|
آليات عمل السلطة التشريعية
صاحب الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 2307 - 2008 / 6 / 9 - 10:21
المحور:
المجتمع المدني
تعتمد بعض دول العالم على نظام الحزبين الرئيسين للهيمنة على أصوات الناخبين كما هو الحال في كل من بريطانيا (حزبي المحافظين والعمال) وفي أمريكا (حزبي الجمهوري والديمقراطي) وهذه الآلية الانتخابية تقلص خيارات الناخب على حزبين لاغير، لكن على المستوى الحكومي فإن وجود حزب واحد مسيطر على البرلمان بأكثرية مطلقة يقوي الحكومة ويمنحها الحرية في تمرير قراراتها بسهولة عبر البرلمان. وعلى الضد من ذلك فإن آلية العمل البرلماني تنخفض لوجود أكثرية وأقلية حيث ينحصر دور الأقلية في المراقبة للأداء الحكومي وتسجيل خروقاتها ونقاط ضعفها لاستثمارها في الدورة الانتخابية القادمة للتأثير على صوت الناخبين لتعديل الموازنة العددية داخل البرلمان. كما يوجد نظام التعددية الحزبية في معظم الدول الأوربية يمكنها تشكيل حكومة أكثرية، ولكن في الدول المتخلفة ليس بالضرورة أن يتمكن حزب الأكثرية البرلمانية من تشكيل الحكومة بمفرده لأسباب عديدة منها: عدم وجود كوادر كافية، عدم الثقة بالنفس، الخشية من تحمل المسؤولية، وجود ضغط خارجي لإشراك بقية الأحزاب في السلطة، عدم الثقة بأعضاء الحزب من حيث النزاهة والانضباط، وجود ظرف استثنائي في البلد يوجب تحمل كافة الأحزب للمسؤولية. إن دور الناخب ينتهي تماماً بعد أن يضع بطاقة أقتراعه في الصندوق الانتخابي لتبدأ عملية المساومات بين الأحزاب لتشكيل الحكومة بعيداً عن كل الاعلام والبرامج الانتخابية المعلنة، فغالباً ما تكون هناك اتفاقيات سرية غير معلنة للاحزاب على التعاون في تشكيل الحكومة بعد الانتخابات لكنها توحي إعلامياً بأنها متصارعة ومختلفة بالتوجهات. إن التأثيرات الخارجية على الانتخابات غالباً ما تكون غير مباشرة (مالية، إعلامية) لكن يخضع تشكيل الحكومة لتأثيرات مباشرة من قوى (داخلية، إقليمية، ودولية) لأنها متعلقة بالمصالح الداخلية والخارجية، فالحكومة غير المنسجمة في التعبير السياسي تعني الحكومة غير المحققة للمصالح المتعددة على المستوى الداخلي والخارجي. فالحكومات ليست شفافة تماماً لأنها حكومات حزبية فبرامجها ورؤيتها تشوبها الضبابية نتيجة انعكاس ظل المصالح الخارجية عليها. يعتقد ((علي مقلد))"أنه تؤثر بنية الأحزاب وأصحابها وتحالفاتها على السلطة الحكومية، فوجود حزب مسيطر يقوي الحكومة ويضعف البرلمان فإذا تيسرت للحزب السيطرة بأكثرية مطلقة حتى في النظام التعددي يكون الاقتراب من النظام الثنائي قوياً. إلا أن عدم ثقة الحزب بنفسه تحمله على تقاسم السلطة مع حلفائه خشيةً على قاعدته الانتخابية وطمعاً في توزيع مسؤولياته ورغبة في الاحتفاظ بالحكم لمدة أطول. أن سيكولوجية حكومة التحالف لاتخرج عن هذا التحليل، وحالة عدم الثقة بالنفس ناتجة عن عدم الانضباط والانسجام داخل الحزب أو الأحزاب المتحالفة. ويستطيع التحالف الموثوق به والمستقر أن يقرب نظام التعددية من الثنائية فتقوى الحكومة ولكن ليس بالقدر الذي يتاح لها في النظام الثنائي لأن الانسجام والوثوق في التحالف يبقى أضعف مما هو عليه في حزب الأكثرية". إن نظام الثنائية الحزبية ليس شائعاً كما هو الحال مع نظام تعددية الأحزاب في أغلب الدول الأوربية فالبرغم من أن الأخير يوفر