|
المادة المفقودة في الكون
جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي
(Bashara Jawad)
الحوار المتمدن-العدد: 2306 - 2008 / 6 / 8 - 05:55
المحور:
الطب , والعلوم
المادة المفقودة في الكون 2
في كل يوم تقريباً يقدم لنا العلم بعض الإجابات الخجولة والافتراضية ، في مكان ما من العالم، عن هذا الكون الشاسع وأسراره، كان آخرها وليس أخيرها، اكتشاف حققه فريق عمل علمي هولندي يتعلق بالغاز الكوني الموجود بين المجرات والذي ربما يشكل الشبكة الحاضنة التي تحتوي المادة الطبيعية والذي كان من المستحيل رصده قبل اليوم. السماء كما نراها في كل يوم مطرزة بالنجوم والمجرات والغمامات النجمية البعيدة جداً والتي يمكن تحديد أماكنها بدقة وبحسابات علمية رياضية دقيقة. بيد أن جميع علماء الفضاء والفلك والفيزياء الفلكية لايعرفون على وجه الدقة أين يوجد الجزء الأكبر من المادة الطبيعية الموجودة في الكون . إلا أن عمليات رصد ومراقبة مثابرة ودءوبة تحققت مؤخراً مع تلسكوب يرصد ويستشعر أشعة إكس x( وهو طول الموجة القريبة من جزء من مليار جزء من المتر الواحد)، وأتاحت لنا توضيح هذا اللغز الغامض جزئياً. ففي الواقع تمكن فريق من العلماء من رصد شبكة غازات متشابكة filament ساخنة تربط بين حشد من المجرات ( Des Amas) ، وإن هذا التشابك الغازي يمكن أن يكون أحد خيوط شبكة ضخمة جداً على مستوى الكون، تحتوي المادة الطبيعية المفتقدة التي تتكون منها المجرات والنجوم . وإذا كانت هذه الفرضية صحيحة عندها سيكون لدى الباحثين أثر Piste يقتفوه لتشخيص موقع هذه المادة غير المرئية والخفية Furtive بشكل مضبوط ودقيق. واستناداً إلى دراسة وتحليل إشعاعات بقايا Fossile الإنفجار العظيم " البيغ بونغ" وبالإستناد إلى دراسات أخرى فيزيائية ورياضية ، ثبت أن الكون مكون من 74% من الطاقة الداكنة أو السوداء ( وهي مكون غامض افتراضي يعمل على تسريع توسع الكون) ، و 22% من المادة السوداء أو المعتمة والمعروفة فقط حسابياً من خلال ما تمارسه من جاذبية أو ثقالة ، و 4% فقط من المادة الطبيعية المرئية والملموسة ( كالذرات والنجوم والكواكب والكائنات الحية ) . ولسوء الحظ لايعرف العلماء إلى الآن مم تتكون الطاقة السوداء أو الداكنة ولا المادة السوداء أو المعتمة، ناهيك عن أن أكثر من نصف المادة الطبيعية المرئية عصية على الرصد والاستشعار . التفسيرات يمكن أن تكون موجودة إنما يجب البحث عنها بالقرب من أولى النجوم والمجرات التي تكونت في فترة ولادة وطفولة الكون عندما بدأت تبرق وتضيء وتتألق قبل 13 مليار سنة عندما بدأت إشعاعاتها تؤثر على مكونات ذرات الغازات الموجودة بين المجرات وتصبغها بالإيونات . والحال أن هذا الغاز ذوالإيونات gaz Ionisé يمتص الضوء ولايعكس إلا الجزء الضئيل جداً منه . وبرغم ذلك استطاع العلماء والباحثون إدراكه واكتشافه وتحقيق نجاح ملموس ومعتبر في هذا المجال. وذلك عند دراستهم الطريقة التي يتم بموجبها امتصاص الضوء والإشعاعات القادمة من الأفلاك والأشياء الكونية البعيدة والمضيئة جداً والمعروفة بإسم الكازارات Les Quazars وكذلك القادمة من جهة الغيوم الكونية الموجودة بين وخارج تخوم المجرات . بيد أن القسم الأعظم من هذه الغازات عصية على الرصد والإدراك أو الإستشعار علماً بأن علماء الفلك والفضاء يهتمون بشكل خاص بهذه المادة الطبيعية لأن معرفة توزعها وانتشارها وأماكن تواجدها يتيح إمكانية اختبار نظرياتهم ونماذجهم أو موديلاتهم الحالية عن تشكل وتكون الكون.
