زياد عبدالوهاب النعيمي
الحوار المتمدن-العدد: 2307 - 2008 / 6 / 9 - 09:51
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
(وجهة نظر قانونية)
يعود إنشاء منظمة الامم المتحدة إلى عام 1945 - بعد الحرب العالمية الثانية- وقد اخذ تشكيلها في الحسبان نتائج هذه الحرب وانعكاساتها من جهة، كذلك الاصطفافات والتجاذبات الدولية التي أعقبتها وبخاصة التوافق على تركيبة مجلس الأمن الدولي من جهة أخرى حيث تم إنشاء الأمم المتحدة كمنظمة عالمية تحل محل عصبة الأمم وتكون الرديف في ردع المعتدي وحفظ الأمن والسلم الدوليين في العالم وتجنب العالم مأساة حرب عالمية ثالثة،، ولم تشهد هذه المؤسسة الدولية أي تغيير على تركيبتها منذ ذاك العام، الذي ضمت فيه 51 دولة ومجلس أمن من 11 دولة، إلا في العام 1963 عندما جرى توسيع مجلس الأمن ليضم 15 دولة وبضمنها جمهورية الصين الشعبية كعضو دائم. ويعد مجلس الأمن أقوى و أهم أجهزة الأمم المتحدة و يعتبر المسؤول عن حفظ السلم و الأمن الدوليين طبقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. ولمجلس الأمن سلطة قانونية على حكومات الدول الأعضاء لذلك تعتبر قراراته ملزمة للدول الأعضاء (المادة الرابعة من الميثاق، ويتكون المجلس من 15 عضو منهم خمسة أعضاء دائمين (لهم حق الفيتو) الاتحاد الروسي ،الصين ،فرنسا ،المملكة المتحدة و الولايات المتحدة. اما الأعضاء العشرة الآخرون تنتخبهم الجمعية العامة لفترات مدة كل منها سنتان، فهي تضم كل الدول التي ترغب في تجنب الحروب وعدم قيامها،
الحرب الباردة ...وفعالية العمل
إن الواقع الدولي وان افرز ايجابية الأمم المتحدة من حيث قيامها ونشأتها إلا انه اظهر إلى العالم تنافسا حادا بين قوتين عظيمتين أقامتا مناطق نفوذ لها في المناطق التي ترى إنها تدخل في حماها ولذلك نجد إن ذلك قاد إلى قيام حرب من نوع أخر لا تقوم على مفهوم المواجهة العسكرية المسلحة بل على المواجهة السياسة والاقتصادية والتهيؤ في كل وقت للمواجهة المباشرة، ألا وهي الحرب الباردة ولم تتضمن الحرب الباردة نزاعاً مسلحاً مباشراً بين المتصارعين بل حلت بدل النزاع المسلح الكثير من الوسائل المؤثرة في هذا الصراع من خلال الضغط الدبلوماسي أو المساعدات الانتقائية،كما تميزت أيضا بوجود حروب بالنيابة في بعض مناطق نفوذ القوتين, كالحروب الداخلية في انغولا والسلفادور ونيكاراجوا, أو الحروب التي خاضتها القوتان تجاه بعض الدول كالتدخل الأمريكي في كوريا 1959, والتدخل الأمريكي في فيتنام 1962, وكذلك التدخل السوفيتي في جيكوسلوفاكيا عام 1968 والتدخل السوفيتي في أفغانستان عام 1979 .
خصائص الحرب الباردة ومميزاتها:
أولاً: وجود تأثير ملموس للقوتين في جميع الأزمات سواء الدولية أو الإقليمية بوصف القوتين أطرافاً معلنة فيها أو غير معلنة, مما يعطيها حقاً في التدخل في مجريات الأزمة والتأثير فيها بما يلائم مصالح القوى المتدخلة, فقد كشفت الأزمة الألمانية مثلاً نية الاتحاد السوفيتي في الاحتفاظ بألمانيا الشرقية من خلال تدخله المباشر للتأثير السياسي في هذه الأزمة, في حين بينت الولايات المتحدة رفضها لأي تدخل سوفيتي سواء في أوروبا أو في أي مكان في العالم, مما دعا إلى القول بوجود تأثير مباشر على الأزمات التي تحققت خلال فترة الصراع الدولي بين القوتين على الأصعدة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية كافة
ثانياً: اتفاق الدول العظمى(*) على عدم التدخل في شؤون الدولة الأخرى: نظراً لما يحدثهُ التدخل من قبل القوتين من تهديد للسلم والأمن الدوليين, والذي قد يترتب عليه قيام حرب عالمية ثالثة, لذلك فإن القوتين وجدتا أن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للقوى الأخرى وتجميد الصراع والبدء في مرحلة نقاش سلمي أفضل من المواجهة القائمة على الحرب والمناورات العسكرية .
