|
مؤتمر مكة للحوار
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 2312 - 2008 / 6 / 14 - 10:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في البداية يجب ان نقول : نحن مع كل ما من شأنه إيجاد قواعد للعمل والبناء المشترك في البيت الإسلامي والإنساني الواحد ، يدفعنا إلى ذلك إيماننا بوحدة الدين ووحدة الإنسان ، فالناس كل الناس صنفان : [ إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ] ، وهذه الحكمة تنطلق من رؤية موحدة للدين والإنسان رؤية جامعة ، ومن أجل هذا نحن مع هذه الخطوة التي أقدمت عليها المملكة العربية السعودية في إيجاد قواعد للعمل الإسلامي والإنساني المشترك ، ونبذ مفهوم - الأنا الذاتي - الذي يروج له في الخفاء عبر منظمات وأحزاب وقوى راديكالية تاريخية في معظمها ، صحيح إن هذه الخطوة جاءت متأخرة عن وقتها بكثير ، ولكن الصحيح إن حاجة المجتمعات العربية والإسلامية والدولية لها ماسة مادام القلق وعدم الإنضباط والفوضى واللانظام وعدم الثقة هي من يحكم طبيعة العلاقة مع الآخر ومع الغير .
ومادام الهدف نبيل والنوايا حسنة ولنقل إنها بدأت تنضج وتستوعب طبيعة التغاير الطبيعي والمفهومي أكبر من أي وقت مضى ، لذلك كان لازماً وواجباً على السعودية بحكم مسؤوليتها و بحكم موقعها وبحكم كونها أرض الرسالة والنبوة لهذا كله فهي معنية بدرجة كبيرة بإدارة حوار في البيت الإسلامي أولاً ، وذلك كمقدمة لازمة وضرورية لإدارة حوار أوسع وأشمل مع أهل الكتاب ومن الديانات الأخرى .
وهذا التوجه الممدوح من قبلنا ينطلق كما نظن من حرص أكيد على تلافي الخلل الذي أحدثته موجة العنف والكراهية والفهم الخاطئ والتفسير التراثي للدين والحياة والكون ، التي سببت أرباكاً لنا جميعاً حول طبيعة الدين الإسلامي وفلسفته للحياة ، وكيف يجب ان تكون ؟ وما من شك إن الشق السياسي في هذه المسألة هو الغالب في توجهات المؤتمر ، وهو توجه في رأينا صحيح من وجوه عدة ، فالخلل في العلاقات الدولية ومع العالم الإسلامي ينطلق من مشروع الإسلام السياسي الذي تعاظم مع إنتصار ثورة إيران ، ومنه تكاثر هاجس العمل الإسلامي وزادت حدة المظاهر الإسلامية التاريخية وأنتشرت على نحو واسع ظواهر من قبيل رفض الآخر ورفض ثقافته وطريقة حياته والمحاولة من أجل إستبدال ذلك بثقافة إسلامية ، كما زاد في الوقت نفسه إعتماد لغة في تقسيم الناس لغة طائفية ومذهبية ودينية وقومية دعوات في مجملها شوفينية ، ساهمت بشكل واضح في موجة التفجيرات التي طالت أناس أبرياء في المجمل ، معتمدة في ذلك على خطاب تعبوي تحريضي في القتل والإرهاب كالذي قامت به منظمة القاعدة ضد دول عربية وإسلامية وعالمية ، خطاب أحدث فجوة واسعة في علاقة المسلمين فيما بينهم وعلاقتهم في العالم الغربي ، فجوة ليس من السهولة بمكان غض الطرف عنها أو تجاوزها لما سببته على المستوى الأستراتيجي ومادفعت إليه من قتل مروع وإجتياح لبلدان إسلامية وعربية في أفغانستان والعراق .
مؤتمر مكة كما علمنا يحضره جمع من رجال دين قريبين من السلطة والأنظمة الحاكمة ، وهذا بما هو قد لا يكون له أثر واضح في تسهيل مهمة الحوار وتطويره شعبياً ، كما إنه يراودنا شك في إن يكون لهذا الحوار قدرة على تبديد المخاوف وبناء الثقة في العلاقات الإسلامية والعلاقات مع الغير ، أضف إلى هذا وذاك تمسك أطراف إسلامية بمنظومتها الفكرية العتيقة وإعتبار تلك المنظومة أشياء مقدسة لا يجوز الخروج منها على أي نحو ، والتقديس كما نرآه لا من حيث بنيتها الداخلية وصحت متبنياتها بل لما توفره لهم هذه المنظومة من سلطة وهيمنة ووضع إجتماعي وإقتصادي معين .
والخلاف بين السنة والشيعة هو خلاف سياسي بأمتياز أعني إنه ليس خلافاً دينياً !!، إذ إن منشئه في الأساس سياسي ودوافعه وغاياته كذلك سياسية ، إذ لم يكن للنبي خليفة في الدين ولم يكن للرسول خليفة في الرسالة ، إنما هناك خلافة سياسية ، وهذه تخضع للعوامل المحلية وطريقة التعاطي معها ، وزيادة في الإيضاح لم تكن خلافة أبي بكر خلافة للنبي أو للرسول بل هي خلافة في الحكم خضعت للعامل الشعبي في الإنتخاب والصيرورة ، وحتى من يرفض ذلك يعتمد على المنهج الطبيعي في الكيفية الواجب أو اللازم توفرها بالحاكم السياسي ، وهي في غالبها بل في معظمها شروط موضوعية لا دخل للدين فيها ، إلاّ من حيث كون المتصدي لها على قدر كبير من الوثاقة والعلاقة مع قوانين الرسالة ومدى فهمه وإستيعابه لها .
وفي هذا المجال قدم لنا - الشيخ الركابي- دراسة مفصلة في ذلك بكتابه [خطاب المشروع الوحدوي بين الفكر والممارسة ] كتاب موضوعي تناول فيه مجمل العلاقة بين الحاكم والمحكوم وكذلك قدم لنا كيف يجب ان تكون طبيعة النظام السياسي في الإسلام ، وفي الكتاب إيضاً أفتى - الشيخ الركابي - : - بجواز التعبد بمذهب أهل السنة – في خطوة هي الأولى حسب ما أعلم في المدرسة الشيعية لم يسبقه إليها أحد من قبل ، وهي كما قرأت جاءت كجواب رد على الفتوى التي أصدرها - الشيخ محمود شلتوت - : - بجواز التعبد بمذهب الشيعة الأمامية - ونحن بهذه المناسبة ندعوا المؤتمرين إن يؤسسوا على ما جاء في هذه الدراسة ويبنوا عليها ، وهذا ما يجعلنا نطمئن لطبيعة النوايا ولما يُراد منها بالفعل ..
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق وامريكا .. إتفاق من أجل الحياة
-
عبد الرحمن الراشد ومنطق العصبية
-
رؤية مغايرة للكتاب المجيد
-
نساء من أجل الحياة
-
إسلامنا بحاجة إلى إعادة نظر
-
السماء لا تمطر ذهباً
-
أين الكتاب العربي ؟
-
تأسيس علم أصول جديد – ح4
-
تأسيس علم أصول جديد – ح3-
-
تأسيس علم أصول جديد – ح2 -
-
تأسيس علم أصول جديد
-
( لازلتُ أبحثُ عن الإسلام )
-
الليبرالية حوار بين الله والإنسان
-
الرسوم المسيئة للرسول محمد
-
شاء الله ان يراك قتيلا .. !!
-
الجزء الرابع : من كتاب إشكالية الخطاب في القراءة التاريخية ل
...
المزيد.....
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|