|
التراث والمعاصرة : اية علاقة ؟
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 2307 - 2008 / 6 / 9 - 10:22
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تناقضت الدعوة الى العناية بالتراث ، بين أوساط المثقفين العرب ، تناقضا كبيرا ، منهم من يدعو الى منح تراثنا القديم جل اهتمامنا ، لان ما نعيشه من تأخر واضح في مختلف الميادين ، مرده الى عدم الاهتمام بالتراث ، باعتباره الحافز الكبير ، والمشجع على تخطي الصعاب ، التي تعيشها مجتمعاتنا العربية ، والبعض الاخر على النقيض ،مما يدعو اليه الفريق الأول ، يرى ان كل مصائبنا تعود ، الى تغليبنا التراث والعيش فيه ، متناسين ما يحدث من تقدم ، في العصر الحديث ومن ابتكارات كبيرة ، جعلت العالم يبدو وكأنه قرية صغيرة ، ما يظهر من جديد ،في زاوية منها نائية وبعيدة ، حتى ينتشر امره بين جميع الانحاء ، وان الامم لم تعد مغلقة على ذاتها ، بل أصبحت تتأثر بما يجري في العالم من احداث ، ويجب الا تكتفي بنصيب الضعيف ، الذي يأخذ باستمرار ، بل عليها ان تكون قادرة على التأثير ايضا. وبما ان كلا النظرتين بعيدتان عن الصواب ، فان دراسة متمعنة في تراثنا القديم ، ناقدة ما فيه من اشكالات ، مبينة ما فيه من جوانب القوة ، ومناطق الضعف ، وان تجريد الخطاب الثقافي من مواضع القداسة ، التي يحاول البعض احاطته بها ، كفيل بابراز ما كان جميلا مضيئا ، في ذلك التراث ، وبظهور ما اكتسب القبح ، وأصبح لايلائم حياتنا المعاصرة. ولعل سائلا يستنكر ، ما ألم بحياتنا الثقافية ، من وهن واضح ، داعيا الى تحليل الأسباب المؤدية الى هذا الخراب الكبير ، وهو تدهور واضح لايمكن اخفاؤه بغربال ، فجميع الدراسات أثبتت اننا امة متخلفة ، رغم ما فيها من عوامل كبيرة وقوية لاحراز التقدم ، وانها تسير في مؤخرة الأمم ، وهي تمتلك ثروات مالية وبشرية وعلمية ، وكفاءات متعددة يمكن ان يجعلها، في طليعة اليلدان المتقدمة. فهل يمكن الخروج من الحالة الصعبة التي نجد أنفسنا محاطين بها ، وهل نظل امة تقلد غيرها ؟ وما هي الطرق الكفيلة باحداث ثورة في العقلية العربية ؟ تنقذها من حالة التردي الكبيرة التي تحيا في أتونها. لعل وضع الثقافة الحالي ، الفاقد الهوية ، يكون في مقدمة الأسباب. فماذا أعددنا للخروج مما يراد فرضه علينا ، من ثقافة واحدة تدعو الى الاستهلاك ، وتغليب النظم المعتدية ؟ وما هي الأسباب التي جعلت شبابنا ،يقلد كل ما هو غربي ، ويبتعد عن الأصالة ، ومن هو المسؤول عن اقناعه ،ان تراثنا كله ظلام ، لا ذرة من النور فيه ، وان الحضارة الغربية ضياء دائم، ومن هو المؤهل لاخراج شعوبنا مما تعيش فيه من وهم جميل؟ هل هو واجب المثقفين وحدهم ؟ ونحن نرى الكثير منهم يسبّح بحمد الحضارة الغربية ، معددا مناقبها ، التي لايمكن ان تحصى. ولماذا أصبحنا نجد أنفسنا في طريق مسدود ؟ وهل يمكن للفرد ان يقوم بهذه المهمة العسيرة ، ام يجب ان تقوم بها الجمعيات الثقافية ؟