ثالثاً: سباق التسلح: شهدت فترة الحرب الباردة سباقاً للتسلح وبشكل كبير وذا تأثير خطير, خصوصاً إذا ما علمنا أن هذا السباق على التسلح كان على (الأسلحة النووية) مما قاد المخاوف على الصعيد العالمي من كارثة المواجهة بالأسلحة النووية, وكان كل طرف يقر بحقه بامتلاك الأسلحة النووية للدفاع عن نفسه في مواجهة القوى الأخرى, وقد أدى سباق التسلح في نهاية المطاف إلى تعاظم المخاوف من استعمالها في المواجهة, كما انه أدى إلى زيادة قدرة الدول العظمى من خلال امتلاكها للأسلحة النووية والتهديد باستخدامها
لقد ترجمت هذه المرحلة أفكار الحرب العالمية الثانية لتضعها موضع التنفيذ في هذه الفترة, فإقامة حلف (Nato) لصد أي هجوم شيوعي قد يأتي إلى الولايات المتحدة مما قد تسبب بمواجهة تؤدي بقيام حرب عالمية ثالثة, ولذلك فقد كانت المناقشات والمعاهدات بين الطرفين أمر لا يمكن القيام به في حين أن الإتحاد السوفيتي (السابق) أقام تجمعاً اقتصادياً والذي أطلق عليه (كوميكون) عام 1949 والذي سعى إلى دمج اقتصادات أوروبا الشرقية والذي شكل مع حلف (وارسو) الذي تأسس عام 1955. البنية التحتية للإتحاد السوفيتي في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية, إذ شكل هذا المجلس الاقتصادي (كوميكون) أداة إدارة اقتصادية للإتحاد السوفيتي أولاً ثم أوروبا الشرقية والعالم الثالث لاحقاً ويمكن القول, أن ما يميز هذه الفترة هو الصراع دون المواجهة المباشرة والتجنب المباشر لأية مواجهة مع تجنب الجلوس على طاولة المفاوضات وإقامة تحالف عسكري غربي وتحالف اقتصادي شرقي, كما تميزت هذه المرحلة بسياسة الاحتواء (containment) الذي دعت إليه الولايات المتحدة احتواء طويل الأجل وصبور ولكنه صارماً ويقظ تجاه النزعات التوسعية السوفيتية لذلك فإن هذه المرحلة تميزت – بسياسة الأحلاف والاحتواء والتصعيد دون المواجهة المباشرة.
النظام العالمي الجديد
لغة القطب الواحد
إذا كانت الأمم المتحدة تمثل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية طموح مختلف القوى فى العالم ، خاصة الناشئة منها، الى تعاون على أساس مبدأ الندية وارساء نوع من الديمقراطية على مستوى العلاقات لدولية، فقد دمرت تجربة الحرب الباردة جزءا من هذا الحلم.، وعندما انتهت الحرب وظن العالم أنه يرى أفقا جديدا تتعدد فيه الأقطاب، خرج جورج بوش بإعلان "النظام العالمى الجديد" بعد سقوط الشيوعية واندلاع حرب الخليج الثانية عام 1991. وكان الطرف الاكثر تضررا من الناحية القانونية هو الية التفعيل الدولية للامم المتحدة في عملها المطلوب.
