|
«الأم» في السينما المصرية.. نهر متدفق من العطاء
أشرف بيدس
الحوار المتمدن-العدد: 2318 - 2008 / 6 / 20 - 09:16
المحور:
الادب والفن
اطلوا علينا من خلال الشاشة بوجوههن الطيبة الحانية، وعطاءهن المتدفق ودعواتهن التي كانت تنفذ إلينا، لقد شعرنا من فرط صدقهن أنهن أمهاتنا الآخريات، بل كانوا في أحيان كثيرة أكثر دفئا، وعوضا لمن فقد أمه، تألمنا لآلامهم، وفرحنا لأفراحهن، استطعن أن يجعلونا نبكي عندما نري المخاطر تحيق بهن، واشفقنا عليهن، علمونا كيف نحسن لأمهاتنا، وعلموا أمهاتنا كيف يحسنوا تربيتنا؛ ورغم ذلك فأن كثيرات منهن لم يرزقن بالأولاد، وبرهن بأن الأمومة طبيعة خلقها الله في المرأة، وليست مشروطة بالانجاب، وفي عيد الأم نضع وردة علي قبورهن، وندعو بموفور الصحة للباقيات. اشتهرت فنانات كثيرة بدور الأم، وبرعن في تقمصه، ويأتي في مقدمتهم أمينة رزق، فردوس محمد، ثريا فخري، عزيزة حلمي، أمال زايد، ناهد سمير، دولت أبيض، علوية جميل، زينب صدقي، زوزو نبيل، ماري منيب، عقيلة راتب، ناهد سمير، زوزو ماضي، زوزو شكيب، تحية كاريوكا، ملك الجمل، كريمة مختار، إحسان القلعاوي، مديحة يسري، فاتن حمامة، شادية، وأخيرا نجلاء فتحي. أثري دور الأم الأعمال السينمائية، وبات ملمحا مهما لا يمكن الأستغناء عنه، عول عليه السيناريست في بناء سيناريوتهم، وأصبح الإخلال به يعد تشوها للعمل بأكمله، وقد روعي تنوع أدوارها بأختلاف الظروف والبيئة التي تعيش بها، وسوف يلاحظ ذلك من خلال المسح الضيق الذي قمنا به والذي لا يعبر في النهاية عن مسيرة «الأم» في السينما، إلا أنه محاولة لرصد بعض النماذج المضيئة والبارزة سواء من الممثلات أو الأعمال الفنية بصفة عامة، فلا خلاف أنهن أجدن جميعا وبلا استثناء، لكن بعضهن مثل أمينة رزق، وفردوس محمد، وماري منيب وثريا فخري يظلن لهن الريادة والتفرد، فالأولي والثانية أشهر أمهات السينما علي الإطلاق، والثالثة أشهر (حما) عرفتها السينما، وتأتي الرابعة صاحبة أكبر رصيد لمن جسد دور المربية (الدادة). أما بالنسبة للأفلام فيأتي فيلم «الجنة تحت أقدامها» للمخرج حسن الإمام المأخوذة عن رواية «بائعة الخبز» (أمينة رزق) من أقوي الأفلام التي مثلت معاناة الأم، ثم «أم العروسة» (تحية كاريوكا) لعاطف سالم، و«لا تسألني من أنا» (شادية) لأشرف فهمي، وفيلم «يوم حلو ويوم مر» (فاتن حمامة) لخيري بشارة، وفيلم «الجراج» (نجلاء فتحي) -آخر أمهات السينما- لعلاء كريم، وكثير من الأعمال لا يمكن حصرها، لكنها حملت عناوينها اسم الأم ، مثل أم السعد، أنا وأمي، غلطة أم، أم العروسة، تضحية أم، الأم، احترسي من الرجال يا ماما، الأنسة ماما، سكرتير ماما، خطيب ماما. عودي يا أمي، أمهات في المنفي. عند الحديث عن دور الأم في السينما المصرية تبرز أمامنا العملاقة أمينة رزق بشماختها وعراقتها وعطاءها الثري والممتد، فإن كان أطلق عليها راهبة السينما، فهي بحق أم أمهات السينمائيات، ورغم أدوارها المتعددة الغارقة في الميلودراما، إلا أن نصيبها من الأعمال المتنوعة ظل رقما قياسيا لم تتجاوزه الآخريات، حتي بات من الصعب إحصاء أدوارها لأن ذلك يعني إحصاء لتاريخ السينما، ومن أعمالها « الدكتور، أولاد الذوات، الجنة تحت أقدامها، السقا مات، قنديل أم هاشم، لك يوم يا ظالم، دعاء الكروان، الشموع السوداء، أريد حلا، بداية ونهاية، الكيت كات، أرض الأحلام، أولاد الذوات، التوت والنبوت، العار، المولد وقد برعت في أداء دور المرأة المطحونة البائسة المغلوبة علي أمرها، لكن دائما كانت تنتصر لها الحياة بعد عناء وقسوة. فردوس محمد : تنوع أدائها من اللهجة الصعيدية (ابن النيل) إلي اللهجة الفلاحي (الافاكوتو مديحة) إلي العامية (هذا هو الحب) إلي السواحلية (صراع في النيل) وتميز أدائها بالحنية الشديدة والصرامة في ذات الوقت، واستطاعت أن تجيد بتعبيرات وجهها وأدائها الحاني المتدفق كثير من الأدوار (الأخ الكبير- حميدو- شباب امرأة) ولعل أشهرهم فيلم (حكاية حب) أمام عبد الحليم حافظ. ماري منيب: تعتبر أشهر من قامت بدور (الحما) التي