أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باهر محمود عبد العظيم - العلمانية الألمانية والعلمانية المصرية, هذا هو الفرق














المزيد.....

العلمانية الألمانية والعلمانية المصرية, هذا هو الفرق


باهر محمود عبد العظيم

الحوار المتمدن-العدد: 2306 - 2008 / 6 / 8 - 00:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في نقاش مع صديق مقيم بألمانيا حول إشكالية الإختلاف بين مفهوم العلمانية في بلاد العرب عنه في بلاد الغرب ذكر لي محدثي واقعه حقيقية حدثت في جامعة كول الألمانية, مفادها أن مجموعة من الطلبه المسلمون يدرسون في تلك الجامعة تقدموا بطلب رسمي للإدارة بمنحهم قطعة أرض تكفيهم ليقيموا الصلاة عليها حيث أنهم يقضون جلّ وقتهم في الجامعة وبالتالي لا يستطيعون أداء فروض العبادة كما تقتضي تعاليم الدين الإسلامي, فقامت إدارة الجامعة مشكورة ومتفهمه بمنحهم قطعة الأرض دون أي إعتراضات تُذكر, ما حدث بعدها أن الطلبه الألمان ذوي التوجهات المسيحية المتطرفة إعترضوا على قرار إلإدارة بمنحها قطعة الأرض للطلبه المسلمون لأداء الصلاة دون أن يكون لهم نفس الحق في قطعة أرض يقيمون عليها صلاة الأحد, فماذا كان قرار الجامعة لحل تلك المعضلة؟ قررت الإدارة رفض طلب الطلبه المسيحيون لأن توفير قطعة أرض لصلاة يوم واحد ليست بأهمية توفير قطعة لصلاة يومية وخمس مرات على مدار اليوم !

تلك هي العلمانية بحق كما ننشدها, وليست علمانية منع التدين أو الإعتداء على الحرية الشخصية كما يزعم البعض, العلمانية في مثالنا السابق دليل واضح على أن الأزمة ليست في الدين أو الإيمان, فهاهي الدولة ذات الأغلبية المسيحية تقبل طلب ديني للمسلمين وترفض نفس الطلب للمسيحيين, والأفضلية هنا ليست لدين على حساب الآخر, بل لحساب العقل والمنطق فقط لا غير, دون شبهة تعصب أو إنحياز أو نصرة فريق ننتمي إليه على فريق آخر نعتبره منافس لنا, العلمانية هنا تعني العدالة والحرية والحيادية, حيادية الدولة تجاه مواطنيها أياً كانت إنتمائتهم, وليس مطلوباً من الدولة على الإطلاق أن تتخذ ديناً رسمياً لها فقط لأن أغلبية السكان يدينون بهذا الدين, بل مطلوب منها ألا تستخدم الدين كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية أو إجتماعية أو حتى إقتصادية على حساب جزء كبير من شعبها لا يدين به, ولا أعلم حقاً كيف تصف دولة نفسها بالعلمانية في حين أن دستورها ينص في مادته الثانية على أن الشريعة الدينية المصدر الرئيسي للتشريع ! خطوة مثل تلك إما أنها تعبر عن عدم فهم على الإطلاق لأصول العلمانية أو أنها تقرّب للغرب وعامة الشعب المتدين في وقت واحد (ضرب عصفورين بحجر), والعجيب في الأمر أن كل من يرفض العلمانية يرفضها فقط لأن التشريعات الدينية لن تُنفذ كما وردت في النص, في حين يتغاضى الرافضون عن أنها بالفعل لا تطبق في ظل ورود المادة الدستورية السابق ذكرها, ولا تستخدم التشريعات الدينية إلا في حالات الأحوال الشخصية أو في بعض الأحكام القضائية بصورة عشوائية حسب القضية نفسها, فالمادة الثانية هنا تُستخدم بشكل إنتقائي بحت, لا يستفيد منها العلمانيون ولا المتدينون, وبالتالي تبقى الأزمه قائمه, دولة علمانية التوجه دينية الدستور, علمانية من الخارج طائفية من الداخل, حيث أنها تنحاز لفئة دينية على حساب الأخرى, وهي الأزمه التي لابد أن نجد لها حل قريباً في ظل المد الديني المتطرف القادم من الشرق الصحراوي النفطي, وهو بالطبع نتيجته معروفه في حال إنتصاره, ستتحول جمهورية مصر العربية إلى جمهورية مصرستان الإسلامية كما هو الحال الآن في غزستان والعراقستان وكل ال (إستانات) التي تكونت بفعل الحركات الدينية السياسية .....