فممارسات الأمم المتحدة سواء بالحرب االباردة أو بعدها تدل على أن مجلس الأمن قد اتخذ قرارات سمحت للأمم المتحدة للتدخل في الشؤون التي تعتبر تقليدياً من صميم المسائل الداخلية للدول , كفرضه عقوبات على روديسيا, وكذلك جنوب أفريقيا بسبب سياسة التمييز العنصري أما بعد الحرب الباردة فأنها كثيرة, كقيام الأمم المتحدة بإدارة إقليم الدولة , وتولي شؤونه (كمبوديا) أو التدخل لحماية القوافل الخاصة بالإغاثة في (الصومال – البوسنة)
منذ بداية الثمانينات بدأت معالم جديدة لفترة ما بعد الحرب الباردة بالظهور, بعد نهاية التنافس الأيدلوجي والانفتاح السوفيتي على العالم الغربي الذي كان يخوض حرباً باردة مع العالم الشرقي, ثم يأتي انهيار سور برلين عام 1989، إذ سمح للمواطنين في ألمانيا الشرقية بالخروج إلى ألمانيا الغربية لأول مرة أضف إلى ذلك انسحاب الاتحاد السوفيتي (السابق) من أوروبا الشرقية, ومن ثم نشوب أزمة الخليج الثانية عام 1991, بعد كل هذه الأحداث بدأت ملامح النظام الدولي الجديد أكثر وضوحاً.
وقد أشار الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب في خطابه أمام الكونكرس الأمريكي عام 1990 إلى أن النظام العالمي الجديد يضيق وبشكل حقيقي وحسب رأي الولايات المتحدة الأمريكية فإن ثمة مسؤولية جديدة ملقاة على عاتقها تدلل على ظروف جديدة للتعامل مع الأمم الأخرى, فدخول العالم مرحلة جديدة غير مسبوقة تغيرت فيها معالمه وتعدلت فيها ثوابته قاد إلى حصول تغيرات أساسية في الميادين كافة وعلى كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مما أسفر عن خلل في التوازن الدولي الذي خلفته مرحلة الثنائية القطبية في فترة الحرب الباردة ومن ثم بروز الولايات المتحدة الأمريكية كقوة دولية صاعدة تؤدي دوراً متميزاً في السياسة الدولية بشكل عام وظهور الأحادية القطبية في عالم كان يؤثر فيه قطبان كبيران, التي كانت شهدت ارتباطاً قرابة الأربعين عاماً لم يؤدِ لحدوث تغير جوهري أو جذري في منظومة الاقتصاد على الأصعدة الأخرى سواء السياسية أو الأيدلوجية, كذلك لم يحدث تغيير في عمل الأمم المتحدة لقيامها بدورها المطلوب بعد تأسيسها.
التغيرات القانونية في عمل الامم المتحدة
في فترة ما بعد الحرب الباردة فانمفهوم السلم والأمن الدوليين قد توسع عما كان عليه ذلك المفهوم في فترة الحرب الباردة, فبعد اجتماع مجلس الأمن الدولي عام 1992, أشاد القرار الصادر من المجلس ((أن غياب الحروب والنزاعات بين الدول لا يعني بالضرورة استتباب السلام والأمن العالميين, لقد أصبحت المصادر غير العسكرية لعدم الاستقرار تشكل تهديداً فعلياً للسلام والأمن الدوليين, تلك المصادر تتمثل في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والبيئية))
ومن خلال نص هذا القرار يتبين أن هناك نوعاً واسعاً ومجالاً كبيراً لتدخل الأمم المتحدة, وبذلك فإن مجلس الأمن بقراره أعاد تفسير مفهوم السلم والأمن الدوليين من خلال تفسير واسع للعوامل التي تهدد السلم والأمن الدوليين, وأكد في قراره أن هناك عوامل غير النزاعات الدولية تشكل مصدراً للتهديد العالمي من ناحية السلم والأمن , ولذلك نجد أن الأمم المتحدة تدخلت في مجالات مدنية لم تكن تقع ضمن اختصاصاتها, بل هي في واقع الأمر مسألة داخلية لا يحق لها التدخل فيها بموجب المادة 2/7 من الميثاق. ومن هذه التدخلات:
( أ ) مهام الرقابة والإشراف:
اضطلعت الأمم المتحدة في عقد التسعينات بمهام الرقابة والإشراف ومراقبة حقوق الإنسان والديمقراطية أو التدخل في المجالات الإنسانية ومشاكل اللاجئين في المناطق التي شهدت صراعات واقتتالا مثل (جورجيا, يوغسلافيا السابقة) أو التدخل لمراقبة الانتخابات كما حصل في كل من (انغولا, السلفادور), ومراقبة حقوق الإنسان كما هو الحال في (هاييتي) والنشاطات العسكرية البوليسية كما هو الحال في (موزمبيق) وكانت هذه المهام قبل انتهاء الحرب الباردة من الأمور ذات الاختصاص الداخلي للدول, ولا يخفى ما صاحب هذا التدخل من انتقائية وتحقيق مصالح الدول الكبرى.