، التي تسعى نحو سياسة تحريرية ، ولكن هل الوقت الان يسمح باحداث مثل هذه الثورات ، التي كانت المجلات الثقافية ،تقوم باشعالها في النصف الاول من القرن العشرين ، وهل أضحى عصرنا الان للأفراد فقط بعد ان كان عصرا يسجل انتصارات الشعوب ؟ وكيف نستطيع ان نواجه الثورة الكبيرة ،التي حدثت في المعلومات ؟ رغم ما فيها من ايجابيات؟ يبدو لي ان دراسة التراث بطريقة نقدية ، يمكن ان يجعله ثروة كبيرة ، قد تفيد لتهيء لنا بعض الشروط ، كما ان الاهتمام بالمدنية الجديدة ، وتنفيذ المباديء الجميلة التي تدعو الى احترام الاخر ، والحرية البناءة في معالجة الامور ، وليست السائبة ، وتقديم ثقافة متفائلة ، تحترم انساننا وتدعو الى ابراز كفاءاته المخبوءة ، وتشجيع قدراته الدفينة ، وبسط الطرق أمامه ، وتذليل الصعاب ، وجعله يهتم بالعلوم والفنون ، ساعيا الى تطويرهما ، ويتحرر من كونه الة تسجيل ، يردد ما جاء في الوسائل التي يطلع عليها ، من مذياع وتلفاز وصحافة وانترنت ، باختلاف الثقافات التي تصدر عنها ، دون اعمال فكر ، او استيعاب ، او قدرة على النقد ، وتعزيز ثقته بنفسه ضد وجهات النظر السلبية ، التي ما فتئت تتهم شبابنا ، انهم أقل شأنا من الاخرين ، وانهم لايمكن ان يحققوا نجاحا ،او يتبؤوا منزلة راقية ، وانما خلقو اهكذا ، كي يكونوا في ادنى سلم التطور ، يحققون الأرباح ، لمن يسلب منهم خيراتهم ، ويحرمون من التمتع بما يحظى به غيرهم من ابداعات
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وضع المعلم العراقي خارج العراق
-
التبعية ذلك الارث الثقيل
-
الابداع النسائي والمعوقات
-
الأرامل العراقيات منسيات
-
مجتمع القرود
-
المدونات والاضافة التي يتطلع اليها القاريء
-
أطفالنا العراقيون وطفولتهم الضائعة
-
شاعر التفاؤل والشباب وقهر الصعاب
-
أبناء أبرار
-
عيد الطبقة العاملة العراقية
-
التاسع من نيسان : ماذا حمل للعراقيين ؟
-
أما أن لهذا العنف أن يزول ؟؟
-
التشخيص : قصة قصيرة
-
شاعر شغل الناس
-
أبو العلاء المعري والمقابر الجماعية
-
وجهة نظر
-
احتفالات عيد المرأة العالمي في السفارت العراقية
-
الى امرأة في بلادي
-
الجثمان : قصة قصيرة
-
بالاحضان يا عامنا الجديد
المزيد.....
-
الاحتلال يقيد وصول المصلين إلى المسجد الأقصى
-
مفهوم الحرية الإسلامية تحت المجهر.. جدل متزايد وتحديات معاصر
...
-
نزلها “من هنا” تردد قناة طيور الجنة بعد التحديث على القمر ال
...
-
وزير خارجية كيان الاحتلال: غوتيريش يقود أجندة معادية لاسرائي
...
-
وزير خارجية كيان الاحتلال: غوتيريش يقود أجندة معادية لاسرائي
...
-
كاتس يهاجم غوتيريش مجددا: يقود سياسة معادية لإسرائيل ولليهود
...
-
ماما جابت بيبي يا أطفال..تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل
...
-
بلينكن: السنوار كان مسؤولا عن أكبر مذبحة ضد اليهود منذ المحر
...
-
استعلم عن تردد قناة طيور الجنة للاطفال بجودة عالية جدا مع اب
...
-
المقاومة الإسلامية تقصف مستعمرة زفلون بصلية صاروخية كبيرة
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|