جسر من الغاز يربط بين حشدين من المجرات Deux Amas de Galaxies واليوم قام فريق من العلماء المختصين، بقيادة العالم الهولندي نوربرت فيرنرNorbert Werner وهو عالم فلك يعمل في المعهد الهولندي لأبحاث الفضاء في أوتريخت NISR- Netherlands Institute for Space Researshe بمقاربة جديدة وذلك برصد أشعة إكس X الضعيفة التي يبثها الغاز المذكور . وبفضل المراقبة الدءوبة والمثابرة والرصد الدائم اكتشفوا جسراً من الغاز الساخن يربط بين حشدين من المجرات يتواجدان على بعد 2.3 مليار سنة ضوئية عن الأرض وإن المسافة بين الحشدين من المجرات تصل إلى 50 مليون سنة ضوئية وتعرف الآماسات أو الحشود المجرية Les Amas باسم آبيل 222 و آبيل 223 Abell 222 , Abell 223 تتفاعلان مع الغاز المحصور بينهما ويقوم هو بتسخينهما ، ومن جراء ذلك يبث أو يرسل ذلك الغاز إشعاعات إكس X . وإن هذا الغاز يمثل كمية من المادة أكبر بكثير من المادة الطبيعية المرئية الموجودة داخل هذين الحشدين من المجرات . الجدير بالذكر أنه، وقبل ثلاث سنوات، اكتشف باحث آخر مؤشرات توحي بأن جزءاً من المادة الطبيعية المفتقدة أو المجهولة وغير المرئية الموجود على مستوى حشدي المجرات المذكورة لكن عمليات المراقبة لم تتح له إمكانية التوصل إلى استنتاج علمي مقبول أو نتيجة علمية مثبتة . ولكي يتحقق فريق البحث الهولندي العلمي من صحة ما عرضه من نتائج استخدم مرصد إكس أم أم نيوتن X M M Newton وهو تلسكوب فائق الحساسية التابع لوكالة الفضاء الأوروبية وكانت نتائج الرصد المنشورة في مجلة الفلك والفيزياء الفلكية Astronomy and Astrophysics هذه المرة مقنعة ومقبولة . وقد صرح نوربرت ويرنر :" نعتقد أن القسم الأكبر من الغاز المكتشف موجود في هذا الجزء بين الحشدين الفلكيين أو الكونيين من المجرات Filament Interstellaire " وأضاف " إن درجة حرارة وكثافة هذا الغاز تشير إلى أنه جاء من المادة المفترضة أو الغائبة وغير المرئية . وهو أكثر سخونة وكثافة من باقي الغازات حسب تعليق سميتا موذر Smita Muthur وهو عالم فلكي من جامعة ولاية أوهايو في كولومبيا :" ننتظر رؤية هذا النوع من الإرسال الضوئي أو البث لإشعاعات إكس X في المناطق الكثيفة ، لكنها المرة الأولى التي نرصده ونراقبه فعلاً " بقي أن نعرف ما إذا كانت هذا النسيج Filament الغازي بين هذين التجمعين من المجرات لو يولد أو يفرز حالة خاصة " كما علق كريغ سارازان Craig Sarazin، وهو عالم فلكي من جامعة فرجينيا في شارلوتسفيل معلقاً :" إذا كانت هذه قاعدة عامة فإنها ستكون مهمة جداً " .
#جواد_بشارة (هاشتاغ)
Bashara_Jawad#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حصيلة عام من رئاسة ساركوزي لفرنسا من 6 آيار 2007 إلى 6 آيار
...
-
لو كنت وزيراً للكهرباء
-
اليد الخفية
-
الكون الغامض: ماقبل ومابعد نقطة الصفر
-
باريس-بغداد قصة حب مشبوهة
-
العراق: هل سيتحرر بلد السواد يوماً؟
-
العراق: متى ستنتهي دوامة العنف؟ نظرة من الداخل 3
-
العراق بلد تتقاذفه الأهواء: نظرة من الداخل 2
-
العراق : نظرة من الداخل 1
-
هل هناك فراغ في الكون؟
-
العراق الدروس والعبر
-
العراق: النزيف الدائم ؟
-
لماذا كل هذا الحقد على العراق؟
-
العراق وتحديات الواقع: لعنة النفط وآفتا الفساد والإرهاب
-
الخوف من الإسلام أم الخوف على الإسلام؟
-
العراق : المأزق الدائم؟
-
الإسلاموية والحضارة الغربية صدام أم وئام ،مقدمة لبحث سيوسيول
...
-
العراق وإيران وأمريكا : معادلات الصراع القادم أو الشوط الأخي
...
-
العراق بانتظار التطورات الغامضة
-
خصخصة الجيوش
المزيد.....
-
أسرع طريقة لتخفيف آلام التهاب المرارة خاصة فى الليل
-
التهاب اللوزتين فى الشتاء.. أعراض لا يجب تجاهلها وطرق العلاج
...
-
روسيا.. تطوير برمجيات لزيادة دقة حساب مسارات الأقمار الصناعي
...
-
بلغاريا تنزل إلى المياه سفينة عسكرية جديدة
-
ميكروبات الأمعاء تظهر دورا محوريا في الإصابة بسرطان القولون
...
-
لماذا تزداد أعراض الإكزيما فى الشتاء؟.. 5 نصائح للسيطرة عليه
...
-
علاج غازات البطن من أسلوب طعامك.. متى تلجأ للطبيب
-
مسيّرةتقصف الكوادر الطبية بمستشفى كمال عدوان لدى محاولةانتشا
...
-
عادات يومية بسيطة للحفاظ على صحة الكلى
-
لماذا يسبب القلق انتفاخ الحلق؟..أعرف العلاقة وطرق العلاج
المزيد.....
-
هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟
/ جواد بشارة
-
المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
-
-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط
...
/ هيثم الفقى
-
بعض الحقائق العلمية الحديثة
/ جواد بشارة
-
هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟
/ مصعب قاسم عزاوي
-
المادة البيضاء والمرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت
...
/ عاهد جمعة الخطيب
-
المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين
/ عاهد جمعة الخطيب
-
دور المايكروبات في المناعة الذاتية
/ عاهد جمعة الخطيب
المزيد.....
|