أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - عسكر تركيا يلبسون -حجاب العلمانية-!















المزيد.....

عسكر تركيا يلبسون -حجاب العلمانية-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2306 - 2008 / 6 / 8 - 05:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المشكلة التي تحتاج فعلاً إلى حل، في المجتمع التركي، هي التي عرضتها ولخَّصتها امرأة (29 عاماً) تركية إذ قالت إنَّها تركت الجامعة وهي في التاسعة عشرة من عمرها بسبب عدم السماح لها بارتداء الحجاب في أثناء الدراسة. لقد عبَّرت عن مشاعرها قائلة: "أنا مدمَّرة، أشعر باليأس.. ما عدت أشعر بالمساواة في هذا البلد. على مدى عشر سنوات، لم أفعل شيئاً سوى مراقبة الناس وهم يذهبون إلى الجامعات ويعودون منها".

لو كان "العلمانيون" في تركيا، أي الذين يؤمنون بأنَّ "العلمانية" تنبع من فوَّهة البندقية، متحضِّرون فعلاً، وديمقراطيون فعلاً، وعلمانيون فعلاً، لحلُّوا "المشكلة"، التي كان يجب ألاَّ تنشأ أصلاً، بما يحفظ لتلك الطالبة (ولغيرها) الحق في التعليم والدراسة، فحظر ارتداء الطالبة للحجاب في أثناء الدراسة الجامعية كان يجب أن يلغى (مع أنَّه كان يجب ألاَّ يكون أصلاً) حتى تتمكَّن من متابعة دراستها الجامعية.

إنَّني شخصياً لستُ مع "الحجاب"، بل ضده؛ وأقف تماماً مع الاحتشام في اللباس، أكان لباساً للمرأة أم للرجل، فالحرِّية الشخصية ليست الخلاعة، والإباحية، والتهتُّك، والانحلال الأخلاقي؛ وليس كل تخطٍّ للحدود يعني التحرُّر، فبعضٌ من هذا التخطِّي يقود إلى التحلُّل.

إنَّني مع ستر العورات، أكانت عورات المرأة أم عورات الرجل؛ ولكنَّ وجه المرأة، وشعرها، وصوتها، ليست بالأشياء التي يمكن ويجب النظر إليها على أنَّها عورات لا بدَّ من حجبها، وسترها؛ ثمَّ بئس الرجل الذي تستبدُّ به غريزة حيوانية إذا ما رأى شعر امرأة!

على أنَّ هذا الرأي الشخصي قي مسألة الحجاب، والذي يشاطرني فيه كثيرون، لا يعني، ويجب ألاَّ يعني، الوقوف، قانونياً وسياسياً، ضد حق المرأة (المسلمة) في أن تلبس بما يجعلها راضية عن نفسها دينياً، فكثير من النساء (المسلمات) يعتقدن أنَّ ارتداءهن نوعاً معيَّناً من الثياب (منه حجاب الرأس أو الوجه على وجه الخصوص) هو فريضة دينية.

وهذا الاعتقاد بفريضة دينية من هذا النوع، مع ممارسته، لا تترتَّب عليه نتائج يمكن النظر إليها على أنَّها منافية للحقوق والحرِّيات الديمقراطية والمدنية للمجتمع، أفراداً وجماعات، فالْبِسْ ودَعْ غيركَ يَلْبِس!

و"الديمقراطية"، في جوهرها وروحها، هي ألاَّ يُفْرَض على المجتمع، أي على الغالبية العظمى من أبنائه، أي نمط حياة، ولو كان "الديمقراطية نفسها"، بقيمها ومبادئها العالمية ذات المنشأ التاريخي الأوروبي. إنَّ "الديمقراطية" تقضي على نفسها بنفسها إذا ما سعى أنصارها والقائلون بها إلى فرضها فرضاً على المجتمع؛ وإنَّ أيَّ نظام حياة، مُفْعَم بالحضارة والعقلانية، يَفْقِد محتواه الحضاري والعقلاني، إذا ما فُرِض فرضاً على الشعوب والمجتمعات.

إنَّ أحداً لا يستطيع إنكار حقيقة أنَّ الشعب، في تركيا، اختار، في حريَّة، وبما يتناسب مع مستوى وعيه الآن، والذي ليس بمستوى غير قابل للعلوِّ والهبوط، تعديلاً دستورياً، يسمح للطالبات بارتداء الحجاب في الحرم الجامعي. وقبل ذلك، اختار جعل حزب العدالة والتنمية (الذي فيه من "الإسلام"، ومن الخواص السياسية، وغير السياسية، ما جعل الولايات المتحدة ودول الغرب عموماً راضية عنه) القوَّة المسيطرة على البرلمان والحكومة ورئاسة الدولة.

وبعد هذا الاختيار، وذاك، كان لا بدَّ للمدافعين عن "علمانية ضد الديمقراطية" أن يعيدوا سلاحهم إلى غمده، وأن يقبلوا النتائج، ولو على مضض، وأن يسعوا في تغيير ميزان القوى الداخلي لمصلحتهم، إذا ما أرادوا ذلك؛ ولكن من خلال سيرهم في الطريق نفسها التي سار فيها حزب أردوغان حتى بلغ ما بلغ من وزن شعبي وسياسي.