(ب) المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين:
من المعروف أن الصراعات الداخلية في عقد التسعينات قد أثارت صعوبات في الوضع الإنساني مما شهدته تلك المناطق من تطورات في الاقتتال والتحارب بين أطرافها وما صاحبها من انتهاكات لحقوق الإنسان ولذلك فقد جاء تدخل الأمم المتحدة كطرف ثالث من أجل إيصال المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين في حالة الصراعات الداخلية في مناطق التوترات والصراعات المسلحة, فرخصة الأمم المتحدة بالتدخل تأتي ضمن الوظائف الجديدة لمجلس الأمن في المسائل الداخلية للدول كحجة (الوضع الإنساني) وهو ما دعا إلى إلغاء المبدأ الداعي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء خاصة في الأسباب الإنسانية بشكل كبير, وهذا ما جعل الأمم المتحدة تصاب ببعض المعوقات والصعوبات في إهمالها كالفشل الذي منيت به في الصومال والبوسنة, إذ أكدت المخاوف منتقدي سياسة الأمم المتحدة في التدخل في الشؤون الإنسانية, ودعوا الأمم المتحدة إلى الكف عن التدخل في شؤون الدول الداخلية لأسباب إنسانية
وتكون المساعدات الإنسانية عند تدخل الأمم المتحدة بوصفها مهاما رئيسة ذات الأولوية في التدخل الإنساني كما هو الحال في كوسوفو وراوندا وهاييتي أو قد تكون المساعدات الإنسانية أحد المهام وضمن المهام الرئيسة للتدخل وليست ذات الأولوية في التدخل كما هو الحال في كمبوديا أو ليبريا وموزنبيق( ) كما أنه قد يصاحب المساعدات الإنسانية استخدام القوة من قبل الأمم المتحدة لضمان توزيع المساعدات الإنسانية للدول المتضررة, فالحالة الإنسانية السيئة والتي تحدث نتيجة النزاعات المسلحة سوف تؤدي بالضرورة إلى تفاقم النزاع, في حين أن المساعدات الإنسانية قد تساعد في معالجة الأوضاع المتدهورة إنسانياً, ولكن مع مراعاة أمرين, أولهما ضرورة احترام سيادة الدول المتدخل في شؤونها ودورها الأساسي في توزيع هذه المساعدات. وثانيهما هي أن يكون تدخل الأمم المتحدة محدداً بالأغراض الإنسانية دون تحقيق غيرها بحجة المساعدات الإنسانية.
(ج) نزع السلاح:
يعد مصطلح نزع السلاح (Disarmament) مصطلح قديم وهو يعني التدمير الشامل للأسلحة والتخلص منها, و يعني أيضاً التخلي عن الأسلحة وحل القوات وعدم الإبقاء على أية قوة ما عدا الضرورية من الجيش والشرطة لحفظ الأمن, ويكون نزع السلاح شاملاً إذا تطلب الإلغاء الكامل لكل الأسلحة والقوات المسلحة الوطنية ويشمل كذلك مراكز إنتاج الأسلحة بينما يكون نزع السلاح جزئياً وهو مرادف لتخفيض السلاح وينطوي على إجراءات منخفضة للسلاح دون إلغاء للقوات المسلحة, فهو يبقى في حوزة الدولويرادف بذلك مصطلح ضبط السلاح(وجاءت مرحلة ما بعد الحرب الباردة لتضيف إلى الأمم المتحدة وظيفة جديدة تمثلت بنزع السلاح للجماعات المتحاربة داخل الدولة الواحدة وخلال الحرب الأهلية أو الصراعات مع الحكومة أو غيرها من الصراعات الداخلية, ومن الطبيعي فإن هذا الإجراء يسمح للأمم المتحدة بالتدخل في شؤون داخلية للدول بحجة نزع السلاح, ففي عقد التسعينات كان لانتشار الأسلحة و الألغام الأرضية انتشار هائلاً في مناطق الصراع مما يهدد السلم, كالنزاع الدائر وقت ذاك في الصومال, وتيمور الشرقية, وغيرهما من المناطق
وعلى الرغم من أن إجراء نزع السلاح لم يأت بصورة صريحة ضمن خطة السلام لدكتور غالي إلا أن هناك إشارات ضمنية أشار إليها د. غالي مثل (تسريح المقاتلين, إزالة الألغام) والتي تساعد على تقوية السلام . ويتم نزع السلاح عن طريق الأمم المتحدة إما باتفاق يتم مع الأطراف المتحاربة في بعض الأحيان, وقد تم هذا الإجراء في كل من كمبوديا وموزنبيق, أو قد تلجأ الأمم المتحدة إلى نزع السلاح بالقوة عند رفض أطراف الصراع نزع أسلحتهم, ويلاحظ أن بعض الفصائل والأطراف المتحاربة ترفض نزع السلاح إلا بشروط معينة فقد رفض متمردو دارفور نزع أسلحتهم وإعادة مقاتليهم إلى ثكناتهم إلا بوجود حل سياسي للصراع الدائر هناك( ), ويعتبر نزع السلاح أحد رخص الأمم المتحدة للتدخل في شؤون الدولة الداخلية.