المسألة لم تعد تقتصر على مدى قبولنا أو رفضنا للعلمانية كنظام للحكم, فقد تجاوزت معظم دول العالم بكل تصنيفاتها من الأول للثالث تلك الإشكالية وإستطاعت النهوض والنمو فقط عندما تخلت عن الأفكار الجامدة التي لا تقبل سوى الحقيقة المطلقة كمعيار للحكم, المسألة تنحصر في كيفية تنفيذ العلمانية كنظام للحكم وللحياة أيضاً, فمن المعايير الأساسية للعلمانية التي نفتقدها في مجتمعاتنا أن الإختلاف في الرأي لا يعني على الإطلاق أن كلاً منا يعادي الآخر أو يحط من شأنه, وأن كوني أملك دين أو أيدولوجية أو معتقد غير الذي تملكه لا يعني أن أحدنا أفضل من الآخر مهما كانت تلك المبادىء, كذلك تعطى العلمانية قيمة أسمى للإنسان على حساب أي قيم أخرى, وتعتبر أن الإنسانية هي القيمة التي تجتمع عليها البشرية مهما إختلفت الأديان أو الإيدولوجيات السياسية أو الإنتماءات العرقية أو الوطنية, ومن أهم أسس العلمانية أيضاً ما يُعرف بالحرية المسئولة, وهي القدرة على أن تستخدم حريتك بكامل إمكانياتها على شرط ألا تؤذي غيرك بها, ونجد في مجتمعاتنا العربية أن تلك القيمة مفتقدة تماماً وأبداً للفهم المغلوط بشأنها, حيث نعتبرها فوضى وإنحراف وخروج عن العادات والتقاليد حتى لو كانت تلك الحرية شخصية بحته ولا تضر أحد, في حين أن العالم العلماني في الخارج تشبع بها لدرجة أن مستوى الأخلاق والمحافظه على الذوق العام هناك أفضل مئات المرات من دولنا المحافظه التقليدية المتدينه !


الفرق بين ما يحدث في جامعاتنا وما حدث في جامعة كول أنه لو حدثت تلك الواقعة في جامعة القاهرة مثلاً ولكن بشكل معكوس (المسلمين من طالبوا بقطعة الأرض ورفضت إدارة الجامعة) لقامت المظاهرات في الشوارع مطالبه بإنقاذ الإسلام ممن يهاجموه, وآمره بإرجاع الحقوق لأصحابها الأصليين, ولقامت جماعات صكوك الغفران الدينية بحشد الحشود التي لا تعى ما تقول وإلقائها في آتون المواجهه حتى تسنح لها مزيد من الفرص لتتقدم خطوة أخرى نحو إحكام السيطرة على العقول أكثر ثم السيطرة على مقاليد الحكم فيما بعد وبعث الخلافة الإسلامية من جديد, والأعجب أن موقف الحكومة وقتها سيكون المزايدة على العواطف والأحاسيس الدينية لدى الجماهير الغاضبة لتكسب أرضاّ جديدة في مواجهة جماعة المحتكرين للإسلام, وسيكون موقف الحكومة المتوقع هو معاقبة من أصدر القرار وإقصائه من منصبه (هذا لو تجرأ وقام بإتخاذ مثل هذا القرار الجنوني بكل المعايير), هذا هو الفرق بيننا وبينهم, وهو فرق لو تعلمون رهيب ....





#باهر_محمود_عبد_العظيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور التنوير في حل أزمات المجتمع المصري
- عندما يقتل الأب إبنه, ماذا يتبقى ؟
- عبقرية الشعب المصري
- ما بين سطور المراجعات الفقهية, نرجو الإنتباه قبل فوات الآوان
- عقوبة المرتد أكبر إساءة للإسلام
- عقل جديد لعالم جديد – رؤية تحليلية للعقل المصرى المعاصر
- هل أصبح الأزهر منبر التطرف وضحالة الفكر وتعطيل العقل ؟
- وهم الصحوة الإسلامية
- العنصرية تحكم مصر
- عادات المصريين في خطر
- حزب الإخوان–كيف تتوازن سلطات الدولة المختلفة مع لجنة ظل الله ...


المزيد.....




- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باهر محمود عبد العظيم - العلمانية الألمانية والعلمانية المصرية, هذا هو الفرق