هؤلاء المتلفِّعون بـ "العلمانية"، والذين أقاموا الدليل على أنَّهم أسوأ محامٍ عنها، اختاروا الانحياز إلى "الدستور"، أي إلى "الدستور" المتَرْجَم باللغة السياسية للمؤسَّسة العسكرية، ضدَّ "الإرادة السياسية الحرَّة للمجتمع"، فقرَّروا، عبر "المحكمة الدستورية"، التي هي "محكمة عسكرية"، إلغاء ذلك التعديل الدستوري الذي أقرَّه الشعب، بدعوى أنَّه يجيز ويُحلِّل ما حظره وحرَّمه "الدستور"، وهو ارتداء الطالبات للحجاب في الحرم الجامعي.

وهذا القرار المنافي للدستور، والمنافي لـ "الأصل" في كل "دستور"، وهو الإرادة الحرَّة للشعب"، زوَّد المؤسَّسة العسكرية سلاحاً "دستورياً" لحربها، المستترة تارةً، والظاهرة طوراً، على الشعب، وعلى أرادته الحرة، وعلى الديمقراطية، التي، في تجربتها العالمية، وفي تجربتها التركية، تؤكِّد لنا أنَّ الديمقراطية، لا تكتمل فهماً وممارسةً إلاَّ إذا كانت علمانية؛ وأنَّ العلمانية قد تؤكِّد وجودها بوصفها قوَّة منافية للديمقراطية.

حزب أردوغان لا يمكنه، إلاَّ إذا اختار "الانتحار" حلاًّ، أن يسمح لقرار المحكمة بأن يدخل حيِّز التنفيذ، فيُسْتأنَف العمل بـ "الحظر".. حظر ارتداء الطالبات للحجاب في الحرم الجامعي.

والجيش، بوصفه سادن "العلمانية" و"الدستور"، لا يمكنه أن يقبل أن يُعامَل قرار "المحكمة الدستورية" وكأن لا وجود له. الجيش مع محكمته إنَّما يَنْتَظِر الآن استيفاء حزب أردوغان لصفة "العصيان الدستوري"، حتى تقرِّر "المحكمة" أنَّ هذا الحزب قد استوفى شروط حلِّه، التي في مقدَّمها أنَّه بخواص تجعله ضد علمانية الدولة، وأنَّه قد وقف من قرار "المحكمة" إلغاء ذلك التعديل الدستوري موقفاً جعله منتهكاً لـ "الدستور"، فالشعب أعطى السلطة لحزب ارتكب "جريمتين"، يُعاقِب عليهما العسكر، هما "جريمة الوقوف ضدَّ العلمانية"، و"جريمة انتهاك الدستور"، بوقوفه ضدَّ قرار "المحكمة"!

ويمكن أن تضاف إليهما، عمَّا قريب، "جريمة ثالثة"، هي "جريمة "تعريض السلم الأهلي للخطر"، إذا ما سعى الحزب إلى تحريك "الشارع" ضد "المحكمة" و"قرارها"!

الحزب سيحاول الآن، أو من الآن وصاعداً، فعل كل ما من شأنه منع العمل بـ "قرار المحكمة"، ودرء مخاطر انقلاب عسكري. وعليه، يفكِّر الحزب الآن في "خيار الاستفتاء الشعبي"، وفي "خيار الانتخابات المبكرة"، وفي خيار أن يخوض هذه الانتخابات باسم جديد، وببرنامج سياسي ـ انتخابي، قد يُضمِّنه نصَّاً يؤكِّد فيه أمران: التزامه العلمانية، والتزامه حق الطالبات في ارتداء الحجاب في الحرم الجامعي.

إنَّها محاولة لدرء مخاطر انقلاب عسكري ولو كان ثمن نجاحها دفن الجَمْر، أو كثير منه، في الرماد، فهل يسمح عسكر تركيا للمحاولة بأن تبدأ، وتستمر، وتنجح؟ المؤكَّد، على ما نعتقد، هو أن لا مستقبل للديمقراطية في تركيا ما بقيت المؤسَّسة العسكرية مَصْدَر تهديد دائم ومستمر للتطوُّر السياسي والديمقراطي للمجتمع.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عَصْرٌ من الجوع.. و-الطاقة الذُّرَوية-!
- هذا هو كل متاعهم الفكري!
- -حزيران-.. -سلام الهزيمة- و-هزيمة السلام-!
- -أزمة اولمرت- هي خير عُذْر!
- اولمرت.. كم أنتَ مسكين!
- خطاب نصر الله في ميزان الخطأ والصواب!
- الأُميَّة الديمقراطية!
- مفاوضات للسلام أم لاجتناب مخاطر حرب؟!
- -الأمن الغذائي- أوَّلاً!
- القوميون العرب الجُدُد!
- عندما -يُعرِّف- الرئيس بوش الدول!
- سنة فلسطينية حاسمة!
- إنَّما -التعريب- كلمة يراد بها -التدويل-!
- ذاك انقلاب.. أمَّا هذا فلا!
- -قصة التيه- في نسختها اللبنانية!
- ليس صراعاً بين عليٍّ وعُمَر!
- كيف تُشْعَل الحروب.. لبنان مثالاً!
- لو كان اقتصادنا الحُرُّ.. حُرَّاً!
- -المسخ عبر التعريف- في مفاوضات سرية!
- حرب حكومية على -أفيون الفقراء-!


المزيد.....




- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - عسكر تركيا يلبسون -حجاب العلمانية-!