( د ) بناء المؤسسات(اعادة البناء)
تعتبر مهمة بناء المؤسسات من المهمات الجديدة التي اضطلع بها مجلس الأمن والمقصود بهذا الإجراء إعادة هيكلية المؤسسات التي انهارت أثر الحروب والصراعات,
أو تأسيس مؤسسات جديدة مدنية أو عسكرية فضلاً عن المؤسسات القائمة هناك, وتهيئة الكوادر وتدريب العاملين في هذه المؤسسات كما هو الحال في (الصومال, السلفادور, هاييتي, كمبوديا)
والملاحظ, أن هذه المهام الجديدة للأمم المتحدة , تستتبع ذلك جهداً بشرياً ومالياً إضافياً لعمل الأمم المتحدة كذلك الحاجة إلى التعاون والتفاهم والتنسيق بين المنظمة الإقليمية ومنظمة الأمم المتحدة, وهذا التوسع الجديد ادخل إلى مجلس الأمن الكثير من الأمور واعتبرها بذلك مهددة للسلم والأمن الدوليين وأصبحت رخصة للأمم المتحدة للتدخل في الشأن الداخلي للدول
حقوق الانسان ... وتدويل القضية
إذا كان ميثاق الأمم المتحدة لم يشر صراحة إلى حقوق الإنسان بل جاءت نصوصه بصورة مبعثرة داخل الميثاق وغير منظمة فهذا لم يمنع من إصدار المواثيق والإعلانات كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 الذي جاء كأهم ميثاق لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية وأشار في ديباجته إلى أنه (لما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية أدت إلى الضمير الإنساني) وأشار أيضاً إلى أنه (لما كانت الدول الأعضاء قد تعهدت بالتعاون مع الأمم المتحدة على ضمان اطراد مراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية... فإن الجمعية العامة تنشر هذا الإعلان إلى الملأ بوصفه المثل الأعلى المشترك الذي يجب أن تلتزم كافة الشعوب والأمم
وكذلك صدور العهد الدولي بشأن الحقوق المدنية والسياسية الصادرة عن الجمعية العامة في 16/2/66 الذي اعتبر ساري المفعول عام 1967 والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
إن الاعتبارات الإنسانية وبسبب الانتهاك الخطير لحقوق الإنسان في النزاعات الداخلية وخاصة في عقد التسعينات وما شهدته بعض المناطق من انتهاكات لحقوق الإنسان في تلك المناطق, ومع أن تلك المناطق قد ينطبق عليها وصف ما يجري بالحرب الأهلية في أغلبها فقد بلغت هذه الصراعات حدا جعل الأمم المتحدة في وضع حرج وخطير, ولذلك نجد أن تقديم العون الإنساني للسكان المدنيين أصبح الهدف الأول لتدخل الأمم المتحدة مضاف إلى أهدافها الأخرى لحل النزاعات الدائرة كالتدخل في البوسنة والهرسك (Unprofor) وعملية (Unisom) في الصومال إذ كان المفروض إعطاء المعونة الإنسانية الأولوية في هذا التدخل وربما الهدف الرئيسي للعمليات الميدانية للأمم المتحدة في المناطق المضطربة .