مساحة أكبر للناخب في الاختيار بين برامج الأحزاب الانتخابية ويُفعل آلية العمل البرلماني لكنه يتطلب تحالفات مع أكثر من حزب لتشكيل الحكومة. لذلك تسعى الأحزاب ذات التوجهات المتقاربة (يسارية أو يمينية) لتشكيل كتلة برلمانية لأن رؤيتها غير متقاطعة بشكل كبير فيسهل عليها تنفيذ برامجها الانتخابية والاتفاق على قواسم مشتركة في تشكيل حكومة إتلافية. لكن غالباً ما تكون هذه الحكومات ضعيفة لأن الاحزاب الصغيرة في البرلمان هي التي تشكل الرقم السحري في تحقيق الأغلبية البرلمانية، وهي القادرة على اسقاط الحكومة بمجرد سحبها الثقة منها والاتفاق مع المعارضة. لذلك تسعى الأحزاب الكبيرة والمختلفة بالتوجهات للاتفاق على أرضية مشتركة في طرح برامجها الانتخابية بحيث تكون ذات سقف محدد ليكون بمثابة مسطرة للبرامج الانتخابية للأحزاب الصغيرة غير القادرة لوحدها على تشكيل الحكومة، مما يضطرها للتناغم مع البرامج الانتخابية للأحزاب الكبيرة فينحسر دورها. وبذات الوقت فإنها غير قادرة لرفع سقف برامجها الانتخابية لخشيتها من زعزعة ثقة الناخب بها، ولمحدودية تأثيرها وقلة عدد مؤيديها قياساً بالأحزاب الكبيرة. أما آلية العمل داخل البرلمان في النظام الحزبي الثنائي خاصة في الدول المتطورة فإنها تخضع للمساومات السياسية أكثر منها للمناكفة السياسية أي يعمل الحزب الحاكم على تحقيق بعض مطالب المعارضة واشراكها جزئياً في صناعة القرار لمنحها فسحة لتنفيذ بعضاً من برامجها الانتخابية ليحصل الحزب الحاكم على ذات الفرصة مستقبلاً دون أن يتم اقصائه أو تهميشه. في برلمانات الدول المتخلفة وغير المحققة لكافة مستلزمات البناء الديمقراطي تعمد لسياسة تهميش المعارضة ورفع وتيرة الصراع بينها لأن سعيها الأساس الاستيلاء على السلطة، فضلاً عن أنها ليست أحزاباً ذات طبيعة مؤسسية وإنما كيانات حزبية همها الأساس تحقيق مصالحها الخاصة من خلال استيلاءها على السلطة السياسية. الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/
#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السلطة التشريعية (الصلاحية والممارسة)
-
الأليات الشرعية لانتخاب السلطة التشريعية
-
معايير نجاح النظام الديمقراطي
-
تأسيس منظمات للمجتمع المدني إحدى مستلزمات بناء النظام الديمق
...
-
مساحة الحرية أحدى مستلزمات بناء النظام الديمقراطي
-
مستلزمات بناء النظام الديمقراطي
-
ماهية الديمقراطية
-
ماهية السلوك الغريزي والاجتماعي
-
تأثير البيئة الاجتماعية في السلوك والممارسة
-
عوامل الصراع الاجتماعي
-
دور الصفوات في الصراع الاجتماعي
-
آليات الحراك الاجتماعي
-
المطالب الاجتماعية والأهداف السياسية
-
تداعيات انهيار النظام الاجتماعي
-
تأثير الظاهرة في النظام الاجتماعي
-
آليات تطبيق العقد الاجتماعي والسياسي
-
العقد الاجتماعي والسياسي بين الدولة والمجتمع
-
النظام الاجتماعي
-
تأثير الرواسب الكامنة في النظام الاجتماعي
-
ماهية الرواسب الكامنة
المزيد.....
-
الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة
...
-
الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد
...
-
الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي
...
-
الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
-
صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|