإن كان عمر بن الخطاب يرى انه سيسأل عن بقرة تعثرت في طريق بالعراق لم لا يصلح لها الطريق ، فما يقول الفاروق برجل يتعثر في ديونه ويتقلب وجهه فيها بالليل والنهار ؟ وماذا سيقول عن رجل لا يشبع هو وابناؤه إلا مرات معدودة في الشهر ، وماذا سيقول عن أسرة تتضور جوعا ، اليس سيسعى إلى ان يصلح لها الشأن كله ؟
إني افكر دائما حين يطلب ولدي او بنتي حاجة من حاجاته الكمالية ثم أحزن لاني لا استطيع توفيرها ، واقول بنفسي كيف الحال لأولئك الذين تتفتت اكبادهم لانهم لا يستطيعون توفير الضرورات لأبنائهم في كل أيام السنة ؟ اليس هذا يقطع حشاشات النفوس وهو يرى انه لم يستطع لأي سبب في توفير الحياة الكريمة لابنائه ، كيف هو شعوره وهو يرى ولده محروم من متع الدنيا وهم ينظرون يمنة ويسره لاولئك الذين انعم الله عليهم ، فيقارنون ويتساءلون ، فيقول لهم ابوهم : إن الله قد قسم بين الناس ارزاقهم ، فيقولون : لو كنا في الصومال لقلنا مثلما تقول !
#بدر_بن_سليمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصليب الأحمر يتسلم المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وجادي
...
-
القناة 13 العبرية: وصول الاسيرين يهود وموسيس الى نقطة التسلي
...
-
الكنائس المصرية تصدر بيانا بعد حديث السيسي عن تهجير الفلسطين
...
-
وصول المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وغادي موزيس إلى خان ي
...
-
سرايا القدس تبث فيديو للأسيرة أربيل يهود قبيل إطلاق سراحها
-
سرايا القدس تنشر مشاهد للأسيرين -جادي موزيس- و-أربيل يهود- ق
...
-
قائد الثورة الاسلامية يزور مرقد الإمام الخميني (ره)
-
خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز
...
-
القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام
...
-
البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|