ففي القرار 870 عام (1992) تعامل مجلس الأمن بصورة واضحة مع الانتهاكات الموجودة في يوغسلافيا السابقة ودعا في القرارين 808 في (93) و827 في (93) بإنشاء محاكم جنائية دولية أكد المجلس أن الانتهاكات واسعة النطاق للقانون الإنساني في يوغسلافيا السابقة شكلت (تهديداً للسلم والأمن الدولي) وأكد في بداية قراره أن (في الظروف الخاصة ليوغسلافيا السابقة فان من شأن تشكيل محكمة دولية أن يسهم في إعادة السلام والمحافظة عليهما
الجهود الدولية في اصلاح الامم المتحدة
تسعى الدول التي تجد نفسها قد وقعت في مشكلة عدم التمثيل العادل داخل اروقة مجلس الامن الدولي انها يجب ان تلعب دورا في صنع القرار داخل الامم المتحدة ، وتقدمت الجمعية العامة باعتبارها تضم كل دول العالم الى الامم المتحدة بمجموعة من الاصلاحات القانونية والسياسية بهدف التمثيل المناسب للدول بعد ازديادها وتطور العلاقات الدولية .وتتلخص هذه المطالب بماياتي :
الاولى : زيادة عدد أعضاء المجلس من 15 إلى 24 عضواً وتمتع عدد من الدول الجديدة بعضوية دائمة مع حقها في استخدام حق النقض (الفيتو).
الثانية: وتشمل التوافق على مبدأ الزيادة، والى حد ما العدد (24) وبضمنه عضوية دائمة للدول الخمس الجديدة ممثلة للقارات الأربع دون أن تملك هذه الدول حق النقض (الفيتو)
توسيع مجلس الأمن فقد حققته من خلال قرار أصدرته الجمعية العامة عام 1963 بزيادة عدد الأعضاء من 11 عضواً إلى 15 عضواً ، وتبعه بعد ذلك تعديل المادة 27 لتنصّ على أن القرارات التي يتخذها مجلس الأمن في الأمور الإجرائية تصبح نافذة إذا ما وافق عليها تسعـــة أعضاء ، وكذلك سعت أمريكا في بداية السبعينات لطرد الصين الوطنية (( فرموزا )) من عضوية مجلس الأمن ومنح الصين الشعبية حق العضوية الدائم ، وكررت هذا العمل في بداية التسعينات عندما أيدت منح مقعد الاتحاد السوفيتي ـ الذي انتهى وجوده ـ لصالح روسيا الاتحادية .
صعوبات الاصلاح:
ورغم التوافق (الأولي) على ضرورة زيادة عدد أعضاء مجلس الأمن الدولي في سياق إصلاح الأمم المتحدة ككل، فإن هناك العديد من الملاحظات تجاه هذه العملية،
منها:
اولا: الأحادية القطبية التي تسعى واشنطن إلى إدامتها من خلال عدم السماح لقيام قطب ثاني في العلم سواء كان دولة او تجمع من الدول .
ثانيا :رفض توسيع مجلس الأمن الحالي والابقاء على التشكيلة المعهوده وذلك لابقاء القرار داخل المجلس لقرار واحد وعدم اقامة الفيتو الذي تناثرت هيبته بتناثر الاتحاد السوفيتي وتفككه ورفض،أو إفشال أي محاولة من الدول الأخرى (مناوئة، ممانعة، صديقة) لتعديل الصيغة الحالية، كونها قد تشكل خطوة نحو تعزيز المطالبة بالتعددية القطبية
نتائج
إن عالم اليوم يعيش حالة فقدان التوازن في سلطات السياسة الدولية ؛ وان الامم المتحدة التي تزداد رغبة في التعاون الدول الكبرى في إدارة العالم اليوم اختلطت امامها الاوراق وصارت الامم المتحدة تعمل وفق الالية الدولية وليس وفق الميثاق مما خرجت معها كل الامنيات للدول التي كانت ترى في الامم المتحدة المنقذ نحو السلام وبناء العلاقات الدولية القوية والعمل على وقف الحرب واقامة سلام عالمي وامن دولي
إنهيار المنظومة الاشتراكية إنعكس سلباً على توازنات القرارات الدولية
فعمل الامم المتحدة اقترن بحجم القضايا وأنواعها وحالة الاستقرار من عدمه الذي تشهده الساحة الدولية في هذه الحقبة من حياة الدول والأمم ومدى استمرار قدرتها القانونية والسياسية في ملاحظة القضايا وإثارتها قياساً لغيرها من الحلول الدولية المطروحة على الساحة العالمية .
#زياد_عبدالوهاب_النعيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