كانت تفتعل المشاكل ، وقد أجادت في هذا الأدوار حتي كان تكتب خصيصا لها، ويأتي المشهد التي عاينت فيه خطيبة أبنها (لبني عبد العزيز) في فيلم (هذا هو الحب) بشد شعرها واختبار اسنانها بتكسير البندق، وشم فمها، من أقوي المشاهد السينمائية التي استطاعت أن تعبر عن سطوة وجبروت (الحما)، ومن أفلامها (حماتي ملاك، حماتي قنبلة ذرية، الحماوات الفاتنات، اعترافات زوج). ثريا فخري : أشهر (دادة) في تاريخ السينما، ولها رصيد كبير من الأعمال ( رد قلبي، الشموع السوداء، الشيطانة الصغيرة، نهر الحب) ولم تأخذ حقها، فالكثير من المشاهدين يعجبون بها، ولكن لا يعرفون اسمها. وداد حمدي وزينات صدقي : الأولي أشهر خادمة عرفتها السينما المصرية، والثانية أشهر عانس، يتمتعان بخفة دم ولباقة وحضور طاغ، وقدرة فائقة علي الارتجال ، وقد كانتا من القليلات اللائي يكتبن لهن الدور خصيصا؛ يملكان قدرة عارمة علي جذب المشاهدين إليهم، ويفقدهما لم يستطيع أحد أن يملأ مكانهما وسيظل المكان شاغرا زمنا طويلا. أمهات وأدوار نتيجة لكثرة الممثلات اللائي أدين دور الأم، فأن قولبتهم وانحسارهم في أشكال معينة جعل المنافسة بينهم معدومة، فعلي سبيل المثال قامت دولت أبيض بدور الأم الاستقراطية من الناحية الشكلية أو الأدائية «امبراطورية ميم - المراهقات»، زينب صدقي (ست البيت- أثار علي الرمال) علوية جميل أيضا قامت بدور الاستقراطية المتسلطة الحريصة علي الفوارق الاجتماعية (بين ايديك - التلميذة - طريق الأمل) عقيلة راتب (السراب)، أمال زايد الأم قليلة الحيلة (خان الخليلي- ثلاثية نجيب محفوظ -شيء من الخوف)، كريمة مختار الأم الضعيفة قليلة الخبرة بالحياة (وبالوالدين إحسانا - الحفيد- نحن لا نزرع الشوك- الليلة الموعودة) مديحة يسري الأم التي لم تنجب وتعيل أبناء الغير نظير مبلغ من المال ( الصبر في الملاحات - لا تسألني من أنا) وفيلمها الشهير (الخطابا)، زوزو نبيل زوجة الأب الصارمة (الخرساء - الست الناظرة) زوزو شكيب الأم المستهترة (احنا التلامذة) عزيزة حلمي الأم الضحية (دهب) ، تحية كاريوكا (أم العروسة) ناهد سمير (في بيتنا رجل) فاتن حمامة (الحرام - امبراطورية ميم - يوم حلو ويوم مر - أرض الأحلام) هدي سلطان «عودة الابن الضال) نعيمة الصغير الأم التي تدفع بنتها للرذيلة ( القاهرة 3.)، شادية (المرأة المجهولة). وتظل نجمة إبراهيم في مصاف الفنانات اللائي قمن بأدوار الشر، وقد ساعدت ملامح وجهها الصارمة علي تميزها في هذه الأدوار، (ريا وسكينة ، جعلوني مجرما، أربع بنات وضابط، الحرمان - الليالي الدافئة). اهتمت السينما في الأربعينيات والخمسينيات بدور «الأم» وانعكاساته علي الأسرة والمجتمع، ورصدت بعض الأعمال الصعاب التي واجهتها، من فقر وسحق، وندرة لاحتياجات أولية كانت عزيزة المنال، وأيضا بعض مظاهر الترف والبذخ والاستهتار والإهمال عند البعض الآخر، وقد تنبه السينمائيين لخطورة هذا الدور وأهميته، وجاءت أعمالهم ترصد بدقة وعناية الآثار السلبية والايجابية، ولم يكن دور الأم سينمائيا مهمشا أو سطحيا أو معدوما كما يحدث هذه الأيام، والذي تراجع كثيرا، أخيرا وبعد هذا العرض الموجز لدور الأم في السينما المصرية نستطيع أن نجزم بقناعة وثقة بأن الممثلات المصريات هن أفضل من جسدن أدوار الأم سواء علي المستوي المحلي أو العالمي؛ فلهن كل التقدير والاعزاز.
#أشرف_بيدس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فوضي حالات الاستثناء
-
من «قيافا» حتي «اولمرت»00 يمتد طريق الآلام
-
فلسطين 00 توابيت وأكفان
-
وطن ينزف شعبا
-
ضاقت مساحات الوطن
-
يا جبل ما يهزك ريح
-
شمعة حبلي بالنور
-
إدوارد سعيد قلب المكان
-
أمي الفلسطينية
-
فرحة الدنيا
-
العاشقة الصغيرة
-
سمراء
-
الموت00 ورائحة الياسمين
-
تبت أياديكم
-
ريم00 امرأة فلسطينية
-
شهداء وعملاء
-
فاتن حمامة : السير علي حافة الهاوية
-
رسالة إلى امرأة غير استثنائية
-
مارسيل خليفة: صوت البسطاء
-
الراقصات والسينما
المزيد.....
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|